عاهة منذ فقدانه إحدي ساقيه و هو يفكر ، كيف يستكمل إنسان جسده بالمعدن إذ راحت تهاجمه الوساوس فترتفع حرارة جسده ويفقد صوابه كلما وقعت عيناه علي أشياء صدئة كما ضرب حصارا حول انفعالاته بعد أن فوجئ بنفسه يصرخ ذات مرة : ..... أنا من لحم و دم .... صار نومه جريا في صحراء معادية ينكشف فيها المدي عن وجه عملاق يطلق شظايا تعيد أرواحا إلي الرب وتستنبت في أخري جراحات وعاهات و شهيقا لا يهتدي إلي الرئتين إلا بصحوه علي مشهد ساق وحيدة ترفس الفراش وتملأ ظلام الغرفة بآلاف الصور لوجه طبيب الجراحة الودود الذي أخضع جسده شهورا طويلة لمشارط وعقاقير ولمسات مهنية تسوطه عبر نفق من ضباب كثيف إلي حياة سابقة يري فيها طبيب الجراحة عشيقا لزوجته بوعي يؤلمه فلاش التساؤل : أي اسم لحوائط نمت بيني وبينك سوي الخيانة؟ قانون المصادفات الخفي عرض - بعد مصادفة الشظية السيئة - مصالحاته؛ قرأ أن الإنسان صانع لوجوده فأعاد فتح ملفات الماضي مدققا في سيناريوهات من نوع: أي الساقين كانت الأسرع في الطريق إلي العاهرات؟ أي الساقين كانت الأبطأ في الطريق إلي المساجد؟ حتي انتهي به الأمر إلي أي الساقين خانت: من توارت عند الخطر أم من رحلت تاركة الأخري لنكد الانتماء إلي ذي عاهة؟ وهكذا صارت الخيانة فلكا لتأملات تزداد سخونة في الأعياد القومية دافعة إياه إلي التفكير في نصره الشخصي الوحيد هناك حين يحدث نقصان جثته ارتباكا في صفوف الدود الذي يمتلك ذاكرة لم تقو علي الاحتفاظ بمذاق قديم لساق متبلة بالبارود و رائحة تعقيم يدي طبيب الجراحة.. كما ترون ما إن انهارت المقاومة وصارت كلمة العدو هي العليا حتي غرقت المدينة في الاحتفالات كانت الليالي الأولي تكريما للخونة والمتعاونين والليالي التالية كانت للأحياء من رجال المقاومة صافحهم قائد العدو بمودة صادقة وتوقير ملحوظ وحين ازدهرت في الظل الآمن لسرمدية الكرنفالات جسارة الاستفسار بشأن المصابين والشهداء ساد صمت واشمئزاز أنهاه قائد العدو بخطبة هادئة قال فيها: كل ما أستطيع تقديمه للمصابين السماح لهم بالتسول في سلام أما الشهداء فقد أفسدوا كل شيء وكما ترون مشيرا بيده إلي سماء تستتر خلف حبال تتدلي منها مثلثات ملونة لم يكن الأمر يستحق كل هذا العناء. هجائية للشوبنج زوج خالتي الذي خرج منذ ثلاثة أو أربعة أسابيع لعمل شوبنج ، بفقدانه السيطرة علي الأمور صار منتميا لقبيلة من الهيبيين يتزعمهم متزوج كان حتي وقت قريب رهن الاعتقال إثر سلسلة من الاعتداءات علي مطاعم الوجبات السريعة ، لم يدعم قرار الإفراج عنه سوي ملاحظته المقلقة التي تضمنتها الأوراق الرسمية وعلي إثرها جندت الدولة جيشا من السيميائيين انقسموا بعد بحث علمي مرير وجهود استخباراتية مكثفة إلي ثلاث فرق: الأولي أعلنت أن السيد كنتاكي ذلك الشيخ المتصابي يستقبل العملاء بابتسامة مفادها : أعدكم بمجرد الانتهاء من وجباتكم أكون قد انتهيت من زوجاتكم .... بينما الفريق الثاني أكد أن المهرج الودود الذي يحبه الأطفال والمدعو ماكدونالدز امرأة سحاقية تخدعنا بالمساحيق الكثيرة التي تغطي وجهها وشعرها وتخطط بها ملابسها لصرف أنظارنا عن القوام ومكمن الشهوة اللذين يقودان بسهولة إلي فضحه أقصد فضحها وهو الآخر السيد ماكدونالدز يستقبل العملاء بنفس الابتسامة التي يستقبلهم بها السيد كنتاكي... الفريق الثالث رغم أنه بدا كقاطع لشوط أبعد من سابقيه بتوسيع نطاق دراسته الميدانية ليشمل أفراد قبيلة الهيبيين وخلفياتهم الثقافية والاجتماعية لم يضف جديدا لإنجاز الفريق الأول و بدا أعضاؤه من خلال تقاريرهم ضحايا لأفكار خالتي الحادة الطبع معلنين أن الابتسامة المشتركة لا تقول سوي ( استمتعوا بوقتكم فأنتم بعيدا عن زوجاتكم ) الأمر الذي أنذر باتساع دائرة الصراع وتدخل أطراف جديدة ابرزها الجمعيات النسائية التي أسقط قضاؤنا النزيه دعواها حول إغلاق تلك المطاعم مشددا في الحيثيات أن الحكم صدر بعد عمل مسح لعدد الأزواج الذين يصحبون زوجاتهم إلي تلك المطاعم بقصد أو بدون قصد مما أضعف موقف خالتي وأظهر تقصيرها القاتل حيال كوابيس ظلت طوال سنوات تهاجم زوجها الذي صادفته البارحة علي الرصيف المبتهج دون مناسبة لأحد المولات، يدخن الماريجوانا وفي عينيه بريق من عثر أخيرا علي يقينه الخاص بينما يغط الداخل في جلبة المتسوقين الباحثين دون جدوي ... خطوط متقاطعة كلما خرج من المسجد تتقاطع خطوط علي جسده طولا وعرضا حذرته زوجته بعنف: جعلت المساجد للصلاة.. لم يفهم وهي لم تتمكن من التوضيح.. مع الوقت كانت الخطوط تزداد ثباتا حتي توقف عن ممارسة السباحة وكلما ضم طفلته إلي صدره كانت تجفل منه.. راقبته الزوجة حتي المسجد.. مخاطرة بالدخول إلي أماكن الرجال .. وضع نعليه.. توضأ مثل الجميع ودخل في الصف... عند بداية الصلاة غادره كيان أثيري راح يدخل ويخرج عبر النوافذ الموشاة بالأرابيسك... في تلك الليلة تظاهر بالنوم تاركا أناملها تتحسس صدره وكتفيه مقتفية الخطوط التي صارت قنوات راحت تملؤها بالدموع.