مصرع وإصابة 26 شخصا فى أعياد الربيع بسبب لدغات الأفاعى.. والأهالى: شكونا كثيرا دون استجابة نائب الدائرة: توفير سيارات إسعاف بالقرى المتضررة لسرعة نقل المصابين للمستشفى .. والوحدات خالية من الأمصال ووكيل وزارة الصحة: نناشد المواطنين سرعة التوجه إلى المستشفى العام لتلقى العلاج هنا.. يختمر الهواء بأنفاس الموت هنا.. ليل الأشباح.. ونهار الكوابيس هنا.. جاء الربيع باكياً منتحباً, ترافقه الأفاعي تلتهم الأجساد بكل قسوة، وتمص دماء الابرياء بلا رحمة، دون شبع او ارتواء. هنا.. فى قريتى "ميت برة وشبرا بخوم"، تصفق اجنحة الموت فوق الرؤوس، ومن تحتهم تخرج الزواحف من الجحور، تقتنص أرواح الاطفال والنساء والعجائز. هنا.. عاشت "اخبار الحوادث" يوماً كاملاً لتسجل بالكلمة والصورة ابرياء يطاردهم الموت، يكافحون تلك الزواحف اللعينة التى خرجت لهم من الحجور، لتقتل وتصيب 26 إنسانا فى بضعة أيام. مع بداية دخول فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة، تبدأ الزواحف فى الخروج من جحورها، ونخص هنا بالذكر "الثعابين" تحديداً، بطريقة مخيفة وبأعداد كبيرة، مما يتسبب فى الذعر لدى المواطنين، وهناك قرى بعينها تشكل تلك الظاهرة فيها منحنى خطيراً جداً، نظراً لكثرة الأعداد من ناحية، وأنواع تلك الثعابين بالنسبة لخطورة سمومها من ناحية أخرى، ومن ضمن تلك القرى كانت "ميت برة" و "شبرابخوم" فى محافظة المنوفية، التى شهدت نتيجة لهجوم الثعابين المتكرر على القريتين إصابة أكثر من 26 شخصا ووفاة حالة واحدة حدثت قبل أسبوع من الأن. ماذا يحدث فى قريتى الأفاعى السامة، وكيف تصطاد الأهالى، هذا ما سنعرفه الآن. للوهلة الأولى ترى حالة من الذعر الشديد تنتاب الأهالى، الكل يهرع من الأراضى الزراعية، والبعض يهرع من المنازل، تسمع صرخاتهم على بعد أمتار من مكانك، يشيرون إلى وجود ثعبان، يركض الجميع إلى مصدر الصوت بسرعة، حتى يغيثوا من طلب الإغاثة، لقتل الثعابين. على تلك العادة عاش أهالى قريتى "ميت برة – شبرابخوم" يومياً بنفس الطريقة، حتى صار الأمر غير مألوف، ويهدد بحدوث إصابات كثيرة فى الفترة المقبلة قد يؤدى بعضها إلى حالات وفاة. "أخبار الحوادث" انتقلت إلى قرية "ميت برة" لكشف أسباب هذه الظاهرة. "محمود عبدو" صاحب محل "بويات" على مدخل القرية، قال: "إن تلك الظاهرة لم تكن وليدة اللحظة، فهى تحدث خلال هذا الوقت من كل عام، وكثيراً ما أشتكينا من تكرارها دون أى إجابة تذكر، ولكن من الواضح أنه لن يتحرك أحد لإغاثة الناس من تلك الظاهرة إلا بعد حدوث حالة وفاة، وذلك ما حدث للأسف صباح يوم الجمعة الماضية بعدما توفى "أسامة الجناينى" جراء لدغة ثعبان سام. أول ضحية فى بداية هجوم الثعابين صباح يوم الجمعة الماضية خرج "أسامة الجناينى" البالغ من العمر 37 عاماً من منزله متوجهاً إلى "الغيط" كى يقوم ببعض الأعمال الزراعية، ومعه أولاده وزوجته وشقيقه الأصغر، وأثناء ما كان يباشر عمله فى أحد حقول الأرض، لدغه ثعبان سام، على الفور صرخ منادياً على شقيقه حتى يغيثه، وبسرعة تم نقله إلى الوحدة الصحية بالقرية، ولكن للأسف لم يكن بها الإمكانيات الكافية لإسعافه، خرج بالسرعة الكافية متوجهاً إلى مستشفى قويسنا المركزى، وكان هذا أثناء صلاة الجمعة، ولم يختلف الأمر فى الوحدة الصحية بالقرية عن المستشفى المركزى، وعلى إثر التباطؤ فى التعامل مع حالته توفى "أسامة" داخل المستشفى، بعدما مر عليه أكثر من ساعتين كان فيها سم الثعبان قد انتشر فى دمه، وتوفى متأثراً بلدغة الثعبان فى حضن أخيه، دون حتى أن يلتفت إليه الموجودين فى المستشفى بعين الرحمة. الجدير بالذكر أن "أسامة" كان كثيراً ما يخدم الناس بكل ما يستطيع، حتى أن الجميع يشهد له بالاحترام والأخلاق،فلك أن تتخيل أن الرجل الذى قضى عمره يعمل داخل أروقة إحدى المستشفيات، يدرك من الطب أموراً ليست بالقليلة ليتوفى داخل مستشفى قويسنا المركزى متأثرا بلدغة ثعبان دون أن يسعفه أحد. موسم التزواج