■ الصدمة علي وجه ليفنى بعد إعلان افى جباى حل الائتلاف فجأة بينهما يغري الشعور باقتراب نهاية الحقبة الطويلة التي هيمن فيها نتانياهو علي السياسة الإسرائيلية عدداً من السياسيين الإسرائيليين بتدشين معركة خلافة بنيامين نتانياهو. الذي ظل علي مدي عشر سنوات هو الزعيم الأوحد بلا منازع حقيقي واستطاع طيلة مدة حكمه ان يتجاوز كل الانتقادات ويطفو علي سطح الأزمات التي واجهته وكادت اكثر من مرة ان تطيح به من علي مقعد رئاسة الحكومة. ولأن حضور نتانياهو ظل طاغيًا داخل حزبه الليكود فقد أزيح أي منافس محتمل أو متحد لزعامته من الطريق، وبهذا يدور القتال علي منصب رئيس الوزراء خارج الليكود. بمناسبة الانتخابات القادمة في 9 ابريل ثمة خريطة حزبية جديدة آخذة في التبلور، وبخلاف الأحزاب التقليدية التي خاضت الانتخابات السابقة وتعتزم خوض غمار الانتخابات المقبلة، ثمة تفاعلات تجري الآن ستفضي إلي انقسامات بين التحالفات القديمة وتشكيل تحالفات جديدة علاوة علي تكوين احزاب جديدة، تقودها وجوه قديمة من الجنرالات السابقين قرروا الدخول إلي معترك السياسة علي أمل ان تجذب تلك الكيانات المستحدثة اليها معارضي نتانياهو اليائسين من قدرته علي قيادة سفينة الحكومة القادمة. وتجدر الإشارة إلي أن معظم الأحزاب الجديدة التي تتشكل علي يمين او يسار نتانياهو يقودها أفراد تراودهم أحلام خلافة نتانياهو ويرون انفسهم رئيس الوزراء القادم. من المفاجآت التي استهل بها ساسة إسرائيل المسيرة الانتخابية كان انسحاب كل من الوزيرين نفتالي بينت وزميلته آييليت شاكيد من حزبهما القومي الديني »البيت اليهودي« وإعلانهما معاً عن تشكيل حزب يميني جديد يتطلعان به إلي توحيد الجماعات الدينية وغير الدينية تحت سقف جناح يميني واحد. انسحاب الاثنين من «البيت اليهودي» ترك الحزب تائهاً في رحلة البحث عن زعيم جديد يقوده، لكن تبقي صفقة معلقة بين الاثنين تدور حول أيهما الذي يحتل صدارة القائمة ليكون المرشح لتشكيل الحكومة الجديدة. علي الرصيف اليميني أيضاً كانت المفاجأة الأخري بقيام اثنين من الچنرالات ورؤساء الأركان السابقين بتشكيل حزبين جديدين هما بِني جانتس الذي أسس حزبه تحت اسم «صلابة إسرائيل» وموشيه يعالون وزير الدفاع السابق الذي أسس حزبه تحت اسم «تيليم» تيمناً بالاسم نفسه الذي اتخذه من قبل موشيه ديان وزير الدفاع السابق لحزبه. هذان الحزبان يفتحان ثغرة أمل أمام الليكوديين المعارضين لنتناياهو في الانضمام اليهما لاسيما بعد اتفاق الرجلين علي خوض الانتخابات تحت قائمة موحدة، وتبقي صفقة أخري معلقة بين الرجلين حول أيهما يتصدر زعامة القائمة. في اليسار المتهالك حدث انقسام آخر مفاجئ حين أوقع آڤي جباي رئيس حزب العمل طلاقاً بائناً من تسيپي ليڤني زعيمة حزب «هتنوعاه» شريكته في المعسكر الصهيوني وأعلن منفرداً في مؤتمر صحفي بحضور شريكته حل المعسكر الصهيوني وانسحاب حزب العمل منه ووضع شركته في موقف لا تحسد عليه. مع كل هذا العدد من الفصائل الصغيرة يبدو غالبًا أن اتحاد بعض هذه الفصائل ان لم يكن جميعها في كيانات أكبر أمر لا مفر منه مع بدء العد التنازلي للانتخابات. بيد أن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: هل اعادة انتخاب نتانياهو امر حتمي؟ وهل هناك تحدٍ حقيقي لزعامته؟ وفق تفاصيل الصورة الراهنة فإن أرجح الاحتمالات هو ان يحقق الليكود اكبر عدد من المقاعد، أضف إلي ذلك فإن اجمالي المقاعد التي ستجنيها كتلة الأحزاب اليمينية والدينية ستتجاوز ما يحققه يسار - الوسط. هذه المعادلة تضع نتانياهو في رأي المراقبين علي حافة فترة أخري علي رأس السلطة، باستثناء زلزال سياسي غير متوقع من قبيل وقوع صراع عسكري أو موجة من العمليات الفلسطينية التي عالجها نتانياهو بشكل غير فعال كما رأي عدد من معارضيه، أو ان يضع ترامب خطته للسلام علي الطاولة وهو ما لن يحدث غالباً بعد لقاء ترامپ ونتانياهو وتصريحات المقربين من الأخير بأنه حصل علي كل ما يريده من ترامپ. ومع أن فرص وقوع هذه الاحتمالات ضعيفة إلا أن حدوث أحدها يمكن أن يعيد ترتيب الأوراق. أما أخطر ورقة يمكن ان تهدد نتانياهو فهي التي استدعت الانتخابات المبكرة في المقام الأول لو أعلن مندلبليت المدعي العام توجيه الاتهام إلي نتانياهو قبل الانتخابات، ساعتها يتعين عليه تقديم مسوغات قراره من مستندات وتفريغ لتحقيقات دعمتها الشرطة. حتي هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً في ظل ضغوط سياسية تمارس علي المدعي العام لتلافي اتهامه بالتدخل في العملية الديموقراطية وفق القانون الإسرائيلي.