د عبد المنعم فؤاد عجبت من السجال الدائر بين أحد منتسبي الأزهر الشريف والبعض في الإعلام في قضية شرعية دينية حسم القرآن الحكم فيها، وهي قضية الميراث تلك التي وصي الله تعالي فيها الأباء بالأبناء وقسم القسمة بعدل وانصاف ولا مبدل لحكم الله تعالي من فرد أو مؤسسة أو حتي هيئة الأممالمتحدة بكل ممثليها ودولها ولذا هي أمر إلهي لا مجال للاجتهاد فيه لأن النص القرآني القاطع الثبوت والدلالة لا يحتمل الاجتهاد والتفلسف، ورغم أن القضية أثيرت في بلد شقيق إلا أن البعض أثارها وجعلها تتفجر في قاهرة مصر الأزهر ويخرج واحد ممن ينتسبون للأزهر ليعلن أن ما قررته تونس يعد صوابا وصحيحا، ثم يعلن أن الميراث في القرآن هو حق وليس بواجب.. الأمر الذي فاجأ الجميع وخلق جدالا عقيما لا حاجة للأمة به !. فهذا القول لم يقل به علماء الأمة من قبل ولا من بعد ولما سئل المتحدث عن ذلك قال : بأن ( علماء تونس قالوا به) وهذا كلام غير صواب، فعلماء تونس اخرجوا بيانا معلنا برفض هذا القرار، حتي وإن صدقنا انهم قالوا فهم ليسوا بحجة علي المسلمين بل ليسوا بحجة علي النص القرآني ذاته، فالله تعالي وحده هو الحكم العدل وهو القائل : ( فريضة من الله والله عليم حكيم ) ثم ختم بقوله تعالي ( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ) فهو فريضة، والفرض واجب التنفيذ لأن الله هو الذي أوجبه، وفرضه (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم). والقول بأن الميراث حق لا فرض فيه: مغالطة قانونية فجهابذة القانون اتفقوا علي القول (أنه ما من حق إلا ويقابله واجب وما من واجب إلا ويقابله حق ) وبناء عليه فالحق والواجب فرض. ومن ثمّ فلا يمكن التلاعب بالألفاظ لأن هذا سيولد الشبهات حول الثوابت، والأمة في أشد الحاجة إلي وضوح الخطاب الديني العصري الذي تطالب به الدولة بألفاظ سهلة وواضحة وبينة لا لبس فيها ولا تمويه،، ومن هنا أحسن الأزهر صنعا حينما رأي أن الأمر يحتاج إلي بيان فأصدر في هذا الأمر بيانا كافيا شافيا مشفوعا بالحجج والبراهين، ولذا أري أنه علي البعض ممن تناولوا الأزهر بعد بيانه بأقلامهم وألسنتهم أن يتوقفوا عن اشعال الحرائق الفكرية، ويتنبهوا أنه ليس من حق المغامرين أن يتجاوزوا حدود الله في نص قرآني واضح، وأن الأزهر ليس ضد حرية الفكر المنضبطة وأنه ليس فوق الحوار، ولكنه فوق التطاول، والتشكيك وإهدار قيمة الحق والعلم والعلماء، ومنذ أن عرف المصريون والمسلمون في العالم الأزهر فإنهم يعودون إليه حينما تتعارض الحجج والآراء لعلمهم أنه هو الملاذ الآمن في كل ما يخص القضايا الدينية، وعليه فقضية الميراث لابد من العقل الجمعي العلمي طالما حصل فيها جدال وهو رأي هيئة كبار العلماء فهو الذي يحسم الأمر بحق ولله الأمر من قبل ومن بعد. • استاذ العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر