عقود طويلة ظل خلالها المصريون يحلمون ويطالبون بتطوير صناعة الغزل والنسيج، واسترداد القطن المصري سمعته العالمية التي عرف واشتهر بها، سنوات كثيرة مضت تراجعت خلالها شركات الدولة في هذه الصناعة بعد غياب الفكر الإستراتيجي والمستقبلي، حتي تقادمت المعدات والماكينات وتخطي عمرها أكثر من قرن من الزمان.. سريعا أدركت الدولة حجم التحديات التي تواجه هذا القطاع، وبدأ العمل وفق خطة عاجلة للإنقاذ والانطلاق مرة أخري في هذه الصناعة الإستراتيجية كثيفة العمالة، وكانت بداية الخطة بمنظومة جديدة وحديثة للمحالج علي مستوي الجمهورية بعدد 11 محلجا يكون أولها في محافظة الفيوم وبعدها يبدأ التعميم وبدأ التركيب للمجموعة المتبقية بعد تجارب التشغيل وقياسات الجودة والمواصفات. »الأخبار« تنفرد بأول جولة ميدانية في أرض المشروع وبين الماكينات والمعدات الحديثة للحليج 200 مليون جنيه تكلفة المحلج وإجراء الاختبارات عقب تركيب المعدات رئيس القطاع الهندسي: المنظومة الجديدة الأحدث عالمياً ودراسة إنشاء مصنعين للأعلاف والزيوت جهود كبيرة وضخمة بذلتها الشركة القابضة للغزل والنسيج برئاسة د. أحمد مصطفي في إطار بدء تنفيذ إستراتيجية تطوير القطاع ابتداء من مرحلة الحلج وحتي الصباغة والتجهيز وصولا لبحث ودراسة الشراكة في مجال الملابس الجاهزة، فضلا عن عمل متواصل وجهد حقيقي مقرون بإجراءات تتحقق علي الأرض يقوم بها هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام والذي استطاع أن يحرك المياه الراكدة في القطاع وأحدث حراكا كبيرا في الكثير من الملفات وعلي رأسها استغلال الأصول في عمليات التمويل إضافة إلي سرعة إلمامه بكافة تفاصيل التطوير رغم حداثة العهد بالوزارة. الأعمال الإنشائية «الأخبار» استبقت الجميع، ورصدت عن قرب الأعمال الإنشائية والمعدات في موقع المشروع الجديد لإنشاء محلج الفيوم التابع لشركة مصر لحليج الأقطان إحدي شركات القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس الجاهزة التابعة لوزارة قطاع الاعمال العام.. عمل متواصل علي مدار الأربع والعشرين ساعة لتسليم المشروع في الموعد ولا معوقات سوي بيروقراطية وروتين المحليات، كل شيء في مكانه والإنشاءات أشرفت علي الانتهاء استعدادا لتركيب المعدات التي وصلت إلي أرض المشروع وتم تشوينها بجوار الموقع استعدادا لبدء تركيبها فورا خلال الأسبوعين المقبلين، وكذلك تجهيزات الأقطان اللازمة لتجارب التشغيل ومراقبة الجودة. نقلة نوعية المهندس عثمان هنداوي، رئيس القطاع الهندسي بالشركة القابضة، اصطحب «الاخبار» في جولة علي موقع المشروع، بروح حماسية وتفاؤل شديد تحدث إلينا معبرا عن بداية جديدة تضمن نقلة نوعية في قطاع الغزل والنسيج بعد انطلاق العمل في محلج الفيوم، وقال: منظومة القطن التي نعمل بها حاليا قديمة جدا وانتاجيتها منخفضة للغاية في مجال الحليج وتصل إلي 25 كيلو في الساعة، أما المنظومة الحديثة التي تعاقدنا عليها ووصلت معداتها أرض المشروع فهي الأحدث عالميا وبتكنولوجيا أمريكية، وانتاجية الماكينة ما بين 350 إلي 400 كيلو في الساعة، والمحلج الجديد سيحتوي علي 14 ماكينة بانتاجية نحو 100 قنطار في الساعة، ما يعني انتاجية تقترب من ال 10 أضعاف في المتوسط. وأوضح المهندس هنداوي أن المساحة الإجمالية للمحلج الجديد تقترب من نحو 35 ألف متر شاملة الشون وغيرها بينما المباني الانتاجية مقامة علي مساحة تقترب من 3 آلاف متر، وأشار إلي أن نسبة التنفيذ الكلية للمشروع حتي الآن تجاوزت 35%، وسيتم اجراء تجارب منظومة حلج الأقطان الجديدة فور الانتهاء من التركيبات لبحث عدم تأثر القطن المصري ودراسة المخرج النهائي من حيث الجودة والمواصفات وبعد ذلك نتجه لبدء العمل في المحالج ال 10 الأخري.. وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تعيينات