بخلاف أنها شخصية راقية ومثقفة، فهي تمتلك ميولا فنية منذ الصغر دفعتها للالتحاق بكلية الفنون الجميلة، واستطاعت الغوص بأفكارها في عالم الإبداع تبحث عن خفايا هواها الفني مرتكزة علي التعبير بخامات البيئة الشعبية و"باليتة" وألوان وريشة يناغمها الخيال، وفي ذات الوقت الذي عاودها الحنين لتدريس اللغة الإنجليزية بمدرستها الجزيرة الإعدادية للغات تلبية لرغبة والدتها ورغبة مديرة المدرسة التحقت بالجامعة الأمريكية لصقل لغتها حصلت علي دبلومة في تعليم اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها، وسافرت بعدها مع زوجها الأستاذ بكلية الحقوق للسعودية وإنجلترا، وهناك حصلت علي درجتي الماجستير والدكتوراه في تدريس روافد الفن التشكيلي بعدما عاودها الحنين لهذا المجال، وهذا ماأهلها لتدريسه في عدة مدارس أجنبية، وأخيرا دفعتها أفكارها الطموح لافتتاح أكاديميتها الخاصة بتعليم الفنون التشكيلية للأطفال، وهاهي مستمرة تقدم أعمالا فنية تنوعت مابين الأنماط التعبيرية ومختلف المدارس الإبداعية.. إنها الفنانة التشكيلية الدكتورة "هنا حلمي" التي لامست لوحاتها نبض الشارع و المجتمع وقضاياه.. "الارتقاء في سلم النجاح لم يكن رهانا هينا ثابرت من أجله لكونه مرتبطا بطموح كبير لا يتحقق إلا ببذل المزيد من الجهد والعطاء للحصول علي جائزة في مجال الفنون والإبداع.. وقد زاد هذا من ولعي وعشقي للرسم ودفعني للغوص في عوالم الفنون التشكيلية المكدسة بمواد وألوان وإبداعات فنية متنوعة الخامات هي مهد هوايتي التي تحولت اليوم لأعمال فنية واعدة".. بهذه الكلمات أكدت د.هنا حلمي أنها ورثت موهبة الفن عن والديها حيث كان والدها من أشهر مصممي الأزياء في مصر.. وكانت زمرة أصدقائه كلها من الفنانين الكبار أمثال صلاح طاهر وجورج البهجوري ، وعلي الجانب الآخر كانت والدتي من أجمل سيدات وهوانم مصر وتمتلك نزعة فنية راقية في ارتداء موضات الملابس وسماع الموسيقي وكلاسيكيات الغناء الساحرة..وعشت بينهما أنا وأشقائي طفولة مرحة داخل بستان ارتوينا فيه من ينابيع الحب والخير وعشق الاستمتاع بجمال البحر والورود والزهور.. وأشارت د.هنا حلمي إلي أنها تدين لهما بكل الفضل في تربيتها علي الأخلاق الحميدة والتفوق في كل مراحل تعليمها بمدرستي سان جوزيف "الراهبات" والجزيرة التحضيرية للغات وكلاهما بالزمالك، وقد شهدت فترة تعليم راقية هناك من المدرسين الأجانب في الارتقاء بمستوي الأطفال والتلاميذ حيث كانوا يهتمون بالخط والموهبة والموسيقي ويذكر أن مدرس الموسيقي في هذه المدارس كان الفنان هاني شنودة - واكدت أنها اكتسبت فن الإتيكيت وسلوكيات التعامل الراقية مع الآخرين من والدتها وتباعا من المدرسة، وأن شهرتها جاءت من شغفها وحبها للفرشاة وعلب الألوان التي تعتبرها عالمها الساحر. وتضيف أنها اختارت دخول كلية الفنون الجميلة قسم ديكور شعبة عمارة فنون تعبيرية.." وأبدعت واستمرت تستوحي أفكار لوحاتها من الطبيعية والبحار والحدث اليومي، إلا أنها كانت تري في أمواج البحر بالتحديد مادة هامة في لوحاتها التشكيلية، استمرت تعطيها قوة دفع هائلة في تكوين وتطوير أعمالها الفنية التي تؤكد علي أهمية إعادة رؤية وقراءة الفنون الإسلامية والقبطية وغيرها قراءة متعمقة لاستكشاف علاقات جديدة ناتجة عن أشكال لونية وخطية مبدعة .. وكان لسان حالها يردد ويقول: "من يبحث عن الجمال في هذه الحياة سيجده بكل تأكيد لأن الذين يبحثون عن الإيجابيات والجمال هم المتفائلون".. وأنا بطبعي متفائلة ومنطلقة إلي غد أفضل..