وزيرة التعاون تبحث مع نائب رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 36224 شهيد منذ 7 أكتوبر    اتجاه في الزمالك لإعارة ترافيس موتيابا الموسم المقبل    محرز يرد على استبعاده من منتخب الجزائر    مصرع مواطن وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة بحدائق أكتوبر    بينها إخفاء صدام حسين.. 6 أفلام تشارك في أيام الفيلم الوثائقي بجدة وجلسة حوارية لكوثر بن هنية    الخط الثالث للمترو يعلن تقليل أوقات انتظار القطارات حتى عيد الأضحى    رئيس جامعة المنيا يُواصل جولاته التفقدية لامتحانات كليات التمريض ودار العلوم والتربية    إصابة فلسطيني برصاص إسرائيلي عقب اقتحام جنين ومخيمها    بوليتيكو: ألمانيا تعتزم السماح لأوكرانيا بضرب روسيا بالأسلحة الغربية    «حزب الغد»: خطاب الرئيس في الصين ركّز على قضايا أساسية ومنها الأمن المائي لمصر    ميناء دمياط البحري يستقبل نحو 43 ألف طن بضائع عامة خلال 24 ساعة    لسد الفجوة من الدقيق.. مصر تنجح في زراعة نبات الكاسافا بالوادي الجديد    القصة الكاملة لأزمة حسين الشحات والشيبي.. حبس لاعب الأهلي عامًا مع إيقاف التنفيذ وتعويض 100 ألف جنيه.. والاعتداء على نجم بيراميدز السبب    3 وزراء يوقعون عقود تنفيذ مصنع تدوير المخلفات الصلبة البلدية بالجيزة    مصرع شاب في الدقهلية سقط عليه ونش مواد بناء    «الأمن» يبحث عن مواطن سعودي اختفى في ظروف غامضة بالتجمع الخامس    استفسارات المواطنين حول موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وإجازات العمل    مصر تنضم رسميًا إلى "بريكس" شراكة أكاديمية جديدة من أجل الابتكار والتنمية    رئيس جامعة القاهرة يهنئ حاكم الشارقة لفوزه بجائزة النيل للمبدعين العرب    فيلم بنقدر ظروفك يحقق أقل إيراد يومي.. هل خسر أحمد الفيشاوي جماهيره؟    «التضامن» توجّه فريق التدخل السريع بنقل مسنة مريضة إلى دور رعاية في القاهرة    بيت الزكاة: 500 جنيه منحة عيد الأضحى للأسر الأولى بالرعاية السبت المقبل    شروط الأضحية من البقر والجاموس.. اعرف الوقت المحدد للذبح    هيئة الرعاية الصحية توافق على تدشين منظومة لمتابعة الفحص الطبى الدورى للعاملين    «الصحة»: تقديم 4 آلاف و548 خدمة طبية مجانية فى مجال طب نفس المسنين    البنك الأهلي المصري يطلق خدمة استقبال الحوالات الإلكترونية لحظيًا    وضع حجر أساس إنشاء مبنى جديد لهيئة قضايا الدولة ببنها    تسجيل أول مرشح في قائمة الانتخابات الرئاسية الإيرانية    فاولر: هبط مستوى صلاح بعد أمم أفريقيا.. وحزين لكسره رقمي القياسي    بيبو: سنفتح ملف تجديد معلول بعد الإجازة.. وتم اتخاذ قرار على تصرف تاو    من حقك تعرف.. إهمالك لأولادك جريمة.. ما هى عقوبتها؟    قرار قضائي ضد سفاح التجمع ونجله بالتحفظ على أموالهما.. تفاصيل    فرق الدفاع المدنى الفلسطينى تكافح للسيطرة على حريق كبير فى البيرة بالضفة الغربية    الحبس عام لنجم مسلسل «حضرة المتهم أبيّ» بتهمة تعاطي المخدرات    الهيئة القومية لضمان جودة التعليم تعلن اعتماد برنامجين بالهندسة الإلكترونية بالمنوفية    وزير الري يتابع ترتيبات عقد أسبوع القاهرة السابع للمياه وأسبوع المياه الإفريقي    وضع حجر أساس إنشاء مبنى جديد لهيئة قضايا الدولة ببنها    الشامي : موقف رمضان صبحي صعب بسبب المنشطات    ل برج السرطان والحوت والجوزاء.. احذر تقع ضحية للعلاقات العاطفية السامة (توكسيك)    رئيس الأعلى للإعلام: القاهرة الإخبارية صوت مصر ينقل رسالتها للعالم    قبل «هنادي وأحمد صالح».. شائعات الانفصال تواجه ثنائيات الوسط الفني    مجدي طلبة: شعبية الأهلي أكبر من الزمالك.. وحسام حسن قادر على النجاح مع المنتخب    «التضامن»: طفرة غير مسبوقة في دعم ورعاية ذوي الإعاقة نتيجة للإرادة السياسية الداعمة (تفاصيل)    ما حكم صيام العشر الأوائل من شهر ذى الحجة؟ دار الافتاء تجيب    سائلة: زمايلي بيصلوا بطريقة غريبة في الشغل؟.. ورد مفاجئ من أمين الفتوى    "طوارئ غزة" تدعو سكان جباليا لعدم العودة إلى شمال القطاع    حصول محطتين لرفع الصرف الصحى بسوهاج على شهادة الإدارة الفنية المستدامة TSM    رسمياً.. موعد التقديم لرياض أطفال 2025 فى الإسكندرية (الرابط وشروط التقديم)    التعليم العالي: مصر تشارك في الاجتماع الأول للمؤسسة الإفريقية للتعلم مدى الحياة بالمغرب    الصحة: القوافل الطبية قدمت خدماتها العلاجية ل 145 ألف مواطن بالمحافظات خلال شهر    رئيس هيئة الرعاية الصحية يجري جولة تفقدية داخل مدينة الدواء.. صور    جهاز الأمن الفيدرالي الروسي: إحباط سلسلة هجمات إرهابية على السكك الحديدية في شبه جزيرة القرم    نقابة الأطباء البيطريين: لا مساس بإعانات الأعضاء    سيد معوض: لست مؤيدًا لفكرة عودة أشرف بن شرقي للدوري المصري    أسعار الدواء بعد رفع سعر رغيف الخبز المدعم.. 40% زيادة    وزير الخارجية: الصين تدعم وقف إطلاق النار فى غزة وإدخال المساعدات للفلسطينيين    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من عطّل توحيد الجيش الليبى؟!

بينما يزداد الشرق الليبى توحدا بعد أن نجح الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير حفتر فى استعادة مدينة درنة التى بقيت تحت سيطرة ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين التى أطلقت على نفسها اسم جبهة مجاهدى درنة أغلب فترة حكم العقيد القذافى الذى لم ينجح فى دخول درنة، وبعد أن نجح الجيش الوطنى الليبى بعد معارك مريرة فى استعادة رأس لانوف وسدرة اللتين تُشكلان أهم مناطق الهلال البترولى الليبى من ميليشيات إبراهيم الجضران، القائد السابق لحرس المنشآت النفطية والوثيق الصلة الآن بتنظيم القاعدة وروافد تيارات الإسلام السياسى التى ترعاها تركيا وقطر.. بينما يزداد الشرق الليبى توحدا ويثبت المشير حفتر قدرة الجيش الوطنى الليبى على السيطرة على شرق ليبيا بكامله، وأنه طرف مؤثر فى المعادلة الليبية يمكن أن يحفظ وحدة الجيش الليبى ووحدة الدولة الليبية، يقدر على تقليص سيطرة قوى الإسلام السياسى فى ليبيا إلى حدود حجمها الحقيقى الذى لم يمكنها من كسب أى انتخابات ليبية، يتفكك الغرب الليبى تحت أطماع ميليشيات المدن المتعددة التى تحكم سيطرتها على العاصمة طرابلس وجميع مدن الغرب الليبي، التى شاركت بعناصرها مع قوات إبراهيم الجضران فى الهجوم على رأس لانوف وسدرة، أهم مناطق البترول الليبى ونجح الفريق حفتر فى طردها واستعادة الموانى البترولية فى غضون أسبوع واحد من عملية الغزو، ومع الأسف تزداد أطماع ميليشيات المدن شراسة بينما تضعف حكومة الوفاق الليبى بقيادة فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، تكاد تمتثل لضغوط ميليشيات المدن المتأسلمة التى تسد الطريق الآن على وحدة الجيش الليبي، رغم اتفاق كل القيادات العسكرية فى الشرق والغرب والجنوب على هيكل المؤسسة العسكرية الليبية، لأن ميليشيات مدن غرب ليبيا تعرف جيداً أن مصيرها أن تصبح فى مهب الريح، إن رفضت الاندماج مع الجيش فى إطار قواعد شفافة تسرى على جميع الميليشيات، لا تسمح بالالتحاق الجماعى بالمؤسسة العسكرية دون فحص دقيق يتناول كل الأفراد.