جديدة وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة مع انطلاق العمل في محلج الفيوم الجديد للتعامل مع هذه التكنولجيا الحديثة، وأوضح أن عقد التوريد المبرم مع الجانب الهندي يشمل تدريب العمالة في المحلج القديم للتعامل مع الماكينات الحديثة، وقال: نفكر جديا في إحداث قيمة مضافة باستخدام كل نواتج التشغيل وندرس إنشاء مصنع للأعلاف. تركيب المعدات أما المهندس سعيد سعد، رئيس قطاع الحليج بالشركة القابضة، فأكد أن منظومة الحليج الجديدة مستخدمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وسيتم إجراء الاختبارات عليها في محلج الفيوم عقب تركيب المعدات للتأكد من المواصفات والجودة وعدم تأثر القطن بالسلب من استخدام هذه التكنولوجيا، وأشار إلي أن هذه التكنولوجيا الاحدث عالميا ومن المتوقع أن تحدث نقلة نوعية في مواصفات وجودة القطن ليكون خاليا من الشوائب وكذلك زيادة الطلب العالمي، موضحا ان هذه الشوائب تتسبب في فقد القطن 20% من قيمته السعرية. وأوضح المهندس سعد أن عدد المحالج في المنظومة الجديدة يبلغ 11 محلجا كافية لتغطية كل احتياجات السوق المحلية والتصدير، واستغلال أصول ال 14 محلجا المتبقية في عمليات إعادة الهيكلة والتطوير وتمويل وضخ استثمارات جديدة وشراء المعدات والماكينات، وأوضح أن تكلفة المحلج الجديد تقدر بنحو 200 مليون جنيه، وكشف عن التفكير في إعداد دراسة جدوي لإنشاء مصنع زيوت بتكلفة تقترب من 100 مليون جنيه للاستفادة من بذرة القطن في إطار توجهات الدولة نحو تعميق الصناعة والقيمة المضافة، بحيث يكون مكانه في نطاق المحلج الجديد. نسبة الإنجاز أما المهندس أحمد مصطفي، مدير المشروع، أن الشركة المنفذة تسلمت موقع المشروع في مايو الماضي، وتتم العمليات الإنشائية علي مرحلتين، المرحلة الأولي تشمل مبنيين لصالة التخزين اليومي اللازمة للتشغيل إضافة إلي صالة الحليج، أما المرحلة الثانية فتشمل الغلاية وغرفة الكهرباء وصالة معالجة البذرة إضافة إلي مبني خدمي. وأشار المهندس أحمد مصطفي إلي أنهم واجهوا تحديات وعقبات كثيرة بدءا من الاختبارات الأولية للموقع فضلا عن الإجراءات الإنشائية من المحليات، ولكن استطعنا التغلب عليها حتي وصلنا إلي نسبة إنجاز كبيرة في المرحلة الأولي تصل إلي 60% ومتوقع الانتهاء منها 15 نوفمبر المقبل، كما وصلت نسبة الإنجاز في المرحلة الثانية إلي 50% ومن المتوقع الانتهاء منها نهاية ديسمبر المقبل. وتابع أن العمل في مشروع محلج الفيوم الجديد متواصل علي مدار الأربع والعشرين ساعة يوميا للانتهاء منه في التوقيتات المقررة، وأشار إلي أن المشروع الجديد تمكن من توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في فترة الإنشاءات، وكانت أبرز التحديات في التصاميم الجديدة للمحلج وإمكانية التنفيذ فضلا عن الحاجة إلي بعض الأشياء التي لم تكن متوفرة وذلك بسبب أن المنظومة تنفذ في مصر لأول مرة لتكون نواة للمحالج الجديدة التي سيتم تنفيذها تباعا بعد التجارب. رئيس القابضة ل»الأخبار»:انتظروا نقلة نوعية في الإنتاج والجودة وفرص العمل أكد د. أحمد مصطفي رئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، أن قطار تحديث الغزل والنسيج انطلق بالفعل وفي غضون 3 سنوات سيتغير شكل المنظومة بالكامل باستخدام أحدث التكنولجيا العالمية المتوفرة، وأشار إلي أن التكلفة الفعلية لمحلج الفيوم 120 مليون جنيه للآلات والمعدات فقط، وأشار إلي أن المرحلة النهائية سيتم تسليمها في 31 ديسمبر المقبل. وأشار رئيس القابضة في تصريحات خاصة ل»الأخبار»، أنه سيبدأ تنفيذ تجارب التشغيل علي المحلج مطلع العام المقبل، وكشف عن التفكير جديا في إنشاء معصرة للزيوت بتكلفة تتراوح بين 80 إلي 100 مليون جنيه، في إطار تعزيز القيمة المضافة، ولكن حتي الآن