ولهذا لم تتوقف قبل تخرجها من الفنون عن تلبية رغبة والدتها في الالتحاق بالجامعة الأمريكية لتوسيع دائرة طموحاتها في دراسة اللغة الإنجليزية وفي ذات الوقت لم ترفض رغبة مديرة مدرستها بمدرسة الجزيرة للغات عن الحضور للاستفادة من موهبتها في تدريس اللغة الإنجليزية بالمرحلة الابتدائية، وحققت فيها تفوقا ملحوظا وبعدها سارعت بالحصول علي دبلومة في تدريس اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها.. وخلال هذه الفترة بعد انتهاء حصولها علي بكالوريوس الفنون استمرت في مشوار عطائها التعليمي والأكاديمي، والتحقت بأكاديمية الفن والفكر التي تم تأسيسها في هامبورج بألمانيا وانتقلت لفرع الأكاديمية بالقاهرة.. وتفوقت من جديد وحصلت علي درجة الماجستير وكان موضوع الرسالة الفنون وسيلة لها أثرها في اتزان شخصية التلاميذ.. إلا أن الظروف اضطرتها للسفر مع زوجها الأستاذ الجامعي للسعودية وأختارت المضي قدما في تدريس اللغة الإنجليزية بجانب الإشراف عليها بمدارس الخُبر بالمنطقة الشرقية.. ولكنها لم تنس لحظة هوايتها للفنون التشكيلية وتدريسها.. حتي بعدما انتقلت مع الأسرة لإنجلترا عام 1986، وبعد العودة عام 2004.. عملت في مجال تدريس الفنون في مدارس "ليدرز" لدرجة أن طموحها دفعها لافتتاح القسم الأمريكي بالمدرسة.. وانتقلت لتدريس نفس الفنون في مدرسة "سمارت أنترناشيونال الدولية".. وتولت الإشراف علي كل شيء بالمدرسة وبعدها تم اختيارها بعد ذيوع صيتها للانطلاق بالفنون التشكيلية في مدارس القومية الخاصة، وتباعا أصبحت مديرة المدرسة المودرن الحديثة.. وأخيرا رسا بها المطاف علي شاطئ آخر للإبداع، فكرت من خلاله في افتتاح أكاديميتها الخاصة لتعليم وتدريس الفنون التشكيلية والتربية الفنية، وفي ذات الوقت الذي عادت فيه من رحلة سفر مع نجلها الوحيد عمر لإنجلترا حصلت علي درجة الدكتوراه في تدريس روافد الفنون التشكيلية.. * وماذا عن مشوار عطائك بالمعارض؟ - قدمت مئات اللوحات في معارض كثيرة بمختلف الأساليب الفنية الحديثة والبداية كانت عام 2012 بأتيليه القاهرة، وتوالت معارضي في المرسم الشخصي المسمي بحديقة الفن "جاردن أوف أرت" بكومباوند الربوة بالشيخ زايد.. معرض فن الكولاچ بالمركز الثقافي الروسي 2018، وهناك معرض بعنوان.. "ظهور علي طول" وكل هذه المعارض كانت شخصية بالنسبة لي، وهناك أيضا العديد من المعارض الجماعية منها بالمكتبة الموسيقية بدار الأوبرا المصرية، وآخر في متحف أحمد شوقي.. كرمة ابن هانئ وشاركت في معرض جاليري "لمسات" وعدد 4 معارض للفنون بقاعة جريدة الأهرام، ومعرض آخر في بيت السناري وآخر إبداعي في المركز الثقافي الألماني "جوتة" ولا غرابة في حصول د.هنا علي عضويات بنقابة الفنانين التشكيليين والمصممين ومحبي الفنون الجميلة وأتيليه القاهرة ورابطة المرأة العربية. وتضيف الدكتورة هنا: أنها تعيش حياة سعيدة مع زوجها أ.د محمد عبدالخالق عمر أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة القاهرة الذي تدين له بالفضل في فتح باب العلم والفن لها علي مصراعيه، وابنها "عمر" خريج كلية السياسة والاقتصاد الجامعة الأمريكية- الذي يستعد لمناقشة رسالة الماجستير في علم الأجناس، وبالنسبة للموضة تؤمن بالأناقة في البساطة ولذا تفضل ارتداء ما يناسب طبيعة شخصيتها من الموديلات الأنيقة الشيك، وعن المطبخ تقول إنها ست بيت درجة أولي وكل أسرتها يعشقون طواجن الفريك بالبط والعكاوي والشوربات بكل أنواعها والسلطات المتميزة من صنع يديها، بجانب أنها تفضل القراءة لكل الأدباء، وهي تشير إلي أنها تنعم بعلاقة عشق مع النباتات والزهور داخل حديقة فيلتها التي تعتبرها ابنتها التي لم تلدها ولا تتواني لحظة عن رعايتها بالحب والإحلال والتجديد.. كما أنها تؤمن بالمثل القائل "الله جميل يحب الجمال".