ذكرنا في المقال السابق مفهوم المصطلح، واليوم نتابع تفريعاته، فهناك العولمة العلمية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية قد تكون الثقافة الإنسانية عامة، وقد تكون الثقافة العربية علي وجه الخصوص، وتسعي العولمة إلي تحجيم الخواص المحلية والإقليمية، تمهيداً للخلاص منها، وإحلال الخواص العالمية (الامريكية) محلها. ان الذي نهتم له هنا ما يخص الثقافة العربية، التي تسعي العولمة إلي إعادة صياغتها صياغة جديدة، بحجة انها ثقافة قد تحجرت، وفقدت كل شروط الصلاحية ، وهذا استدعي منها ان تعمل علي تفكيك العالم بقدر المستطاع، وتفكيك العالم العربي بكل المستطاع، ثم إعادة تركيبه وفق مخططاتها واهدافها، ومن أجل ذلك استحضرت بعض الأصول الغائبة، أو المطموسة، حسب الأديان والأعراق والمذاهب الفكرية والعقائدية، ووصل الأمر إلي استحضار بعض التكتلات القبائلية والعائلية، أي ان العولمة أخذت تتراجع إلي الوراء لاستحضار كل ذلك ، ثم تذويبه بحيث يكون مهيأ لاستقبال هيمنة العولمة، والخضوع لسلطانها. واللافت ان العولمة سعت لتوظيف منجزات العلم الحديث في تحقيق مستهدفاتها، ومن هذه المنجزات (الاستنساخ)، حيث تزرع في البيئة العربية (جنينا مستنسخا) وهو بالضرورة سوف ينتمي إلي من أخذت منه الخلية الاولي في السلوك والصفات الوراثية والمكتسبة، فضلا عن ان هذا الجنين سوف يكون مقطوع النسب والقرابة، بل بالأكيد سيكون مفرغاً من معني الولاء للوطن. هذا الانجاز العلمي، طبقته العولمة علي الثقافة العربية، حيث انتزعت مجموعة من الخلايا الثقافية العولمية (الامريكية)، ثم تخصيبها ، ثم زرعها في رحم المجتمع العربي ، وسوف يبدو ا لمظهر العام وكأنه جنين عربي خالص العروبة، لكنه في الجوهر ليس إلا جنينا امريكياً في لبسه ومأكله ومشربه ومسلكه الخاص والعام. ذلك ان الخلايا المستنسخة كانت متعددة، فهناك (خلية التعليم) التي فرضت اللغة الاجنبية علي كل المؤسسات التعليمية، وتقع ذلك إزاحة اللغة العربية، لتكون لغة ثانية، أو ثالثة، سواء تم ذلك في مراحل التعليم الأولي، أو في المراحل الجامعية، وليس معني ذلك اننا ضد تعلم اللغة الأجنبية، وإجادتها، لكنها نرفض ان تكون هي اللغة الأولي في كل مراحلنا التعليمية. وتتابع الخلايا المستنسخة تسللها إلي المجتمع العربي، وهو ما سنتابعه في المقالات الاتية.