رغم أن العلاقة بين إسرائيل والإدارات الأمريكية المتعاقبة أشبه بالزواج الكاثوليكي الذي لا انفصام فيه إلا أن انصياع الادارة أمريكية الحالية للرغبات الاسرائيلية غير مسبوق باعتراف الأمريكيين انفسهم .فعلي مدار عامين كان الرئيس دونالد ترامب »جني» الفانوس الذي حقق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل أحلامه واحداً تلو الآخر، بداية من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية، مروراً بتجويع الفلسطنيين وحرمانهم من المساعدات ليصبحوا لقمة سائغة، مروراً بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية علي الجولان وانتهاء بوضع الحرس الثوري الإيراني علي قوائم الإرهاب. أما آخر الأمنيات التي بصدد التحقق فستكون مباركة واشنطن لخطة نتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو الحلم الذي يراوده منذ ولايته الأولي في التسعينات، عندما حثّ وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، وارن كريستوفر علي السماح لإسرائيل بتحديد أي أجزاء من الضفة الغربية يتم تحديدها كمناطق عسكرية في اطار اتفاق أوسلو، لأن هذا كان سيعطي إسرائيل إمكانية مستقبلية للسيطرة علي قطاعات كبري من الضفة. وهذا ما أعلنه نتنياهو بالفعل خلال حملته الانتخابية الأخيرة التي فاز فيها بولاية خامسة. وهذا ما سيقدمه كقربان لتيار اليمين لمراودتهم علي تغيير القوانين بشكل يجنبه المساءلة ويمنحه الحصانة من التهم التي تطارده وتهدد بعزله من منصبه. هذه الخطوة ، كما هو متوقع، ستحظي بمباركة أمريكية كما ألمح سفير واشنطن في تل أبيب ديفيد فريدمان، عندما قال إن إدارة ترامب تتفهم حاجة إسرائيل للسيطرة الشاملة علي الضفة الغربية في أي خطة للسلام في إشارة لصفقة القرن التي يتم إعدادها في المطبخ الأمريكي منذ عامين في تكتم شديد حتي أنه لم يطلع عليها كاملة سوي 4 أشخاص فقط ليس من بينهم الرئيس الأمريكي نفسه. والحقيقة أن هذه الصفقة التي زف لنا وزير الخارجية الأمريكي نبأ إعلانها قريباً هي مجرد تصوير ورقي لواقع يتم تنفيذه بشكل منهجي علي الأرض منذ سنوات وبشكل يجعل من رفض العرب أو قبولهم للصفقة مجرد تحصيل حاصل.