محمد نور: خطة مجابهة التضليل تعتمد على 3 محاور    انعقاد الجلسة الخامسة لمجلس جامعة الدلتا التكنولوجية    وزير الاتصالات يشهد توقيع اتفاقية لتطوير حلول رقمية مبتكرة بمجال الرعاية الصحية    الفقي: تلقينا أكثر من 11 ألف طلب تصالح على مخالفات البناء بسوهاج    "الخارجية" تحتوي أزمة الطلاب المصريين في قيرغيزستان    الشرطة الأمريكية تزيل مخيما مساندا لفلسطين في جامعة دريكسيل    طلاب يتضامنون مع غزة من على متن سفينة إسرائيلية يحتجزها الحوثيون    الهلال بقوته الهجومية أمام الطائي في الدوري السعودي    مصرع سيدة وإصابة 5 آخرين في حادث تصادم بالعبور    العثور على جثة مُسن متحللة في بورسعيد    قرار قضائي جديد بشأن التحقيقات مع سائق «ميكروباص» معدية أبو غالب (القصة كاملة)    مريضة نفسيا تشرع في قتل والدتها في بولاق الدكرور    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها    عبير فؤاد تحذر مواليد 5 أبراج في شهر يونيو: أزمات مهنية ومشكلات عاطفية    انقطاع التيار الكهربائى عن بعض أقسام مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح    نهى عابدين تعلق على نصيحة يحيى الفخراني لها بخسارة الوزن (فيديو)    الصحة: المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض يختتم فعاليات ورشة العمل "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" بمدينة شرم الشيخ    توقع عقد تشغيل مصنع تدوير ومعالجة المخلفات بالمحلة    وزير النقل خلال زيارته لمصانع شركة كاف الإسبانية: تحديث وتطوير 22 قطارًا بالخط الأول للمترو    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    «الأعلى للأمن السيبراني»: هدفنا الاستفادة من التكنولوجيا بشكل آمن    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    20 لاعبًا في قائمة سموحة لمواجهة فاركو بالدوري المصري    أسماء جلال تنشر صورتين من احتفالية عيد ميلادها.. وسوسن بدر تعلق    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    خضراوات وفواكه يجب تناولها بعد التعرض لأشعة الشمس والحر، تمنحك الترطيب    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    في ذكرى رحيله...ومضات في حياة إبسن أبو المسرح الحديث    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    فيديو.. ابنة قاسم سليماني تقدم خاتم والدها ليدفن مع جثمان وزير الخارجية الإيراني    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رئيس الوزراء يتابع مشروعات تطوير موقع التجلي الأعظم بسانت كاترين    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    حماس: معبر رفح كان وسيبقى معبرا فلسطينيا مصريا.. والاحتلال يتحمل مسئولية إغلاقه    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثية الحلم والموت والكتابة
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 10 - 2012

هل تساءلت يوماً وأنت تقف في الحد الفاصل بين الممكن والمستحيل، عن جدوي الحلم؟ هو السؤال الذي لن يجيبنا عنه الكاتب الجزائري سمير قسيمي بسهولةٍ في روايته الجديدة »الحالم« بل يجرنا بذكاء الكاتب وهاجسه القديم في الزج بالقارئ في متونِ السرد المتشعب والمتعدد الأصوات كما تعودنا عليه في رواياته السابقة لاسيما في رائعته »هلابيل«. لكن هذه المرة يغوينا الروائي بلعبة أدبية أكثر تعقيداً وجنوناً .. نسافر من خلالها عبر تفاصيل ثلاث روايات تستطيع كل واحدة أن تشكل عالمها الخاص من حبكة وشخوص وأحداث وأمكنة وغيرها مما يشكل لوحة السرد النهائية لولا تلك اليد التي تخطفك مع نهاية كل رواية لتزج بك في تفاصيل الرواية التالية. وهكذا تظل سجين كومة من الأسئلة المتشابكة والمشاهد والصور والأسماء التي التصقت بذاكرتك ك»مسائل عالقة« وهو عنوان أول رواية في هذه الثلاثية المجنونة.
