لا تكاد توجد شخصية في الوقت الراهن أجمع المصريون علي تقديرها مثل اللاعب المصري في صفوف نادي ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، وربما هذا ما دفع عالم حشرات مصريا إلي اطلاق اسمه علي نملة نادرة اكتشفها في منطقة صلالة في سلطنة عمان.. وكانت تلك الخطوة قد حظيت باهتمام منقطع النظير من وسائل الإعلام الأجنبية، غير أن الأمر لم يرق للبعض عربيا، حيث لم يفهم كثيرون اطلاق اسم نجمهم الشهير علي »نملة»، فيما رأي آخرون أن مكتشف النملة العالم المصري د. مصطفي شرف، الأستاذ في قسم وقاية النبات في كلية علوم الأغذية والزراعة في جامعة الملك سعود، يسعي إلي الشهرة من خلال هذه الخطوة..وفي حواره مع »الأخبار» عبر موقع التواصل الاجتماعي »فيس بوك»، بدا د.شرف سعيدا بالاهتمام العالمي، ولم تعكر هذه السعادة بعض الانتقادات والتعليقات التي أثيرت في العالم العربي ونقلتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والتمس لاصحابها العذر، لأن ثقافة اطلاق أسماء المشاهير علي الاكتشافات العلمية ليست معتادة في عالمنا العربي.. وفيما يلي نص الحوار. • بداية: ما الذي دفعك لهذه الخطوة غير المسبوقة في عالمنا العربي؟ - لم يتردد قائلا: بالطبع تقديري للنجم المصري محمد صلاح هو الذي دفعني لهذه الخطوة، فأقصي درجات التكريم لشخصية هو أن يرتبط اسمها باسم كائن حي، سواء كان هذا الكائن صغيرا أو كبيرا. مشاهير القراء ألم تفكر في أن الأمر قد لا يروق للبعض في عالمنا العربي؟ - يصمت لوهلة قبل أن يقول: هذه ليست المرة الأولي التي اختار فيها اسماء مشاهير لاطلاقها علي أحد اكتشافاتي، ولكن ربما تكون هي المرة الأولي التي يقع اختياري فيها علي أحد المشاهير ممن هم علي قيد الحياة، فقد سبق وأن اطلقت اكتشافات سابقة علي مشاهير قراء القرآن الكريم وعلماء الدين مثل الشيوخ محمد رفعت، عبد العظيم زاهر، محمد صديق المنشاوي، محمد الغزالي، ود.محمد المسير. لم نسمع عن مثل هذه الاكتشافات، لكن اكتشافك الأخير ذاع صيته بشكل كبير؟ - لولا أن الخبر وصل إلي صحيفة محلية في مدينة ليفربول، لما انتشر بهذه الصورة، فكل وسائل الإعلام نقلت عن هذه الصحيفة. وكيف وصل للصحيفة؟ - لم أسع لإعلام الصحافة بالخبر، ولكن بحكم عملي كأستاذ زائر في متحف ليفربول للتاريخ الطبيعي ربما وصلهم هذا الخبر من مسئولي المتحف. وهل أزعجك انتقاد البعض لك باتهامك أنك تسعي للشهرة؟ - لم أتوقف أمام ذلك كثيرا، فأنا أعلم أن الثقافة العربية لم تتعود بعد علي هذا الشكل من التكريم للشخصيات، لكنه أمر معتاد في الغرب، فهناك عنكبوت تم تسميته باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهناك ذبابة حملت اسم مؤسس مايكروسوفت بيل جيتس، وخنفسة حملت اسم الممثل الأمريكي الشهير ليوناردو دي كابريو. لا اختلاف عليها ولماذا لم تفكر مثلا في اطلاق أسماء سياسيين علي اكتشافاتك؟ - يصمت لوهلة قبل أن يقول: عدم إقدامي علي ذلك هو خير دليل علي أني لا أسعي للشهرة، فربما لو فعلت ذلك لحقق الخبر انتشارا يفوق انتشار خبر نملة »مو صلاح». اسمه علي نملة، قد لا يكون ذلك مقبولا بالنسبة له؟ - سأرجع وأؤكد علي أن اطلاق الاسماء علي كائنات حية، يعد أقصي درجات التكريم، ولكني لا أميل بشكل عام للأسماء السياسية، لأني أبحث علي الأسماء التي تحظي بحب وتقدير من الجميع ولا يوجد اختلاف عليها. وفق هذا المعيار الذي وضعته.. ما الاسم الذي ستطلقه علي اكتشافك القادم؟ - لم يتردد قائلا: أفكر في بعض الأسماء وفي مقدمتها طبيب القلوب مجدي يعقوب، والعالم المصري فاروق الباز. ستطلق هذه الأسماء علي »نمل» أيضا.. ألا يوجد كائن أكبر بعض الشيء؟ - يبتسم قائلا: اطلاق الأسماء سواء علي كائنات كبيرة أو صغيرة هو أقصي درجات التكريم، ولا تتخيل كم يقدر الغرب هذه التوجه، فالشخص الذي يطلق اسمه علي كائن حي مهما صغر حجمه يشعر بسعادة بالغة، وقد عايشت ذلك عن تجربة. كيف؟ - بعد اكتشاف نملة محمد صلاح، كان لي اكتشاف آخر سميته باسم » ميشيل استسيو»، وهي مصورة محترفة في أكاديمية كاليفورنيا للعلوم، وتساعدنا كثيرا في تصوير الاكتشافات الجديدة، ولا تتخيل كم السعادة التي شعرت بها، ورسائل الشكر التي تلقيتها منها بعد أن أبلغتها بقراري. موافقة ضمنية وهل كنت ستغير قرارك لو لم ترق تلك الخطوة لمحمد صلاح؟ -بالطبع.. فأنا أقدمت عليها لتكريمه لأني أقدره، ومن ثم لم أكن لأقدم علي خطوة يمكن أن تسبب له ضيقا. وماذا لو طلب صلاح منك الآن فك هذا الارتباط بين اسمه والنملة المكتشفة؟ - يبتسم قائلا: بمجرد نشر الدراسة العلمية عنها لم يعد ذلك ممكنا، والحالة الوحيدة لفك هذا الارتباط إثبات عالم آخر أن النملة المكتشفة ليست جديدة، وهو أمر مستبعد في هذه الحالة. ولماذا هو مستبعد؟ - مستبعد لأن الاكتشاف يتميز بما يسمي في العلم ب » الثبات العلمي»، والذي يعني أن المواصفات النادرة للنملة المكتشفة واضحة بما يكفي لتجعل هناك اطمئنانا تاما لدي الفريق البحثي أنها مختلفة عن النمل المنتمي لنفس الجنس. وما هي تلك المواصفات؟ - تتميز نملة »ميرانوبولوس – مو صلاح » بجسم ثنائي اللون، فمنطقة البطن والرأس تميل إلي اللون »البني الغامق»، بينما بقية الجسم يميل إلي الأصفر، وهذا الشكل يميزها عن بقية النمل من نفس نوع »ميرانوبولوس». سمة الندرة بعيدا عن حبك لمحمد صلاح، ما الذي دفعك لاطلاق اسمه علي النملة الجديدة، من المؤكد أن هناك سمة مشتركة تجمع النجم المصري بهذه النملة؟ - خرجت الكلمات من فمه سريعا، وهو يقول » الندرة هي السمة المشتركة»، فكما أن هذه النملة نادرة، فإن محمد صلاح موهبة نادرة أيضا. وهل هذه النملة من النوع المدمر أم أنها من الأنواع المفيدة؟ - يبتسم قائلا : أقدمت علي تلك الخطوة لتكريم الرجل، فكيف سأطلق اسمه علي نملة مدمرة، فهذه النملة من الحشرات، التي لها مردود اقتصادي مهم. وما هي فائدتها؟ - النملة الجديدة مفيدة للتربة حيث تعمل علي تهويتها، بما يساهم في نمو أفضل للنبات. الثقافة العربية بما أن هذه النملة مكتشفة في منطقة »صلالة» بسلطنة عمان.. أليس من الأولي تسميتها باسم شخص ينتمي إلي هذه الدولة؟ - اطلاق الاسم حق أصيل للباحث، والعلم بطبعه لا يعرف الحدود، فسبق وان اكتشفت »نملة» جديدة في استراليا وأطلقت عليها اسما من الثقافة العربية. أفهم ذلك.. ولكن ألم يشعر مسئولو الدولة التي اكتشفت فيها النملة بالضيق، لأنك لم تختر اسما ينتمي لهم؟ - بالعكس من المفترض أن يكونوا سعداء، فالاكتشاف كان عندهم، وارتبط باسم شخصية أظن أن الجميع يحبونها، وليس المصريون فقط. وبهذه المناسبة أحب أن أشكر المسئولين في سلطنة عمان علي الدعم الذي تم تقديمه لي، كما أحب أن أشكر إدارة جامعة الملك سعود التي وفرت الإمكانيات المادية واللوجستية للوصول لهذا الاكتشاف الهام. أخيرا: بعيدا عن الاسم الذي تختاره للنملة.. ما هي فائدة أن تكتشف نملة جديدة؟ - الاكتشاف يكون هو المرحلة الأولي، لكن تكون هناك دراسات لاحقة لاكتشاف سلوك النملة ودورها في النظام البيئي وأهميتها الاقتصادية، وهذا ما سيتم في المستقبل القريب علي نملة »مو صلاح».