رئيس مياه القناة الأنتهاء من تركيب مأخذ نموذجي لمحطة فناره العمده    موعد مباراة العين والوداد في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    وكيل "تعليم الفيوم" يتابع غرفة عمليات امتحانات الثانوية العامة في مادة اللغة الأجنبية الثانية "نظام قديم"    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    تراجع 1.5% عالميًا.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 24-6-2025 ببداية التعاملات    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    «الوزير» يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من سفن الصب الجاف العملاقة    وزير العمل يُعلن فتح باب التقديم على وظائف مكاتب التمثيل العمالى بالخارج    مسئول فلسطيني يتهم إسرائيل بسرقة منازل بالضفة أثناء اقتحامها    رئيس جامعة جنوب الوادي يهنئ السيسي بالعام الهجري الجديد    ريبييرو: حاولنا أن نظهر قدرتنا أمام بورتو.. وجماهير الأهلي كانت مبدعة    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    بالأسماء.. 3 نجوم مهددون بالرحيل عن الأهلي بعد الخروج من كأس العالم للأندية    الحلم انتهى.. ماذا قالت الصحف البرتغالية عن تعادل الأهلي وبورتو بكأس العالم للأندية؟    كنائس وسط القاهرة تطلق كرنفال افتتاح مهرجان الكرازة المرقسية 2025 للأطفال    فاتحين الكُتب وبيراجعوا لآخر لحظة.. قلق على وجوه طلاب الثانوية الأزهرية بسوهاج قبل أداء امتحاني الفلسفة والمنطق    تم الاعتماد.. نتيجة الشهادة الإعدادية في الأقصر 2025 بنسبة نجاح 78.81%    عودة آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية من الأراضي المقدسة.. غدًا الأربعاء    أقوى 46 سؤالا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة.. أفكار لن يخرج عنها الامتحان    تشييع جنازة الكاتب الصحفى محمد عبد المنعم اليوم من مسجد عمر مكرم    نانسي عجرم تحمل كرة قدم وقميص فريق منتخب المغرب ب«موازين» (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    رئيس الوزراء يستعرض مع رئيس مؤسسة برجيل القابضة أوجه التعاون في مجال زرع النخاع    الديدان الطفيلية تساعد البشر في مكافحة السمنة.. كيف؟    وزير الصحة: تعزيز التصنيع المحلي للأدوية والمستلزمات الطبية بأفريقيا    تعرف على أعراض متلازمة القولون العصبي    أسعار الفراخ اليوم الثلاثاء 24-6-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية    ارتفاع حصيلة قتلى صاروخ إيران الأخير إلى 11 إسرائيليا على الأقل    الأمن العراقى: طائرة مسيرة مجهولة استهدفت الرادار فى معسكر التاجى    رغم تحذير أسرته، عودة العندليب بتقنية الهولوجرام بمهرجان موازين تثير اندهاش الجمهور (صور)    عاجل الخارجية القطرية: حذرنا مرارا من مغبة تصعيد إسرائيل في المنطقة وسلوكياتها غير المسؤولة    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    البابا تواضروس يعزي بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس في ضحايا الهجوم على كنيسة مار إيلياس    لطلاب الثانوية.. منح 75% للتسجيل المبكر بالبرامج الدولية بهندسة عين شمس    سلمى أبو ضيف: «مش مقتنعة بالخطوبة واتجوزت على طول عشان مضيعش وقت»    مصر للطيران تعلن استئناف تدريجي للرحلات الجوية بعد تحسن الأوضاع الإقليمية    "طلعت مصطفى" تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    إنتر ميامي وبالميراس.. درجة الحرارة والرطوبة في جنوب فلوريدا    ضبط صاحب محل ملابس ب سوهاج استولى على 3 ملايين جنيه من 8 أشخاص بدعوى توظيفها    استدعاء مالك عقار شبرا المنهار لسماع أقواله    إسرائيل نمر من ورق لا تستطيع الصمود عسكريا بدون أمريكا    تامر عاشور يشعل ليالي "موازين 20" بالرباط.. ومسرح العظماء يستعد لصوته    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    كانت تعبر الطريق.. تفاصيل مصرع سيدة صدمتها سيارة في الهرم    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة في خطوات بسيطة    بروتوكول بين «الجمارك» وجامعة الإسكندرية لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية    مسئول إيراني: طهران لم تتلق أي مقترحات لوقف إطلاق النار    ترامب: الحرب كادت تدمر الشرق الأوسط لسنوات لكنها لم ولن تفعل    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    ليلى الشبح: الدراما العربية تعد من أبرز أدوات الثقافة في المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعده .. وهيكل
نشر في أخبار الأدب يوم 30 - 05 - 2018


هو الآن بعيدا عن عين السلطة وحاجتها
يسكن بلاد بارده ،تتجمد فيها مشاعر الدفء ، كما شلالات المياه علي الجبال.
