عبد الفاح مراد المستشار د. عبد الفتاح مراد يقدم في أحدث كتبه: أدلة إتهام 30 رئيس دولة هذا الكتاب جديد من نوعه في المكتبة العربية، إذ قام قاض بنفسه بجمع أدلة إتهام ل30 رئيس دولة أرتكبوا جرائم فساد، بعضهم حكم عليه والبعض الآخر لازال طليقا. بثقافته الواسعة وعلمه القانوني الواسع أستطاع المستشار عبد الفتاح مراد رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، ان يقدم بحثا تاريخيا وقانونيا، فيما أطلق عليه جرائم أصحاب السلطة المطلقة، الذي يقدم من خلاله سردا لظاهرة إجرام الرؤساء والقادة، مشيرا إلي وجود تشابه كبير بين جرائم هؤلاء الرؤساء، وأسباب إرتكاب الجرائم والدوافع التي أدت إليها وكيفية وقوعها، والعوامل التي دفعت الشعوب للقيام بثورات ضدهم، راصدا الكوارث السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تسببوا فيها، والنهاية المفجعة لكل منهم، وهي: اغتيالهم أو قتلهم أو التمثيل بجثثهم أو محاكمتهم والحكم عليهم بالإعدام أو السجن مدي الحياة أو السجن لمدد متفاوتة أو غيرها من العقوبات الجنائية. تحتل أفريقيا الرقم الأكبر لرؤسائها، الذين تمت محاكمتهم، ووصل عددهم إلي 12 رئيسا سابقا وهم: محمد حسني مبارك مصر، زين العابدين بن علي تونس، معمر القذافي ليبيا، موبوتو سيسيكو الكنغو، موسي تراوري مالي، حسين حبري تشاد، عيدي أمين دادا أوغندا، محمد خونا ولد هيدالة موريتانيا، تشارلز تايلور ليبيريا، منجستو هيلا ميريام أثيوبيا، روبرت موجابي زيمبابوي" والرئيس الحالي للسودان عمر البشير، وتأتي في المرتبة الثانية قارة آسيا، وجهت الاتهامات لعشر رؤساء دول، ثم أوروبا ستة رؤساء سابقين، وأربعة من أمريكا الشمالية، وثلاثة من أمريكا الجنوبية. نصيب الأسد لأفريقيا يحتل الرؤساء الأفارقة السابقون نصيب الأسد في قائمة الاتهامات، ووصل سجل إتهامات تشارلز تايلور رئيس ليبيريا السابق، إلي 11 إتهاما، حيث لم يترك جريمة صغيرة او كبيرة إلا ارتكبها، لذا هو أول رئيس أفريقي يحاكم أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، أما التهم فهي: ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، جرائم القتل في الحرب الأهلية في ليبيريا والتي دارت رحاها فيما يقرب من عشر سنوات وكذلك في حربه في دولة سيراليون المجاورة، ارتكاب جرائم التشويه وبتر الأعضاء وغيرها من أشكال العنف الجنسي وتجنيد الأطفال، ارتكاب جرائم الاستعباد الجنسي أو الاسترقاق الجنسي، إرتكاب جرائم تجنيد الأطفال في الصراعات الداخلية الدائرة في ليبيريا لمدة ما يزيد علي عشر سنوات وفي غزوه لسيراليون وكان يضع هؤلاء الأطفال تحت تأثير المخدرات حتي أنهم ظهر عليهم الوحشية في التعامل مع المدنيين، ارتكاب جرائم الاختطاف الموجهة للمدنيين سواء للأطفال أو الرجال أو النساء من اجل السخرة أو التجنيد، إرتكاب جريمة السخرة حيث كان تشارلز وقواته وفصائله المسلحة نقوم بتسخير المدنيين في أعمال لصالحهم مثل العمل في مناجم الحديد والألماس واستخراجه عن طريق السخرة، إرتكاب جرائم الحرب في سيراليون، دعمه للجبهة الثورية الموحدة الذين قاموا بقتل مدنيين خلال حرب سيراليون (1991-2001) التي نتج عنها 120 ألف قتيل وخلفت آلاف المشوهين وذلك بهدف السيطرة علي تجارة الألماس وموارد طبيعية أخري نادرة في هذا البلد المجاور، تشجيع حركات التمرد والعصيان في دولة مجاورة وشن حملة ترويع ضد المدنيين سعيا للسيطرة علي مناجم الماس في سيراليون، وزعزعة استقرار الحكومة هناك لتعزيز نفوذه الإقليمي، وقد أصدرت المحكمة حكما بسجنه خمسين عاما. 48 سببا للثورة علي مبارك سرد مؤلف الكتاب المقدمات التي أدت إلي قيام