فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    سعر المانجو والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    ما هي عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص؟.. القانون يجيب    وكيل النواب السابق: المستأجر الأصلي خط أحمر.. وقانون الإيجار القديم لم ينصف المواطن    بلومبرج: وزراء بريطانيون يضغطون على ستارمر لتسريع الاعتراف بالدولة الفلسطينية    أسامة كمال: ضحينا بثرواتنا و100 ألف شهيد.. ومن تخلوا عن القضية الفلسطينية يدَعون البطولة    داليا عبدالرحيم تنعى أسامة رسلان متحدث «الأوقاف» في وفاة نجل شقيقته    الخارجية الأمريكية توافق على مبيعات عسكرية لمصر ب4.67 مليار دولار (محدث)    طارق فهمي: أكثر من 32 حركة احتجاج في تل أبيب ترفض الواقع الإسرائيلي    ماذا قال مندوب مصر بالأمم المتحدة في جلسة مجلس الأمن بشأن الوضع في الشرق الأوسط؟    «كان سهل منمشهوش».. تعليق مثير من خالد بيبو بشأن تصرف الأهلي مع وسام أبو علي    «العمر مجرد رقم».. نجم الزمالك السابق يوجه رسالة ل عبد الله السعيد    مبارتان وديتان للزمالك عقب نهاية معسكر العاصمة الإدارية    في ختام معسكر الإسكندرية.. مودرن سبورت يتعادل وديًا مع زد بدون أهداف    سام مرسي يودع إيبسويتش تاون برسالة مؤثرة    جريمة قتل في مصرف زراعي.. تفاصيل نهاية سائق دمياط وشهود عيان: الجاني خلص عليه وقالنا رميته في البحر    اللينك المعتمد لنتيجة الثانوية الأزهرية 2025 برقم الجلوس فور تفعيله على البوابة الرسمية    ادى لوفاة طفل وإصابة 4 آخرين.. النيابة تتسلم نتيجة تحليل المخدرات للمتهمة في واقعة «جيت سكي» الساحل الشمالي    "كنت فرحان ب94%".. صدمة طالب بالفيوم بعد اختفاء درجاته في يوم واحد    نقلة نوعية في الأداء الأمني.. حركة تنقلات وترقيات الشرطة وزارة الداخلية 2025    إصابة 6 أفراد في مشاجرتين بالعريش والشيخ زويد    الداخلية تكشف ملابسات ظهور شخص بحالة عدم اتزان بسبب المخدرات بالقليوبية    بدأت بفحوصات بسيطة وتطورت ل«الموضوع محتاج صبر».. ملامح من أزمة أنغام الصحية    إليسا تشعل أجواء جدة ب«أجمل إحساس» و«عايشة حالة حب» (صور)    «ربنا يراضيه».. فيديو لرجل مرور يساعد المارة ويبتسم للسائقين يثير تفاعلا    الثقافة المصرية تضيء مسارح جرش.. ووزير الثقافة يشيد بروح سيناء (صور)    وصلة بين جيلين.. حمدي أبو العلا ومصطفى إبراهيم في ندوة المهرجان القومي للمسرح    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    لتخفيف حرقان البول في الصيف.. 6 مشروبات طبيعية لتحسين صحة المثانة    برعاية رئيس مجلس الوزراء |حوار مع الشباب بالحقائق والأرقام    حقيقة رسوب 71% من طلال أولى طب بقنا و80% بأسنان في جامعة جنوب الوادي    أخبار كفر الشيخ اليوم.. مدرس يهدي طالبتين من أوائل الجمهورية بالثانوية سبيكة ذهبية عيار 24    «500 ألف كيس طحين».. حاجة ملحة لسكان غزة أسبوعيًا في ظل عدم انكسار المجاعة    بوفون ينتصر في معركته مع باريس سان جيرمان    وزير الطيران المدني يشارك في فعاليات مؤتمر "CIAT 2025" بكوريا الجنوبية    أسباب تأخر إعلان الحد الأدنى للمرحلة الأولى لتنسيق الجامعات 2025    دار الإفتاء: السبت غرة شهر صفر لعام 1447 هجريًّا    إعلام عبري: إصابة 8 جنود إسرائيليين بجروح خطيرة في قطاع غزة    انطلاق مؤتمر جماهيري حاشد بقنا لدعم مرشحة الجبهة الوطنية وفاء رشاد في انتخابات الشيوخ    الصيادلة: سحب جميع حقن RH المغشوشة من الأسواق والمتوافر حاليا سليم وآمن بنسبة 100%    تطورات صفقة انتقال حامد حمدان للزمالك .. سر وعد جون إدوارد للاعب الفلسطيني (خاص)    جمال الكشكى: دعوة الوطنية للانتخابات تعكس استقرار الدولة وجدية مؤسساتها    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    هل يحاسب الإنسان على المحتوى المنشور على السوشيال ميديا؟ أمين الفتوى يجيب    "تناغم بين البرتقالي والأبيض".. منة فضالي بإطلالة صيفية جريئة على اليخت    منة عرفة تتألق بعدة إطلالات جريئة في المالديف    "الصحة" تتخذ خطوات للحد من التكدس في المستشفيات    جولة مفاجئة لوكيل صحة المنوفية.. ماذا وجد فى مستشفى حميات أشمون؟    جلسة خاصة لفيريرا مع لاعبي الزمالك قبل المران    شعبة الدواجن تتوقع ارتفاع الأسعار بسبب تخارج صغار المنتجين    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    غدًا.. "شردي" ضيفًا على معرض بورسعيد الثامن للكتاب    أمين الفتوى: لا يجوز التصرف في اللقطة المحرّمة.. وتسليمها للجهات المختصة واجب شرعي    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    وزير الأوقاف: فيديوهات وبوسترات لأئمة المساجد والواعظات لمواجهة الشائعات والأفكار غير السوية بالمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين عضو البرلمان وناخبيه
يوميات الأخبار


د. أحمد إبراهيم الفقيه
ليس في الحب حسابات أرباح وخسائر، وليس فيه انتظار للأخذ مقابل العطاء لأن البذل في الحب هو في ذات الوقت هبة نمنحها لأنفسنا قبل أن نعطيها لمن نحب
لا شك أن الكثيرين في انحاء العالم استقبلوا بالاندهاش والاستغراب هذا التناقض والتنافر في المواقف بين عامة الشعب البريطاني ونوابه في البرلمان إزاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي جري عليه استفتاء بين أفراد الشعب منذ عامين حصل علي تأييد الأغلبية نتج عنه استقالة الحكومة المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي وتكونت حكومة جديدة من العناصر المناوئة للبقاء برئاسة السيدة تيريزا ماي ثم جاء هذا التصويت الأخير في البرلمان الذي اظهر ان لنواب الشعب موقفا مناقضا لموقف افراد الشعب من هذه القضية لأنهم ابدوا اعتراضا علي اجراءات الخروج ورفضا له ،الأمر الذي اعتبر طرحا للثقة في الحكومة وفتح الباب امام دعاوي اعادة الاستفتاء والأزمة مازالت مستمرة، ليس هي ما يعنيني امرها في هذه السانحة وإنما قضية علي هامشها تشكل عصب الحياة البرلمانية الديمقراطية، وهي حقيقة ان النائب في البرلمان موجود لتمثيل قطاع من الشعب فكيف إذن يحدث هذا التناقض حول قضية مصيرية من قضايا الوطن، وهل يتفق هذا التناقض مع نسق الحكم الديمقراطي ويفي بشروطه، أم أن هناك خللا يستحق النظر والتأمل والتعديل؟
أحد المدافعين عن مشروعية هذا التناقض، نائب في نفس البرلمان، حصلت معه هذه المفارقة في قضية سابقة، فقد جاء من منطقة أبدت اعتراضا علي إلغاء عقوبة الإعدام وحصل اثناء التصويت في البرلمان ان نائب المنطقة كان يقود المطالبين بالإلغاء واستطاع هو وجماعته الحصول علي الأغلبية التي اوقفت العقوبة، وجاءت الصحافة تسأله عن رأيه فيما حدث من تباين بينه وبين ناخبيه، فقال إنه أمر طبيعي جدا، فهو قدم نفسه لكرسي النيابة بأفكاره وقناعاته التي كان يتطلع ان يراها اهل المنطقة تصلح لإثراء الحياة السياسية وليس ان يكون نسخة كربون لكل مواطن في المنطقة، ثم إن النائب قد يكون صاحب رؤية للحياة ومفهوم اكثر جرأة وأقل تقليدية من المواطن المنشغل في عمل بعيد عن السياسة وبعضها اعمال عضلية، يصعب لصاحبها ان يرتفع إلي رؤية القضية المطروحة بنفس العمق والقوة التي يراها بها النائب.