ولكن قبل ذلك يحملنا الروائي عنوة علي الشك منذ مقدمته التي قال في نهايتها: »الآن وقد قلت كل هذا، فلا يسعني إلا أن أترك القارئ يقرأ هذه الرواية، وكلّي أمل أنه حين يفعل ذلك ويبلغ خاتمتها، سيعرف أن ما جري معي لم يكن مجرّد خيال أو هلوسات كاتب علي حافة الجنون. والأكيد أنه سيدرك بنحو لا يقبل الشكّ، سبب رفضي طمس حقيقة روايتي بتلك الجملة التي اعتاد أن يقرأها في مقدمة صفحات رواياتي السابقة: »إن كل تشابه بين أحداث وشخصيات هذه القصة مع الواقع مجرد صدفة«.
كاتب لا يعرفه أحد
مقدمة لا تشبه أبداً المقدمات التقليدية التي نصطدم بها في بدايات الكتب والتي نعتقد أحيانا أنها ستضيء لنا المتن الكبير الحجم، المتواري خلف جملة من الحقائق المتقشفة، وقد عمد المؤلف إلي ذلك كي يمنحنا متعة أكثر في فك شفرات الرواية من خلال ما سبق كل جزء من الكتاب، في شكل »حوار غير ودّي مع كاتب لا يعرفه أحد« .. والذي يصوِّر حوارا مع كاتب متهم بسرقة أدبية، لا ينكرها ويؤكدها بمقولة، كان أهون لو نكر تهمة السرقة علي أن يتفوه بها: »روايتي ولكنني لم أكتبها«.
طبعا وننجر وراء أسئلة الصحفية التي تخمُد عدوانيتُها شيئا فشيئا بعد أن تلمس كلاما منطقياً في إجابات جليسها .. كل هذا لا يمنعنا من محاولة أخذ نفَس جديد لقراءة ما علق من مسائل في الجزء الأول والتهامها كما أشارَ »الكاتب الذي لا يعرفه أحد« في جلسة واحدة. ونتعرف علي ريماس إيمي ساك الكاتب المهدَّد بالقتل. كعقاب علي جريمة مماثلة ارتكبها في زمن بعيد. ولعلها بداية العقدة التي اختارَ لها الكاتب منحي بوليسياً لا يخلو من غرائبية، تبدو فيه الأسرار شيئاً عادياً رغم أنها لا تتكشف بسهولة، فما كان مقبلاً عليه »ريماس« الكاتب المشهور، يشبه وضع مفتاح الحقيقة في بابِ غرفةٍ لم يفتحها منذ ثلاثين رواية في مسار حياته. وكتابة روايته الأخيرة، أمر أخطر مما يتصور هو نفسه.. لأنه بمثابة الاعتراف الأخير الذي سيجلب الكثير من اللعنات والمتاعب كما يحدث في اللحظات التاريخية الحاسمة في اعتقادنا. نقرأ: »المشكل في الإنسان أنه لا يعلم متي تبدأ الأشياء السيئة في الظهور. ولو أن كل واحد منا آمن بصدق بالمبدأ الفيزيائي القائل ألا شيء يختفي حقا، وألا شيء يولد من العدم، لانسجمت حياتنا إلي درجة أننا كنا لنشطب عن طيب خاطر لفظة «السر« من قواميسنا بأية لغة كانت. ولكنه أمر ما كنا لنفعله بسبب الفطرة التي فطرنا عليها. إننا في النهاية مجرد كائنات تسعي إلي الكمال رغم علمها أنه يستحيل عليها ذلك».
لا يكتفي سمير قسيمي بهذا الحد من التشويق وهو صاحب أعمالٍ تحدت زمن الرواية بعشر ثوانٍ في »يوم رائع للموت« ورصدت ما يفوق الثلاثين سنة من عمر الجزائر في ساعة ونصف داخل قطار تعطَّل قبل إتمام الرحلة. أعود لأقول إن المغامرة الأولي تفتح لنا باب مقهي »ثلاثون« وروادها الهاربين من ثنايا كتب الروائي في حد ذاته. حوارات مشوقة ومهمة تحرٍّ توكل لعثمان بوشافع البوليسي الفاسد في »هلابيل« .. والذي يعتمد عليه »ريماس إيمي ساك« في اكتشاف صاحب التهديد وإيجاد الحقيقة الغائبة وراء غيمة من الهلوسات التي تجعلها لعبة المرايا وانهيار الجسد عضواً فعضواً قبل اكتمال الرؤية، حقائقَ لابد من التمسك بها والاحتفاظ بتفاصيلها وهو ما خطط له صاحب »تصريح بضياع« حتي تسبقنا خطانا لقراءة »المترجم« .. بعد قراءة إجابات »الكاتب الذي لا يعرفه أحد« علي أسئلة الصحفية في جزئها الثاني، والتي من أهمها أن هذا ال »ريماس إيمي ساك« ما هو إلا سمير قسيمي حين يُقرأ في المرآة أو معكوساً مكتوبا بالحروف اللاتينية.
