«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان.. تاريخ من الخيانة!
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 06 - 2012

دائما، كانت الحركة الوطنية في جانب، وجماعة الإخوان المسلمين في الجانب الآخر. تاريخ من الخيانات، والكلمة ليست مبالغة وإنما تؤكدها الوقائع والوثائق العديدة التي جمعها الباحث عبد الرحيم علي في كتابه الجديد " الإخوان المسلمون : قراءة في الملفات السرية"والصادر عن الهيئة العامة للكتاب. الجماعة منذ تأسيسها هي " مستنقع الانتهازية" حسب تعبير الشيخ أحمد السكري صديق عمر حسن البنا ورفيقه في تأسيس الجماعة.
ربما كان الأحدث منا عمرا، ولم يشاهد مراهنات الجماعة دائما علي الطغيان، لم يكن يصدق التاريخ المكتوب، باعتباره تاريخا تصنه السلطة دائما، وهو في الغالب تاريخ مزيف، ولكن صعود الجماعة بعد ثورة 25 يناير، وهي الثورة التي التحقت بها الجماعة متأخرا، وغادرتها مبكرا بحثا عن مكاسب ومغانم وقتيه، لتترك الثوار في ميادين مصر يعانون القمع والسحل والقتل، بدون أن تصدر الجماعة بيانا واحدا تقول فيه أن تشجب أو تدين، بل التحقت بمعسكر الثورة المضادة.. لكن الجماعة عبر أدائها السئ في التعامل مع الثورة وفي البرلمان أثبتت أن كثير من الوقائع التي لم نرأها، أو نكن طرفا فيها حقيقية.
هادن الإخوان الوفد ثم انقلبوا عليه، دعموا الملك ثم ناصبوه العداء تعاونوا مع رجال يوليو وتصادموا معه، وساندوا السادات وتمردوا عليه، يصرخون ليل نهار بالعداء لأمريكا ويسعون في الخفاء لمد الجسور معها. يدعون للديمقراطية والتعددية ويضيقون بها وبالمطالبين بأعمالها داخل الجماعة، فإما "السمع والطاعة" وإما الإبعاد والحصار والتهميش والتشنيع.
بالتأكيد من الصعب كتابة التاريخ في مصر في ظل غياب الوثائق، كل الأحداث الكبري لم يتم تسجيلها وتدوينها: الثورات، الحروب، الأحزاب.. لندرة الوثائق وغيابها أو إخفاءها وتدميرها. وكتابة تاريخ الجماعة أيضا أمر يبدو صعبا ليس فقط لغياب الوثائق أيضا، فالإخوان تنظيم ظل يعمل بصورة سرية طوال تاريخه، وحتي في الأوقات التي كانت أنشطته فيها علنية كانت هناك دوماً أنشطة سرية تحت الأرض، بينما المعلن أن الجماعة هي جماعة دعوية بينما تحت الأرض تسعي بكل ما اوتيت من قوة إلي السيطرة والهيمنة علي السلطة التي هي جزء منها، لا نقيض لها، من أجل تحقيق حلمهم بدولة " الخلافة".
الكتاب يعتبر هاما من هذه الوجهة، إذ يعود إلي وثائق توضح كيفية نمو وصعود وتناقض الإخوان المسلمين، ومنها وثيقة مذكرة وكيل الجماعة فيما سمي فضيحة عبدالحكيم عابدين، والنص الكامل للتحقيقات في قضية اغتيال النقراشي باشا علي يد التنظيم، ومحضر التحقيق مع يوسف طلعت في قضية محاولة اغتيال جمال عبدالناصر في المنشية، ووثائق عن دور التنظيم الدولي للإخوان، وخطة التمكين... ورسائل حسن البنا وغيرها من وثائق. لنصل بعد الانتهاء من الكتاب إلي أن تاريخ الجماعة هو تاريخ من التناقض واللعب علي كل الحبال من أجل أوهامهم، وأن بذرة تكفير المجتمع وضعها سيد قطب ليمنح شرعية للعنف باعتباره ضرورة حتمية لتغيير المجتمع الكافر من وجهة نظره ومعناه المجتمع الذي لا يؤمن بأفكار الجماعة.