لا ادري إن كان كلام النائب البريطاني يحسم الجدل في هذه المسألة ام نحتاج إلي مزيد منه لتحقيق هذا الحسم؟.
حديث عن النص المضمر
هناك نوع من الأدب اعتمد في تميزه علي هذه الظاهرة، وهذا الأسلوب من اساليب المعالجة الأدبية، وهناك أدباء قامت سمعتهم علي براعة الاستخدام لهذه التقنية، وهي إخفاء النص الحقيقي، خلف النص الظاهر، أو كما تسميه المصطلحات الأدبية النص المضمر داخل النص الظاهر، ولعل مدرسة العبث في المسرح بالذات، وربما في أنواع أخري من الأدب، مثل الرواية، كان كتابها اكثر استخداما من غيرهم لمثل هذه التقنية، لأنها تقنية تمنح نفسها للحوار اكثر من اساليب الكتابة الأخري، وهناك كتاب نالوا جائزة نوبل، ربما لبراعتهم في مثل هذه التقنية، أذكر منهم الكاتب المسرحي البريطاني هارولد بنتر، الذي لا سبيل إلي قراءة نصوصه او فهمها، وهي تقدم علي المسرح، إلا عبر النظر في نص المضمر من خلال ما تقرأ أو تسمع علي ألسنة أبطال مسرحياته، وكذلك سلفه في مسرح العبث واللامعقول، والسابق عليه في الفوز بجائزة نوبل، صمويل بيكيت صاحب في انتظار جودو، فلا سبيل أيضا إلي فهم هذه الدرة المسرحية، ولا مسرحياته الأخري، بل ونصوصه السردية إلا اذا مزقت الغلاف الخارجي، واستطعت النفاذ إلي نص مضمر، لا تقوله الكلمات التي يشرح بها الكاتب احداث نصه، ولا تسمعه علي ألسنة أبطال المسرحية أو الرواية، ولعل ما اقوله عن مسرح بنتر ومسرح بيكيت ينسحب علي كل نصوص المسرح الذي سمي بالعبث ومن مبدعيه الكبار يوجين يونسكو، الذي شاهدنا أغلب أعماله علي خشبة مسرح الجيب في الستينيات، في مصر، وهناك مدرسة في الرواية تسمي الرواية الحديثة، لمع كتابها لفترة من الزمن، وانتشرت موضة الكتابة التي اخترعها مبدعوها الفرنسيون، ثم انطفأت،ولم يعد أحد يكتب بالطريقة التي كانوا يكتبون بها، هي مدرسة الرواية الجديدة التي كان من أشهر كتابها آلان روب جرييه، وقد التقيت به وتحاورت معه من خلال المترجم، وكان مدركا ان مدرسته وصلت إلي طريق مسدود، وقال ان الرواية من رواياته أو روايات زملائه لا تصل في مبيعاتها إلي اكثر من ألف نسخة، في عالم تصل فيه الروايات العادية إلي بيع مليون نسخة، ولم يمنع هذا الإخفاق من ان يفوز كاتب من كتاب هذه الرواية، هو كلود سيمون بجائزة نوبل، ربما اعترافا بفضل التجريب لا أكثر ولا أقل، ولم تخفق هذه الرواية لأنها اعتمدت علي هذا النص المضمر، ولكن لأنها اعتمدت علي إلغاء كل عناصر الرواية التقليدية من خط قصصي، وأحداث، وشخصيات، ثم انها مدرسة تنتمي إلي أدب لا يبتغي لنفسه هدفا ولا يؤدي رسالة فنية ولا جمالية، فكان لابد ان ينتهي هذه النهاية المؤسفة.