هو الآن يعيش في هدوء سخيف يفقد الحياة معناها ،هو الإستاذ الحقيقى ،لجيل من الأساتذة.
هو الإستاذ ، وأنا تلميذه دوما عن بعد ، أحاول تقليده كمراهق متيم بنجم سينمائى يأسر عقله وقلبه.
في احدى ليالى ما بعد يناير كنا نسهر بأحد مطاعم وسط البلد ، نتشاحن كما هى عادتنا كل خميس.
أحد دراويش هيكل يرى أن الأستاذ لا ينطق عن الهوى ، وإن إله الصحافة قد باح له بكل أسراره ومنحه نفحات الحكمة ، حتى كاد أن يحتكرها " يكفى أن الأستاذ واجه السادات وكشف فساده " وأنا أصر على أن الزمن أثبت أن السادات ، أول مصرى ربما في التاريخ الحديث الذى طبق نظرية التفكير "بالخطوة المتقدمة فى الحكم" .
فى صبيحة أحد أيام شتاء 1986 ،كنا مجموعة من الطلبة العرب في مطعم المدينة الجامعية بجامعة كارل في العاصمة التشيكوسلوفاكية براج وقتها ،زميلنا العراقى دفعنى إلى مناظرة حول القوة الناعمة لمصر والعراق ،وهى عادة العرب ،التفاخر والتباهى والتنافس وربما النفسنة بيننا ،لا أذكر اسم صديقى العراقى ،فأنا ممن يكرهون الإحتفاظ بذكرى الأيام الخوالى .
كان زميلى العراقى متحمسا للغاية يعدد شعراء وكتاب وفنانى العراق،وأنا أرد بالمثل ،حتى أتينا على مؤسس الصحافة الحديثة مصطفى أمين هنا صرخ زميلنا ،مصطفى أمين "ده كان جاسوس أمريكى " ،وسخن الجو بيننا ، فأنا لم أقبل هذا الإتهام على رائد التجديد في الصحافة المصرى ، وغضبت أيما غضب ،حتى تدخل زميلنا اليمنى وطلب منا أن نهدأ فليس هناك مسلمات إلا ما يثبته البحث العلمى ، وراح زميلنا اليمنى الماركسى يعدد مزايا العقل ، وهنا نصب لى العراقى كمينا ، وسألنى في نبرة تحدى ،هل تثق بمحمد حسنين هيكل ، والحقيقة أننى من أشد المعجبين بقدرة هيكل الفائقة على الحكى المنظم ، الذى دوما ما يوثقه ،بأوراقه ،قلت طبعا ،وبلعت الطعم ،وهرع إلى غرفته،وعاد صاحبنا بنسخة من كتاب بين الصحافة والسياسة ،وكانت طبعة لبنانية لأن الكتاب كان ممنوعا في مصر ،بها في نهايتها ملحق وثائق .
أذكر أننى أمضيت الليل كاملا ،حتى انتهيت من قراءة ما كتبه هيكل ،والحقيقة أننى صدمت في باعث النهضة في الصحافة الجديدة ،ولكن ما جذب إنتباهى في الكتاب اسم إبراهيم سعدة ،هذا الرجل الذى تولى قبل سنوات قليلة رئاسة تحرير أخبار اليوم ،وهو القرار الذى ازعج كثيرون من كبار الصحفيين بها .
كيف لشاب لم يكمل سنوات عمره الأربعين ،أن يكون رئيسا لتحرير أكبر الصحف فى الشرق الأوسط توزيعا.
وحسب ما هو متوارث من حكاوى الدور التاسع أن ابراهيم سعده،قبل تحدى الكبار الرافضون له ،واستعان بالشباب لحسم معركة الإذعان ، قرار لايقدر عليه إلا من يثقون في قدرات الشباب ،واختار سعده محمود صلاح والراحل مجدى عبد العزيز وتهانى إبراهيم وووو،ومنحهم صلاحيات واسعه من الحرية ،وفجأة تجدد شباب أخبار اليوم ونجح إبراهيم سعده في إجبار الرافضون له على اللحاق بقطار النجاح .
هيكل في كتابه روى عن سعده ،كيف كان الشاب الصغير الذى يعمل بأحد مطاعم سويسرا -هاوى الصحافة - وطنيا إلى أبعد الحدود ، يصون مصالح بلاده حتى ولو كان على بعد آلاف الأميال من القاهرة قلب العروبة النابض .
الشاب الصغير الذى يهوى الكتابة سمع ما يهدد مصلحة بلاده ،عدد من السوريين الرافضين للوحدة ، و كان يحتضنهم الغرب لتفتيت دولة الوحدة ،ولإضعاف ذلك الزعيم الشاب على ضفاف النيل .
راح سعده يفكر كيف يستطيع تحذير مصر من مؤامرة تستهدفها وسوريا ، وقفزت إلى رأسه فكرة إرسال تحقيق صحفى ربما يكون بوايته إلى عالم الصحافة الذى يعشقه ،وكتب إبراهيم سعده تحقيقا صحفيا ،حول المؤامرة التى تحاك ضد العرب على سفوح جبال الألب بسويسرا ،وأرسل سعده طلبا مع التحقيق الصحفى بأن أكون مراسلا لأخبار اليوم من سويسرا .
أيام وقرأ مصطفى أمين رسالة سويسرا ،مذهولا من المعلومات الخطيرة التى يقطرها التحقيق الصحفى ،بعد ساعات كان ما كتبه إبراهيم سعده يخضع للدراسة لدى مؤسسات الدولة ،ونال ابراهيم سعده وظيفته الأولى .. مراسلا .
ما كتبه هيكل عن أبراهيم سعده في كتابه بين الصحافة والسياسة هو ما شدنى ،كيف لشاب في العشرينيات من عمره ،يعيش في جنة أوروبا ،يعمل ويكسب قوت يومه أن ينبض قلبه بحب بلاده ،وخوفه عليها وعلى مصالحها ،فهو يعيش في بلاد جميلة ، بعيدا عن ضجيج التيارات السياسية ، يستطيع أن يغمض عينه ، ويمكنه أن يشترى راحته ، ولن يعاتبه أحد يوما ،فلا يوجد أحد الناصريين في المكان ،قد يشى به ويهمس في أذن عبد الناصر.
فعل ابراهيم سعده ما يرضى ضميره الوطنى والمهنى .
* * * *
كنت طوال الوقت أرى أن هيكل موهوب في التسويق أكثر منها الصحافة ، والحقيقة أن الفرص ، التى اتيحت له كان لها الفضل في صناعة أسطورة هيكل الصحفية ،فهى الذكى الذى يأسر عقل زعيم العرب الجديد ،بحكايات وتجارب صحفية عاشها فصقلته.
ولكن على الجانب الآخر كنت ومازلت أرى أن إبراهيم سعده هو نموذج للصحفى الحقيقى ، لم يستغل اعجاب السادات فكان قريبا إلى حدود تمنعه من الغرق في دهاليز السلطة ، لكن هيكل كان حارسا على أسرار دولة وزعيم يزعج الغرب ،فقبل عشرات الدعوات إلى بلاد الدنيا ، ليعرف الآخرون كيف يفكر عبد الناصر ، وربما ساهموا في التأثير على قراراته عبر صديقه الصحفى .
وأيضا إبراهيم سعد إقترب من السادات الزعيم الواقعى لمصر ، لكنه فضل العيش بعيدا عن الأضواء ، والكاميرات التى عشقها هيكل ، وإستخدمها ببراعة لإثبات أنه الرجل القوى في بلاد النيل .
