كلما اتسع "المكتوبُ عنه"، ضاقتِ العبارة. كما قال الِّنفّري، بتصرّف. وحلمي سالم "واسعٌ". علي المستوي الشعريّ، والإنساني كذلك. لهذا تضيقُ العبارةُ حالَ الكتابة عنه. فكرتُ أن أكتب عن تجربته الشعرية الثرية التي لا تهدأ ولا تركنُ إلي أرضٍ، إلا لتبرحها إلي أرض جديدة. لكنني كتبتُ تقريبًا عن معظم دواوينه، خصوصًا تلك التي صدرت مع الألفية الجديدة. فكرتُ أن أكتب عن "نور"، الصبية الجميلة التي أحبها دون أن يخبرها، وهو بعد صبيٌّ في قرية "الراهب"، وهو يظن أن ناجي كان يقصدها حين كتب: "واثقُ الخطوةِ يمشي مَلَكًا". فكرتُ ان أكتب عن "مَلَك"، شقيقته الكبري التي شجّت رأسه "ببلطة"، حين كان وأشقاؤه أطفالاً يلعبون. وكيف أخفي الأمر عن أبويه، كيلا تُعاقَب أخته، تلك التي ستتحول مع الوقت إلي مُلهمةٍ وأمٍّ روحية لشاعرنا الكبير. لهذا سألتقطُ تلك القيمة الأخيرة: "الأبوة الروحية"، لأحكي عن شاعر احتضن جيلنا، الألفيني، وضمّنا تحت جناحيه، وقتَ حاربَنا "الأشاوسُ"، من حرّاس الشعر الكلاسيكي، بكل سلاح، نبيلاً كان، أو غير نبيل. تجربتي المبتسرةُ في العمل معه مديرة تحرير لمجلة "قوس قزح"، التي لم يصدر منها إلا عددان، تحكي بجلاء عن حبّه الغامر للناس بوجه عام، وللشعراء الجدد بخاصة. يأتي شابٌّ ليخبر حلمي سالم أنه "شاعر". فيبتسم في وجهه قائلا: "طيب ما تكرمنا بقصيدة للمجلة." وطبعًا يُكرمنا. وعند تنسيق المجلة، يبتسم شاعرنا الكبير وهو يقرأ "القصيدة" قائلا: "يا ضَيعةَ الشعر!"، ويلقي بها في المهملات. فأُذكّره بأن تلك تخصُّ الشابَّ الذي طالبه "بإكرامنا"،