فاتنة الجمال، وذكاؤها تجاوز عمرها بعشرات الأعوام، كانت دومًا تعرف ما تريد، وتحصل عليه، لا يتحدث إليها أحد إلا ويتعلق بها، هكذا وصفت أم »ليليان كوهين« ابنتها التي عرفتها السينما المصرية فيما بعد باسم «كاميليا». وكشفت أم «كاميليا»، عن سر العلاقة التي جمعت كاميليا، بالمخرج أحمد سالم، وكيف تطورت هذه العلاقة؟ وانتهت كما قالت بأمر ملكي من الملك فاروق؟ أول لقاء بدأت الحكاية في صيف عام 1946 بالإسكندرية عندما ذهبت كاميليا، بصحبة والدتها إلي ميدان السباق لمتابعة سباق الخيل، وهناك لمحت الأم رجلا يختلي بابنتها، فهبت كالمجنونة تسألها عن هذا الشخص، فأجابتها بأنه مخرج كبير يعرض عليها العمل بالسينما. ثارت الأم التي تخشي علي ابنتها من الذئاب البشرية، وقالت لها وهي تصرخ: «سينما.. أموتك.. أدبحك»، وإذا بكاميليا، ترفع صوتها لأول مرة في وجه أمها، قائلة: «وفيها إيه السينما، كل حاجة مش عاوزة.. خروج مش عاوزة شغل.. أنا مش ممكن اتحبس في البيت». وهدأت الأم، وسألت كاميليا، عن اسم هذا المخرج، فمدت إليها يدها ببطاقة، كتب علي ظهرها الساعة العاشرة صباحا في فندق وندسور، وعلي الوجه الثاني «أحمد سالم»، وهنا سرحت الأم بخيالها مع صاحب المغامرات النسائية المعروفة، من اقترن اسمه باسم أسمهان، وحادث إطلاق الرصاص عليها، ولم تفق الأم من غفوة تفكيرها إلا في المنزل، وكاميليا، تقفز وتضحك وتغني، وطلبت من والدتها أن تذهب معها في الموعد. رفضت الأم أن تذهب ابنتها إلى الموعد، وبررت رفضها بأنها لا زالت صغيرة، وفي حاجة أن تكمل تعليمها، فبكت كاميليا، وهددت بالانتحار، ولم تستطع الأم أمام ثورة ابنتها إلا الموافقة على الذهاب معها لمقابلة أحمد سالم. موعد مع السينما وفي الموعد المحدد وقف أحمد سالم، أمام أم كاميليا، يكشف لها عن إعجابه بكاميليا، وصلاحيتها للعمل بالسينما، والأم تقاطعه بأنها لا زالت صغيرة، وربما لا تصلح، فاقترح إجراء تجربة لكاميليا، بمجرد العودة للقاهرة، واستطاع أحمد سالم أن يكسب ثقة أم كاميليا، خلال دقائق معدودة. وصلت كاميليا، وأمها إلى القاهرة، فاستدعاهما أحمد سالم، إلى مكتبه، وطلب من الأم الانتظار حتى يذهب مع كاميليا، إلى الاستوديو لإجراء التجربة، ولكن الأم غادرت لإنهاء بعض الأعمال، وعادت وانتظرت ساعتين، حتى حضرت كاميليا، ووراؤها أحمد سالم، يصيح فرحا: «مبروك.. دي حاجة عظيمة». اختار أحمد سالم، لبطلته الجديدة اسم «كاميليا»، بدلا من اسم «ليليان»، وما أن أخرج العقود، حتى طلبت الأم الانتظار حتى حضور ابنها ليطلع على العقود قبل توقيعها، ولما قرأها سألته أمه عن رأيه، فطلب منها التصرف كما تشاء، وأعرب عن رفضه مبدأ العمل بالسينما، وأشار عليها أن تزوجها، ولما سمعت كاميليا، بذلك ثارت وصرخت في وجه أخيها وطردته واتهمته بأنه سيفسد لها حياتها ويهدم مستقبلها، ولما هم بالخروج أمسك به أحمد سالم، ووقعت الأم على العقد، ووقع الابن بعد إلحاح كضامن. طلب زواج وذهبت كاميليا، لشراء فساتين الفيلم الأول، وأخذت تجربها واحدا تلو الآخر، وارتدت فستانا جديدا كان يطلق عليه اسم «أكسفورد»، أرادت أن تذهب به إلى أحمد سالم، فلم تسمح لها والدتها بالذهاب وحدها، وما أن وصلا إلى مكتب أحمد سالم، حتى بدأت كاميليا، تقوم بحركات مثل حركات المانيكان ببراعة فائقة، لكن الأم لمحت عيني أحمد سالم وهو ينظر إلى كاميليا نظرات لم تعجبها، فازداد خوفها على ابنتها، وانتبه أحمد سالم إلى قسمات وجه أم كاميليا ونظرات عينيها، فطلب منها استقباله في الفندق للتحدث في موضوع خاص. وفي اللقاء كشف أحمد سالم لأم كاميليا عن إعجابه بابنتها، وحبه لها، ورغبته في