د. صابر عرب: الإخوان ظلوا عقودا متأثرين بقرار الحل د. عماد أبو غازي: مجلس قيادة الثورة تغاضي عاما كاملا عن حل الإخوان بعد تصفية الأحزاب السياسية تزخر ثورة يوليو بالعديد من الوثائق الكاشفة عن طبيعة هذه المرحلة، بعضها يتعلق بعلاقة قيادة مجلس الثورة بالأخوان المسلمين، وهنا ننشر وثيقتين في هذا الإطار، الأولي قرار مجلس القيادة بحل جماعة الأخوان المسلمين استنادا إلي قراره بحل الأحزاب السياسية، أما الوثيقة الثانية فهي تصفية شركات وجمعيات تنتمي للأخوان، وهي ثمانية شركات، وجاء قرار التصفية بعد رفع تقرير من إدارة المباحث العامة فرع النشاط الداخلي" هيئات"، يوضح أن هذه الشركات الأخوانية أسسها أفراد من جماعة الأخوان المنحلة، ولها صيغة قانونية إخوانية، وان بعضها يتخذ النشاط الاقتصادي ستارا لأنشطة أخري مثل نقل الأسلحة والتفجيرات الخاصة بالجهاز السري للأخوان. وعن أهمية هاتين الوثيقتين، ولماذا تم قرار حل جماعة الأخوان المسلمين ثم قرار تصفية شركاتهم، يوضح د. صابر عرب أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأزهر، أن مثل هذه الوثائق تقرأ في سياق الصراع ما بين قادة مجلس قيادة الثورة وبين محمد نجيب ورفاقه، الذين كانوا علي علاقة وثيقة بالأخوان المسلمين، وأرادوا استخدام نجيب لاختراق قيادة الثورة، في الوقت الذي توافر فيه لعبدالناصر ومجموعته الكثير من التقارير التي تواردت لتؤكد أعمالا تتم واجراءات للأخوان تضر بمصر وأمنها القومي، من هنا قرر مجلس قيادة الثورة تصفية جميع المدارس والمؤسسات التي تنتمي للأخوان، وظلوا بقية فترة الستينيات والسبعينيات متأثرين بالضربة التي تلقوها من جمال عبد الناصر، ولكن للأسف الشديد عندما جاء السادات وحاول أن يضرب التيار اليساري والقومي والناصري دعم الأخوان المسلمين والجماعات الإسلامية، وهذا مكنهم من إعادة هياكلهم والعمل مرة أخري علي مستوي الجمهورية، فقد هيأ لهم السادات الظروف السياسية للعمل مرة أخري، ورغم تصادمهم في سنوات أخري مع الأمن، إلا انهم ظلوا متواجدين علي الساحة، بدليل خوضهم انتخابات 2000، 2005، 2010، وعندما قامت ثورة يناير لم يشاركوا فيها منذ البداية، خاصة في أيامها الصعبة الأولي 25-26-27 يناير، ولما تأكدوا من نجاح الثورة واسقاط النظام، انضموا بدءا من يوم 28 يناير، ليحصدوا بكل قوة مكاسب الثورة. قراران للحل أما د.عماد أبوغازي فيشير إلي أن هناك قراران لحل الجماعة الأول صدر في 14 يناير 1954 مستندا لقرار صدر قبل ذلك بعام بحل الأحزاب السياسية، ثم صدر قرار آخر بحل الجماعة في 5 ديسمبر 1954، وهو الذي ترتب عليه قرار 8 فبراير 1955 بتصفية الشركات والجمعيات التابعة للأخوان. ويوضح د. عماد أن مجلس قيادة الثورة تغاضي لمدة عام كامل عن حل جماعة الأخوان، بعد حله الأحزاب السياسية، لأنهم كانوا علي توافق، واستندوا في ذلك، أنهم جماعة دعوية ومساندين لهم منذ أول يوم للإنقلاب، ولمدة عام ظلت القوي السياسية التي تشتغل بشكل شرعي، في الوقت الذي حلت فيه الأحزاب، وأصبحوا قوة أكثر من أي تيار في الأحزاب الرسمية القديمة، التي تم تصفيتها، فالتنظيمات السياسية الأخري تم ضربها بقوة، واعتقل قادتها ووضعوا في السجن الحربي، ولما شعر الأخوان أنهم في وضع قوة بدأوا يحاولون التأثير علي قرارات مجلس قيادة الثورة، ويسرد عبد الرحمن الرافعي في كتابه عن ثورة يوليو أسباب حل الجماعة، وتاريخ العلاقة بينها وبين مجلس قيادة الثورة، وكيف كانوا حلفاء، لدرجة أن الأخوان رشحوا وزراء لحكومة نجيب 1952، وأنهم أرادوا أن يمر عليهم اي قرار قبل إصداره من قبل المجلس، وقاموا بالاتصال بالسفارة البريطانية والتشاور معهم من وراء ظهر الدولة المصرية، مما يؤثر علي فرص التفاوض الرسمي للجلاء، من هنا بدأت تظهر بوادر أزمة مارس، فقد سبقها في فبراير الوقوف مع محمد نجيب ضد جمال عبد الناصر، مما دفع بالأخير إلي أن سجن قادتهم، ولكن شباب الأخوان مع القوي السياسية الأخري نزلوا للشارع في مظاهرة ضخمة لتأييد نجيب، واشتبكوا مع الشرطة العسكرية، وهنا استجاب جمال للشارع وبقي نجيب في السلطة، ولكن ما حدث في 5مارس، ثم 25 مارس، من مظاهرات طالبت بتصفية مجلس قيادة الثورة وعودة الأحزاب، جعلت عبد الناصر يتصل بقيادات الجماعة والقيادات السياسية الأخري مثل الشيوعيين الموجودين في السجون، لمساندته ضد نجيب وبالفعل وافق الأخوان، واتفقوا علي أن يلتقي بالهضيبي بعض الإفراج عنه، بوصف أن ذلك نوع من المصالحة ورد لاعتبارهم ، مقابل أن يقفوا علي الحياد في صراعه مع نجيب، وأصدروا بيانا مع الثورة والتحول الثوري وعودة الديمقراطية، لكنهم لم يكونوا يعلموا أن المطلب في الشارع هو عودة الجيش لثكناته، لذا تم اتهام قادة الأخوان الموجودن في السجن بالخيانة. ويضيف د. عماد: الأخوان في هذه الفترة أرادوا أن يتصدروا المشهد، وان يحركوا الشارع ضد جمال، فبدأ في ملاحقاتهم، واتخذ من حادثة المنشية مبررا لضرب الجماعة.. وبعد أن صدرت الأحكام بالإعدام والسجن ضد المنتمين للأخوان، صدر بعد ذلك القرار الخاص بحل الجماعة في 5 ديسمبر 1954، وبعده قرار تصفية الشركات لضرب اقتصادهم.