وأكاد أجزم بأنها قد تكون أهم لكثير منهن من الوجبة الغذائية، خاصة إذا قرأنا أرقام جهاز الإحصاء حول نسب التسرب من التعليم بين الإناث. السبت: لم أتخيل أنني سأتخطي مخاوفي وأتجاوز ترددي وأكتب عن تلك القضية النسائية، أو حتي أقترب منها، وأعترف أنني بدأت فعلا في الكتابة عنها قبل أسابيع، ولكن الخجل منعني من استكمال فقرة واحدة، واستشرت من أثق فيه وفي رأيه، وشجعني علي الكتابة في موضوع يهم ملايين الفتيات والسيدات في مختلف الأعمار، وكل واحدة منهن لها قصة تبدأ مع ذلك الوافد الجديد المخيف المرعب وحتي يرحل عنها، وقد استنفد من دمائها ما لا يتخيله أحد، وترك جروحا في داخل العديد منهن، ربما تستحي كثيرات من مجرد الإشارة لها، وهكذا أشعر وأنا أكتب تلك السطور عن الدورة الشهرية، وبالتحديد عن »الفوطة الصحية«، التي ارتفع سعرها وأصبحت تمثل عبئا علي عشرات الألوف من الأمهات والفتيات والسيدات، فقدرهن أنهن يحتجن لها بشدة لمدة أسبوع كل شهر وعلي مدار حوالي ثلاثين عاما من عمر كل سيدة، وباختصار شديد فقد صادفني أثناء بحثي مع العم «جوجل» علي شبكة الإنترنت عن أنواع تحليل الدم، خبر من الهند عن «ضريبة الدم»، في تعبير رمزي رفعته حملة ضد قيام الحكومة الهندية بفرض ضريبة قدرها 12% علي الفوط الصحية قبل أن تتراجع عنها، وسألت نفسي وقتها : هل يا تري يا هل تري تطبق مصر نفس الضريبة؟!، ودفعني الفضول الشديد إلي إرسال السؤال في رسالة قصيرة عاجلة علي «الواتس آب» إلي صديقي الدكتور صفوت نور الدين خبير الضرائب و«بروفيسور» المحاسبة والذي تعلمت علي يديه قبل سنوات عديدة طريقة فهم وتطبيق المعايير المحاسبية، وأبدي الرجل استغرابه ودهشته مثلي فهي تخضع لضريبة 14٪، واتفق معي في ضرورة أن يتم إدراج الفوط الصحية تحت بند سلع الصحة العامة وتتم معاملتها بنفس معاملة الأدوية وتعفي من ضريبة القيمة المضافة بحكم أنها سلعة أساسية وضرورية لشريحة لا تقل عن 42% من الشعب المصري، وأدعو هنا الدكتور محمد معيط وزير المالية، ومن قبله الدكتور المحترم مصطفي مدبولي رئيس الوزراء إلي إعفائها من الضريبة في أول تعديل للقانون حفاظا علي الصحة العامة لبناتنا ونسائنا. وتبقي همسة عتاب إلي المجلس القومي للمرأة الذي لم يتحرك أمام ذلك البند المجحف بحق أصيل للمرأة المصرية، وكذلك منظمات المجتمع المدني التي ينشغل معظمها بقضايا هامشية لا تفيد السيدات في مصر، كما أدعو صانعي القرار الضريبي وراسمي السياسات المالية إلي عدم إغفال المرأة، وعدم النظر إلي بنود الضريبة بعيون الذكور، لدرجة جعلتني أتوقف كثيرا أمام تلك المفارقة بين فرض ضريبة علي الفوط الصحية النسائية باعتبارها من الرفاهيات والكماليات، في حين تم إعفاء الواقي الذكري ومعاملته معاملة حبوب منع الحمل تحت بند الأدوية، رغم أن تلك الفوطة تحتاج إلي الإعفاء لنفس الدرجة من الأهمية للصحة، فضلا عن إنها مهمة لعملية بيولوجية تستحق منا التكريم وليس «التغريم». كما يبقي رجاء للدكتور مصطفي مدبولي رئيس الحكومة، والدكتور المتحضر الجميل طارق شوقي وزير التربية والتعليم، بأن يتم توزيع تلك الفوط في المدارس مثلها مثل الوجبة المدرسية وتخصيص حصة شهرية لكل تلميذة في