يدرك سعد عبد الرحمن مشكلات هيئة قصور الثقافة، ولا يجد حرجاً في الحديث عنها، ومع هذا فإنه يدرك أن جزءاً كبيراً منها لن يتم حله، لأنه يؤمن، وهو الموظف الحكومي ، أن الحكومة غير معنية بالثقافة، قدر اهتمامها بالصرف الصحي. رئيس هيئة قصور الثقافة يتحدث ل"أخبار الأدب" عن عدم تلبية الميزانية لمتطلبات المؤسسة وبيوتها وقصورها المنتشرة في أرجاء الجمهورية، ومشكلات التعيين، وأيضاً مشاريع الهيئة في الفترة القصيرة القادمة. تعاني الثقافة الجماهيرية دائما بسبب اتساعها، فما مشكلات الهيئة؟ هيئة قصور الثقافة أكثر قطاع يعاني ماليا في وزارة الثقافة، لأننا نمتلك نصف موظفي الوزارة تقريبا، كما أننا منتشرون في كل أنحاء الجمهورية، وعلينا عبء ثقافي كبير، في كل مواقع القصور، كما نعاني من عشوائية في المباني والتجهيزات والتأسيس، فالبحيرة،مثلاً، محافظة كاملة لا يوجد بها قصر ثقافة واحد، وهناك موقع جديد في قنا تابع للهيئة يقولون إن به موظفاً واحداً فقط(!) بينما قصر ثقافة الأقصر به 1250 موظفاً، لقد وجدت الهيئة كذلك سوء توزيع في العاملين، بالإضافة إلي العمالة الزائدة التي لا أستطيع إعادة توزيعها أو فصلها. المشكلة الثانية في بناء قصور الثقافة المتعثر، فهناك مسرح في الجيزة يُبني من 20 سنة.. ميزانية الهيئة للاستثمار الخاص بالإنشاءات 60 مليونا، ومنحتنا الحكومة هذا العام 55 مليوناً فقط، هناك مشروعات بطونها مفتوحة كثيرة تحتاج إلي 200 مليون علي الأقل. فقصر ثقافة أسيوط مثلا احتاج ل 27 مليوناً للإحلال والتجديد، مع أن ميزانيته بدأت ب7 ملايين فقط، ولكن شركة المقاولات تطلب زيادات. لذلك أرفض إنشاء أي مبان جديدة وأحتاج 3 سنوات علي الأقل لأنتهي من كل تلك المشاريع، التي ترهق ميزانية الهيئة. المشكلة أن الكوادر التي أحتاجها غير موجودة، فمثلا تحتاج قصور الثقافة إلي إخصائي سينما، وآخرين للموسيقي والوثائق والمكتبات والمسرح والفنون شعبية وعمال الخدمات، ولا أستطيع استقدامهم في ظل عدم وجود تعيينات فالعقود المؤقتة هي المتاح فقط. المشكلة الثالثة متعلقة بالنشاط الثقافي فميزانية الهيئة كلها تقدر ب273 مليوناً وميزانية الأنشطة الثقافية، علي مستوي الجمهورية، 27 مليوناً فقط، بالقسمة علي 85 مليوناً، وهو عدد المواطنين، نجد نصيب المواطن من خدمات الهيئة للثقافة لا تتعدي 16 قرشاً. ولماذا لا تتقدمون بطلب لزيادة الميزانية إلي الحكومة؟ الحكومة غير مهتمة بالثقافة، وتراها علي الهامش. الحكومة تري أن الصرف الصحي ورصف الطرق أهم من عقد ندوة، وعموماً نحن تقدمنا بعدة طلبات ولكن لم يتغير شيء، فمثلا هناك 4000 مركز شباب علي مستوي الجمهورية مقابل 560 قصر ثقافة فقط، مع العلم أن ميزانية أي مركز شباب تعادل أضعاف ميزانية قصر ثقافة مديرية كاملة. بخصوص النشر التابع لسلاسل قصور الثقافة حدثت اعتراضات من رؤساء تحرير في بعض السلاسل مثل الترجمة، كيف يتم التعامل معها؟ مشروع النشر في الهيئة كبير، وقد طورنا الجزء الأول فقط وهو السلاسل، ووضعنا لائحة جديدة لرؤساء تحرير السلاسل، فبدلا من أن يستمر رئيس التحرير 15 سنة في موقعه أصبحت المدة 3 سنوات فقط. وهناك سلاسل متشابهة قمنا بدمجها، مثل سلسلتي ذاكرة الوطن وذاكرة الكتاب، ونفكر حالياً في إصدار سلسلة جديدة للثقافة النسوية، وأخري للأدب العربي للناشئين. الهيئة معنية بالقارئ البسيط الكادح الذي لا يستطيع أن يدفع أكثر من 3 أو 4 جنيهات في الكتاب، أما بخصوص الترجمة فمع بداية السنة المالية الجديدة سنرفع من أجر المترجمين وندخل في سلسلة الترجمة كتباً حديثة. ولكني حتي أكون صادقاً لا أستطيع أن أدفع أجور المترجمين مثل هيئة الكتاب أو المركز القومي للترجمة. هناك إحساس بأنه لا يوجد نشاط في قصور الثقافة فهل هناك تخوفات في الوقت الراهن؟ أثناء انتظاري خارج مكتبك، ظهر ما لا يقل عن عشرة موظفين مؤقتين في الهيئة، ومنهم أشخاص جاءوا من الأقاليم، يسألون عن التعيين، فهل هناك بوادر لحل أزمتهم؟ هيئة قصور الثقافة هي الجهة الوحيدة في الدولة تقريبا التي تقوم بالتعيين، أصبحنا الآن نملك 16 ألف موظف مؤقت، يجسدون معني البطالة المقنعة، فمعظمهم دبلومات تجارة وصناعة يعني مجرد أميين بشهادة ولا يصلح أن أوظفهم بأي شكل. كما أننا أوقفنا العمل بنظام اليومية منذ 15 يوماً، لأننا نريد أن ننتظر السنة المالية الجديدة، وهكذا فهناك الكثير من الضغط ولا توجد أماكن شاغرة.