يتسع حضن مصر الأم ليحتوي ملايين اللاجئين الغرباء الذين يلجأون إليها من نيران الحرب أو النزوح الجماعي ينشدون الأمن والاستقرار في ربوع مصر وسط أهلها الدافئين الطيبين.. في مصر مكان لكل غريب حيث لا ينام أحد بدون عشاء وحيث تتسع حصيرة النوم لتضم الجميع.. لم تعرف بلادنا اللاجئين ولم تنشأ علي أرضنا معسكرات معزولة بأسوار أو أسلاك رغم ملايين النازحين من السودان وسوريا وفلسطين وليبيا واليمن وغيرها من الجنسيات التي عاشت وسط المصريين وذابت وسط المواطنين لعل أبرزهم السوريون الذين يمثلون أنجح التجارب في انصهار العرب داخل مصر.. لقد نجح آلاف السوريين بموهبتهم الفائقة كتجار مهرة فاستطاعوا كسب ثقة المستهلك فافتتحوا المطاعم الشامية ومحلات الحلوي الشرقية ومحلات العطور كما تميزوا في التطريز والتفصيل الحريمي وتمركزوا في مناطق معينة افتتحوا فيها محلات ومعارض لملابس السهرة والأفراح وتميزوا بالذوق الراقي وربما يتساءل البعض عن سر نجاح السوريين وإقبال الناس عليهم والسر بسيط ويتمثل في البشاشة والمودة والأدب الجم الذي يلقاه الزبون من التاجر السوري الذي لا يمانع في إرجاع البضاعة لو أن فيها عيبا.. السوريون لا يجدون غضاضة في السكن عدة أسر في شقة واحدة يحولونها لمشغل أو مصنع حلوي نهارا ولا يخجل من العمل مهما كان صغيرا أو تافها ولعل شبابنا المنتظرين للوظائف الميري أن يفعلوا مثل الشباب السوري فيخوضون مجال العمل الحر ولا يخجلون من العمل الشريف لأنه أكثر احتراما ولأن الأيدي الخشنة أجمل من الأيدي البطالة.