وفرت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كافة الإمكانيات لتسهيل الحج علي الحجاج هذا العام، وفي هذا الإطار وتحت رعاية العالم السعودي المستنير الدكتور محمد صالح بنتن وزير الحج والعمرة انطلقت فعاليات ندوة الحج الكبري، وتعد من أبرز التجمعات العلمية التي تحتضنها حكومة خادم الحرمين الشريفين سنويا منذ أكثر من أربعين عاماً، وحملت شعار هذا العام "شرف الزمان والمكان.. في طمأنينة وأمان"، وشارك فيها كوكبة من العلماء والفقهاء والمفكرين يمثلون دول العالم الإسلامي، بينهم علماء من مصر. وزير الحج: أفضل الخدمات لضيوف الرحمن مفتي مصر: تاريخ مشرف للسعودية في خدمة الإسلام نائب الوزير: تعزيز الوعي الإسلامي الصحيح انطلقت جلسات الندوة في جو علمي وروحي علي بعد أمتار من بيت الله الحرام، وناقشوا كل قضايا الحج، لتعزيز الأداء الشرعي الأمثل للركن الخامس في الإسلام. في بداية الافتتاح رحب الدكتور محمد صالح بنتن وزير الحج والعمرة، بالوفود المشاركة وذكر أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان تدرك أهمية خدمة الإسلام والمسلمين من منطلق مكانتها التي خصها بها المولي (جل وعلا) وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، فتتضافر الجهود لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وإحاطتهم بكل أسباب الراحة والطمأنينة واليسر لتأدية مناسك حجهم وعمرتهم، وبعد إلقاء كلمته البليغة دعي العلماء المشاركين إلي الجلسات العلمية للتعرف علي إنجازات المملكة في خدمة الحجاج والمعتمرين، وتناول كل الأطروحات المرتبطة بالحج، للوصول إلي صياغة فكر مستنير، ورؤي مشتركة لتدارس قضايا الحج والأمة بعلم وواقعية وبصيرة.. كلمة نائب وزير الحج ولاقت كلمة المفكر الدكتور عبدالفتاح بن سليمان مشاط (نائب وزير الحج والعمرة ورئيس اللجنة التنفيذية) استحسان الجميع، خاصة عندما طالب بترسيخ مبدأ الحوار الفكري الهادئ لقضايا الأمة الإسلامية من خلال موسم الحج، وأن تتواصل هذه الندوة لتحقيق المرامي والغايات السامية التي انطلقت من أجلها منذ ما يزيد علي الأربعين عاما، فما أحوجنا في هذه المرحلة إلي تعزيز الوعي الإسلامي الصحيح في مناحي حياتنا كافة، والتمسك بمنهج الوسطية والاعتدال، والأمل معقود دائما علي أن يلتئم الشمل، ويتحد الرأي، فلا يكون الاختلاف في أصل وأن تتواصل الندوة بعلمائها في أطهر البقاع، ليخرجوا بما يعود نفعاً علي الأمة في شئونها كلها، ونصيب بعضا من فوائد الحج التي تتجاوز الأثر الفردي إلي العام. مفتي مصر يتحدث ومن أهم البحوث المشاركة بحث مهم للدكتور شوقي علام (مفتي مصر) كان عنوانه: »من خلال شعيرتي الحج والعمرة: جهود المملكة في دعم قضايا المسلمين»، ذكر في سطوره أن ما يبذله ولاة الأمر تجاه البقاع المقدسة والحجاج والمعتمرين هو بمثابة تاريخ مشرف وحصاد ملموس، وأن من أهم مظاهر تلك الجهود: تحسين البنية التحتية لأماكن المناسك، كتوسعة المسعي والمطاف، والمسجد الحرام، والمسجد النبوي وساحاتهما، وما تشهده المشاعر المقدسة مني وعرفات ومزدلفة من مشروعات عملاقة. وتوفير المواصلات والخدمات بأنواعها المختلفة، ومد جسور التواصل بين علماء الأمة ومفكريها من خلال الندوات الفكرية، واستضافة الحجيج، والتي تأتي في مقدمتها ندوة الحج الكبري التي أنتجت العديد من البحوث والمحاضرات واللقاءات التي تفيد حجاج بيت الله الحرام، فضلاً عن إفادة صناع القرار والقائمين علي خدمة الحرمين الشريفين بما يمكنهم من صياغة قرار سديد مبني علي أسس علمية رصينة. تقديم الدعم الشرعي وتقديم الدعم الشرعي لمستجدات الحج ونوازله من خلال برامج التوعية، وإنشاء معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، الذي بلغت عدد بحوثه أكثر من 400 بحث، وتم تقديم نحو 29 دراسة ميدانية علمية. إن ما يبذله ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية تجاه هذه البقاع المقدسة والحجاج والمعتمرين هو بمثابة تاريخ مشرف، وحصاد ملموس، والمتأمل في مظاهره وإجراءاته يقطع بأن ما يقومون به من جهود عظيمة في خدمة الحرمين الشريفين وزوارهما هو من الأمور الحسنة المحمودة والمتسقة مع مطلوبات الشرع الشريف ومقاصده، وأداء للمسئولية الشرعية والتاريخية التي شرفهم الله بها.. أما الدكتور ماجد محمد فهمي نجم (رئيس جامعة حلوان)، فكان عنوان بحثه: (تعظيم الشعائر والعناية بالمشاعر)، وأهم مرتكزاته ترسيخ التعظيم والإجلال والمحبة لدي جموع