سعيد سالم بجوار محفوظ يمتلك الروائي سعيد سالم مكتبة ضخمة، موزعة بين أربعة أركان، الأول يحتوي علي كتبه الهندسية فهو حاصل علي بكالوريوس الهندسة، وعمل في هذا المجال حتي وصل لمنصب رئيس قطاع في واحدة من الشركات الكبري المتخصصة بهذا الشأن، الركن الثاني يضم المئات من الكتب والموسوعات والمختارات من الأدب العربي والعالمي، أما الثالث فهو لأعماله التي تراكمت علي مر الزمن، وتتنوع ما بين الرواية والقصة القصيرة والكتابات النثرية، في حين خصص الركن الرابع بأكمله لأعمال محفوظ، وعندما لاحظ أنني سأبدا في تقليبها من أجل الوصول إلي إهداء بخط يد محفوظ، قال لي هذا هو الإهداء الوحيد علي رواية محفوظ »أمام العرش» ويبدو فيها خطه واضحا تماما، وهي مؤرخة ب 12 / 8 / 1983، وفيها: »إلي أديبنا سعيد سالم.. مع صادق حبي وإعجابي .. المخلص.. نجيب محفوظ». وبجانب هذا الركن يحتفظ سعيد سالم بخطابات تعود إلي فترة السبعينيات وما تلاها، وهي في معظمها تتضمن ردودا علي مراسلات له لكبار المثقفين والأدباء، وكذلك لمجايليه، وتناقش بعض الأمور المتعلقة بالنشر ورؤيته للحياة والإبداع، ومن بين هذه الخطابات تسعة بخط يد محفوظ، تدور في غالبيتها حول كتابات سالم، وبعضها يظهر فيها رغبة صاحب نوبل في تحقيق أمنية الأول بأن ينشر له عملا مسلسلا في جريدة »الأهرام» ، لإيمانه بموهبته، ووصل الأمر إلي أن أرجأ محفوظ عمله »الباقي من الزمن ساعة» حتي تضطر الأهرام إلي نشر عمل الأديب السكندري، ولكن ذلك لم يتحقق. يتحدث سعيد سالم عن هذه الخطابات بسعادة كبيرة، فهي تحمل تاريخا مشتركا بينه وبين عميد الرواية العربية، ويحمل الخطاب الأول تاريخ 21 إبريل 1977، وفيه يعّلق علي رواية »بوابة مورو» ويصفها بأنها »جذبته إلي قراءتها بسحر فيها بلاشك.. وهي عمل جيد في تصويره للبيئة، وبما قدمته من شخوص حية ممثلة في الراوي والأب والفتاتين وأسلوبها نابض بالحياة والتلقائية»، أما الخطاب الأخير فمؤرخ ب 4 / 11/ 1985، وفيه يشكره محفوظ علي هديته وهي رواية »آلهة من طين»، واعدا بقراءتها، ولكن الأهم الجملة التي وضع سالم تحتها خط وفيها واحدة من تعاليم محفوظ، النابع من إدراك عميق للحياة وطريقة معيشتها، إذ كتب له: »لابد من اتساع الصدر وتحمل الكثير مما يكره الإنسان لكي يواصل الحياة»، وعندما سألت »صاحب مورو» عن سر هذه الجملة، فأجاب: أنه امتنع عن الذهاب لندوات محفوظ بالإسكندرية لرغبته في عدم رؤية شخص بعينه، لاختلافات فكرية معه، من هنا جاءت الجملة السابقة لمحفوظ، التي استتبعها بهذه العبارة: »وعلي أي حال فنحن مستقبلا لا نقبل أي عذر يحرمنا من رؤياك والاستمتاع بصحبتك». وقد دوّن سعيد سالم رؤيته لمحفوظ، متضمنة لقاءات معه والخطابات المتبادلة بينهما، ومنها التسعة المدونة بخط محفوظ، في كتابه »نجيب محفوظ الإنسان» الصادر في سلسلة نجيب محفوظ عن هيئة الكتاب في 2011.