الأسبوع الماضي، انضمت مصر إلي الميثاق العربي لحقوق الإنسان، بعد موافقة مجلس النواب، وهو الميثاق الذي وافق عليه القادة العرب في قمة تونس 2004، ومثل احد إنجازات تلك القمة، لانه ادخل العمل العربي في مجال جديد لم يكن محل اهتمام من قبل، ودخل الميثاق حيّز التنفيذ في 2008، وكان تأخر مصر مرتبطا بالظروف الصعبة التي مرت بها خلال السنوات الماضية، وبانضمام مصر ارتفع عدد الدول الأطراف في الميثاق العربي إلي 15. ونتوقف عند المناسبة الثالثة، وهي تقديم مملكة البحرين لتقريرها الدوري الاول، حول تنفيذها التزاماتها وفقا للمادة 84 من الميثاق الخاص بلجنة حقوق الانسان العربية، والذي صادقت عليه منذ عام 2006، ولعل مملكة البحرين من اكثر الدول العربية التزاما في هذا المجال، حيث قامت في عام 2012 بتقديم تقريرها الاول، وتمت مناقشته في العام التالي، وقامت اللجنة برصد عدد من الملاحظات والتوصيات في نفس العام، كما قامت البحرين بتقديم تقريرها الدوري الاول في يوليو 2016، وملحق تكميلي محدث في العام الماضي، وهو ما تمت مناقشته الأسبوع الماضي، وقد حرصت علي حضور المناقشات، التي تمت علي مدي يومي 28 و29 يناير الماضي، للتعرف علي الصورة الحقيقية لحقوق الانسان في البحرين، خاصة أنها من بين دول عربية عديدة، مستهدفة من منظمات حقوق الانسان الدولية، بتقارير مغلوطة ومعلومات تفتقد الدقة، وتسييس واضح لملف هو بالأساس في حقيقته حقوقي بامتياز، ورغم تلك التقارير فان الواقع يخالف الصورة التي تقدمها تلك المنظمات، بدليل بسيط هو انتخابها مؤخرا لعضوية مجلس حقوق الإنسان في الفترة من 2019 إلي 2022، كما انها من اكثر الدول تعاونا مع الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الحكومية في العديد من المجالات منها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وقد استعدت مملكة البحرين بشكل متميز للمناقشة، من خلال وفد برئاسة عبدالله الدوسري وكيل وزارة الخارجية، وضم اعضاء من وزارات وجهات عديدة: الداخلية والعمل وشئون الاعلام والتربية والتعليم، والمجلس الاعلي للمرأة والامانة العامة للتظلمات وهيئة التشريع والرأي القانوني. وكشفت المناقشات والعرض الذي قدمه وفد البحرين ان الأساس في النهج التي تتبعه المملكة يتلخص في المشروع الإصلاحي للملك حمد بن عيسي آل خليفة ملك مملكة البحرين، الذي تم إقراره عام 2001، والذي أكد علي أن نهج احترام حقوق الإنسان هو استراتيجية تتبعها مملكة البحرين في تعزيز دولة المؤسسات والقانون، وفق ثوابت وطنية راسخة، ولقد انعكس ذلك في ميثاق العمل الوطني ودستور 2002، والتعديلات الدستورية التي أقرتها السلطة التشريعية عام 2012، تجاوبا مع مخرجات الحوار الوطني الذي انعقد في الفترة من 2 حتي 25 يوليو 2011. وجاءت التشريعات الوطنية لتعكس احترام الحقوق والحريات، ومن أمثلتها تلك المتعلقة بحرية الرأي والعقيدة، وكفالة حقوق العمالة الوطنية والأجنبية، ودعم الجمعيات السياسية والنقابات، كما عملت مؤخرا علي إدخال تعديلات علي التشريعات بهدف مواءمتها مع المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان، والعدالة الجنائية بشأن العنف الأسري، وتعديل عام 2016 علي قانون الجمعيات السياسية وتعديل نص تجريم التعذيب، بما يجعلها تتماشي والتعريف المعتمد دوليا حيث أصبحت أكثر صرامة، ولم تكتف مملكة البحرين بما سبق، بل انضمت إلي العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية في مجال حقوق الإنسان، وشكلت مملكة البحرين نموذجا في النزاهة والشفافية بتعزيز آليات المشاركة السياسية من خلال السلطة التشريعية بغرفتيها النواب والشوري، واستكمال المنظومة الحقوقية الوطنية عبر تأكيد استقلالية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وفق مبادئ باريس، وإنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ووحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، واستقلالية مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية، وبالإضافة إلي المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، كما يواصل المجلس الأعلي للمرأة القيام بدوره الفعال في تمكين المرأة وكفالة المساواة بينهما وبين الرجل، طبقا لما ينص عليه الدستور والتشريعات الوطنية.