- من بداية الشتاء وحتي اليوم وأطباء الصدرية في طوارئ بسبب زحف الأنفلونزا التي كسرت كل الحواجز لتكسر معها العظام وتشحن الصدور بالبلغم، وتغلق الشعب الهوائية لتستقبل معها الالتهاب الرئوي الذي يسبب خطورة علي كبار السن.. - ارتفعت نسبة الإقبال علي أدوية الكحة الناشفة والطاردة للبلغم ومع ذلك فشلت في أن تتحدي الأنفلونزا الملعونة، فقد كانت »سمية» زوجتي واحدة من ضحاياها، لدرجة أننا اضطررنا أن نلجأ إلي طوارئ مستشفي الصفا بالمهندسين، ودخلت العناية المركزة بسبب صعوبة التنفس، وظلت بالمستشفي أسبوعا تحت رعاية الأستاذ الدكتور رائف حسني أستاذ الأمراض الصدرية بطب القاهرة منعها فيه من الكلام، وأعطي تعليماته بمنع الزيارة عنها لا لشيء لكنه خوفا عليها من الإجهاد، وللحق كنت أول المرحبين بمنع الزيارة لأني أعرف مدي شعبية زوجتي في الروتاري والإنرويل ولأنهما أسرتان مترابطتان، بينهما ألفة ومودة فلن يكفا عن السؤال عنها، ما كنت أتصور أن هذه الملعونة ستبعدها عن محبيها أو أن تتحدث مع فريق التمريض المكلف برعايتها بالإشارة، وأجهزة التنفس الصناعي تتدلي منها.. أعرف عن زوجتي أنها تتأثر بسرعة من هذه المواقف، ولا تحب أن تري نفسها في لحظة ضعف، فما بالك يوم أن تستسلم لمرض، وهي لم تستسلم للشيطان في أن يمنعها عن تأدية واجبها مع الله، كانت تؤدي كل فرض في توقيته وكثيرا ما تضطر للصلاة وهي في سرير المرض، إنها مؤمنة لإرادة الله وليس لها اعتراض علي إرادته، فقد تري الذي هي فيه خيرا، يدفع عنها بلاء وهي علي قيد الحياة.. - المشهد الذي كانت فيه زوجتي في المستشفي، كنت أنا في مشهد مشابه له داخل البيت، لكن الحمد الله بلا أجهزة تنفس، فقد كنت أعاني من التهاب حاد في الشعب الهوائية أيضا بسبب زيارة هذه الملعونة لنا، وكنت في متابعة يومية بين صديقيَّ الأعزاء الأستاذ العلامة شيخ أساتذة الصدر الدكتور محمد عوض تاج الدين الذي كان يفتح لي صدره ويستمع لشكواي لدرجة أنه أبدي رغبته في زيارتي وأنا أعلم أن سكنه خارج مصر الجديدة وأنا أسكن الدقي هكذا تظهر المعادن وقت الشدة أما العلامة الأستاذ الدكتور طارق صفوت فكنت أطلبه في ساعة راحة، ويرحب بتليفوني بل يلح في أن أطلبه كلما احتجت إلي مشورة.. للحق الإثنان كانت مخاوفهما أن أتعرض »للفحة» هواء.. تتحول لالتهاب رئوي والذي في سني يصعب الإفلات منه، من هنا كنت مرعوبا، وأتذكر عمدة المعماريين الأستاذ الدكتور كمال إسماعيل المهندس المصري الذي له بصماته المعمارية علي توسعة الحرمين، كان الرجل يتمتع بصحة جيدة، وفي يوم زارته الملعونة ولضعف المناعة انتقل إلي المستشفي بعد أن تمكن الالتهاب الرئوي منه، فعجز الأطباء عن علاجه وودعنا في لحظات وهو يترك لنا نصيحة ألا نستسلم للملعونة.. - لذلك التزمت بالتعليمات وبقيت في البيت، وكنت محروما من زيارة زوجتي في المستشفي، كانت التعليمات ممنوع الإجهاد والإكثار من المشروبات الساخنة، المهم ألا أغادر البيت قبل أن تتحسن صحتي تماما.. - وأسمع من الأستاذ الدكتور طارق صفوت أستاذ الأمراض الصدرية بطب عين شمس أن أنفلونزا هذا العام توحشت وما من بيت في مصر إلا وزارته، فهي معروفة بأنفلونزا A تبدأ بارتفاع مفاجئ للحرارة ثم الإصابة بالسعال الشديد وتكون عادة الكحة »جافة» مع ألم في العضلات والمفاصل والتهاب في الحلق، وهناك فئات من المرضي يكون للأنفلونزا خطورة علي المريض مثل مرضي القلب والسكر والسدة الرئوية وحساسية الصدر ومرضي الكلي والكبد ومرضي نقص المناعة الذين هم تحت العلاج الكيماوي أو الإشعاعي والذين يعالجون بالكورتيزون.. - وعن التطعيم بلقاح الأنفلونزا وهل لهذا اللقاح تأثير في التصدي لها.. يقول د. طارق صفوت من الأهمية أن يعطي قبل حلول فصل الشتاء فهو يقلل من أعراضها وتنصح منظمة الصحة الدولية بتطعيم ثلاث فئات هم.. الحوامل في جميع مراحل الحمل والأطفال في سن التاسعة وكبار السن أكثر من 65 عاما.. والحالات المرضية المزمنة مثل أمراض المناعة والكلي والكبد.. - وفي مقولة لعلماء الصدر.. إن المدخنين هم الأكثر عرضة لمخاطر الالتهاب الرئوي.. ومع ذلك لا يتعظون.. فهم يدفعون حياتهم ثمنا لهذا الالتهاب.