تلك باختصار هى مأساة ليبيا الراهنة، شرق قوى متماسك موحد يكاد يكون نظيفا من جماعات الإرهاب يحكمه المشير حفتر، وغرب ضعيف متفكك تكاد السلطة فيه المتمثلة فى فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطنى تكون أسيرة لميليشيات المدن المتأسلمة التى تحاول تعويق وحدة الجيش الليبي، لأنها تعرف جيدا أن الضمان الأقوى لوحدة الأرض والدولة فى ليبيا هو وحدة الجيش الليبي، الهدف القريب الذى يمكن أن يتحقق على أرض الواقع، لأن غالبية الليبيين يريدون وحدة المؤسسة العسكرية، ولأن جميع العسكريين الليبيين فى الشرق والغرب والجنوب يقفون إلى جوار وحدة الجيش، وقد توافقوا جميعا على طبيعة هيكل المؤسسة العسكرية دون التعرض لأسماء بعينها، ويتوافقون أيضاً على قواعد الدمج التى يمكن أن تحكم عملية إدماج الميليشيات كأفراد داخل الجيش أو داخل الأمن أو داخل أى من مؤسسات الدولة، وفق قواعد موحدة وشفافة تسرى على الجميع.
لقد أنهى العسكريون الليبيون فى الشرق والغرب والجنوب 6 جولات من التفاوض، التزم جميعها ضرورات الحوار الوطنى وآدابه، وانتهت بتوافق الجميع على الهيكل العام للمؤسسة العسكرية الليبية، وعلى عدد من شروط النجاح أهمها، أن يقوم الجيش الوطنى الليبى بمهامه فى الحفاظ على وحدة الأرض والدولة الليبية وحماية مقدرات الشعب الليبي، بعيدا عن أى تجاذبات سياسية أو قبلية أو أيديولوجية، مع ضرورة إنهاء حكم جميع الميليشيات التى تتركز الآن فى مدن الغرب خاصة طرابلس ومصراته، وتوجيه الشكر لجميع الأفراد وبعض ميليشيات المدن التى تدرك على نحو متزايد أهمية توحيد الجيش الليبى وأولويته وضرورته لتحقيق وحدة البلاد.