المدارس الإعدادية والثانوية، وأكاد أجزم بأنها قد تكون أهم لكثير منهن من الوجبة الغذائية، خاصة إذا قرأنا أرقام جهاز الإحصاء حول نسب التسرب من التعليم بين الإناث، وغالبا ما يكون أحد أسبابها في قري الصعيد والدلتا هو غياب الحمام النظيف أو عدم وجود تلك الفوطة وقت الاحتياج لها. أعلم أن الموضوع حساس ومخجل ولكن لا شيء يدعو للخجل في موضوع اهتم به ديننا وكرم أمهاتنا به ومنه جئنا إلي الحياة، وأتمني لو كان كلامي عن تلك الضريبة غير صحيح، و أدعو الله في كل الأحوال لو قامت وزارة التربية والتعليم بتلك الخطوة باعتبارها من تتولي تنشئة الجيل الجديد في كل المجالات وليس التعليم فقط ! «الحرة» وأخواتها ! الأحد: داخل كل واحد منا جهاز رادار «رباني» يستشعر به الخطر، ويجعله يتوقف عندما يسمع كلاما أو يلاحظ تركيزا علي موضوعات أو أفكار معينة، وهكذا شعرت وأنا أشاهد مجموعة من الفضائيات التي تمولها حكومات أجنبية، ومنها علي سبيل المثال «البي بي سي» البريطانية و «دويتش فيلا» الألمانية و«فرانس 24» الفرنسية وأخيرا تلك القناة المشبوهة منذ ظهرت بعد الغزو الأمريكي للعراق، وأقصد بها قناة «الحرة» التي تمولها الحكومة الأمريكية، ولا أقول ذلك عن مجرد انطباع فقد تابعت بعض برامج كل تلك القنوات ورصدت ضيوفها الذين تفتح لهم أبواب برامجها، وأكاد أجزم أن لها أهدافا محددة لتغيير اتجاهات وسلوكيات أهل المنطقة - باستثناء إسرائيل طبعا - وتدمير عاداتهم وقيمهم الثقافية، وكأن ذلك التغيير المنشود يحفظ لها أمنها القومي، وأرجوكم تابعوا معي ذلك الإصرار الشديد علي ربط الإسلام بالإرهاب أو تثبيت مجموعة من الأفكار في عقولنا علي أننا متخلفون بسبب ديننا، وبرابرة متوحشون بسبب تراثنا، وبكل أسف تعتمد تلك البرامج علي أهلنا ويجزلون لهم العطاء، كما أكاد أجزم أننا محاصرون بين تلك القنوات وبين بعض البرامج في الداخل والتي تستهدف الشخصية المصرية وتبث السم في العسل عند تناولها الموضوعات التي تفرق ولا تجمع، وأرجوكم شاهدوها بحذر وخاصة عند تناولها ملفات الفتنة أو عند متابعة برامج تقدمها شخصيات تأكل عيشها من تلك الملفات!! ملحوظة: مازال إبراهيم عيسي يرقص في صالة قناة الحرة و «النقطة» بالدولار.. !!! عندما يفسق الإعلامي! الإثنين: ليس سرا أن الموساد الإسرائيلي ومعظم أجهزة المخابرات تتوسع بقوة في الفضاء الإليكتروني، وبعضها لديه كتائب مدربة تتحدث العربية في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يخفي علي أحد أن القنوات الفضائية الناطقة بالعربية، تعمل فعليا تحت إشراف أجهزة المخابرات حتي لو كانت إداريا تتبع أي جهة أخري، ولن أضيف جديدا لو قلت إن الموجات المكثفة من الشائعات الكاذبة والمتقنة التي تستقبلها مصر، هي صواريخ موجهة لتحقيق أهداف محددة لا تريد بالطبع أي خير لمصر، ولا يخلو الأمر من وجود ذلك الفاسق الذي ينقل لنا النبأ والخبر الكاذب، فيصدقه البعض دون تحقق أو أي محاولة لتبين صدقه من كذبه، ومن هنا كانت سعادتي بمبادرة المجلس الأعلي للإعلام بالتعاون مع البورصة بتنظيم دورة تدريبية للمحررين الاقتصاديين، وكانت سعادتي مضاعفة عندما قدمت لزملائي محاضرتين.. الأولي عن الشائعات