حالة من الغليان والغضب انتابت بعض علماء ومشايخ من الأزهر الشريف، على أثر تصريحات العالم المصرى فاروق الباز، حول أن الحجاب لا يعرفه الإسلام الصحيح، ودعوته للمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث، أسوة بما أقرته تونس مؤخرًا بسن تشريعات جعلت من المرأة مساوية للرجل فى الميراث، الأمر الذى لقي هجوما واعتراضا من قبل أزهريين واصفين الأمر بالمخالف لشرع الله. وأكد الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، أن الحجاب فرض على البشرية قديمًا من خلال الحكام والأمراء وليس الإسلام وحسب، فحمورابي فرض الحجاب على نساء بابل وأشور، كما أقرته شريعة اليهود والمسيحية من بعدها، فجاء الإسلام ليؤكد مشروعية الحجاب باعتبار أنه خاتم الكتب السماوية. واستشهد عضو هيئة كبار العلماء بفرضية الحجاب فى تصريحات خاصة للتحرير، بالعديد من الأيات القرآنية التى وردت فى سورة الأحزاب والنور وكذلك الأحاديث الشريفة، كقوله تعالى"وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ"، وقوله تعالى"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ"، وبما روي عن الحبيب المصطفى عليه السلام، أنه عندما جاءت له أسماء شقيقة زوجته السيدة عائشة له بثياب شفافة، فقال لها "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى الوجه والكف. وأضاف مهنى، أنه يتعين على الدكتور فاروق الباز أن يتوجه بالتوبة إلى الله عز وجل، لأنه أنكر ما هو معلوم بالدين بالضرورة، وأن المواريث أحكام ثابتة وواضحة فى نصوص القرآن ولا تقبل الحديث عنها أو التشكيك فيها، لأن التطرق للتعديل فى المواريث انتهاك لأحكام الشريعة وخروج عن شرع الله تعالى. فيما عبر الدكتور محمد ربيع جوهر، عضو هيئة كبار العلماء، عن غضبه الشديد من تصريحات الدكتور فاروق الباز، مؤكدًا أن الحجاب فرض بنصوص القرآن والسنة النبوية المطهرة، وأن مسألة المواريث قضية محسوة بأحكام ثابتة لا تقبل الاجتهاد لأنها واضحة وصريحة وأحكام نازلة من المولى عز وجل وثابتة وتعد من قبيل الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، وأن مثل تلك الأقوال فاسدة وخارجة عن صحيح الإسلام وأحكام الشريعة الإسلامية. وأبدى الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، استيائه الشديد من تصريحات الدكتور فاروق الباز حول أن الإسلام الحقيقى لا يعرف الحجاب، مؤكدًا أنه يتعين على الأخير أن يركز فى تخصصه العلمي وألا يتطرق للشئون الدينية والحكم على الأمور بما يخالف شرع الله تعالى، على حد تعبيره. وأوضح كريمة للتحرير، أن المؤسسة الدينية ممثلة فى الأزهر الشريف وعلمائه وفقا للدستور المنوط الوحيد بالبلاد بأمور الدعوة وبيان صحيح الدين، متسائلا: هل يجرؤ الباز على الحديث فى الشريعة اليهودية أو المسيحية؟ وتابع: أن الحجاب أقره الشرع الحنيف، فى قوله تعالى "ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ" وأن حرف "اللام" دخل على الفعل المضارع "يضرب" فأفاد الوجوب، على حد تفسيره. وشدد كريمة، على أن مسائل الميراث تعد من قبيل الأحكام قطعية الثبوت والدلالة ولا تقبل الاجتهاد، لأنها ثابتة بنصوص القرآن الكريم فى أحكام المواريث، وأن أى اجتهاد فى نص ثابت بالقرآن أمر مرفوض لأن لا تبديل لشرع الله، وأن الاجتهاد يكون فى الأحكام ليست قطعية الثبوت، وأن ما أقرته تونس مؤخرًا بالمساواة بين الرجل والمرأة ليس من الإسلام، وأن أى دولة تعدل فى شرع الله تعالى لا تنسب للإسلام، وأن دعوة العالم فاروق الباز بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث تخالف شرع الله، وعمل باطل لا يمت لصحيح الشرع ومقاصد الدين.