النص المضمر داخل النص الظاهر، لم يكن في يوم من الأيام حكرا علي أهل العبث، أو أهل التجريب، ولكنه موجود في الأدب الجاد، الذي يعتمد التقاليد العريقة في الكتابة الإبداعية سردا او حوارا، وربما نستطيع ان نقول إن شيئا من هذا المعني المضمر، عنصر ضروري للنجاح ولتحقيق العمق في المعالجة، ولعل هذا النوع من الأدب الذي برز فيه النص المضمر اكثر من غيره من انواع الأدب الذي يراعي الأصول والتقاليد، هو ذلك المسرح الذي ينتمي لأكثر المدارس المسرحية نجاحا في العصر الحديث، وأكثر رموزها شهرة، الذين يحظون بالاحتفاء والرواج علي مستوي العالم اجمع، ويأتي علي رأسهم الكاتب المسرحي الروسي العظيم، أنطون تشيكوف، فهو صاحب مسرح لا يسوغ نفسه بالتغريب او بالعبث او بالابتعاد عن الواقع، وإنما مسرح يتعامل مع الواقع ومعطياته ومفرداته، وينقله بتراتبيته ومنطقه وصدقه الفني، غير ذلك العالم السريالي أو اللامعقول، وحالة هنا مثل حال ابن جيله وعصره، هينريك ابسن، الذي لا يختلف عنه في انتهاج نفس الأسلوب ونفس المدرسة ونفس البراعة في هذه التقنية، وهي تحميل النص المسرحي، نصا مضمرا يعطي ابعادا وعمقا ويكسب ثراء وقوة وزخما لما يقوله النص الظاهر.
انه مسرح، رغم واقعيته، فهو يعتمد اعتمادا اساسيا علي وجود هذه التقنية، وربما يصعب علي المشاهد أو القارئ أن يستمتع بعالم تشيكوف او عالم ابسن، دون قراءة واعية لما خلف المظاهر وخلف السطور وخلف الحوار الذي يقوله الابطال،ومهما بدت العلاقة حميمية بين بعض اشخاص المسرحية وهم يتبادلون مشاعر الود في احاديثهم إلا انك سوف تشعر عندما تتعمق المعاني ان كل واحد منهم لا يتواصل مع الاخرين وانما لديه هاجس في راسه هو الذي يشغله ولم يكن كلامه مع الاخرين الا تعبيرا عن هذا الهاجس الشخصي، وطبعا يمكن للممثل او الممثلة ان تساعد في شرح هذا المعني للمتفرج، وتعمل علي تسهيل المهمة له، وتوصيل المعني الخفي الذي لا تقوله الكلمات عبر لغة اخري هي لغة الجسد.
ولمن يريد شرحا لمثل هذا المعني المضمر وراء الحوار الذي يسمعه، فإنه يستطيع ان يشاهد فيلما من أفلام وودي آلان، كان مثارا لدهشتي وإعجابي عندما شاهدته عند ظهوره في العام 1980، علي ما اذكر، اسمه »آني هول« وتقوم بالبطولة الممثلة التي اعطاها ادوارا رئيسية في بعض افلامه ديانا كيتون، حيث اظهر لنا وودي آلان مشهدا في الفيلم، وجعل الرجل والمرأة يقولون كلاما، لبعضهما، الا انه لم يكن الكلام الحقيقي الذي يفصح عن المشاعر التي تعتمل في صدر كل منهما، وهنا لجأ وودي الان باعتباره مؤلف ومخرج الفيلم وبطله ايضا، إلي حيلة، هي انه استعان بأسطر مكتوبة اسفل الشاشة، تترجم وتشرح المشاعرالحقيقية التي تختفي خلف الكلمات، فقد كانت المرأة تقول كلام المجاملة للرجل، ولكن بلهجة وبتعبيرات لا تفصح عن نفس المعني وكذلك الرجل، وهو المعني الذي أرادنا مخرج الفيلم ان نهتدي إليه، دون لبس او ابهام، فقام بكتابته كما تكتب اسطر الترجمة لفيلم يتحدث بلغة اجنبية لكن بكلمات غير تلك التي نسمعها من البطل والبطلة.