ولأننى من المؤمنين أن هيكل موهوب فى علوم التسويق كالصحافة ،وصقلته خبرات السفر إلى شرق العالم وغربه،
كإيمانى أن سعده أيضا لديه الكثير ليقوله.
كان الليل قد اقترب من منتصفه ونحن نتشاحن حول المعلومات أحادية الطرف التى يقدمها هيكل عبر قناة الجزيرة ،وهنا طرأت على ذهنى فكرة ،لماذا لا يكون إبراهيم سعده شاهدا على عصر السادات ،يستطيع أن يسرد للأجيال تجربته في الصحافة والسياسة وحب الأوطان ،وقررت بينى وبين نفسى أن اتواصل مع الأستاذ إبراهيم سعده ،فهو كالعاشق يتابع أخبار حبيبته في ليالى الشتاء الطويلة عن بعد ،يطرب لسعادتها ويتألم كلما أصابها الضيق أو اعتراها الخوف ،قلبه لم يكن بحاجة إلى المدفأة لتسخين مشاعره الوطنيه، في سويسرا الباردة .
ولاننى وقتها كنت أعمل بإحدى القنوات الفضائية التى يملكها رجل الأعمال الصعيدى طيب القلب متقد الذكاء نجيب ساويرس ،عزمت على أتحدث إليه صباح اليوم التالى لإنتاج برنامج يعرض فيه سعده مذكراته وذكرياته ، وبينما أن أرتب للفكرة التى تحمست لها بشده إذا باسم نجيب ساويرس يقفز على شاشة تليفونى ،يسألنى عن شيئ لا اذكره بخصوص قناة أون تى في ،وإذا بي استجمع شجاعتى وأغير الموضوع وأطرح عليه فكرتى ،وللأمانة من أبرز مميزات ساويرس هى الإصغاء الجيد للأفكار، تلمع عيناه مع كل جديد يسمعه ،وفرحت جدا وأنا أسمع إشادة نجيب بما أقوله ،وتحمسه للفكرة ،وقال أن سعده صديقا للأسرة ،وأنه سيستخدم صداقة والده للحصول على موافقته.
ولكن مع تسارع الأحداث ،لم أعرف ماذا حدث ،وكنت أخشى سؤال نجيب حتى لا أسمع أن الإستاذ أعتذر.
* * * *
فارق كبير في التكوين بين إبراهيم سعده وهيكل ،الأول يضيق من أجواء الدولة الرسمية ، ولا يجيد فن الإطراء المستمر ،عكس هيكل الذى غضب كثيرا على السادات ،لأن الرئيس المؤمن كان أكثر ذكاءا من هيكل ، وبعدما استخدمه في معركة مراكز القوى ،اعتقد هيكل أن أرض السلطة دانت له ،لكن الرئيس المنتصر ، لم يقبل بمحاولة هيكل سحره بحكايات وقصص التاريخ التى يجيدها هيكل واللحاق بضوضاء السلطة ، وأن يكون في مركز الأحداث ،ويعمل آليات الوصاية حتى على السادات نفسه.
في احدى سهرات أخبار اليوم ،لمتابعه الطبعات ،كنت مسئولا عن متابعه الأخبار التى تبثها وكالة أنباء الشرق الأوسط والحوادث ،ورن جرس التليفون المباشر وهو الرقم الذى تتواصل به الدولة ووزاراتها بفريق سهرة أخبار اليوم.
فجأة قال لى المتحدث على الجانب الآخر ،هنا مكتب الدكتور زكريا عزمى ،وهو يريد الوصول للإستاذ إبراهيم سعده بأى طريقة ،ولأن الموضوع -أكبر منى - تخلصت سريعا من التليفون للأستاذ نبيل أباظة وهو رجل مهذب جدا ،راح يردد حاضر يافندم ، حالا .
وبدأ الأستاذ نبيل وهو صديق لسعده محاولة الوصول إليه ،وفجأة ظهر الإرتباك على رئيس تحرير الطبعات، وسألنا طلبا في إقتراحات ،إبراهيم سعده رفض منح رقمه الخاص لرئيس ديوان رئيس الجمهورية ،وقال له سأغلق التليفونات ،ولا أذكر أن السبب كان دعوة إبراهيم سعده ليكون على طائرة الرئيس في سفر إلى الخارج ،أم رغبه الرئيس فى الإطمئنان عليه بعد عملية جراحية.