تأرجحت علاقات الجماعة بكل القوي السياسية مابين مهادنة ووشاية وخيانة هذا يقوله المؤلف في كتابه، راصدا العديد من الوقائع منذ التأسيس. فعلي الرغم من مساوئ العصر الملكي الذي عاش فيه المصريين عهوداً من الإستبداد والفقر، فقد حرص (حسن البنا) علي توطيد علاقته بالقصر منذ نشأة الإخوان، فعملوا علي إزجاء المديح للملك (فؤاد) والثناء عليه، وتوالت مراثيهم له بعد موته معتبرينه حامي الإسلام ورافع رايته، وفي عام 1937 كتب "حسن البنا" تحت عنوان (حامي المصحف) واصفاً الملك "فاروق" بأنه حامي المصحف الذي يبايعه الجميع وعلي استعداد للموت بين يديه جنوداً للمصحف وأن الله قد اختاره واصطفاه ملكاً، وذلك علي الرغم من تاريخ الملك فاروق الفاسد أخلاقياً والغارق في الملذات، ويبرر "عمر التلمساني" الاستعراض الحافل الذي أقامته جوالة الإخوان للاحتفاء بالملك فاروق بأنه استعراض لقوة الإخوان أمام الملك لجذب اهتمامه.
ولم يكتفي "البنا " بذلك بل طالب بتتويج "فاروق" وفقاً لمراسم دينية يشرف عليها الشيخ "المراغي" شيخ الأزهر في ذلك الوقت، ووصف عدم تنفيذ ذلك بالأثم العظيم، وعندما خرجت الجماهير لتهتف (الشعب مع النحاس) هتف الإخوان (الله مع الملك)، ويصف الكاتب والمؤرخ "ريتشارد ميشيل" جوالة الإخوان في ذلك الحدث وغيره بأنها كانت تقوم بدور شرطة القصر. وعلي الرغم من تأكيدات "البنا" علي أن الإخوان ليسوا حزب سياسياً ولا طامعين في السلطة بل هم دعاة وحدة وسلام ووئام، فقد برر "البنا" في عام 1945 تبني الإخوان للعمل السياسي بحجة تنافر الأحزاب مصرحاً بأنه في حالة تخلف قادة الشعب عن تولي الأمور فأنه سيتقدم ليقود الشعب، ثم تأتي تصريحات "السكري" التي أكد فيها تلون "البنا" حسب الحكومة التي تتولي السلطة ومدي قربها أو بعدها من القصر والملك لتثبت كذب تصريحات "البنا" الأولي ولتؤكد النهج الإنتهازي للإخوان.
وعلي جانب آخر لم يتوان الإخوان عن التعاون مع الإحتلال والقصر للتخلص من مختلف القوي الوطنية، كما انتهجوا سياسة التصفية الجسدية مع كل من خالفهم. فقام الإخوان باتهام "مصر الفتاة" بالتناقض وأدانوهم لتغير انتماءاتهم الفكرية، دون الالتفاف إلي تناقضهم هم ذاتهم، حيث تبني الإخوان برنامج ذو طابع إسلامي عالمي، في حين رفعوا شعار قطري (مصر فوق الجميع)، وانتهت صراعاتهم مع "مصر الفتاة" باغتيالهم لأحد شبابهم في قرية (كوم النورس) في مارس 1948.
