الهيئة الوطنية تعقد مؤتمر المرحلة الثانية لانتخابات النواب 2025.. اليوم    في اليوم العالمي للطفل، علمي ابنك كيفية الدفاع عن نفسه ومواجهة التنمر    «التعليم العالي»: صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    رئيس الوزراء يصدر 17 قرارا مهما اليوم الخميس    «الإسكان»: إعداد مخطط استراتيجي للقاهرة الخدوية.. وطرح حزم استثمارية    مواعيد مباريات الملحق العالمي والأوروبي المؤهل لكأس العالم 2026    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    حقيقة ادعاء سيدة بتعرضها للتعدي في مركز شرطة القرنة    ضبط (139) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    حبس المتهمين بإنهاء حياة صاحب ملجأ حيوانات بالشرقية 4 أيام    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    التخطيط تبحث تفعيل مذكرة التفاهم مع وزارة التنمية المستدامة البحرينية    إندونيسيا: إجلاء أكثر من 900 متسلق عالق بعد ثوران بركان سيميرو    التموين تنعى والدة الدكتور شريف فاروق    أوقاف الدقهلية تنظم 150 قافلة دعوية بمراكز الشباب    ترقب في الأسواق المصرية قبل اجتماع المركزي.. وخبراء يتوقعون خفض 50 نقطة أساس    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو يصل القاهرة اليوم    سيد معوض ل حسام حسن: أنت حر في وضع التشكيل.. لكن من حق الناس تنتقدك    عاجل - اتجاهات السياسة النقدية في مصر.. بانتظار قرار فائدة حاسم ل "المركزي" في ظل ضغوط التضخم    البترول: اكتشاف جديد بخليج السويس يضيف 3 آلاف برميل يوميًا    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    وكيل صحة الأقصر يتفقد التطعيمات ورعاية صحة التلاميذ والطلبة بمدارس مدينة الطود.. صور    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    تذكرتي تطرح تذاكر مباريات الأهلي والزمالك في البطولات الأفريقية    بيراميدز: لا صفقات تبادلية مع الزمالك.. ورمضان صبحي يعود نهاية الشهر    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    محمد صبحى يكشف أسباب التوسع الدولى لجامعات مصر وزيادة الطلاب الوافدين    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    "الشباب والرياضة" تدشن "تلعب كورة" لاكتشاف 2000 موهبة في دمياط    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    حلقة نقاشية حول "سرد قصص الغارمات" على الشاشة في أيام القاهرة لصناعة السينما    سعر الدولار اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    حبس 3 متهمين بحوزتهم 11 كيلو حشيش فى سوهاج    "البحوث الزراعية" يستعرض استخدامات الذكاء الاصطناعي في تطوير الأداء البحثي    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    محمد رمضان وإليا يتعاونان في أغنية «I Don't Know»    مندوب سوريا بالأمم المتحدة: الصبر الاستراتيجي للجيش السوري يضع إسرائيل أمام تحديات سياسية وإقليمية    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقال آخر عن الشعر المنثور
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 06 - 2012

الشعر المنثور هو الذي يتحرر من الأوزان الموضوعة، ولكن لا ليجنح إلي الفوضي
وإنما ليسير وفق أوزان مختلفة يضعها الشاعر عفو الساعة من نسج وحدة أوزان تتلاحق في خاطره ولكنها لا تطرد، غير أنها برغم تباين وحداتها تتساوق في مجموعها. وتؤلف من نفسها في النهاية هارمونيا واحدة، تلك التي تكون مسيطرة عليه أثناء الكتابة.
تلك هارمونيا ليست من صنع البشر، ولكنها سماوية هي الأخري تهبط علي الموهوبين مع الإلهام الشعري ذاته كجزء لا يتجزأ منه. فالشعر المنثور إذن جامع كل خصائص الشعر ماخلا القرع الرتيب، ذلك القرع الذي يلتزمه الشعر المنظوم لأنه ينشد فيه موسيقاه والذي لا يري الشعر المنثور نفسه بحاجة إليه لأنه يستمد موسيقاه من ذات نفسه
ذلكم هو الشعر المنثور، أنغام حرة طليقة كالعصافير ولكن ثمة هارمونيا تتلاقي عندها كما تتلاقي الطيور عند دوحة. وإنك إذن لواجد فيه جمالين، جمال التجمع وجمال التسلسل، ذلك أنه يتيح لك أن تشهد في وضوح ولذة، ومضات الميلوديا المختلفة القصيرة اللبث وسط طنين الهارمونيا الدائمة.
ولهذا، فإن الشعر المنثور لما فيه من انسجام، يتنزه عن عيب الوتيرة الواحدة، ويشع أضواء شتي متباينة غير مستقرة، متجددة متلاحقة أبدا، فما تلبث أن تلهب عواطفك وتضاعف فيك الحياة.
