د. حسين نصار ود. وفاء كامل خلال الندوة عقد مركز تحقيق التراث بدار الكتب، ندوته الشهرية، وكانت حول صورة المرأة في العقل الجمعي المصري من خلال أمثاله، وتحدثت عنها الدكتورة وفاء كامل- أستاذ اللغويات بكلية الآداب، جامعة القاهرة وعضو مجمع اللغة العربية بدمشق، وأدار الندوة الدكتور حسين نصار مدير المركز، مشيرا في بداية تقديمه إلي أن د. وفاء يشغلها دائما المبتكرات الجديدة والتقنيات الحديثة في الدراسات اللغوية منذ اعدادها لرسالة الدكتوراة حتي الآن، مؤكدا أنها المرأة الوحيدة التي تسلك هذه المناهج اللغوية، وأنه قليل جدا من يقدم ذلك في الآداب، بل في اللغة، وهي اليوم تقدم لنا.. لاتقدم لنا احصاءات فقط، لكنها تفند كيف تفكر المرأة المصرية الشعبية، وكيف تتلقي الأحداث وتعيش معها. وبدأت د. وفاء محاضرتها موضحة أن الأمثال مرآة الشعوب التي تنعكس فيها حكمتها، وتجاربها التي تمرست بها عبر أمد بعيد من حضارتها، وهي الخلاصة المركزة لمعاناتها وشقائها وسعادتها، وغضبها ورضاها، كما أنها الصورة الصادقة لحياة الشعوب والأمم وفكرها وثقافتها، مشيرة إلي أن المثل يعد مصدرا خصبا لمن يريد أن يفهم الشخصية القومية، ومذهبها الفطري في التفكير وفي الحياة بصفة عامة. وقد رأت د. وفاء أن تسبرغور العقل الجمعي المصري الشعبي من خلال أمثاله لتعرف أفكاره ومفاهيمه حول المرأة، ولتفهم كيف كانت صورة المرأة والرجل في هذا العقل، وهل جنحت الأمثال العامية إلي التمييز بين الجنسين؟ وقد اعتمدت د. وفاء في بحثها علي عدة مراجع منها موسوعة الأمثال العالمية، الأمثال العامية لتيمور، ثم موسوعة الأمثال الشعبية المصرية، والتعبيرات السائرة فضلا عن الأمثال الدارجة علي الألسنة مما لم يرصد في المراجع المستعملة.. ، وقد حاولت من خلال التحليل والمضمون اللغوي للمثل أن تستجلي صورة المجتمع للأنثي في ذاتها وصورتها مقارنة بصورة الرجل وطبيعة العلاقة التي تحكم الذكر بالأنثي في المجتمع المصري. وقد قسمت د. وفاء ورقتها إلي قسمين الأول عن المجتمع والمرأة ففي تفضيل الذكر قالوا في الأمثال »لما قالوا دا ولد شد ضهري وانسند، والبحيرة ادربكت والغز قامت علي العرب«، (أم الولاد نجابة وأم البنات نحابة)، (إللي يسعدها زمانها بتجيب بناتها قبل صبيانها). أما الرجل فلا يري المثل الشعبي به عيبا (عيب الرجل جيبه)، (الراجل زي السيغة تنكسر وتنقام). كما أن هناك أمثالاً تصلح للرجل والمرأة في الاستخدام ولكنها صيغت بلغة مؤنثة لأنها الأنسب في بنية العقل الشعبي [فاتت ابنها يعيط وراحت شكت ابن الجيران)، (فاتت عجينها في الماجور وراحت تضرب الطنبور)، ويظهر المثل المرأة كأنها سلعة (خد التخينة ولاتخاف منها مرتبة ومنها لحاف). وتشير د. وفاء إلي أن المثل لم ينس أن ينصف المرأة المجتهدة النشيطة والمدبرة: (الشاطرة تقضي حاجتها والخايبة تنده جارتها) (الشاطرة تقول للفرن قود من غير وقود)، وفي نفس الوقت يحقر من غط المرأة الكسول، والمستهترة (قعدة علي قعدة راح النهار ياسعدة)، (ماشية تطرقع لبانتها ومشعللاها في بيت جارتها). (ماشية محزمة الملاية وموقعة قلوب الرجالة). ونجد في الأمثال حديثا عن صنفين من النساء لهما مكانتهما في المثل الشعبي المصري، فهو يحث علي التمسك بالمرأة الجميلة (ان عشقت أعشق قمر وان سرقت أسرق جمل)، كما يحدث علي التمسك بالمرأة الصالحة الأصيلة خد الأصيلة ولو كانت علي الحصيرة)، (بنت الأكابر غالية ولو تكون جارية).