عندما يتم ذبح أضحية بطريقة غير سليمة أمام أضحية أخري ترتعب من المشهد، فتفر من المكان وهي في حالة هياج لا يجعلها تحسب حسابا لأي شيء يقابلها في الطريق أو يعوق عملية الفرار في الشوارع التي تقطعها فتتسبب في ارتباك بحركة المرور وذعر للمارة، ومع ذلك فالناس تلاحقها في الشوارع لاستردادها، إلا أن حالة الهياج تجعل السيطرة عليها صعبة، ومن أطرف تلك المواقف قصة الجمل الذي فر هاربا من مذبح القاهرة قبل أن يتم ذبحه لحساب جزار عندما رأي بقية الجمال وهي تذبح، والدماء تلطخ أرضية المدبح فأصيب بحالة هياج دفعته للخروج من الحبل المربوط في رقبته، وظل يجري في الشوارع محدثا فوضي عظيمة جعلت الناس تتحاشي اعتراضه حتي وصل إلي قصر عابدين، ونجح في اختراق بوابة القصر والحرس يلاحقه للسيطرة عليه حتي استقر به المقام في الفناء الداخلي. القصة نشرتها صحيفة "الأهرام" صباح 20 أغسطس 1944، وأكد مندوبها أن الجمل هرب من المجزر وظل يعدو في شوارع السيدة زينب، فتوقفت السيارات والترام، وظل يتنقل من رصيف لآخر، ولولا حصافة حارس بوابة قصر عابدين المدعو "علي فهمي حسن" وزملائه في الإمساك بالجمل لكانت حدثت كارثة بدخوله إلي داخل القصر الذي كان يتواجد به في هذا الوقت جلالة الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان، وتقول الصحيفة إن قائد الحرس الملكي رفع نبأ الحادث إلي المسامع الملكية، فأمر جلالة الملك بشراء الجمل اللاجئ إلي قصره من صاحبه، ودفع ثمنه مع ربح مضاعف، وأمر جلالته بإرساله إلي مزرعته الخاصة في أنشاص، وإعداد مكان خاص له ولا يتم ذبحه أو استخدامه في أي عمل، وتم تنفيذ الأمر الملكي بإرسال الجمل في مركبة إلي المزارع الملكية، وروي العامل الذي كان منوطًا بحراسته قبل أن يهرب أن الجزار " حسين الأشوي " ابتاع جملين من سوق إمبابة لذبحهما لبيعهما في دكان الجزارة الخاص به، لكن ما كاد القصابون ينتهون من ذبح الجمل الأول حتي هاج الآخر وانطلق في الشارع، فأخذ يعدو خلفه مستنجدًا بالمارة، لكن لم يستطع أحد أن يستوقفه حتي دخل قصر عابدين، وهكذا أفلت الجمل المحظوظ من الذبح بأمر ملكي !