عم إبراهيم: صاعقة الإسكندرية فاجأتنا في الثالثة صباحا حسين محمد: 56 سنة وأنا في هذا الشارع.. إنهم جهلة! علي محمود: جريمة ثقافية تشبه جريمة »التتار« قيمة الكتب، وفي عهد النظام السابق لم يكن للشرطة والمرافق هم سوي التخلص منا، وحاولنا إرسال شكاوي أكثر من مرة لسوزان مبارك باعتبارها كانت تتبني مشروع القراءة للجميع ولكنها خذلتنا ولم تهتم بأمرنا حتي جاء عهد المحافظ عبد السلام المحجوب الذي خصص لنا "أكشاكً" قام بإنشائها من أموال المحافظة وتسليمها لنا.. ومنذ ذلك الحين لم يقترب منا أحد حتي فوجئنا بصاعقة المحافظ الجديد محمد عطا عباس الذي جاءت أول قراراته إزالة أكشاك الكتب ..ووصف حسين محمد حسين، من الباعة القدامي بالشارع، ما حدث من إزالة أكشاك بيع الكتب بأنه "جهل من ناس يهدمون العلم"، مشيرًا إلي أن العهد الفاسد لم يجرؤ يومًا علي دهس كتاب..وقال حسين إنه في الشارع منذ 56 عامًا وساعد المئات من الشباب في أن يصبحوا علماء وأطباء وأساتذة، وإنه يعشق مهنته..وأشار حسين إلي شعوره بالفخر لأن بلال فضل كان من أهم زبائنه وأثمرت فيه العشرة ودافع عن الكتب وتراث مصر الثقافي.. زوار الفجر ! ويقول علي محمود (42 سنة) صاحب مكتبة "رغبة المعارف": مكتباتنا موجودة من 60 عامًا ولم نتسلم اي إنذارات قبل الإزالة وما حدث تكرار لما يشبه جرائم هولاكو ..وأضاف أن عدة أحزاب ونقابات وائتلاف المثقفين أعلنوا تضامنهم معهم بعد ان حطمت شرطة المرافق والحي الأكشاك والمكتبات، في تمام الساعة الثالثة فجرًا وكانت كلها مغلقة، ولا أحد منهم تسلم أي إنذار من أي جهة مسئولة، وتم التعامل معها بطريقة محزنة من تحطيم وإزالة وعبثية ودهس للكتب، وقد تم تحطيم 16 كشكا من 48 ولولا تدخل أهالي المنطقة لكان الأمن دمرها كلها، واصفًا ما رآه من آثار الإزالة ب"العشوائية والجهل"، وقال: هذا المشهد يذكره بما فعله هولاكو في العراق من مسح حضارتها وتاريخها الثقافي وإلقاء الكتب في النهر.. قال محمد عبد الرحيم حجازي (43 سنة) وأحد المتضررين، إنهم قاموا بتقديم بلاغ في قسم العطارين ضد كل من: المحافظة ومدير إشغالات الطريق والحي، و مؤكدًا أن ما قاله مسئولو الأمن إنهم تركوا الأكشاك التي تحمل تراخيص غير صحيح بالمرة لأنه لم يكن هناك أحد من أصحاب الأكشاك ليقدم لهم أي أوراق أو تراخيص، فأهالي المنطقة هم من اعترضوا علي هذا الهجوم العشوائي وغير المفهوم إطلاقا.. وتساءل حجازي: كيف نكون في عصر "مشروع النهضة" الذي أعلن عنه الرئيس مرسي ويتعاملون مع الكتاب بهذا الجهل؟ فلم يحدث ذلك أبدًا في العصر الذي أطلقنا عليه عصر الظلم والاستبداد، وتابع :" لم يجرؤ أحد من رجال مبارك علي فعل ذلك".. إدانة واسعة وقد أدان نشطاء ومثقفون ما قامت به الأجهزة الأمنية والمحلية بمحافظة الإسكندرية بإزالة أكشاك الكتب بشارع النبي دانيال بالإسكندرية وشاركوا في وقفة احتجاجية بشارع النبي دانيال.. وقامت حركة الطلاب التقدميين بالإسكندرية بنشر صور علي مواقع التواصل الاجتماعي للأكشاك المحطمة وأكوام من الكتب ملقاة في الطريق، مؤكدين أن قوات الأمن قامت بتحطيم الأكشاك تنفيذًا لقرار المحافظ الجديد..وأعربت الحركة عن إدانتها ورفضها لهذه الحملة، واصفة إياها بالبربرية والهمجية، ومؤكدة أن الأكشاك حصلت علي التراخيص اللازمة منذ سنوات، داعية الأجهزة الأمنية للتصدي للباعة الجائلين بدلا من محاربة الفكر والثقافة..ومن جانبها قالت الناشطة سمر جبر إن حكومة الإخوان المسلمين تبدأ أولي خطوات القمع الثقافي بتدمير أكبر الصروح الثقافية في مدينة الإسكندرية، سوق النبي دانيال لتبادل الكتب، بدعوي إشغال الطريق، ومن الواجب علينا الوقوف ضد هجمات الرجعية، والتصدي لمحاولات التيارات الظلامية لطمس الثقافة..