لكن ما يجعل أغلب ميليشيات المدن تُعيق تقدم جهود توحيد الجيش الليبى انها تستفيد بشكل هائل من عائدات النفط الليبى التى لا يتم توزيعها وفق قواعد واضحة وشفافة، خصوصاً أن هناك تأكيدات ثابتة بأن ميليشيات إبراهيم الجضران التى تتبع الآن تنظيم القاعدة قد مولت حملتها على منطقتى سدرة ورأس لانوف من أموال عائدات النفط ..، صحيح أن عملية احتلال رأس لانوف استمرت أسبوعا، لكن الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير حفتر هو الذى أفشل هذا الهجوم بعد معارك ضارية استشهد فيها العشرات من جنود الجيش الوطني، ويزيد من غموض الموقف إزاء قضية توحيد الجيش، أن فرنسا والولايات المتحدة تريان أن توحيد الجيش الليبى ضرورة أساسية لتوحيد ليبيا، لكن البريطانيين هم أكثر الأطراف الدولية حماسا لإشراك جماعة الإخوان وقوى الإسلام السياسى فى الحكم، وأقل الأطراف الدولية اقتناعا بضرورة توحيد الجيش الليبى ..، ولأن مصر تُمثل أكثر الأطراف الإقليمية تجردا، لا ترعى سوى الصالح الليبى العام، وترى أن أمن ليبيا بات يُشكل جزءاً مهما من الأمن المصري، فهى تقف بوضوح كامل مع وحدة المؤسسة العسكرية الليبية، وترى أن تحقيق وحدة الجيش الليبى هو أكثر الطرق اختصارا لضمان وحدة الدولة والشعب الليبى الذى يرى أن توحيد الجيش هو الضمان الأساسى لمنع تقسيم البلاد.
فى ظل هذه الحقائق المهمة، يندهش المراقبون من معايير الغرب المزدوجة التى تجعل دول الغرب تتوحد حول عدم إدانة إبراهيم الجضران رئيس ميليشيات القاعدة الذى هاجم رأس لانوف وسدرة لحساب قوى الإسلام السياسي، وسيطر على جزء مهم من هلال البترول الليبى لأسبوع كامل، إلى أن نجحت قوات المشير حفتر فى طرده، وهرب مع فلول ميليشياته إلى أقصى الجنوب الليبى على حدود النيجر، بينما تُصر على معاقبة حفتر الذى استعاد كامل الهلال البترولى الليبي، وألحق موانى تصدير البترول الأربعة بمؤسسة النفط الليبية فى بنغازى بدلاً من مؤسسة النفط الليبى فى طرابلس التى تقوم بتوزيع عوائد النفط على ميليشيات المدن غرب ليبيا وبينها ميليشيات إبراهيم الجضران التابعة لتنظيم القاعدة التى قامت بعملية الغزو، وبدلاً من أن يتكاتف الجميع على استبدال نظام توزيع عائدات النفط الذى أفسد البلاد، وزاد من قوة وسيطرة ميليشيات المدن غرب ليبيا، ومكنها من نهب عائدات البترول دون وجه حق، وتغيير محافظ البنك المركزى الذى صدر قرار بتغييره ولم ينفذ حماية للفساد، يحاول الغرب عقاب حفتر، لأن قراره بإلحاق موانى تصدير البترول الليبى بمؤسسة النفط الليبى فى بنغازى بدلاً من مؤسسة النفط الليبى فى طرابلس، عطّل عمليات تصدير النفط الذى هبط إنتاجه بمعدل يزيد على 800 ألف برميل فى اليوم الواحد، وتسبب فى خسارة مالية تصل إلى حدود 67 مليون دولار فى اليوم الواحد، لأن مقاربة دول الغرب للمشكلة لم تكن مقاربة شاملة، تعالج فساد أسس توزيع عائدات النفط على ميليشيات المدن المسلحة، وتنهى خدمة محافظ البنك المركزى الليبى الذى صدر قرار سابق بتغييره ولم يخرج إلى حيز التنفيذ حرصاً على استمرار الفساد، وبين الظلم البين والمساواة بين حفتر الذى نجح فى استعادة السيطرة على مدينة درنة من أيدى ميليشيات جماعة الإخوان وقد كانت تحت حكم جماعة الإخوان منذ أيام حكم العقيد القذافي، كما استعاد موانى رأس لانوف وسدرة من أيدى ميليشيات القاعدة التى يقودها إبراهيم الجضران رئيس ميليشيات القاعدة الذى هرب إلى أقصى الجنوب الليبى بعد أن خسر الحرب أمام الجيش الوطنى الليبي، لأن الأمر لن يستقيم بإدانة المشير حفتر وغض الطرف عن إبراهيم الجضران القائد السابق لحرس المنشآت النفطية.