من المعروف أن موسم تزاوج الثعابين يأتى فى فصلى الربيع والصيف، ولذلك فإن كثرة الحالات التى تتعرض للدغات الثعبان تأتى فى هذين الفصلين تحديداً، خاصة أن دراجات الحرارة هى العامل الرئيسى لخروج الثعابين من جحورهم، وكأنهم أعلنوا الحرب، ومن الطبيعى أن يكون للحرب ضحايا. تواصلت أخبار الحوادث مع الدكتور "ناصيف الحفناوى" وكيل وزارة الصحة بمحافظة المنوفية الذى قال: "نعمل حالياً على تضافر الجهود للحد من ظاهرة هجوم الثعابين خاصة فى هذا التوقيت من العام، وحالياً توجود قوافل طبيبة تذهب إلى تلك القريتين تحديداً والقرى المجاورة لعمل اللازم للقضاء عليها، بداية من حقن أحشاء الدواجن بأنواع معينة من السموم للقضاء على الثعابين، إلى جانب حقن بيض بالسم، ووضعها داخل شقوق معينة فى الأراضى الزراعية أرشدنا عليها الأهالى بأنه يخرج منها الثعابين، أما بالنسبة لسرعة تلقى العلاج، فهناك أمور كثيرة تعوق وجود مصل مضاد لسم الثعابين فى الوحدات الصحية بالقرى، ولذلك فإن المصل بوجود بصفة دائمة داخل المستشفيات المركزية، ولسهولة نقل المصابين تم تجهيز سيارات إسعاف من شأنها نقل المصابين بالسرعة الكافية لتلقى العلاج، وأى تباطؤ يحدث من خلال المصاب وحده فهو السبب فى تدهور حالته، وعليه فإننى أناشد الأهالى بمجرد الشعور بلدغة الثعبان التوجه فوراً إلى المستشفى المركزى لتلقى المصل لذلك". وعن أجندة عمل وزراة الزراعة للحد من تلك الأزمة، قال الدكتور "حمدى جامع" وكيل وزراة الزراعة بمحافظة المنوفية: "فى هذا التوقيت من كل عام تحدث تلك الظاهرة، ولذلك نحاول جاهدين مع وزارة الصحة الحد من خطورتها، ونتعاون فى كيفية القضاء على الثعابين من خلال أسلوب عمل علاجى تعمل عليه الوزارة سواء بوضح السم فى أحشاء الدواجن وحقن السم داخل البيض، إضافة إلى وضع مصائد مصنوعة خصيصة للقبض على الثعبان، وتوضع بجانب تلك السموم، ونناشد الأهالى بسرعة التوجه إلى مستشفى العام لتلقى العلاج اللازم فور حدوث أى إصابة من لدغة ثعبان" معوقات وجود المصل المضاد للثعابين كما تواصلت أخبار الحوادث مع نائب مجلس الشعب عن دائرة قويسنا المهندس "عصمت زايد" لسؤاله عن الخطوات التى يتابعها للحد من تلك الظاهرة، والذى أفاد قائلاً: " حاولنا جاهدين توفير الأمصال المضادة لسموم الثعابين، داخل الوحدات الصحية بالقرى لسرعة إسعاف المصابين، ولكن الحقيقة أن هناك معوقات كثيرة تقف حائلا ضد إتمام الأمر، منها مثلا عدم وجود الإمكانيات الكافية مثل الرعاية صحية وأجهزة التحاليل والأشعة التى قد تتطلبها الحالة المصابة، إضافة إلى أن جدوى معرفة نوع السم من الأساس غير متوفرة فى تلك الوحدات، ولمواجهة تلك المشكلة سعينا إلى ضرورة وجود سيارات إسعاف مجهزة داخل القرى، نظراً لأنها الأنسب فى كيفية نقل المصابين ومنع حركتهم الكثيرة حتى لا تتحرك الدورة الدموية بالصورة التى تساعد على انتشار السم داخل جسد المصاب". واستكمل زايد حديثه قائلا: "فى هذا الأسبوع كانت هناك حالة جديدة فى قرية شبرابخوم، وبالفعل تم نقلها إلى مستشفى قويسنا العام وتم إسعافه، إضافة إلى حالة أخرى فى قرية "ميت سراج"، وحالة ثالثة فى قرية "برة العجوز" وتم التعامل معهما بالسرعة الكافية وتم إسعافهم". ليست واقعة جديدة الجدير بالذكر أن قرية "شبرابخوم" الواقعة على بعض خطوات من قرية "ميت برة" قد شهدت تلك الظاهرة بصورة بشعة العام الماضى فى نفس التوقيت تحديداً وراح ضحيتها أكثر من 4 أشخاص وإصابة أكثر من 30 شخصا، أما حالياً فإنها مندرجة تحت خطة عمل وزارتى الصحة والزراعة للحد من هذه الظاهرة وإسلوب مقاومتها. تلك الأعداد التى ظهرت حالياً مصابة بلدغات الثعابين بالرغم من كثرتها بصورة غير طبيعية الأن إلا أنها قد لا توحى بالخطورة، ولكن تصور أنها حدثت قبل أن تبدأ ملامح فصل الصيف، بالإضافة إلى أننا فى الأيام الأولى من بداية موسم التزواج لدى الثعابين، لذلك من المنتظر وسط تلك الظاهرة سقوط ضحايا للدغات الثعابين.