ورأي الإخوان في قوي اليسار والشيوعيين خطراً كبيراً خاصة بعد أن لاقوا شعبية كبيرة بين الطبقات الفقيرة البائسة من خلال برامجهم عن العدالة وحقوق الفقراء، فعمدوا إلي تشويههم فقال عنهم "محمد الشافعي" إنهم أخطر من التبشيريين وإنهم سيهدمون المساجد ويمنعون العبادة ويبيحون الأعراض ويذلون الأديان، ووصل الأمر بالإخوان إلي حد التحالف مع الغرب وأمريكا لضرب قوي اليسار، فطلب "البنا" من "فيليب ايرلاند" السكرتير الأول للسفارة الأمريكية بالقاهرة في 29 أغسطس من عام 1947 إنشاء مكتب مشترك بين الإخوان والأمريكان لمكافحة الشيوعية علي أن يكون أغلب أعضاءه من الإخوان، وأن تتولي أمريكا الإدارة ودفع مرتبات أعضاءه من الإخوان، وفي ذلك الصدد أشار"ريتشارد ميشيل" إلي أن مخابرات الجماعة قد أمدت الحكومة الأمريكية بمعلومات مكثفة عن التنظيمات الشيوعية خاصة في الدوائر العمالية والطلابية، كما أيدوا حملة "إسماعيل صدقي" التي طالت 200 رجل وامرأة من الشيوعيين والوفديين والتي كانت بالأساس حملة لتصفية خصوم "صدقي" السياسيين.
اما حزب (الوفد) فقد خص الإخوان له عداء كبير لأنه كان يمثل حزب الأغلبية وقتها، الأمر الذي دفع الإخوان إلي تشويه قياداته مستغلين حادث 4 فبراير لضرب شعبية الوفد، متعاونين مع السراي و"إسماعيل صدقي" لتصعيد نفوذ الملك في المقابل، ويسرد "أحمد السكري" تغير موقف "البنا" من الوفد من التأييد ومحاولة للإندماج والاستفادة من شعبيتهم إلي الهجوم والتآمر عليهم، فعلي الرغم من إنقاذ حكومة الوفد و(النحاس باشا ) لهم من بطش حكومة (حسين سري باشا) الذي أغلق مطابعهم ومنعهم من إصدار اي منشورات، حيث تدخل النحاس لصالحهم فعاود الإخوان إصدار مجلتهم في 29 أغسطس 1942، وأكد "السكري" أن الوفد كان يدعم الإخوان بالمعونات المادية وبالنفوذ دون اي مقابل، وقام البنا وقتها بكتابة عدة مقالات تمجيداً في (النحاس وفؤاد سراج الدين، ومحمد صبري أبو علم) وذلك عندما كان الوفد في الحكومة، الا أن الإخوان قد انقلبوا وشنوا عليهم حرب شعواء عندما بدء نجم الوفد في الأفول
والناظر لتاريخ الإخوان لابد أن يلحظ قيامهم بسلسلة من التحالفات تعقبها خصومة أو غدر، فعلي الرغم من تحالفهم مع (إسماعيل صدقي) الذي قالوا عنه "واذكر في الكتاب إسماعيل انه كان صادق الوعد" وذلك بعد أن منحهم ترخيص لإصدار صحيفة رسمية لهم في مايو 1946، فقد انقلبوا عليه بعد فشل مفاوضات (صدقي-بيفين).
وعندما قامت ثورة يوليو واطمئن الإخوان إلي نجاحها، بدأو في تأييدها والإنقلاب علي العصر الملكي وذلك من خلال بيانهم الصادر في ذلك التوقيت، وعلي الرغم من استثناء مجلس قيادة الثورة لهم من قرار حل الأحزاب في عام 1953، واعادة الثورة لفتح الملف الخاص باغتيال "حسن البنا"، وإلغاء الثورة لقسم البوليس السري وعزلهم ومحاكمتهم ل "محمد الجزار" الذي كان معادياً للجماعة وكان من المشاركين في إغتيال "البنا"، وعرضهم مشاركة ثلاثة من الجماعة في الوزراة أحدهم "الباقوري" الذي فصلته الجماعة بعد أن وافق المشاركة في الوزارة، الا أن الإخوان طالبوا بالتدخل والمراقبة لجميع قرارات مجلس قيادة الثورة وهو ما رفضه عبد الناصر.