وقد تكون ملاحظات البعض صحيحة على قرار حفتر نقل موانى البترول إلى سيطرة مؤسسة النفط الليبى فى بنغازى بدلاً من طرابلس الذى تسبب فى وقف تصدير البترول الليبى إلى الخارج، لكن المقاربة غير الشاملة التى أهملت إصلاح قواعد توزيع عائدات النفط وأبقت على محافظ البنك المركزى الليبى رغم وجود قرار بنقله ورغم أنه المسئول الأول عن التوزيع الفاسد لعائدات النفط الذى يمثل جوهر الأزمة الليبية الراهنة..، ولو أن المقاربة كانت شاملة لعالجت سوء توزيع عوائد النفط ومشكلة تغيير محافظ البنك المركزي، لما نشأت الأزمة وتوقف تصدير البترول الليبى إلى الخارج، وإذا كانت الولايات المتحدة تتحجج بوجود صعوبات قانونية تمنع وضع إبراهيم الجضران على قائمة لجنة عقوبات الأمم المتحدة، بينما ترفض بريطانيا صدور بيان رئاسى عن مجلس الأمن يدين إبراهيم الجضران وأحداث الهلال الليبي، ويحُث الجميع خطاهم لعقاب المشير حفتر، بما يؤكد ازدواج معايير الغرب وخللها، ورغبة دوله فى أن تطول الأزمة الليبية دون حل.
لقد أوضحت المؤسسة الوطنية للنفط الليبى أن الخسائر الإجمالية للإنتاج تبلغ 850 ألف برميل يومياً و710 ملايين قدم مكعب من الغاز وأكثر من 20 ألف برميل من المكثفات، بما يحقق خسائر يومية تبلغ 67 مليون دولار، ويلزم المؤسسة الوطنية للنفط إعلان حالة (القوة القاهرة) فى كل موانى تصدير البترول، بسبب زيادة مخزون النفط ووقف التصدير، الأمر الذى أدى إلى صعود أسعار النفط فى السوق العالمية لتصل إلى 77 دولارا و70 سنتا، وخلال الاتصالات التى جرت بين المسئولين الفرنسيين والمشير حفتر أملاً فى تخفيف حدة الأزمة، قال المشير حفتر إن أصل المشكلة أن هناك مشكلات ضخمة فى توزيع عائدات النفط تتطلب سرعة العلاج، لأن أحداً لا يعرف على وجه التحديد، كيف يوزع البنك المركزى الليبى عائدات النفط؟ وهل تذهب بالفعل إلى ميليشيات المدن فى الغرب الليبي؟ ورداً على ملاحظات المشير حفتر أشار مصدر دبلوماسى فرنسى مسئول إلى ضرورة أن يغادر محافظ البنك المركزى الليبى منصبه فى أسرع وقت ممكن، وأن من حق المشير حفتر أن يشكو من سوء توزيع عائدات النفط، لكن واجب المشير حفتر ألا يجعل الأسرة الدولية تستاء من تصرفاته، وثمة اتفاق مصرى فرنسى بعد لقاء الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى الأخير مع وزير خارجية فرنسا على ضرورة العمل المشترك من أجل إيجاد حل سريع يضمن سرعة استئناف تصدير البترول الليبى وإعادة النظر فى توزيع عوائد النفط بصورة أكثر وضوحاً وشفافية.
