تظهر سارة علي الشاشة وهي تستيقظ من النوم علي صوت المنبه. تحرك أصابعها في رأسها بشكل دائري ومع اقتراب الكاميرا تستطيع أن تسمع صوت احتكاك الشعر بفروة الرأس الذي يتكرر لمدة 70 ثانية حتي يبدأ المشاهد في حك رأسه،مازالت علامات النوم علي وجه سارة التي تقف علي ساق واحدة من غرفتها لتشاهد التليفزيون المفتوح في الصالة أمام والدها،يظهر لنا الشعر الأبيض المتساقط لوالدها وصورة لمذيعة لا تستطيع أن تري منها غير شفاه ملونة،تتابع الكاميرا حركة شفاه المذيعة ثم تنتقل إلي صوت يأتي من المطبخ،تجلس سارة علي الأريكة وترفع ساقيها علي الطاولة،تقترب الكاميرا من قدمي سارة ثم إلي فمها وهي تقضم قطعة من ساندوتش أمامها،تظهر الأم بعد ذلك بفترة وهي تضع ساندوتشات أخري أمام سارة وأبيها وتجلس علي الأريكة وتقول: - ايه الريحة دي؟ يتوقف فم سارة عن مضغ ما به من جبن وخس ويرفع الأب أنفه للشم ويسأل: فين؟ - في ريحة حاجة بايظة انتوا مش شامين؟ الآن ركز في الرائحة.... تبدو قصة الفتاة التي تستيقظ من النوم جيدة،فسارة تستيقظ وتدخل الحمام وتتناول أطراف حديث مع أهلها حول تحديد رائحة غريبة؟ ماذا كنا سنعرف عن هذه الفتاة،أنها تحب أن تدلك رأسها في الصباح وأن تضع قدميها علي الطاولة،أين سيقودنا ذلك؟ الفتاة تعاني من مرض ما؟ الأم تموت؟ قصة حب بائسة مثلا؟ ولكن ماذا لو لم يحدث شئ؟ أي شئ؟ ما الذي سيحدث أن ظلت سارة جالسة علي الأريكة،لا تغير المحطة ولا تفكر فيما تقوله المذيعة حتي لو انتقلت الفقرة إلي اعلانات،لن ترغب سارة في شراء أي منها ولن ترد علي الرسالة التي أرسلتها مني بخصوص تغيير ميعاد المحاضرة غدا،ماذا ان ظل رأس سارة خاوياً تماما؟ بينما تتناول ساندوتش تلو الآخر سيزيد وزن سارة عدة كيلو جرامات وسيهبط اسفنج الأريكة من تحتها ويدوب قماشها ،بموت الأم والأب بعد فترة يختفيان من الصورة،وتستمر سارة في الجلوس علي الأريكة. لن تلاحظ سارة التغيرات التي طرأت علي شكلها مثل تساقط شعرها حيث لا توجد مرآة في الصالة وذلك يرجع لحادثة قديمة فعند زواج الأم والأب بينما كان النجار يحمل الكونسول ليضعه في الصالة انكسرت المرآة التي اعتبرتها أم سارة فألا سيئا ولم تركب مكانها مرآة أبدا،استبدلوا المرآة بصورة لزفافهم،ربما تنظر لها سارة أحيانا. ومن الوقت للآخر كانت سارة تدلك فروة رأسها. تظل سارة هكذا حتي صباح يوم ثلاثاء وفي محطة مترو السادات الساعة الثانية ظهرا،بينما يسمع الواقفون علي حافة الرصيف لانتظار القطار صوت صافرات الانذار الواضحة يقفز الحشد أمام المترو ليدهسهم جميعا وينتهي العالم.