الاقتصادية والثانية عن التحقيق الاستقصائي الاقتصادي، وكان مما ذكرته أن القطاع المصرفي والمصرفي الكبير طارق عامر كان البطل وأصحاب النصيب الأكبر من تلك الأخبار الكاذبة علي مدار الفترة الماضية والهدف معروف وهو ضرب الاقتصاد المصري في مقتل، والغريب والطريف أنه قبل أيام ردد أحد الزملاء شائعة لا تقل طرافة عن مضمونها عندما قال إن طارق عامر حاصل علي ليسانس آداب، وهي الشائعة التي روج لها الإخوان في وقت سابق ضمن الحملة التي تم تنظيمها لهز الاقتصاد المصري وهز الثقة في الذين يقومون بتسيير أموره، وهو الأمر الذي يجعلني أتخيل حجم الشرور التي قد تحدث عندما ينقل الإعلامي معلومة دون التحقق منها دون قصد، أو عندما يفسق وينقلها بقصد، والتصدي للشائعات وغربلتها من مهام رجال الإعلام عبر المبادئ التي تحكم عملهم من خلال المصافي التي تمر عليها الأخبار، كما أن دور الحكومة لا يقل أهمية في سرعة الرد وفتح قنوات المعلومات، خاصة أن الشائعات قد وصلت إلي درجة أنها أصبحت سلاحا مؤثرا في هدم الدول والشعوب، ولا أنسي هنا تلك الدراسة المعروفة باسم «قوة الهمس»، وتتناول دور الشائعة في اللعبة الكونية كوسيلة للاتصال والثورة، بالتطبيق علي ما حدث في تونس وليبيا ومصر، وخلاصة الكلام أن حارس البوابة الإعلامية يجب أن يكون متيقظا.. كفؤا.. مؤهلا.. يعرف ما يمر وما يجب ألا يمر، ولكن كيف يتحقق ذلك فتلك قصة أخري! صديق الإرهابيين! الثلاثاء: مرات كثيرة رفضت في عملي الصحفي خبرا أو صورة رغم موثوقية مصدرها، والسبب أنني رأيت أن نشرها يضر بحربنا ضد الإرهاب، ويخدم الرسالة الإعلامية للإرهابي أكثر مما يخدم الرسالة الإعلامية للدولة المصرية، وعلي تلك الخلفية أستطيع أن أعبر عن امتناني الكبير لزميلي وأخي في أسرة أخبار اليوم الكاتب والمفكر الدكتور محمود عطية، علي كتابه الأخير «إعلام الإرهاب والإدمان»، والذي صدر ضمن سلسلة «اقرأ» الصادرة عن دار المعارف العريقة، والتي نجح رئيس مجلس إدارتها الأستاذ سعيد عبده في جذب المبدعين الحقيقيين وتناول قضايا حقيقية عبر إصدارات الدار المختلفة، ومن أهم مضامين كتاب الدكتور محمود أنه نحت كما الفنان مجموعة من المصطلحات الإعلامية التي يجب استخدامها بديلا عن تلك التي يتم استخدامها حاليا دون وعي بمردودها السلبي، بحيث يصبح الإعلامي وبحق أفضل صديق للإرهابي بنشره غير الواعي للرسالة التي يريد نشرها بين الناس، ونفس الشيء بالنسبة للإدمان وكلتاهما قضيتان يري كاتبنا الكبير أنهما أخطر قضيتين تهددان بعنف تماسك الدولة المصرية، ويدعو إلي سرعة التحرك نحو تصويب عمل وسائل الإعلام التي تسهم في نشر الخوف، والفزع، فضلا عن قيام بعض التغطيات غير الرشيدة بمنح تلك الجماعات الإرهابية صبغة إنسانية أو تجعلهم من أصحاب المطالب والمشاكل، وهو أكبر هدف للإرهابيين، ويبقي الجهد الأكبر، والمشكور له وهو تلك الوسائل التي وضعها كدليل للقارئ من أجل التحقق من صدق أي خبر.. وباختصار هو كتاب مهم للإعلامي وللقارئ العادي وللأكاديمي الدارس لقضايا الإرهاب والإدمان، وقبل كل هؤلاء مهم جدا لصناع القرار. كلام توك توك: تعبنا وشقينا ومحدش خيره علينا! إليها: الحب.. فريضة وفضيلة.