وهو بهذا التنوع وهذه الطلاقة أقرب أنواع الكلام إلي الطبيعة بلا مراء.
فالطبيعة قلما تعرف التماثل بين وحداتها وإنما تنشد التآلف في مجموعها.
خذ شجرة مثلا، فإنك غير واجد بين أجزائها تماثلا، فهذا غصن شارد وذاك آخر منكمش، وهذا فرع منثن وذلك فرع مستو، إلا أنها في مجموعها تبدو متلافة متعانقة تنتهي إلي معني من التساوق يرتاح إليه الذوق السليم ويقر له حتما بالجمال.
وما قيل عن أفرع الشجرة الواحدة يقال عن أشجار الغابة الواحدة، وما قيل عن هذه يقال عن مناظر الطبيعة المختلفة، فليس ثمة شبه بين صحراء وغابة وبحر وجبل ومع ذلك فهنالك بينها انسجام، والجمال فيها علي أتمه هو ما تمخضت عنه مجتمعة، وهكذا لا تعرف الطبيعة التكرار المحض ولا النهاية المحدودة. ومن هنا كان جمالها غير محدود وسحرها غير منته.
وبعد فإن الشعر المنثور بتوافقه مع الطبيعة فيه ما فيها من رحابة وتحرر، فهو كالطبيعة يفتح أمامك مغاليق أفق رحيب لا تحد منه القافية أو الوزن المطرد. ولذلك فهو يمهد لنفسك سبيل الانطلاق في الكون إلي مسافات أبعد شوطا ً وفي اتجاهات أكثر عددا من أي نوع من أنواع الكلام.
ومن أجل هذا اختارت الأديان الشعر المنثور لغة لها، لأن الطلاقة واللانهائية من أخص صفات الألوهية التي تلهم الدين. وإننا مع تنزيهنا للقرآن الكريم عن درجه ضمن الأساليب البشرية، نري إنه من حيث الوضع اللغوي البحت أقرب ما يكون إلي الشعر المنثور وإن تجاوزه في خصائصه وطاقته. فهو لا يخضع لقافية أو وزن موضوع ومع ذلك فموسيقي الوزن تلوح في تضاعيفه وترتفع عندما لا تمنع المناسبة حتي لتحمل العين أحيانا علي أن تذرف الدموع. وهاك مثل من قوله تعالي في سورة النور اقرأه معي وانظر كيف تتدفق الموسيقي ساحرة علوية دون حاجة إلي وزن يجريها أو قافية تطرد:
" الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم"
وما قيل عن القرآن الكريم يقال عن سائر الكتب السماوية، فمزامير داود ونشيد الإنشاد لسليمان هما من الشعر المنثور ولقد اعتبرتهما دائرة المعارف البريطانية أقدم شعر غنائي في الوجود. وإليك مقطوعة من نشيد الإنشاد:
" في الليل علي فراشي طلبت من تحبه نفسي، طلبته فما وجدته. إني أقوم وأطوف في المدينة في الأسواق وفي الشوارع أطلب من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته. وجدني الحرس الطائف في المدينة فقلت أرأيتم من تحبه نفسي؟ فما جوزتهم إلا قليلا حتي وجدت من تحبه نفسي. فأمسكته ولم أرخه حتي أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي. أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقل ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتي يشاء."
ورب معترض يقول إن الأوزان الاصطلاحية لازمة للشعر. والجواب علي ذلك أن الشعر أسبق من الأوزان لأن الأوزان من صنع البشر في حين أن الشعر ولد مع الحياة ومادام الشعر قد استطاع فيما مضي أن يعيش حينا بغير أوزان فهو بعد إذ وجدت يستطيع أن يعيش بدونها.
ولكن هل معني ذلك أن الشعر المنثور بتحرره من الوزن الموضوع والقافية يصبح سهل الصياغة كما يتبادر إلي الذهن لأول وهلة. كلا بالطبع مادام لم يزل علي الشاعر الناثر أن يجري كلامه وفق أوزان يبتكرها أثناء الكتابة. بل إن تحرر الشعر المنثور من القافية والوزن، يجعل مهمة الشاعر شاقة عسيرة إذا لاحظنا أن الاطراد الذي يلابس الوزن والقافية يساعد علي إحداث النغم ويقصر الآذان علي متابعته والرضوخ لتأثيره. ولهذا فإن الشاعر الناثر يضطر إلي الاستعاضة عن موسيقي التكرار بموسيقي أخري يستمدها من القوة الشاعرة ذاتها. وهي موسيقي أبعد مثالا من سابقتها وكثيرا ما يضل الشاعر أوتارها إذا هو لم يندمج في فكرته أو لم يكن بطبيعته عبقريا ً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.