وإذا كان المشير حفتر تمكن من تثبيت سلطة الجيش الوطني، وتوحيد شرق ليبيا، واستعادة مدينة درنة آخر قلاع الإرهاب فى الشرق، وحماية حقول البترول فى الهلال البترولى بعد استعادة رأس لانوف وسدرة، فإن الخريطة الراهنة للصراع الليبى تشير إلى أن منطقة الجنوب لا تزال تعانى التهميش وعدم الاستقرار، ووجود ميليشيات القاعدة فى عدد من القواعد فى منطقة أوبارى على حدود النيجر، حيث توجد ميليشيات إبراهيم الجضران بعد هزيمتها فى سدرة ورأس لانوف كما توجد الميليشيات فى مرتفعات مناطق سبها والجفرة، ودروب الصحراء التى تُشكل ممرات تجارية تربط بين وسط إفريقيا والساحل الليبي، لكن الصورة فى طرابلس شمالاً أشد تعقيداً، حيث بات الوضع السياسى والعسكرى والاقتصادى تحت سيطرة تحالف ميليشيات الغرب الليبى التى يطلق عليها البعض اسم (كارتل طرابلس) ويتشكل من الميليشيات الثلاث الأقوى فى طرابلس، كتيبة ثوار طرابلس التى يقودها هيثم التاجورى وقوة الردع بقيادة السلفى عبدالرؤوف كارا الذى يقاوم داعش ويقف إلى جوار فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، وتنضم قواته إلى وزارة الداخلية الليبية فى محاربتها للإرهاب ثم الأمن المركزى وهى أقل الميليشيات الثلاث عدداً وقوة، وتسيطر على حى أبو سليم الأكثر تعداداً وشعبية فى طرابلس.
وإضافة إلى الميليشيات الثلاث ثمة تنظيم آخر يُشكل جسداً سياسياً نشأ عن اتفاق الصخيرات، هو المجلس الأعلى للدولة، يرأسه خالد المشلى من جماعة الإخوان ووظيفته الأساسية تعويق وحدة المؤسسة العسكرية الليبية وتؤكد مراكز الدراسات السياسية أن «كارتل طرابلس» قد تحول إلى شبكة تضم الميليشيات الثلاث الأقوى فى طرابلس، لتسيطر على العاصمة، وتُعيق وحدة الجيش الليبي، وتستنزف عوائد البترول، وتدفع لها البنوك الإتاوات لتأمينها، حيث يخطفون مدراء البنوك، ويستخدمون القوة المفرطة فى عقاب منافسيهم ويتبادلون اختطاف قياداتهم، ومع الأسف ابتلعت سلطة الميليشيات كل سلطات فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الذى شرعن هذه الميليشيات ودفع لها الرواتب من عوائد البترول من أجل شراء ولائها وتكاد تكون ميليشيات طرابلس العقبة الأساسية فى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية .
ولست أظن أن قلق بعض الدول الغربية من المشير حفتر رغم إنجازاته الأخيرة، هو العامل الأساسى الذى يعوق وحدة المؤسسة العسكرية الليبية، فثمة أسباب أخرى عديدة أهمها، أن يطول أمد الأزمة الليبية وتضرب الفوضى أطنابها ويستمر فساد توزيع عوائد النفط، فضلاً عن المنافسة المستمرة بين دول الغرب صراعاً على من تكون له قيادة الموقف الليبي، رغم أن الجميع يعرفون أن استقرار ليبيا رهن بوحدة المؤسسة العسكرية وفى غياب استقرار ليبيا يصعب أن ينتظم تصدير البترول الليبى إلى الخارج، ويصعب أن يتحقق سلام البحر الأبيض، ويظل أمن الشرق الأوسط يعانى غياب الاستقرار عن شمال إفريقيا، فضلاً عن أن الحل الوحيد الصحيح لوقف تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا هو وحدة المؤسسة العسكرية الليبية وبسط سيطرتها على كل أرجاء ليبيا وتعزيز قوات حرس الحدود الليبي، خاصة أن هناك أكثر من مليون مهاجر من 20 جنسية إفريقية وآسيوية موجودون بالفعل فى ليبيا، يتحينون الفرصة للهرب عبر المتوسط إلى أوروبا لا يبالون باحتمالات الغرق أو النجاة.
لمزيد من مقالات ◀ مكرم محمد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.