إلا اننا مع الأعمال الأدبية، السردية والدرامية، التي يكتبها كتاب النص المضمر، لن نجد وودي آلان بجوارنا يكتب لنا الشرح علي الشاشة او علي الورق او علي شريط تحت الصورة، وانما علينا ان ندير هذا الشريط في ادمغتنا، او نكتبه باللغة التي يمليها علينا فكرنا، وعقلنا، وتمثلنا لما يريد ان يقوله الكاتب علي السنة ابطال العمل الأدبي.
الأسواني وبصمته الخاصة
رحيل فاجع آخر لعلم من أعلام الرواية وأحد كبار كتاب جيل الستينيات هو الكاتب الكبير الأستاذ عبد الوهاب الأسواني، وقد ربطتني به علاقة ود وصداقة منذ ان عرفته عن طريق صديقه الأعز الراحل الكبير الأستاذ رجاء النقاش، فهما ابناء مرحلة عمرية واحدة، والحقيقة كان الأسواني يتمتع بشخصية جميلة تتجلي فيها كل الخصال والقيم الحميدة، مثال للمروءة والصدق والأمانة وحب الناس والحياة، أفرح دائما بلقائه وأطرب لحديثه وأستمد منه طاقة إيجابية تعينني علي ان اعاود الثقة في الناس والحياة، ولرواياته عبق خاص، كتبت بريشة لها تميزها وفرادتها، ولهذا اختلف في اسلوب التناول حتي عن ابناء الجنوب من كتاب السرد لأنه رغم النكهة المحلية كان الحس الإنساني قويا وعاليا في كل اعماله.
وأذكر انه فاجأني عند اول تعارفي به، المساحة التي يعطيها من فكره ووقته وجهده لتأصيل انتمائه العربي في مناطق الجنوب المصري، حول اسوان وقريبا منها وقريبا من اهل النوبة، وكانت له ملامح ملك من ملوك الفراعنة كما نراهم في الأفلام، فأبديت استغرابي لهذا الاهتمام الذي يتصل بالأصل والعرق قائلا له إننا اهل مهنة او رسالة ذات طبيعة إنسانية فالأدب يمثل رابطة تجمع الإنسانية كلها وقبيلة الأديب هي ادباء العالم، ورأينا شعراء ومبدعين في المسرحية والرواية والكتابة النقدية، يسعون لاختيار شجرة عائلة من سالف الأدباء، فهذا ينتمي لشجرة عائلة أصلها سوفكليس او شكبير وآخر ينتمي لشجرة عائلة المتنبي وثالث ينتمي لشجرة عائة تولستوي او جوركي وهكذا، فما الذي جعله يبحث في التاريخ عن هذا الأصل العربي وسط ارض الفراعنة، فقال لي إنه أراد فرز الخيوط المتشابكة التي صنعت معارك بين الناس وسخرها بعضهم لانكفاء مصر عن محيطها العربي وحارب بها آخرون التوجه الناصري في اوج انطلاقه فكان وبسبب توجهاته العروبية التقدمية يكره تلك التيارات الانعزالية التي لا تري في مصر إلا امتدادا لأحقاب سحيقة وتنسي العوامل التي دخلت علي التاريخ وأسهمت في صياغة شخصية مصر الحديثة.
رحم الله الصديق العزيز والكاتب المتميز وصاحب الشخصية البديعة خلقا وسلوكا وجمالا إنسانيا المرحوم عبد الوهاب الأسواني وعوض فيه الوطن خيرا وألهمنا نحن محبيه وأسرته الأدبية وألهم أسرته الصغيرة الصبر.
• روائي ليبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.