في ليلة مباركة من شهر طوبة المجيد استقبل قفاي كفَّ مخبرٍ لا أثر للإنسانية في ملامحه الصخرية ، تفرست في سحنته الحجرية فاكتشفت أنه لم يبتسم منذ رست سفينة نوح علي الأقل ، واقتادني سحلا إلي مقام سيدنا صاحب الجناب العالي مولانا محمد علي باشا الكبير ، الذي أمرني بالتوجه فورا لاكتشاف منابع النيل مع نفر من أهلي بالصعيد من فلول قبيلة الحرابوة لا يكادون يفقهون قولا ، لكنهم فرسان في شؤون الري والزراعة . وبعد مسيرة ستة أشهر علي ظهور الهِجْن ، وصلنا إلي بحيرة ( تانا) وبحيرة ( فيكتوريا) وانهمك الأنفار في تتبع أصول النهر ، وتخلفت عنهم لأقتنص بعض كتب مكتبة قديمة عثرت عليها وسط أكواخ الغابة هناك . وكانت مخطوطات الكتب التي عثرت عليها جميعا معروفة لي إلا كتابين اثنين سأتحدث عنهما في هذه المساحة المتاحة تباعا : الكتاب الأول . مخطوط ضخم بعنوان [ أصول الفبركة في تفسير لسان بني همبكة ] تأليف العلامة الفهامة شيخ زمانه الإمام الحجة أبي عز بن زيد بن أبي هنتفة الجهجهوني ( ت 2011 شمسية) ولن أضيع وقت القراء في وصف المخطوط من حيث عنوان المخطوط واسم المؤلف وتاريخ وفاته، بداية المخطوط وعدد صفحاته ومسطرته ومقاسه ونوع الخط وتاريخ التأليف والنسخ واسم الناسخ، والكتاب الثاني : مخطوط أقل حجما عنوانه [ تذكير الناسي بالبرنامج الرئاسي ، وبهامشه شرح العلامة صفوت الفاسي للبرنامج الرئاسي ] وهذا المخطوط نظرا لرائحته الزاعقة سنرجئ الحديث عنه إلي حلقات قادمة . لكني سأنقل نماذج من المخطوط الأول [ أصول الفبركة في تفسير لسان بني همبكة ] للتعريف به : نخع: النُّخاع: عِرْقٌ يمتد من أسفل العنق فيتخلل فقرات الظَّهْر حتي يبلغ عَجَبَ الذَّنَب، ونَخَع الشاةَ: ذَبَحها. والمنخع: موضع قطع النخاع، والمنخاع: هو الرجل الذي تكثر علي لسانه كلمة (الإنجازات). والنخَّاع: مثله، والنخُّاعة علي وزن النخامة- : مقالة رئيس تحرير الصحيفة القومية، جمعها : نُخاعات. قال الشيخ شهلوب: إن لجهنم باباً عريضاً يُسمّي : الناخوعاء، لا يدخل منه إلا الوزراء الذين (ينخعون) التصريحات الوردية، ومقدمو البرامج النخَّاعون. ورؤساء صحف الحكومات الأفاقون . قال سيبويه: ويقال للرجل إذا انضم إلي اللجنة إياها: انتخع الرجل، أي طلب التّدرُّب علي النخع. وقد اخترع الدكتور محمد غنيم دواءً ناجحاً للنخع علي أيام سيف الدولة الحمداني، وجرَّبه علي الشاعر المتنبي فإذا به يقول بعد تناوله: أنا الذي نظر الأعمي إلي أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم! فقامت الهيئة الحمدانية للرقابة علي الدواء بسحبه من السوق!!. نَخَخَ: النُّخَّة- بضم النون وفتحها- اسم جامع لكل أنواع الحمير، وقيل: بل هو للبقر الحوامل وحدها. واختار ابن الأعرابي القول الأول، والإناخة: هي إبراك البعير- يقال نخّ البعير إذا بَرَك. ونخّ الوزير: إذا لحس تهديداته، واعتذر عن عنترياته. ونخنخ رئيس التحرير القومي: إذا عدّد الإنجازات الوهمية، ومثلها: مخمخ. قال الكسائي : كان العرب يقولون: كل من تنخنخ تمخمخ، يعنون به كتّاب السلطة حين يكيلون المديح نهاراً، ويكيلون مكافآتهم ليلاً. قال ابن أبي الصلت: عرفت الحزب مهجوراً سنينا فإما تسألي عني الغوازي بإنجازاتهم أشدو ، وأشدو أنخنخهم إذا هم مخمخوني إلي أن جئتُ أمنحه الجفونا وعن قلمي، أخبِّرْكِ اليقينا وأجعل كِدْبَهم عِنَباً وتينا وإلا، شُفْتُ قوماً آخرينا نَخَرَ: النخير: صوت يخرج من الأنف في اليقظة، فإذا خرج أثناء النوم سُمِّي شخيراً. والمنخر: ثقب الأنف، ويقال له في لسان العامة: المنخار علي وزن مفعال مثل المنشار والمسمار. والشموخ بالمنخار معروف في لغة العرب كما في المثل القديم : "ركب عمرو الناقة وشمخ" : أي تفاخر ورفع منخاره. وقصته أن بغلة ضاعت من قبيلة التامريين أبناء تامر بن حسني الخثعمي، فطلبوها، حتي عثروا عليها بأرض الزغاية فدقوا طبول الحرب، فلما تواجه الفارسان: تامر ابن حسني متسلحاً بهاتفه المحمول، وعمرو بن دياب بن غانم الزغبي متسلحاً بسيف ورمح ، طلب عمرو بن دياب من تامر المبارزة بالسيف أو بالرمح كيفما شاء ، فنكص تامر علي عقبيه ، وقال إنه إنما جاء للتبارز بنغمات المحمول !! ، وفرّ هارباً، فتراقص عمرو بناقته في الميدان، فقال الشبرقان بن مرداس " ركب عمرو الناقة وشمخ" يشير إلي انتصاره، ولكن الصحف القومية الخثعمية حرّفت المثل وجعلته " ركب الناقة وشرخ: أي ولَّي هارباً، وفي هذا يقول زهير بن أبي سلمي: فأقسمت بالبيت الذي في وشُنْطُنٍ يميناً لنعم الفارسان وُجِدْتُما أتشمخُ بالمنخارِ يا عمرو هادئاً؟ وقَطْرِ الصعيدِ الهالكِ المتفحِّم بفكرٍ جديدٍ في الحروب مُسَمَسم فأين مناخير ابن فوزي المطمطم؟ وابن فوزي هذا صحافي كان مذيعاً يُضرب بغتاتته المثل في قناة بني عبس يظهر منخاره بعرض الشاشة، ثم يظهر جسده في الحلقة القادمة!! وهو يكبس علي أنفاس ضحاياه حتي ينتقض وضوؤهم من القهر !!