منذ شهرين، تشهد دار الكتب مسارا جادا في العمل لاستكمال مشروعاتها الضخمة والتي علي رأسها رقمنة تراثها الفكري من المخطوطات، يقود هذا المسار الدكتور عماد عيسي أستاذ علم المعلومات بجامعة حلوان، الرئيس الجديد للادارة المركزية لدار الكتب، وهو ليس غريبا علي الدار، فقد كان عنصرا فاعلا في لجنة الببليوجرافيا بمشروع الرقمنة بالدار منذ سنوات قبل إعارته للتدريس بإحدي الدول العربية، كما أن تخصصه العلمي، ليس بعيدا - أيضاً- عن طبيعة العمل في الدار، فهو أستاذ تكنولوجيا المعلومات بكلية الآداب، جامعة حلوان. وصرح د. عماد عيسي لأخبار الأدب، أن مشروع رقمنة رصيد دار الكتب من المخطوطات والكتب والدوريات، أهم مشروع تقوم به الدار الآن، وهو مشروع عملاق قوامه 51192 مخطوطا تم حفظها حتي الآن، كما تم رقمنة 59320 مجلدا، أما العناوين فقد بلغ إجمالها 880163 عنوانا. ولفت د.عماد إلي أن رقمنة هذه الأصول هي في المقام الأول أعلي درجات الحفظ والصيانة لتراث قلما يتكرر، وهو أمانة في أعناقنا، يجب رعايتها وتسليمها للأجيال القادمة، وأن المرحلة القادمة بعد استكمال مشروع الرقمنة هي إتاحة هذه البدائل الرقمية للمستفيدين داخل قاعات الاطلاع، وما يجري علي المخطوطات نطبقه علي الكتب، التي سوف نتيحها من خلال الأجهزة بعد ترقيمها ونعرضها في قاعات المكتبات. ولفت د. عماد إلي أن المخطوطات هي التي لم تتح حتي الآن وسوف تتاح في القريب العاجل عن طريق الشبكة الداخلية لتأمين الوصول للبدائل الرقمية (الصورة الرقمية للمخطوطات)، ولاننسي أننا لدينا لوائح وقوانين خاصة بطريقة إتاحتها للجمهور، وهي أيضا خطوة من خطوات التأمين، هذا المشروع في حالة استمرارية- مع تعاقب الادارات المختلفة- لأنه أساس للمراحل القادمة في عملية حفظ وصيانة تراثنا عبر الأجيال، ولابد من الانتهاء من رقمنة مخطوطات الدار كافة، وكذلك الدوريات والكتب، والتي تتعرض بشكل دائم للزيادة عبر عملية رقم الايداع، وعن طريق المكتبات المهداة، واسترداد ما تم الوصول إليه. وأضاف د.عماد: كما أكدت لك أن المشروع ضخم فنحن بصدد رقمنة 62 ألف مخطوط، وهي أكبر مجموعة من المخطوطات علي مستوي العالم، تزخر بها دار الكتب. هدفي الدفع بخطوات سريعة في هذا المشروع العملاق، وتزويد إنتاجيته، بتطبيق أحدث التقنيات التي ظهرت آخر سنتين، سواء علي مستوي الأجهزة أو الممارسات أو حتي المعايير الدولية الحاكمة للعمل في مشروعات الرقمنة، فضلا عن تدريب وتأهيل القوي البشرية العاملة فيه. ثمة ملف آخر أمام د.عماد، قال: إنه يتمثل في تطوير المخازن حتي تستوعب الرصيد الضخم الذي تزخر به الدار، فالمبني الحالي به مخازن لها قدرة استيعابية محددة، العمل الذي أقوم به الآن كيفية تطوير هذه المخازن حتي تستوعب كل ما يستجد علي الدار، حيث إن الرصيد الكامل بدار الكتب يوجد في المخازن الكائنة بالمبني علي الكورنيش، وأن قدرتها الاستيعابية تنذر بأننا في حاجة إلي التوسعة لأن الرصيد يتزايد بكميات هائلة، وهذا تطلب منا إقامة مشروع لتنظيم هذه المخازن. أما الملف الذي شغل اهتمامي أيضا- بجانب الملفين السابقين، فهو خاص بالمكتبات الفرعية (وهي 27 مكتبة ممتدة علي نطاق القاهرة الكبري)، والمكتبات المتنقلة، وهي ثلاث عربات (مكتبات متنقلة) لها خط سير شهري في الأماكن التي تخلو من مكتباتنا الفرعية، واهتمامي بهذا المشروع يأتي انطلاقا من الوظيفة التوعوية لدار الكتب، وإيصال المعرفة إلي جميع فئات المجتمع عن طريق نشاط ثقافي تقوم به ووسيلتنا فيه النسخ التي تأتي إلينا من رقم الايداع أحاول توصيلها للجمهور عن طريق الاستعارة واستردادها مرة أخري، كما أنني أقوم بإهداء المكرر منها لبعض المدارس والجامعات، وهذا يأتي من إيماني بدوري في هذا المكان ودور دار الكتب وأهميتها للقارئ والباحث سواء كان مصريا أو عربيا، تلك هي الأذرع الثقافية لدار الكتب لتحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة، ولاننسي النشاط الثقافي أيضا في تنظيم المحاضرات والمؤتمرات وورش العمل.