الداخل يومياً، والتي تمنحها حقاً تاريخياً في فلسطين».. »أيضاً الجامعات ما دورها، ربما هناك تقصير مني، لكن أريد أن أعرف شيئاً عن الأبحاث التي تقام هناك،هل ترد علي الادعاءات الصهيونية؟». أكد إيهاب الحضري علي كلامها، قائلاً إن إسرائيل تبذل ما في وسعها لتثبت أحقيتها في الأرض، فهي تزرع الآثار قبل البدء في التنقيب، كما أنها سعت من قبل في اليونسكو إلي تسجيل حوالي20 موقع آثري علي قائمة التراث العالمي بوصفها أثار إسرائيلية، وهي في الأساس أثار فلسطينية، وتم تحويل المسميات من عربية إلي عبرية، كما أنها تقوم بعملية تدمير ممنهج للآثار، وهذا ما حدث بوضوح في الاجتياح الثلاثي العسكري علي بيت لحم ونابلس والخليل، إذ تم تدمير أكثر من 300 قطعة أثرية، »ما أريد قوله إننا لو انشغلنا فقط بالسياسة، سوف ننسي البعد الثقافي والتراثي، الذي هو أساس الوجود». بينما قارن سعيد المصري بين نوعين من التراث؛ التراث المادي الذي له مردود علي الأرض والآثار، والتراث المعنوي الموجود في نفوس الفلسطينيين، وهذا عصي علي التدمير، »لذا يجب التركيز عليه وألا نهمله، وأن تعطيه وزارة الثقافة أولوية أيضاً». كان هذا أغلب مداخلات الحاضرين في الندوة، والتي تلقاها الوزير إيهاب بسيسو بصدر رحب، إذ عقب قائلاً: “الطروحات التي تم عرضها، أشعرتني أننا لا نفعل شيئاً، وأنا من البداية قلت إننا لدينا بني تحتية مهمة، هي الجامعات، سمعة الجامعة لدينا لم تأت لأجل سواد عيوننا، ولكن لأجل أن هناك أبحاثاً تتم في مختلف المجالات. وبالنسبة للتراث، فالكثير من التراث المادي قمنا بتسجيله، ونخوض معارك من أجل هذا، لقد سجلنا بيت لحم كمدينة فلسطينية، والبلدة القديمة بالخليل، سبسطية، وغيرها، أما بالنسبة للحفريات، فالقدس تحت حكم عسكري إسرائيلي، ماذا بإمكاننا أن نفعل، لقد قمنا بانتفاضة قبل عام أمام البوابات الإلكترونية، لأجل بلاط القدس الذي يمتد عمره لآلاف السنين. هناك معارك تخاض من أجل التراث والثقافة، هناك عمل دءوب يحدث، وهناك إيمان شديد من قبل المثقفين الفلسطينيين، مشكلتنا أننا لا أحد يسمعنا”. “علينا قبل أي شيء أن نراجع السياسات الإعلامية العربية تجاه القضية الفلسطينية، علينا ألا نحمل فلسطين أكثر مما تحتمل، لأن أنت -كعربي- لا تهتم بشعراء فلسطين، ولا بروائي فلسطين، ولا بالملامح الاجتماعية والتراثية لفلسطين، وقمت باقتصار الخبر الفلسطيني علي جوانب من الوضع السياسي، الآن القضية غابت، وهذا ما كان يتحدث عنه الدكتور صلاح فضل، لذا أري أنه يجب أن تكون هناك هذه العلاقة الثقافية الإعلامية الدائمة مع فلسطين، لرفع الوعي بالقضية”. “كل ما أريد قوله، لا أحد يقبل بأي مفهوم التطبيع، لا يمكن كسر الحاجز النفسي، لكن في الوقت نفسه علينا أن ندرك أن إعادة الوعي بفلسطين يتطلب الكتابة عن فلسطين، كيف يمكن مثلاً أن نقرأ النكبة الآن بعام 2018، لأن النكبة ليست فعلاً ينتمي للماضي، بل هو فعل يومي. نحن نبحث في آفاق من أجل أن يكون هناك وعي متجدد. والاقتراح حول القدوم إلي فلسطين من أجل خلق حالة ثقافية مهمة، لأنني أريد ممن يأتي أن يكتب عن رام الله، وأن يتحدث عنها. وأنا لست مسئولا عمن يأتي وعيناه علي تل أبيب. كما أنني في نفس الوقت لا أريد زيارات مجانية لفلسطين، ولا أستعطف أحداً”. المكتبة الوطنية الفلسطينية ولكي نغلق هذا الباب، عبر طارق الطاهر عن سعادته أن كل هذا النقاش كان علي مائدة “أخبار الأدب”، طالباً من وزير الثقافة الفلسطيني أن يتحدث أخيراً عن مشروع المكتبة الوطنية التي تم اختيار قصر الضيافة مقراً لها، والتي تبنتها “أخبار الأدب” منذ البدء في الإعلان عنها. قال إيهاب بسيسو إنه منذ الإعلان عن مشروع المكتبة، وإسرائيل لديها رعب هائل منها، لأن من المهام الملقاة علي عاتق المكتبة استرداد الإرث الثقافي والإبداعي الفلسطيني الذي تعرض للسلب والنهب، آخذة بعين الاعتبار المواثيق والقوانين والشرائع الدولية التي كفلت هذه الحقوق، علاوة علي المهام الطبيعية للمكتبة الوطنية بكل تفاصيلها كما في بقية دول العالم. مضيفاً أنهم وهم يفكرون في إنشائها كانت أعينهم علي مكتبة الإسكندرية، باعتبارها منارة ثقافية، فهم يريدون مكتبة مثلها تضم آلاف الوثائق والكتب، وبالفعل نجحوا في جمع أكثر من 60 ألف كتاب للمكتبة، كما أنهم يريدون أن تقوم المكتبة الوطنية بتفعيل الحركة الثقافية، فمن أسباب اختيار قصر الضيافة أنه قريب من جامعات ومؤسسات أكاديمية، ومن المتحف الفلسطيني في بيرزيت شمال رام الله، كذلك وقوعه ضمن الامتداد العمراني لمدينة رام الله. وأضاف أن المكتبة ستتولي بعد افتتاحها إنشاء المكتبة الوطنية الرقمية مسايرة للتطور في العالم، بما يضع فلسطين علي خارطة التفاعل المعرفي والثقافي مع المكتبات العربية والدولية. ونظراً للوضع الخاص في فلسطين من حواجز وربما منع من الحركة ومنع من السفر، فإنّ المكتبة الرقمية الوطنية ستكون بمثابة نافذة مهمة لتبادل المعرفة. كما ستكون المكتبة بمثابة مظلة لكل المكتبات الفلسطينية المحلية، ومرجعاً وداعماً لها، علي الرغم من اختلاف طبيعة عمل المكتبة الوطنية عن عمل تلك المكتبات التي يصل عددها إلي خمسة آلاف ما بين مكتبات عامة ومكتبات متخصصة ومكتبات للجامعات والمدارس. أما في ما يتعلق بمكتبة المسجد الأقصي، بما تحويه من كتب ومخطوطات، فمن المفترض أن تشكل المكتبة الوطنية الفلسطينية حماية ودعماً إضافياً لها، إذ أكد بسيسو أن علي رأس الأولويات الاهتمام بمكتبة المسجد الأقصي الزاخرة بالمخطوطات والوثائق المهمة، رغم كلّ إجراءات الاحتلال.