لا أنكر أن هيكل بارع في الكتابه ،ومهووس بالأوراق والمستندات ،وهو شيئ هام ،لكن هيكل يرى فقط أنه الأوحد صاحب الحكمة ،ويغضب جدا من مجرد الإقتراب من أسوار عالمه الذى يقرر فيه كيف تسير الأمور ،هيكل تفرغ لسنوات ربما عقد كامل في الكيد للسادات بالكتابة ، ولأن الظرف التاريخى ساعده ففتحت له القصور واستقبله الملوك والرؤساء الرافضين لقرار السادات باسترداد الحقوق العربية بالسلام ،وفتحت له المطابع والشاشات والوزارات
لكن إبراهيم سعده خرج يوما على النظام بمقال شهير هاجم فيه أركان إعلامه ،ووجه نقدا لاذعا لصفوت الشريف المسئول الأول عن ملف الإعلام ،عارضا الإستقاله على صدر صحيفة تبيع كل صباح أكثر من مليون نسخة ،لأنها كانت الأكثر تطورا في تقديم محتوى جذاب .
الخبر الأهم للقارئ هو ما يتصدر صفحاتها - ما أحوجنا إليه الآن - الفارق كبير من رجل بنى خصومته للسادات على إبعاده عن التأثير ، ورجل يكره المتاجره بما يعرف وهو ما يملك الكثير من المعلومات التى ربما لم تنشر عن سنوات حكم السادات .
* * * *
كثير من الزملاء الذين قدسوا هيكل ،لهثوا خلف ركاب جمال مبارك وأبيه ، طمعا في مجرد فرصة للنفاق وعرض البراعة في تدوير المباخر لكن بعد ثورة يناير ،نفضوا أيديهم بسرعة كبيرة ،وراحوا يطلبون صكوك البركة من ميدان التحرير ، حتى أن أحدهم ذهب إلى مكتب النائب العام 48 مرة في عشرة أيام فقط حاملا بيده بلاغات ضد مبارك وعائلته ،وتبارى الجميع في الحديث عن فساد الرجل وحاشيته ،رغم أن أغلبهم كان يحلم بالتمرغ في فساد شلة الوريث ،وشاهدت بعينى وسمعت الكثير من نخبه شاخت في عالم الصحافة والسياسة.
تلك ظاهرة الإستاذ هيكل ،إما أن أكون صانعا للقرار وفي الحكم عن بعد ، وإما الجحيم وباتت ظاهرة " الأستاذ المناوب على الرئيس" أى رئيس .. هى من صنع هيكل ،كثيرون غيروا مواقفهم من الحكم حسب تأثيرهم على الحاكم.
لكنه الأستاذ فضل الصمت ورفض دوما الإنضمام لقافلة الإنتهازيين ،إبراهيم سعده الذي يغيب عن بلاده منذ سنوات ،بسبب بلاغ وقضية لم تقترب من ضمير الأستاذ وإخلاصه ،فهو النجم الذى لو أراد مالا ، لانضم إلى الطفيليين في سنوات الإنفتاح ،ولعب بكل أوراق النفوذ التى يملكها ،ليكنز مليارات ،لا أن يتهم ويبعد عن البلاد من أجل هدايا،ربما يسأل عنها مدير بالمؤسسة وليس إبراهيم سعده.
أيا كان موقفه القانوني ، وأيا كانت المخالفات التى جاء به موتور ، وطالما أنه تم جبر ما قد يكون ضررا على مال المؤسسة. ، فإخلاص إبراهيم سعده لبلاده منذ صباه ،وترفعه عن إستغلال نفوذه أيام السادات ومبارك ،وخوضه معارك صحفية كثيرة ،ولو أن هناك تهمه يمكن توجيهها للأستاذ ،فهى جرأته في التجديد ومبالغته في إحترام نفسه.
* * * *
لو كان إبراهيم سعده يجيد فن التسويق للذات مثل هيكل ،لكان في بيته الآن في القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.