ثورة 25 يناير ومحاكمة مبارك، وحددها في 48 سببا منها: الأوضاع المعيشية المهينة التي عاشها معظم أبناء الشعب المصري، تراجع دور مصر عالميا من حيث التنمية البشرية، ارتفاع قيمة الدين العام المحلي، انخفاض معدلات النمو في القطاع السياحي، سوء التخطيط العمراني في مصر وظهور العشوائيات بسبب الفساد المالي والإداري وإنشغال المسئولين بأمور أخري غير وظائفهم، إهمال البحث العلمي، الاستيلاء علي أملاك الدولة وبيعها التصرف فيها، تفصيل القوانين والانحراف التشريعي في عهد مبارك، أما المحاكمات فقد وجهت له تهم أخري هي: الاشتراك مع المتهم حبيب العادلي في قتل المتظاهرين، استغلال الفوذ والتربح والإضرار العمدي بأموال الدولة والحصول علي منافع وأرباح مالية، تصدير الغاز الإسرائيلي بسعر أقل من سعر التكلفة وأقل من الأسعار العالمية، وقد حكم عليه بالإدانة في التهمة الأولي فقط وقضي بسجنه 25 عاما. عدم احترام حقوق الإنسان يجمع بين كل الرؤساء الذين تمت محاكمتهم، اتهامات إدانة شيه واحدة وهي عدم احترام حقوق الإنسان والتعامل بعنف مع المعارضين، الفساد المالي والإداري، جرائم التربح وسوء استغلال السلطة واستغلال النفوذ، جرائم التعذيب والاعتقالات، لكن هذا لا يمنع من وجود جرائم أخري تضاف لهذا الرئيس أو ذاك، مثل جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم التعذيب والخطف والنهب والسرقة، التي حوكم بسببها حسين حبري الرئيس التشادي السابق، حيث كثرت في عهده جرائم الإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم التعذيب والخطف والنهب والسرقة حتي وصل ضحايا حبري في ثماني سنوات هي فترة حكمه إلي حوالي 40 ألف قتيل سياسي من معارضيه وما يقرب من مائتي ألف حالة تعذيب وتنكيل وخطف، وكذلك وجهت تهمة عرض عمليات الإعدام علي شاشات التليفزيون لعيدي دادا الرئيس السابق للأوغندا، حيث كان يمارس سياسة التخويف والترهيب، وذلك بعرض عمليات الإعدام شاشات التليفزيون، وكذلك التمثيل بالجثث، وذلك لترهيب وتخويف الشعب الأوغندي وهي انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، ومن الأسباب التي أنهت فترة الرئيس الموريتاني السابق محمد خونا ولد هيداله، زيادة حالات الانقلابات العسكرية، التي بلغ عددها خمسة عشر انقلابا منذ الاستقلال حتي عام 2008، إذ أن هذه الانقلابات كان لها دوافع داخلية خاصة وعوامل خارجية متعلقة بمساعدات دول خارجية لحركات تحررية داخل القوات المسلحة الموريتانية مدعومة بقوي سياسية مدنية للانقلاب علي نظام الحكم، الذي لا تراه هذه القوي الخارجية متماشيا مع توجهاتها ومصالحه، وهذا ما فعلته فرنسا مع معاوية ولد طايع ضد محمد خونا هيدالة. ويسرد الكتاب أن الرئيس الأفريقي الوحيد الذي نجا من السجن، ومازال رغم توجيه تهم له يحكم هو الرئيس السوداني عمر البشير، وقد وجهت له المحكمة الجنائية الدولية تهم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت في دارفور، وبناء علي هذه التهم صدرت مذكرتان لاعتقاله الأولي في 4 مارس 2009، والثانية في 12 يوليو 2010، وقد ردت الحكومة السودانية علي التهم وقرارات الاعتقال، بأنه قرار سياسي من الطراز الأول، وينم عن نوايا الاستعمار الجديد في النيل من الدول النامية، والنيل من وحدتها واستقلالها وتفتيتها وتقسيمها لدويلات صغيرة. هذه جولة في أهم الاتهامات التي رصدها د. المستشار عبد الفتاح مراد في كتابه شرح جرائم الرؤساء ومحاكماتهم، وهي تؤكد أن هؤلاء الحكام لم يكونوا يعملون لمصلحتهم شعوبهم، لذا فالاتهامات الأساسية تكاد تكون واحدة، خاصة فيما يتعلق بالفساد المالي، واستغلال النفوذ، والوقوف ضد المعارضين.