المعركة الدائرة في ليبيا هي معركة بين شعب وجيشه الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر من جهة وبين جماعة الإخوان المسلمين بكافة لاعبيها من جهة أخري- الميليشيات المسلحة المتعددة وحكومة فايز السراج المدعومة من دولة عربية وأخري آسيوية/ أوروبية وكلنا نعرفهما بالاسم وبعض القبائل والعرقيات. فبعد سقوط الإخوان في مصر والسودان باتت ليبيا آخر معقل لهم ومركزا لبث نشاطهم الإرهابي لكافة الدول العربية والعالمية، ولكن الجيش الليبي الوطني بقيادة حفتر وقرب سيطرته علي طرابلس العاصمة قد أفشل لهم خططهم المستقبلية وباتت الجماعة وكأنها تحارب معركتها الأخيرة للحفاظ علي موقع قدم لها في المنطقة العربية، وطبيعي نري »الإخوان» ينتفضون، فهم علي وشك سقوط ورقتهم الأخيرة وتشتت قواهم العسكرية والفكرية، فكل مواقعهم العسكرية انهارت ولم يبق سوي ليبيا، ولهذا نري السراج ومعاونيه يبكون ليل نهار ويشتكون قوات حفتر ويزعمون أنها تخالف الرؤية الدولية في حين يعلم كل راصد للوضع الليبي كيف تتربح حكومة السراج وكل من يدور في فلكها من رصيد ليبيا النفطي الضخم الذي يذهب لجيوب البعض ليتركوا أبناء الشعب الليبي جائعين يعيشون وسط الإرهاب بصورة يومية. وربما نجح هؤلاء في تصدير صورة سلبية عن الشعب الليبي بأنه يرضي بما هو فيه، في حين تلقي قوات حفتر تأييد كل مدينة تدخلها وتعيدها إلي وضعها الطبيعي. فالحرب الدائرة في ليبيا يخشي »الاخوان» من خلالها خسارة المعركة التي تدور رحاها هناك، ففي خسارتها نهاية التاريخ للإسلام السياسي، ولذلك نراهم يحشدون كافة قواهم للانتصار فيها، ثم ان نجاح الجيش الليبي في القضاء علي هذا التنظيم المتشدد والمتطرف يعني القضاء علي ظاهرة التطرف الديني السياسي والاجتماعي، ولم يتخيل قادة الجماعة في أوروبا وتركيا وغيرهما أن تتسارع الأحداث في ليبيا وتأتي بعد هزيمتهم المدوية في السودان التي وقعوا فيها بالضربة القاضية إذ رفض الشعب السوداني والمجلس العسكري الحاكم تمثيل أي حزب ينتمي للنظام السابق والاخوان في أي مفاوضات حالية تبحث في مستقبل السودان. ولكل من يتباكي علي نظام »الاخوان» نقول له: انظر خلفك، فكل الأنظمة الدينية لم تحقق نجاحا واغتصبت السلطة من شعوبها لتحول حياتهم إلي جحيم، ولن نعيد ذكر المشهد الاخواني في مصر والسودان للأذهان، ولكن أمامنا الدولة الدينية الإيرانية التي استولت علي السلطة في البلاد ليتأخر ترتيبها في معدل التنمية العالمية وتخضع للعقوبات الاقتصادية الدولية بسبب تصديرها للإرهاب. فالتجربة السياسية تؤكد أن رجال الدين يفسدون الدول إذا حكموها، فهم يبعدون عن الشريعة ويستبدلونها بالمصلحة الذاتية للجماعة الحاكمة. وعودة إلي الوضع الحالي في ليبيا، فالمعركة صعبة وإن المستفيدين لن يستسلموا بسهولة لما يجري في ليبيا وسيقفون بكل قوتهم لتأخير إعلان انتصار الجيش الوطني، ويري هؤلاء أن أي حديث عن انتقال سلس في البلاد هو ضرب من الخيال، خاصة أن ليبيا استقبلت آلاف المقاتلين من داعش والقاعدة وغيرهما من الميليشيات الإسلامية، ونشر هؤلاء الإرهاب في ليبيا وغيرها من الدول الإفريقية ومصر تحديدا. وكانت موارد ليبيا النفطية فريسة للسلب والنهب علي يد كل الجماعات السياسية والدينية بدلا من أن تكون ثروة هذا البلد وسيلة لتقدم شعبه والرقي به ليعيش حياة كانت تليق به لولا أطماع الاخوان وشركائهم في السلطة والحكم. • كاتب ومحلل سياسي بحريني