البطل الغائب الحاضر
في »المترجم» حكاية حب جميلة ومؤلمة، تتقاطع فيها الأقدار لتصل إلي لقاء جميلة بوراس الابنة الوحيدة لإيماس ريمي ساك بالمترجم الذي هو »سمير قسيمي« في شكلٍ آخر من أشكال الحلول الاسمي والأدبي والوجودي في البطل الغائب الحاضر، الظاهر والخفي في الوقت ذاته. وسمير هنا هو مترجم أعمال ريمي ساك من الفرنسية إلي العربية. والذي تكلفه ناشرته وصديقته اللبنانية بترجمة آخر أعمال الكاتب، مؤكدة علي أهمية إنجاز هذه المهمة في وقت محدد بالنظر لأهمية الأمر وخطورته.. ولكنه تعلَّق أكثر بسيرة جميلة ابنة ريماس وما تحمله من أسرار ..
سلسلة أخري من الحقائق المدهشة التي تتكشف تباعاً أثناء الترجمة.. لا تزيد العمل الذي بين يدينا إلا إدهاشاً، لنقع علي مقولة المترجم »يا إلهي، علي أيّ شيء وقعت.. قلت في نفسي، غير مصدق أن بين يديّ آخر كتاب لريماس إيمي ساك. الكتاب الذي طالما حلمت بقراءته قبل أن يسرقه الموت«. ولأنه كذلك يرفض المترجم أن يكون آخر ما يكتب إيمي ساك مجرد اعترافات وهو الذي ترجم له رواياتٍ رفعته إلي مصاف الكتاب العالميين. فاقترح علي ابنة المؤلِّف والناشرة أن تضاف فصول ومقاطع أخري للكتاب حتي يخرج في أجمل صورة له وهو آخر ما حلم بكتابته ريماس ليكشف عن وجهه الحقيقي دون أقنعة ولا زيف ولا مداراة.
يقول سمير قسيمي كحجة إقناع: »إن الحواريين رغم أنهم من كتبوا الإنجيل في الحقيقة، إلا أنهم أدركوا بمجرد انتهائهم منه، أن كل ما كتبوه، لم يكن إبداعا خالصا لهم، لقد اقترضت السماء ألسنتهم لتقول بمشيئتها كلمة الرب. أنا أيضا كلما تقدّمت في كتابة هذا العمل، تملّكني شعور كالتقمّص. أشعر بأن ريماس من يكتب في الحقيقة. لقد صرت بطريقة ما لسان روحه، يوحي إليّ إلهامه بالكلمات«.
وهكذا ولدت »مسائل عالقة« وهي اقتراب حميمي من عوالم ريماس إيمي ساك ومساءلة ومكاشفة لأمنيات صغيرة واعترافات غير مسبوقة لكاتب كبير. وهناك كما هنا في »المترجم« وعبر مئات الصفحات نقف أمام عدة قضايا أدبية كالموهبة الحقيقية وكيف تقترن بالمواظبة كما يقول بريخت وإلا لما كانت كذلك، عن جماليات الكتابة ومتعة خلق أشخاص نتصرف بمصائرهم ونستعيدهم حين نكون بحاجة لقولِ شيء ما استعصي علي المنطق؟ الخيال من سحب شخوص كل روايات سمير قسيمي السابقة لتتعري من الغموض وتواجه مصيراً جديداً يكشف قدرة الكاتب وذكائه في حَبكِ روايته وكتابتها ما يشتهي لها أن تكون. نواصل ونغرم بعلاقة جميلة المريضة بالسرطان بالمترجم. حب يولد في حقل من الألغام ولا يمكن أن يكون إلا متفجراً حارقاً وشديد الألم. لغةٌ مثلت تحدياً آخر لقسيمي في هذا الجزء. وكان مقنعاً في تضمينها كل الأسباب الإنسانية التي كانت وراء تجارب متعددة في الكتابة والحياة والحب والجنس والموت.