سيتم بيع البذرة فقط، وأضاف: حاليا نعمل علي اعداد المناقصة لمصنع الزيوت فضلا عن دراسة تنفيذ مصنع اعلاف. وتابع د. أحمد مصطفي قائلا: بعد تجربة حلج الأقطان في محلج الفيوم والتأكد من مطابقة المعايير والمواصفات سنبدأ في تنفيذ ال 10محالج الأخري، بإجمالي تكلفة نحو مليار جنيه، أما باقي مراحل الغزل والنسيج فستشهد نقلة نوعية وخاصة مع طرح جميع المناقصات في 2019، ليكتمل تطوير المنظومة وفقا لتوجيهات الوزير هشام توفيق خلال 3 سنوات. وحول المجمع الصناعي الجديد في كفر الشيخ، أكد أنه سيتم تنفيذ مصنع كبير جدا شبيه بشركة غزل المحلة وجار حاليا تنفيذ البروتوكول الذي تم مع محافظة كفر الشيخ. واختتم قائلا: متفائل جدا بالمستقبل وباكتمال الحلقة كلها سيري المصريون مدي ضخامة حجم مشروعاتنا، وحجم اﻻنتاج سيكون أكثر من 3 أضعاف الوضع الحالي باﻻضافة إلي اﻻهتمام بالجودة لفتح أسواق جديدة، وفرص العمل تكاد تكون الضعف. 25 مليار جنيه استثمارات لتحديث المنظومة وزير قطاع الأعمال ل »الأخبار»: متفائل جدًا بمستقبل الغزل والنسيج أكد هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، أنه تم البدء في تنفيذ خطة التطوير الشاملة لصناعة الغزل والنسيج في الشركات التابعة، وأوضح أنه تم تقليص مدة التنفيذ من 5 إلي 3 سنوات، وستكون البداية بالاستفادة من العوائد الخاصة ببيع الأراضي الخاصة ب 14 محلجا من إجمالي 25 تابعة للقابضة للغزل والنسيج والتي تبلغ نحو 25 مليار جنيه، سيتم استغلالها بشكل رئيسي في عملية إعادة الهيكلة والتطوير بأحدث معدات. وأوضح الوزير في تصريحات خاصة ل»الأخبار» أنه سيتم إعادة تشغيل 11 محلجا وفق أحدث النظم العالمية، وسيتم تشغيل أول محلج بمدينة الفيوم قريبا، لنبدأ بعدها التجارب وانطلاق التعميم لهذه التكنولجيا علي المحالج ال 10 المتبقية، وذلك بتمويل من حصيلة بيع أراض المحالج ال 14 باﻻضافة إلي ماكينات جديدة للغزل والنسيج والصباغة والتجهيز طوال فترة تنفيذ الخطة. وعبر الوزير عن تفاؤله الشديد بمستقبل القطاع وخاصة بعد زيارته شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبري، وقال: كنت في زيارة مؤخرا لفرع إحدي شركات التجارة الداخلية التابعة للوزارة، وأخبرتهم أن منتجات غزل المحلة أفضل بكثير جدا من المنتجات الموجودة لديهم، وأضاف: تم إصدار توجيهات للشركات القابضة لإنشاء إدارات تسويق قوية للمنتجات، فضلا عن ضرورة تحسين نظم التكاليف والتسعير للمنتجات، ووضع خطة تسويقية فعالة وفتح أسواق تصديرية جديدة. وأشاد الوزير بمنتجات الشركة وأوضح أن خطة التطوير تستهدف رفع الطاقة التشغيلية في الوردية الواحدة وزيادة عدد ورديات العمل بما يرفع الطاقة الإنتاجية، وأشار إلي ضخ استثمارات ضخمة بالشركة خاصة في مرحلتي الصباغة والتجهيز. وأكد توفيق أن وزارة الزراعة وافقت علي مقترح زراعة قطن قصير التيلة نظرا لارتفاع إنتاجيته وذلك ضمن خطة تطوير شركات الغزل والنسيج، وأوضح ان الطلب العالمي علي الاقطان متوسطة وطويل التيلة لا يتعد 1.6٪، وأشار إلي استيراد نحو 2 مليون قنطار من الخارج سنويا من الاقطان قصيرة التيلة، والاتجاه نحو زراعتها ضروري وسيتم زراعة نحو 20:10 الف فدان خلال الموسم الزراعي القادم. وكشف هشام توفيق، أنه تم تسوية مديونيات للشركات التابعة بقيمة 23 مليار جنيه مع كل من بنك الاستثمار القومي ووزارتي الكهرباء والبترول، وأشار إلي أن التسوية واستغلال الاصول احد اهم المحاور التي اعتمدت عليها خطة التطوير، وأوضح الوزير أنه تم طرح 5 خيارات للتطوير تتمثل في تحديث كامل للمصانع الخاسرة، تحديث كامل بدخول شريك فني، عمرات جسيمة وإغلاق جزئي أو كلي، وأكد علي عمل مراجعة تقنية للمصانع للتأكد من عمل التحديث بصورة كاملة ليؤدي لتعظيم العائد علي الاستثمارات علي المدي الطويل.