المسلمين لجميع شعائر الحج ومشاعره، والنأي بمشاعر الحج عن أن تكون ميدانا للأغراض الشخصية أو الصراعات المذهبية، والتوعية ونشر ثقافة احترام الأنظمة المتعلقة بالحج، والتأكيد علي تعميق مبدأ احترام الحقوق والحرمات والمقدسات وإجلالها. السلوك الحضري المنضبط والربط بين أداء شعائر الحج وبين السلوك الحضاري المنضبط، كما قدم الدكتور ماجد نجم »رئيس جامعة حلوان» دراسة تاريخية راقية عن العناية بالمشاعر المقدسة، وإلقاء الضوء علي التوسعات الجديدة والحديثة بالحرمين الشريفين... وقدم الدكتور إبراهيم نجم (مستشار مفتي الجمهورية) دراسة مفصلة وجيدة عن : (الإعلام وسيلة لإبراز سماحة الدين وثقافة المسلمين)، طالب فضيلته بضرورة الاهتمام بالإعلام في نشر الأفكار البناءة، ومحاربة الهدامة منها التي أثرت علي عقول المستخدمين للإعلام الجديد، والحيلولة دون وصولها إلي عقول المسلمين. ترحيب بضيف الله ونظم الشاعر السعودي الكبير حاتم بن حسن قاضي (المستشار والمتحدث الرسمي لوزارة الحج والعمرة) قصيدة رحب فيها بحجاج بيت الله الحرام، هذا مطلعها: أهلا وسهلا بضيف الله ذي الشأن.. زانت بمقدمكم والله أوطاني والله منَّ بتوفيق وإحسان.. فالحمد لله ما لله من ثاني جاء الحجيج وحفظ الله يكلؤهم.. والعين تحرسهم من كل شيطان وتحدث المفكر الإسلامي المعروف الدكتور يوسف بن علي الفقي عاشق مصر والحاصل علي الدكتوراه من جامعاتها عن خصوصية الحج.. في معانيه وأبعاده، وبأن حكومة خادم الحرمين الشريفين وفرت لحجاج بيت الله الحرام كل الإمكانيات الممكنة لراحتهم وتوفير الطمأنينة لهم، ومنها التنظيم السنوي لندوة الحج الكبري. ملتقي إسلامي فكري وأشاد المفكر السعودي الدكتور هشام بن عبدالله عباس (أمين اللجنة العليا، ونائب رئيس اللجنة التنفيذية للندوة)، بأهدافها السامية كملتقي إسلامي فكري يتحقق عبره التعارف والتواصل الديني والمعرفي بين المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها، وبحث ومناقشة القضايا التي تهم المسلمين في حاضرهم ومستقبلهم بصورة عامة، والقضايا التي لها صلة بالحج والحجاج بصورة خاصة. وأكد الدكتور عبدالله بن أحمد الحاي (رئيس المحاكم الشرعية بالبحرين) بأن ديننا الإسلامي هو المهيمن علي جميع الرسالات، لكن تشريعات الإسلام اتسمت بالوسطية والاعتدال والسماحة واليسر، ودفع الحرج، ورفع المشقة، وقد ظهر ذلك جليا في تكاليفها وأحكامها المتدرجة وأنظمتها الخالدة سواء في جانب العقيدة أو العبادة أو الأخلاق أو المعاملات، أو العلاقات الاجتماعية والأسرية والإنسانية، وكيف لا وهو دين الحنيفية السمحة الذي استطاع أن يستميل أفئدة الناس، ويجتذب أنظار المعتدلين منهم في المشرق والمغرب. الحج توحيد للقلوب الدكتور مصطفي إبراهيم تيسيرتسن (مفتي البوسنة) شرح كيف أن الحج الذي يتضمن جميع معاني قواعد الإسلامي السابقة، والتي تثري الفرد والمجتمع بالأخلاق الفاضلة، وهكذا من الفرد للمجتمع، والعكس تتداول السكينة بين الناس لكي يبلغ الإنسان مراده وهو توحيد القلوب.. قلوب الإنسانية كما هي في خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر، وهي الحاملة والمتحملة، وهي المتواصية بالحق والصبر، حيث أدركت بأن يوم الحج الأكبر، وفي جبل عرفات أكملت لها الرسالة الإلهية وأتمت نعمة الله عليها، قال تعالي: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا)، وتساءل مفتي البوسنة: متي يصبح صف المسلمين في العالم بنياناً مرصوصا كما هو يوم عرفة علي جبل عرفات. حكم وأسرار ومنافع منافع الحكم ومقاصده وحكمه وأسراره، كشف عنها الدكتور عبدالسلام بلاجي (رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي)، عندما بين أنها لا يحيط بها علم عالم، إلا الله عز وجل العليم الخبير، ما هي المنافع فالمنافع تتعلق بمصالح الدنيا، وذكر الله يدل علي مصالح الآخرة، ولذا اختلف العلماء، فبعضهم حملها علي منافع الدنيا، وهي أن يتاجروا في أيام الحج، وبعضهم حملها علي منافع الآخرة وهي العفو والمغفرة، وبعضهم حملها علي الأمرين جميعا.. فهناك مصالح اقتصادية علي مستوي الأمة لأنه أكبر تجمع سنوي لها، ومن أهم مظاهر تعاونها ووحدتها. وهناك منافع بسط السلم والأمن والاستقرار عندما جعل الله أشهراً حرماً يحرم فيها القتال، وهي ثلاثة أشهر.. أي ربع السنة. ومنافع التخليق والتطهر الحسي والمعنوي، فقد اقترن لبس الإحرام بالتطهر الحسي غسلاً ووضوءا، والمعنوي بصلاة ركعتين والتلبية بالحج.