ولدت الكاتبة الاسكتلندية الكبيرة »آلي سميث» في أغسطس عام 1962 لأسرة من الطبقة العاملة. درست بجامعة »أبردين»، ثم تقدمت للحصول علي الدكتوراه من جامعة »كامبريدج»، ولكنها لم تحصل عليها حتي الآن. عملت مُحاضرة بجامعة »ستراثكلايد»، ولكنها تفرغت بعد ذلك للكتابة الصحفية أو الإبداعية. بدأت »آلي» الكتابة الأدبية في مطلع التسعينيات، ونشرت مجموعتها القصصية الأولي »حب حُر وقصص أخري» عام 1995، التي نالت عنها جائزة »سولتير» لأفضل كتاب أول في ذلك العام. وفي عام 1997. أصدرت روايتها الأولي »مِثل»، ثم مجموعتها القصصية الثانية »قصص أخري وقصص أخري» عام 1999، إلا أن نجاحها الحقيقي أعقب صدور روايتها الثانية »فندق العالم»، عام 2001، والتي نالت عنها عدة جوائز؛ منها جائزة مجلس الفنون الاسكتلندي، ووصلت إلي القائمة القصيرة لجائزتي »أورنج»، و»بوكرمان». وفي عام 2005، وصلت روايتها »بالصدفة» إلي القائمة القصيرة لنفس الجائزتين، وتم اختيار روايتها »فتاة تقابل ولداً» كأفضل رواية في اسكتلندا لعام 2007. وفي عام 2014، وصلت روايتها »كيف نكون كلانا» إلي القائمة القصيرة لجائزة بوكرمان، وفازت بجائزة »بيالي» في العام التالي، كما فازت بعدة جوائز أخري. أحدث إصداراتها القصصية مجموعة بعنوان »المكتبة العامة وقصص أخري»، عام 2015، وفي مطلع هذا العام أصدرت رواية جديدة بعنوان »الخريف». تتمتع »آلي سميث» بحضور قوي علي الساحة الأدبية في بريطانيا والولايات المتحدة، وأصبحت شهرتها عالمية مؤخراً، رغم أنها أصدرت خمس مجموعات قصصية وخمس روايات فقط حتي الآن. أصبحت كل رواية تصدرها حدثاً أدبياً ينتظره القراء والنقاد بشغف، ويتوقعون فوزها بالعديد من الجوائز. تكتب »آلي» بانتظام في عدد من الدوريات الأدبية الكبيرة، وتشارك بقوة في معظم الفعاليات الأدبية والثقافية، وحصلت علي درجات زمالة من عدة جامعات مرموقة، وانتُخبت زميلاً للجمعية الملكية للأدب عام 2007، ومُنحت وسام الإمبراطورية عام 2015 لإسهاماتها الأدبية. ويري أغلب النقاد أن »آلي سميث» تمكنت من تطوير القصة وجعلها أكثر ثورية وقدرة علي الاستجابة لمتطلبات القرن الحادي والعشرين، لما اتسمت به من جرأة في الطرح والتناول، اعتمادًا علي تقنيات سرد حديثة ولغة شديدة الخصوصية، إضافة إلي قدرتها علي عرض أفكار مُنفتحة ومُتعددة الجوانب عن الذات الإنسانية. وتتعامل »آلي سميث» مع القضايا الراهنة، إذ لا يستهويها التاريخ كثيراً علي عادة كبار أدباء اسكتلندا؛ وربما كان هذا نتيجة مفهومها الخاص الرافض للنظرة الكلاسيكية للهوية في بلدها؛ ولحرصها علي التعامل مع قضية الهوية بروح أكثر انفتاحاً؛ تتجاوز المقولات القديمة التي رسخت في الوعي الجمعي من جيل إلي جيل. ويبدو بوضوح أن »آلي» تصب تركيزها علي ثنائية الإنسان والعالم، بدلاً من التركيز علي التاريخ والهوية. من أبرز القضايا التي تهتم بها »آلي» هي قضية المرأة المُعاصرة، ولهذا تختار أغلب بطلات قصصها ورواياتها من النساء أو المُراهقات، كما تدور أغلب الأحداث حول ما تتعرض له النساء من تحديات. ويمكن القول أنها ترصد العالم من وجهة نظر أنثوية، وهي تعترف أنها كاتبة نسوية، وتري أن النساء في أمس الحاجة إلي من يدافع عنهن ويتحدث بصوتهن. وعلي المستوي الفني، لجأت »آلي» إلي تقنية غموض الضمائر في السرد في بعض قصصها، حيث لا يكشف الضميران »أنا» و»أنت» عن جنس المُشار إليها سواء كان رجلاً أم امرأة علي امتداد القصة (وهو أمر ممكن في اللغة الانجليزية). ولقد استخدمت هذه التقنية في جميع قصص مجموعتها »القصة الكاملة وقصص أخري». وتؤمن »آلي سميث» أن الحياة عبارة عن حوار بين أطراف مُختلفة، ولهذا أصبحت أعمالها الأدبية ساحة للنقاش والجدل بشأن القضايا العامة والأدبية علي السواء. في قصة »قصة قصيرة حقيقية»، من مجموعة »الضمير الأول وقصص أخري» تدور مُحادثة هاتفية بين »آلي» وإحدي صديقاتها حول مفهوم القصة القصيرة الجيدة، ونقرأ اقتباسات من مقولات وأعمال كُتاب كبار مثل »نادين جوردمير»، و»كافكا»، و»أليس مونرو». يتوازي الحوار حول فنيات وطبيعة القصة القصيرة، مع معركة »كاسيا» أو حوارها مع سرطان الثدي. تكشف أعمال »آلي» عن إصرارها الدائم علي العلاقة الجدلية بين الأنا والآخر من جانب، وبين الأنا والوجود من جانب آخر؛ وهي علاقة دائمة التطور ولا تتوقف عن حد. ويمكن أن نستشف أن القدر في أعمالها هو أحد أطراف المُعادلة، ولكنه ليس الطرف المُهيمن والحاسم، ولذلك تركز علي بلورة خيارات وتفضيلات وانحيازات شخصياتها. وتحرص »آلي» علي سرد قصصها بأكثر من وجهة نظر، دعماً لفكرتها الأساسية عن استدارة الحقائق وجدلية الحياة. تحفل أعمالها الأدبية بوجهات نظر مختلفة ومتباينة، بل ومُتصارعة، وكلها في النهاية تُسهم في الوصول إلي حالة من الوعي العميق، وتمنح القراء القدرة علي تحليل ازدواجية إنسان العصر الحديث، ومأزقه الوجودي بتنويعاته المُختلفة.