ان عدم فهم الانسان لأشياء لا يمنع انتفاعه بها فالريفي مثلا ينتفع بالكهرباء والتليفزيون وما يذاع بالقمر الصناعي بينما لا يعرف عن أي منها شيئاً فلماذا لا يكون الله تبارك وتعالي قد أعطانا الحروف في بدايات السور لنأخذ فائدتها ونستفيد من أسرارها ويتنزل الله بها علينا بما أودع فيها من فضل سواء فهم العبد المؤمن معني هذه الحروف أو لم يفهمها. وعطاء الله سبحانه وتعالي وحكمته فوق قدرة فهم البشر.. ولو أراد الانسان ان يحوم بفكره وخواطره حول معاني هذه الحروف لوجد فيها كل يوم شيئاً جديدا. لقد خاض العلماء في البحث كثيراً وكل عالم اخذ منها علي قدر صفائه ولا يدعي احد العلماء ان ذلك هو الحق المراد من هذه الحروف بل كل منهم يقول والله أعلم بمراده.. ولذلك نجد عالما يقول: »ألر» و »حم» و »ن» وهي حروف من فواتح السور تكون أسم الرحمن نقول ان هذا لا يمكن ان يمثل فهما عاماً لحروف بداية بعض سور القرآن.. ولكن ما الذي يتعبكم أو يرهقكم في محاولة ايجاد معان لهذه الحروف. لو أن الله سبحانه وتعالي الذي أنزل القرآن يريد ان يفهمنا معانيها لاوردها بمعني مباشر أو أوضح لنا المعني.. فمثلا احد العلماء يقول: ان معني »ألم» هو أنا الله أسمع وأري.. نقول لهذا العالم لو ان الله اراد ذلك فما المانع من ان يورده بشكل مباشر لنفهمه جميعاً لابد ان يكون هناك سر في هذه الحروف.. وهذا السر هو من أسرار الله التي يريدنا ان ننتفع بقراءتها دون ان نفهمها. ولابد ان نعرف انه كما ان للبصر حدوداً وللأذن حدوداً وللمس والشم والتذوق حدوداً فكذلك عقل الانسان له حدود يتسع لها في المعرفة وحدود فوق قدرات العقل لا يصل إليها. والانسان حينما يقرأ القرآن والحروف الموجودة في أوائل بعض السور يقول: ان هذ ا أمر خارج عن قدرة عقلي وليس ذلك حجراً أو سداً لباب الاجتهاد.. لاننا ان لم ندرك فان علينا ان نعترف بحدود قدراتنا امام قدرات خالقنا سبحانه وتعالي التي هي بلا حدود. وفي الايمان هناك ما يمكن فهمه وما لا يمكن فهمه.. فتحريم أكل لحم الخنزير أو شرب الخمر لا ننتظر حتي نعرف حكمته لنمتنع عنه، ولكننا نمتنع عنه بإيمان انه ما دام الله قد حرمه فقد أصبح حراماً. ولذلك يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم »ما عرفتم من محكمه فاعملوا به وما لم تدركوا فآمنوا به». والله سبحانه وتعالي يقول: »هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ» »آل عمران». إذن فعدم فهمنا للمتشابه لا يمنع ان نستفيد من سر وضعه الله في كتابه ونحن نستفيد من أسرار الله في كتابه فهمناها أم لم نفهمها.