الكفيف يمكن أن يري
ولكننا كلما توهمنا أننا أدركنا حقيقة الأمور ومصائر الشخصيات واعتقدنا بفك كل الألغاز السابقة، نقع في فخِّ سرٍّ ما أو حقيقة تدفعنا بقوة لا راد لها في دوامة الشك والتساؤل؟ أليسَ هذا ما تدفعنا إليه الصورة التي وجدها المترجم تحت وسادة جميلة وهو يحتضنها؟ »صورة بالأبيض والأسود« لرجل ثخين بذقن غير حليقة يحمل طفلة بين ذراعيه، واقفا علي رصيف بجانب باب زجاجية تظهر خلفها موائد دائرية بمقاعد.. وفوقها ظهرت يافطة مكتوبة بالفرنسية لم يظهر منها إلا ثلاثة أحرف بسبب تلف الصورة.. ونتأكد أنها مقهي »ثلاثون« التي حسبنا أنها مجرد وهم بناه خيالُ ريماس في رأسه.
بأي طريقة تكتب يا سمير قسيمي؟ وكيف يمكنك القبض علي كل هذه العلائق والمشاهد والصور والأوجه والمصائر؟ سؤال نطرحه ونحن نأمل أن تسأله الصحفية لذلك »الكاتب الذي لا يعرفه أحد« .. نصل في الأخير لكتاب الرواية أو الكتاب الأخير لريماس إيمي ساك والذي ضمَّ قسمين: مجرد جنازة فحسب و الكفيف يمكن أن يري.. إذ جاء في الجزء الأول مراسلات جميلة وليليا الناشرة وكذا اعترافات جميلة بوراس بعلاقتها قبل الزواج بزميل الجامعة سابقاً رضا خبَّاد وكيف حملت منه ووافقت بذلك مضطرة علي ابن عمها المغترب لتتزوج وترحل معه إلي فرنسا. فقرة استوقفتني كثيراً علي لسانها: لم أرث عن أبي إلا عادة الكذب التي تخلص منها. أما أنا، فما زلت أعيش كذبتي، ولا أدري كيف يكون خلاصي منها. ربما حانت ساعة البوح. ما دام الموت يفرش لي، فلا أري كيف يمكن لكذبتي أن تحرجني أكثر، ما دمت لن أكون هنا لمواجهتها. يكفي أن أكتب مثل أبي تفاصيلها، وأدع الآخرين يحملون وزرها بعدي«.
خاتمة غير متوقعة
ربما ليس هذا سوي هاجس الكاتب، الأثر. وهو في الأخير ما دفع ريماس إيمي ساك لنزع قناعه ومواجهة عالم المرايا عاريا إلا من الحقائق التي أخفاها لسنين طوال، والمتعلقة بمسيرة كاتب عالمي إن جاز التعبير. وتأتي لحظة الخلاص، لحظة التحرر التي تتحول فيها تلك الجملة المستعملة في الكثير من روايات ريماس إلي واقع حين يقول: »لهذا اليوم رائحة تشبه البداية«
ولتبدأ رحلة اعترافات غرائبية لأول مرة تُكتب بهذه الطريقة الجميلة جداً.. علي الأقل فيما قرأت من روايات وخاصة في الجزائر وبعض بلدان العالم العربي.. يوميات تحكي عن الأم، عن الكتابة، عن العلاقات الأدبية، عن الصداقات.. وخاصة عن وحدة الكاتب.. وخاصة صاحبنا ريماس إيمي ساك وكيف جاء إلي عالم اللامرئيين بطريقة ستكشف عنها رواية »الحالم« الصادرة عن الدار العربية للعلوم ببيروت ومنشورات الاختلاف بالجزائر في 352 صفحة من الحجم المتوسط، وقد اختار المؤلف لوحة »الولادة من خصر العالم« لرائد السريالية سلفادور دالي، غلافا لروايته التي يختمها بما لا نتوقعه أبداً، وإن كانت »براس بوك« نهاية غير مفتوحة فإنها أكثر جنوناً مما نعتقد ومما يدفعنا الحلم لاقترافه كأجمل ما نكتب وما نفعل في هذه الحياة.
رواية »الحالم «لصاحبها الكاتب سمير قسيمي، هي العمل الخامس في ثلاث سنوات مكللة بالنجاح وليست هذه الجملة الختامية تعريفية أو مجرد إضافة إنما حقيقة نستشف من خلالها عشق الروائي سمير قسيمي للكتابة وكيف يمكن أن يكون جزء من كتابه الأخير، من حلمه الذي كتبته يدُه وتعددت الأرواحُ التي تقمصَّتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.