بينما وصف حزب مصر الحرية بالإسكندرية قيام شرطة المرافق بإزالة سوق الكتب القديمة بشارع "النبي دانيال" الذي يعد أحد معالم المدينة وأحد المظاهر الثقافية المهمة بها - بأنه "جريمة ثقافية" ..واعتبر الحزب - في بيان له أن إزالة هذا السوق تعد صارخ لا يمت لتطبيق القانون بصلة ،مؤكدا أنه يعد نافذة ثقافية مهمته لا يمكن قبول إغلاقها ، وإن جميع الأكشاك التي صادر لها تراخيص من الوحدة المحلية المختصة ، وأنه كان يجب علي شرطة المرافق أن تحترم القانون والتراخيص التي صدرت لباعة السوق ، إن لم تكن ترغب في احترام تراث المدينة ..وشدد الحزب في بيانه علي دعمه الكامل لأصحاب الأكشاك في استعادة أماكنهم ونشاطهم حتي يستمر السوق في دوره التنويري الذي قام به علي مدي عشرات السنوات ، داعيا محافظ الإسكندرية أن يقوم بدوره وأن يحافظ علي تراث المدينة ، ويعيد السوق فوراً ترسيخاً لدولة القانون ومحافظةً علي تراث مدينة الإسكندرية العريقة...حملة إزالة أكشاك الكتب أثارت استياء السكندريين، واعتبروها إزالة للتاريخ والتراث، في الوقت الذي ترك فيه المسئولون الباعة الجائلين يرتعون في جميع شوارع وشواطئ المحافظة مثل شارع خالد بن الوليد، وشوارع ميامي والمندرة والعصافرة..يقول الدكتور أحمد غانم، أستاذ التاريخ اليوناني والروماني في كلية الآداب جامعة الإسكندرية: «شيء مشرف أن يكون هذا الشارع التاريخي مكاناً لبيع الكتب بأسعار مناسبة للطلاب وهواة القراءة، وكان من الأولي أن تستمر حملات الإزالة في استهداف الباعة الجائلين في الميادين العامة بدلاً من إزالة أكشاك يعتمد عليها الطلاب والمثقفون في شراء الكتب»..فيما تضامن عدد من الشباب السكندري مع بائعي الكتب، ورفضوا اعتذار المسئولين لما فعلوه بالتراث، مطالبين بإعادة الأكشاك لحراس التاريخ والتراث وتعويضهم عن خسائرهم.. تضامن إليكتروني نشطاء كثيرون استفزهم هدم أكشاك السور العتيق، بحجة أنها غير مرخصة، وقارنوا بين وضع الأكشاك ووضع جماعة الإخوان المسلمين، ومقرها في المقطم، فهم أيضا غير مرخصين، ووجه الدكتور حازم عبد العظيم، كلامه للرئيس محمد مرسي عبر تغريدات علي موقع «تويتر» منها: «استفزك الاسم فأصدرت الأوامر؟ لو كان اسمه الشهيد البنا أتحداك لو أمرت بإزالته»، وتغريدة أخري تقول: «إذا كان سبب الإزالة عدم ترخيص الأكشاك، فعلي الحكومة إزالة كشك الإخوان غير المرخص والموجود في المقطم»، كما نشر نشطاء آخرون تدوينات عديدة، كان منها: «أكشاك النبي دانيال لبيع الكتب مرخصة وهدوها.. وجماعة الإخوان غير مرخصة في المقطم وعلوها». وفيما برر خالد غرابة مدير أمن الإسكندرية هدم 4 منها فقط بأنها دون ترخيص، قال خالد عزب، أستاذ التاريخ وصاحب مشروع «ذاكرة مصر المعاصرة» بمكتبة الإسكندرية، إن شارع «النبي دانيال» هو قلب «إسكندرية المفكر»،.و«حصن للثقافة» ولا يعتني معظم ملاكه بأوراق الترخيص، فهم يعملون وفق ما يشبه «العُرف». ويتساءل «عزب» إذا كان مدير الأمن يفضل أن يبدأ مهامه بإزالة أكشاك الكتب «القديمة»، فلماذا لم يزل أسواق السيارات «المستعملة» الموجودة بشارع 45 في منطقة ميامي، مؤكدا أن مكتبة الإسكندرية كانت تنوي تكرار إقامة معرضها السنوي للكتب المستعملة لأصحاب هذه الأكشاك، فإذا بالحي يهدمها، ويضيف: «بما أنهم ملهوفون علي إزالة كل ما هو غير مرخص، لماذا تركوا مقر جماعة الإخوان في المقطم؟»، ويضيف: ليس منطقيا أن تكون هناك انتقائية عند فرض سيادة الدولة، ولا يجوز أن يكون هناك من هو فوق القانون والدولة. وهكذا تضامن مثقفو مصر وعشاق تراثها مع باعة الكتب وتم إشهار جمعية تراث النبي دانيال..وتراجع القائمون علي الهجمة باعتذارات وتعويضات وتحرك الدكتور صابر عرب وزير الثقافة لزيارة الشارع وتقنين أوضاع أكشاك الكتب وإعداد مشروع جمالي للمنطقة يحافظ علي تراثها ويحولها إلي منطقة جذب ثقافي وسياحي.