الزواج منها، فرفضت الأم رفضا شديدا، وقالت له إنها سمعت عنه الكثير وعن حكايته مع أسمهان، ولو كانت تدري أنه سيطلب كاميليا للزواج، لرفضت عملها بالسينما، وأخذ أحمد سالم يقنع أم كاميليا بأمر الزواج دون جدوى. الهروب إلى قبرص طلب أحمد سالم من أم كاميليا ترك الفندق، والانتقال إلى بنسيون كائن فوق بيته، توفيرا للنفقات، وحرصا على الوصول إلى كاميليا في أي وقت يستدعيه العمل، وكان سالم يبعث إليهما بالغداء، ويستدعي كاميليا للغداء معه إذا كانت أمها متعبة، وكان يستدعيها أيضا لتعليمها التمثيل والإلقاء والكلام. ذات مرة عادت كاميليا من الاستوديو غاضبة مصفرة الوجه، أعصابها مرتعشة، وألقت بنفسها على صدر والدتها وهي تبكي بحرقة، وقالت لأمها إنها خائفة من أحمد سالم، بعد أن شاهدته وهو يضرب أحد العاملين في الاستوديو، وإنها تخشى أن يضربها إذا أخطأت، ثم كشفت لأمها أن شيئا حصل بين قلبها وقلب المخرج، وأصبح بينه وبينها سر، وكشفت أنه أحيانا يكون شديدا معها، وأنها تخاف أن يفعل معها ما حاول فعله مع أسمهان. أخذت كاميليا، تصرخ طالبة من أمها أن تنجدها، ثم اقترحت أن يسافرا إلى قبرص لمدة 15 يوما تأخذ خلالها قسطا من الراحة، ولم يمانع أحمد سالم، ومضت ال15 يوما، وطلبت من والدتها أن ترسل إلى أحمد سالم، أنها ستضطر للبقاء شهرا آخر لأن ابنتها ما زالت مريضة. فاروق في قبرص وذات صباح استيقظت كاميليا، على ضجة كبيرة في الفندق، لتكتشف أن الملك فاروق سيصل الفندق، وفي نفس اليوم انتقلت الأم لإصلاح طاحونة هواء المنزل الذي ورثته عن أمها في بلدة لارنكا، وبعد يومين عادت لتجد كاميليا، قد تعرفت بالملك فاروق وجلست معه وسهرت إلى جانبه. استغاثة كانت كاميليا، تجلس على مائدة قريبة من مائدة الملك فاروق، ولفتت نظره، وسأل عنها فأخبروه أنها ممثلة جديدة في السينما المصرية، فطلب التعرف إليها، وتقدمت كاميليا، وصافحت الملك فاروق، وسألها عن اسمها، وعن المخرج الذي ستعمل معه، فأخبرته أنه أحمد سالم، فسألها عن سبب وجودها في قبرص، فأخبرته أنها تحاول الهروب من أحمد سالم، لأنه رجل شرير، وقالت لفاروق إنها تدعو الله أن يرسل لها من ينقذها من يدي أحمد سالم. العودة لمصر وصلت رسالة من أحمد سالم يسأل فيها عن موعد حضور كاميليا، وبعثت الأم بشهادة من أحد الأطباء بأن كاميليا، لا زالت مريضة وتحتاج إلى شهر آخر، ومضى الشهر، ثم لم تجد أم كاميليا بدا من العودة إلى مصر، ونزلا في الإسكندرية، وفي اليوم التالي أرسل إليها الملك فاروق، سكرتيره بوللي، واستقبلها على مائدته في ملهى الرومانس، وعاد بها بوللي مرة أخرى إلى البيت. أمر ملكي عادت كاميليا، للقاهرة وانتقلت إلى بيت جديد في الدقي، وفكرت أم كاميليا، في الحصول لكاميليا، على عمل جديد بجانب فيلم أحمد سالم حتى لا تترك لها فراغا تفكر في فاروق، ثم طلبت أحمد سالم، بالتليفون، ووجدت رده في منتهى الأدب، وكان صوته خفيضا شبه يائس، وأخبرها أنه يبحث عنها وأنه في حاجة إلى لقائها. ذهبت إليه أم كاميليا، في مكتبه، وسلم إليها ورقة مطبوعة وهو يقول كما لو كان يريد التخلص من تهديد واقع عليه: آدي العقد بتاع كاميليا، وآدي إمضائك عليه، أنا مش عايز منكم حاجة، مش عايز حاجة أبدا". أدركت الأم أن استغاثة كاميليا، بفاروق، في قبرص قد تحولت لأمر ملكي إلى أحمد سالم بعدم التعرض لكاميليا، وربما كان الأمر بعدم رؤية كاميليا على الإطلاق، وكشفت أنها تأكدت من هذا من نظرات أحمد سالم وارتباكه وطريقة حديثه، واستقبلت كاميليا، الخبر كما لو كانت قد حصلت على أغلى أمنيات حياتها. أخبار اليوم 25-2-1956 أخبار اليوم 3-3-1956 أخبار اليوم 10-3-1956