وجاءت مواقف الإخوان معادية لتوجهات ومصالح ومكتسبات الجماهير التي ردتها لهم الثورة، فكانوا من أكبر المعاديين لقانون الإصلاح الزراعي، وزاد عداؤهم للثورة عندما أطلق مجلس قيادة الثورة حملة لتوحيد الأمة تحت مسمي "الدين لله والوطن للجميع"، كما رفض الإخوان تأسس هيئة التحرير مبررين ذلك بأن وجود الجماعة يكفي، ولم يتوقف الإخوان عند هذا الحد، بل قاموا بعدة اتصالات بالإنجليز لضرب الثورة حيث قام كل من (منير الدله، وصالح أبو رقيق) باتصالات بكل من مستر "ايفانز" المستشار الشرقي للسفارة البريطانية والقاضي "جراهام" من السفارة البريطانية للتحالف معهم ضد مجلس قيادة الثورة، ووصل تواطئ الإخوان وتحالفهم ضد الثورة إلي درجة قيامهم بعمل تنظيمات داخل الجيش والشرطة لتجنيد عناصرهما للعمل تحت إمرة مرشد الجماعة، وعندما اكتشف عبد الناصر ذلك استدعي كل من (خميس حميدة نائب المرشد، وسيد سابق ) لتحذيرهم، إلا أن الإخوان استمروا في ذلك النشاط التخريبي، وتابعوا نهج العنف في الجامعات، حيث هاجم شباب الإخوان أعضاء منظمة الشباب بالكرابيج والعصي وكسروا ميكرفوناتهم وذلك خلال الإحتفالية التي أقامها شباب الإخوان في ذكري "المنيسي، وشاهين" حيث أحضروا "نواب الصفدي" زعيم فدائيان إسلام الإيراني واستقبلوه بهتافات (الله أكبر ولله الحمد) فرد عليهم أعضاء منظمة الشباب ( الله أكبر والعزة لمصر)، وذلك بعد أن احتكوا معهم في البداية عند دخولهم للمشاركة في الإحتفال، ثم جاءت القشة التي قسمت ظهر البعير عندما حاول الإخوان اغتيال "عبد الناصر" في حادث المنشية عام 1954، ومحاولاتهم لإحياء جهازهم السري بقيادة "سيد قطب" لاستئناف عمليات العنف مرة أخري سنة 1965
أما علاقاتهم بالسادات فقد جاءت سعياً منهم للحصول علي المزيد من الحرية ولإعادة اصدار مجلة الدعوة، وعودة رموزهم بثرواتهم الطائلة وذلك في مقابل استخدام السادات لهم في ضرب القوي اليسارية من ناصريين وشيوعيين خاصة في الجامعات والمصانع، وذلك بعد أن استشعر السادات خطرهم عليه عقب اعتصام (الكعكعة الحجرية) في عام 1972، حيث أوكل السادات لكل من (محمود جامع، ومحمد عثمان) مهمة إنشاء تيار إسلامي في الجامعة تحت مسمي "شباب الإسلام" لذلك الغرض، واستغل الإخوان ذلك في استفحال وتوحش نشاطهم ونفوذهم فعملو علي ضم الجماعات الإسلامية لهم، واعتمدوا التلون والمراوغة في تصريحاتهم ومواقفهم، خاصة فيما يتعلق باتفاقية "كامب ديفيد" حيث صرح "عمر التلمساني" بأنه يؤيد مبدأ التفاوض مع إسرائيل وذلك رغم تصريحاته السابقة والمناقضة من رفضه وجود إسرائيل، كما رفض "التلمساني" تأييد الائتلاف الوطني المعرض لسياسات كامب ديفيد، منتقداً مقاطعة القادة العرب لمصر وللسادات عقب توقيعه للاتفاقية مع الكيان الصهيوني "إسرائيل" قائلاً "علي القادة العرب تقديم بديل للسادات عن اختياره للسلمية"
ومع عهد "مبارك" بدأ الإخوان في تبني سياسة التغلغل في جميع المؤسسات من نقابات واتحادات وأسر طلابية وهيئات تدريس، ولقد تفننوا في المتاجرة بالشعارات الدينية ك (الإسلام هو الحل) وسؤالهم للناخبين في انتخابات نقابة التجاريين عام 1989 ( هل ستعطي صوتك لله تعإلي ).
