من الصين أقصي الشرق مرورا بإيران فسوريا ولبنان والعراق وليبيا وفلسطين وجعنا الدائم إلي روسيا في الشمال البعيد وصولاً إلي كوبا وفنزويلا وغيرهما تمتد خارطة العقوبات الأمريكيةالغربية لكل أصحاب الإرادات الحرة والأصوات الذاتية التي لا تحمل أثرا ولا رجع صدي لأصوات الإمبريالية العالمية جالبة كل الشرور علي عالمنا هذا. وتستهدف العقوبات الأمريكيةالغربية المخالفين مبدئياً وبالموقف السياسي والمستمسكين باستقلال القرار الوطني لبلادهم كل وفق جذوره الثقافية والتاريخية وهي غالباً مبادئ ومواقف أصيلة وأصولية عند الأمم العريقة، »لا» يقبل بوجودها من بنوا تقدمهم علي نهب ثروات الشعوب واستعباد البشر والغزو بهدف الاحتلال وحتي بلغوا في الحال الأمريكية والاسترالية حد الإبادة العرقية للسكان الأصليين واجتثاثهم من أراضيهم لاستعمارها.. و العقوبات التي لا تستند لقانون أو لأعراف في التعامل وإدارة العلاقات بين الأمم تبدأ من عسف بحقوق الإنسان الفرد موضع العقوبات كحظر التعاملات المالية الدولية للأفراد ومصادرة أرصدتهم ومنعهم عن حرية الانتقال وتتسع لتشمل مؤسسات ودولاً بأسرها بصور شتي كحظر التعاملات التجارية والاقتصادية والإنسانية كلها بشكل أحادي وإلي حد فرض الحصار الكامل وتوقيع عقوبات علي من لا يساير الولاياتالمتحدة والغرب وراءها ويحتفظ بعلاقاته التجارية والاقتصادية والسياسية الطبيعية مع البلد محل العقوبات منعدمة الشرعية. وهكذا صرنا نعيش في عالم ما بعد الألفية الثانية حالة من التوحش والسعار المجنون من معسكر الإمبريالية التاريخية يحفزها تعاظم القوة المهولة عند من لا يسجل تاريخهم كله تقديرا لقيم الإنسانية واحتراما لحريات الشعوب ولاستقلال الأمم.. ما لم يكونوا إلي ذلك الاحترام مجبرين، مفاهيم جديدة للعلاقات بين الدول غابت فيها الحقوق وعنها كل المبادئ الأخلاقية. رأينا حروباً تدميرية قادها الغرب جرت الموت والخراب والتخلف علي دول من بلادنا.. ملأت الجثث شوارع بغداد وأغرقت الدماء الطرقات بالشام وطرابلس، ثم رأينا الحصارات فجاع الناس في بلاد الثروة والكرم، كل هذا لأن الإمبريالية طمعت إلي ثرواتهم أولاً وأرادت منعهم من بناء القدرة لمواجهة رأس حربتها الكيان الصهيوني الذي يمنع وجوده الاستقرار عن المنطقة برمتها ثانياً. السلوك الغربي وهو لا إنساني ليس هو مصدر الهم ولا هو مقلق لنا وغريب علينا، فنحن نعلم ما الذي جبل عليه من سلخوا فروات رؤوس الهنود الحمر بعد أن استباحوا أوطانهم، لكن الذي علينا القلق بشأنه كيف أن بلاداً ليست علي خلاف مع الدول التي تفرض عليها العقوبات أن تلزم نفسها باتباع محددات هذه العقوبات حتي وإن تعارض الأمر مع مصالح شعوبها. الاستقلال التام في ظل بلطجة الرجل الغربي قضية كبري إقليمية دولية وعالمية.