ابتسامة الزوجين الانجليزيين كشفت كذب ادعاءاتهما وانقذت الفندق المصري «محكمة إنجليزية تعاقب زوجين بريطانيين حاولا تشويه سمعة فندقٍ مصري» هكذا طالعتنا صحيفة ديلي ميل البريطانية الشهيرة.. قد يبدو الخبر للقارئ العادي مثيرا بعض الشيء.. لكنه لرجال السياحة يمثل نقطة تحول ونهاية لما يمكن ان نسميه »مافيا التعويضات الإنجليزية» خاصة اذا علمنا تطورات هذا الملف المهم. دعونا بداية نتعرف علي تفاصيل الخبر.. فقد عاقبت المحكمة الزوجين بدفع غرامة 7500 جنيه إسترليني لشركة تيوي اكبر منظم للرحلات في العالم، فقد ادعيا كذبًا تعرضهما لتسمم غذائي بأحد فنادق شرم الشيخ.. وأكدت ديلي ميل أن الزوجين اكدا شرائهما دواء من إحدي الصيدليات أثناء الإجازة لعلاجهما من التسمم بسبب تدني النظافة والأطعمة بالفندق، وطالبا بتعويض . إلا أنه تبين لإدارة الفندق المصري أن الزوجين سجلا في موقع »Tripadvisor» الخاص بتوصيات السفر، إعجابهما ورضاهما الكامل عن رحلتهما إلي شرم الشيخ، و كتبا أنهما عاشا تجربة رائعة. الي هنا انتهي الخبر.. ولمن لا يعلم.. فان السياحة الإنجليزية تمثل هاجسا يخيف الفنادق حول العالم عامة وفي مصر خاصة.. وهو ما يعلمه الجميع بقطاع السياحة والمحتكين به.. والسبب في ذلك ان القانون الإنجليزي يمثل حالة خاصة عالميا في تعويض السائحين ماديا عما يصيبهم خلال رحلتهم خاصة صحيا.. فهو لا يتطلب ادلة أو إثبات لحالة تسمم أو إعياء لصرف التعويض.. ويكفي تقديم روشتة بشراء أدوية مغص من صيدلية مغمورة ليثبت القضاء حالة التسمم ويصدر حكما بالغرامة الكبيرة علي الشركة الأجنبية والفندق المحلي لصالح السائحين المدعين.. بل ان هذا الحق مكفول للسائح حتي بعد مرور شهور وسنوات علي رحلته وفي بعض الحالات تم إقامة دعوي التعويض بعد مرور 3 سنوات علي الرحلة وإذا نجح أي فندق - وهذا نادرا - في إثبات كذب الادعاء لا يتم اتخاذ أي اجراء تجاه المدعين. وأمام هذا الوضع القانوني الغريب.. تخصص بعض المحامين الإنجليز لتشكيل مافيا تعويضات علي غرار المحامين مافيا تعويضات ضحايا الحوادث منذ فترة بمصر .. وبدأ هؤلاء المحامون إما بالاتفاق مع السائحين قبل سفرهم بالترتيب لتعويضات ما بعد الرحلة.. أو حتي انتظارهم بالمطارات بعد العودة لإقامة دعاوي التعويض.. السائح لا يتكلف شيئا ولن يخسر شيئا.. وبعد الحكم شبه المضمون يتقاسمان مبلغ التعويض.. وقد تكبدت الفنادق والمنتجعات المصرية ملايين الدولارات بتلك المكائد.. ناهيك عن تشويه السمعة. لكن ماذا حدث ولماذا حكم الغرامة الذي يعد الأول من نوعه ضد سائحين إنجليز.. حاولنا معرفة الإجابة.. والتي كشفها لنا حسام الشاعر رئيس غرفة السياحة وهو أيضا وكيلا لاحد اكبر منظمي الرحلات الإنجليز »توماس كوك».. يقول الشاعر ان ماحدث سببه الرئيسي إسبانيا.. فبعد انحسار السياحة بمصر وتونس وبعض الأسواق المنافسة.. ازداد التدفق علي اسبانيا.. وارتفعت إشغالات فنادقها لعدة سنوات.. وأصبح لديها القدرة في رفض الزائن أو وضع اشتراطات.. وبدأت عدة فنادق في إسبانيا ترفض السائحين الإنجليز أو تضاعف الأسعار لهم تحسبا لقضايا التعويضات.. هنا توجه بعض كبار الشركات الإنجليزية وعلي توماس كوك وطومسون إلي البرلمان الإنجليزي وأكدوا ان قلة من السائحين الإنجليز تضر بالغالبية العظمي وتسيء لسمعة بلدهم.. وبعد مباحثات مستفيضة في اجراء تعديل بسيط في قانون التعويضات.. فبدلا من السائح لا يخسر شيئا في حالة كذب الادعاء.. تضمن التعديل تكبيده غرامة مالية إذا ثبت كذبه.. وبالفعل جاء الحكم السابق كاول حكم بعد التعديل الجديد.. ويضيف حسام الشاعر انه بعد التعديل القانوني تراجعت وبشكل ملحوظ دعاوي التعويضات الإنجليزية ضد المنتجعات المصرية.. ومن المتوقع بعد الحكم ان يزداد هذا التراجع. هاهي قصة بدء نهاية مافيا التعويضات الإنجليزية التي كانت تخيف الفنادق.. وإذا فكرنا كيف نستغل هذا الحكم.. تتبادر الي الذهن فورا ضرورة نشر خبر ديلي ميل من قبل وزارة السياحة وهيئة الاستعلامات علي نطاق واسع.. بالطبع خارج مصر وليس داخلها.. فهذا سعادة براءة للمنتجع المصري من كذب الادعاء الإنجليزي وتشويه السمعة.. الا أن حسام الشاعر له رأي اخر في كيفية استغلال ليس الحكم إنما التعديل القانوني الإنجليزي.. فهو يري ان خطر التعويض الكبير لازال قائما.. خاصة إذا لم يثبت المنتجع صحة موقفه.. وهنا فان الشاعر يلقي بالكرة في ملعب غرفة الغنادق.. حيث يري ضرورة القيام بتحركين عاجلين.. أولهما استقدام خبراء قانون إنجليز علي مستوي عال وتدريب الفنادق المصرية علي كيفية إثبات حقها.. والحصول علي تعويضات في حالة كذب ادعاء السائحين.. وثانياً دراسة متطلبات القانون الإنجليزي الصارمة في الفنادق التي يقيم بها السائحون الإنجليز.. من حيث عمق حمامات السباحة والمساحات الخضراء والاشترطات الصحية والحفاظ علي سلامة السائح.. ويضيف حسام الشاعر انه بما ان هذه الاشتراطات الاصعب عالميا.. فلو طبقناها وراعيناها فستلقي ترحيب من كافة الأسواق السياحية وستقضي علي شكاوي السائحين من كافة الدول وتعد عامل جذب سياحي إضافي. هكذا ننتظر انحسار شبح مافيا التعويضات الإنجليزية.. وهكذا يمكننا الاستفادة من الحكم الإنجليزي والتعديل القانوني.