-3-
لم تكن خطط التوغل وحدها هي التي اعتمدها الإخوان، بل لجأوا الي اغتيال معارضيهم وتعتبر قضية إغتيال رئيس وزراء مصر الأسبق "محمود فهمي النقراشي"، من أبرز الدلائل علي الإرهاب الإخواني، فيورد الكاتب نص خطاب "حسن البنا" إلي الملك والذي راح يحرض فيه "السراي" ضد النقراشي في 6 ديسمبر 1948 مطالباً منه اتخاذ إجراء ضد حكومة النقراشي وعزلها عن السلطة لاتخاذها إجراءات سافرة ومتعسفة تجاه الإخوان،وإصدار الرقيب العام لأوامره بتعطيل جريدة الإخوان الرسمية، وعندما حول الملك الخطاب ل"ابراهيم عبد الهادي"رئيس الديوان والذي حوله بدوره إلي "النقراشي"، فتوجه "البنا" بخطاب إلي "عبد الرحمن بك عمار" وكيل وزارة الداخلية يبدي فيها استعداده للعودة بعمل الجماعة إلي خدمة الدين ونشر تعاليمه والبعد التام عن اي عمل سياسي وانهم يبتغون رضاء الحكومة، وانه في انتظار تعليمات النقراشي ويبدي رغبته في التعاون مع الحكومة، مديناً كل حوادث العنف التي تورط فيها مندسين انضموا إلي الإخوان.
ويدعم الكاتب تحليله بنص محاضر التحقيق مع المتهمين باغتيال النقراشي بالإضافة إلي بعض كتابات الإخوان عن تلك الحادثة، ففي حين أشار بعض الإخوان إلي عدم علم "البنا" بمقتل النقراشي وانها قد تمت علي يد عصابة منتمية إلي الإخوان بقيادة "سيد فايز" وهو المخطط الرئيسي للحادث والتلميذ النجيب ل "البنا"، فقد أكدت معظم كتابات الإخوان علي أن "فايز" لم يكن له أن يتخذ اي قرار دون علم البنا.
وفي أوائل التسعينيات قدم "مصطفي مشهور" خلال إجتماع قادة تنظيم الإخوان المقام في تركيا إقتراح تحت عنوان "إعادة تقييم المرحلة الماضية من عمر التنظيم العالمي" تستهدف تطوير التنظيم لتحقيق أهدافه، ولم يمض عام واحد علي إقتراح "مشهور" حتي كشفت أجهزة الأمن المصرية عن خطة أطلق عليها الإخوان "خطة التمكين" والتي عرفت إعلامياً باسم قضية (سلسبيل) في منزل قيادي الجماعة المهندس "خيرت الشاطر" والتي تقع في 13 ورقة فلوسكاب وهي تتعلق بكيفية إستيلاء الإخوان علي الحكم، من خلال التغلغل في مؤسسات الدولة الحيوية من نقابات وهيئات تدريس واتحادات طلابية وهو ما كان يتم بالفعل، بالإضافة لاستقطاب أقطاب المجتمع من رجال أعمال وفئات شعبية كضمانة لصعوبة تصدي النظام لهم، وكذلك إختراق كل من الجيش والشرطة، وأخطر ما تحمله الوثيقة هو ما تحمله بخصوص التعامل مع الغرب وخاصة أمريكا والتي توضح عمالة ودناءة الإخوان، حيث تنص علي أهمية إشعار الغرب وأمريكا علي وجه الخصوص أنه من صالحهم التعامل مع الإخوان عند تمكينهم من السلطة لأنهم يمثلون الإستقرار والإنضباط، وفي عام 1995 تم الكشف عن أول قضية عسكرية للإخوان والتي تم فيها رصد أول اجتماع لمجلس شوري الجماعة بالصوت والصورة وحصل فيها 85 متهم علي أحكاماً تتراوح من 5 إلي 7 سنوات كان من بينهم أعضاء الصف الأول بالجماعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.