لمواجهة ظاهرة الثأر.. محافظ المنيا و«مجمع البحوث الإسلامية» يبحثان تفعيل مبادرة «من أحياها»    محافظ الجيزة يعقد أولى اجتماعات اللجنة التيسيرية لتطوير منطقة الكيت كات    72 شهيدا فلسطينيا بنيران الاحتلال في قطاع غزة منذ فجر اليوم    ريال مدريد يعلن نقل مبابى للمستشفى بعد التعادل مع الهلال السعودى    قبل لقاء اليوم| تعرف على القيمة السوقية للأهلي وبالميراس.. انفوجراف    مدرب إنتر ميامي يعلن موقف ميسي من مواجهة بورتو    «الداخلية» تكشف تفاصيل احتجاز أجنبي بسبب الخلاف على الاتجار في الدولار    وزير الثقافة ومحافظ القليوبية يتفقدان أعمال تطوير قصر ثقافة بنها.. صور    قيادات تموين الأقصر يقودون حملات للتفتيش على أسطوانات البوتاجاز.. صور    بحضور نائب وزير المالية.. الموازنة التشاركية في جلسة حوارية ببني سويف    شيخ الأزهر: الأزهر يولي طلاب باكستان عناية خاصة لنشر المنهج الوسطي    بنسبة 96,5%، الوادي الجديد تتصدر المحافظات بمبادرة سحب الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق    نوفاك: ارتفاع حجم التبادل التجاري بين السعودية وروسيا بنحو 62%    المبعوث الأمريكي لسوريا يحذر حزب الله من دخول الصراع بين إسرائيل وإيران    وزير خارجية إيران: قواتنا دمرت مقرا للقيادة والاستخبارات الإسرائيلية    أول رد من التجار على إعلان الحكومة اجتماع "لجنة ضبط الأسواق" اليوم    إزالة 4 مزارع سمكية مخالفة على أملاك الدولة شمال سهل الحسينية ببورسعيد    الذكاء الاصطناعي يتوقع تأثير موجة الطقس السيئ على لقاء الأهلي وبالميراس.. وكيفية التعامل معه    ليفربول يستهدف صفقة دفاعية في الصيف    آخر تعديلات قانون الإيجار القديم.. تحرير العقود بعد 7 سنوات.. 250 جنيها أجرة موحدة لمدة 3 شهور.. لجان لتحديد القيمة الجديدة بزيادة 15% سنويًّا.. وهذه ضوابط الحصول على وحدات سكنية من الدولة    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب تجارة العملة    انهيار حفار متوقف عن العمل بخليج السويس.. والوزارة: لا علاقة له بشركات القطاع    وزير الرى: طرح عقود تكريك نهاية ترعة السويس أول يوليو    تفاصيل حفل وائل جسار فى موازين بقيادة المايسترو عادل عايش    حين تنقشع الحرب، هبة الأغا تنقل صورة معاناة غزة لصالون إبداع المرأة المصرية    مينا مسعود ضيف معكم منى الشاذلي..اليوم    ملك أحمد زاهر تطمئن الجمهور على حالتها الصحية: "بقيت أحسن"    زواج منة شلبي بالذكاء الاصطناعي منها.. نجمات تصدرن التريند بسبب شائعات الارتباط والزواج    وراثي أو مكتسب- دليلك لعلاج فقر الدم    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    فوائد الكركديه البارد، مشروب سحري مدر طبيعي للبول ويخفض الوزن    غدا قصور الثقافة تطلق قافلة ببرج العرب لدعم الموهوبين    إسرائيل تقر باستمرار قدرة إيران على إطلاق الصواريخ    وفاة معلمة بالفيوم أثناء أعمال تصحيح أوراق امتحانات الدبلومات التجارية    السجن المشدد 15 عاما لعاطل يروج المخدرات في الإسكندرية: 500 طربة حشيش في حقيبتين    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    الصحة": نستهدف المشاركة في مبادرة الاتحاد الأفريقي لتوفير 60% من احتياجات القارة من اللقاحات البشرية مُصنعة محليًا بحلول عام 2040    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الأهلي وبالميراس    موعد التقديم وسن القبول في رياض الأطفال وأولى ابتدائي بالأزهر 2025    إسرائيل: قصفنا مفاعل آراك ومواقع نووية في بوشهر وأصفهان ونطنز    هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    مسابقة لتعيين أكثر من 4 آلاف معلم مساعد مادة الدراسات الاجتماعية    الرقابة النووية: نرصد الإشعاع عالميا ومصر على اتصال دائم بالوكالة الذرية    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط 7 قضايا مخدرات وتنفيذ 818 حكمًا قضائيًا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    ننشر نتائج الطلبة المصريين بالخارج من مرحلة الابتدائي وحتى تانية ثانوي    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    رئيس الوزراء: الخميس 26 يونيو إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية والخميس 3 يوليو إجازة بمناسبة ذكري ثورة 30 يونيو    هل يؤثر مرض السكري على الجنين في بطن الأم؟ تفاصيل صادمة    محمد الشناوي: نحلم بالفوز أمام بالميراس وتصدي ميسي لحظة فارقة.. والظروف الآن في صالحنا    الرزق ليس ما تملك..بل ما نجاك الله من فقده    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    خارجية أمريكا: نطالب جميع موظفى السفارة فى تل أبيب وأفراد عائلاتهم بتوخى الحذر    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    كوريا الشمالية عن الهجمات الإسرائيلية على إيران: تصرف غير قانوني.. وجريمة ضد الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طنجة.. ملتقي البحر والمحيط
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 03 - 2018

6 ساعات هي المدة التي استغرقناها من مطار القاهرة لمطار محمد الخامس بكازبلانكا و4 ساعات أخري للوصول لمدينة طنجة بالسيارة، وعلي طول هذه المسافة تبهرك علي جنبات الطريق الغابات الطبيعية والصحراء التي تبدلت وتلونت جميعها باللون الأخضر، واختفت تماما حبات الرمال الصفراء بإرادة ربانية لتجعل منها جنة ساحرة.
اللون الأخضر هو سيد الموقف من كازبلانكا وحتي طنجة بطول 300 كم، وفي طنجة تعكس المباني عراقة التاريخ، فهي متوسطة الارتفاع تمكنك من أن تعايش البحر والمحيط والصحراء، أهلها طيبون، يجمعنا التاريخ الفاطمي 220 سنة، تركوا لنا فيها "نروحوه" لفظ الجمع في اللهجة الإسكندراني، وصفة الزنقة علي الشوارع التجارية الضيقة، وكثير من العادات والتقاليد التي تغلغلت في السلوك المصري، وأكبر اتصال روحي وثقافي بين الطرفين في القاهرة القديمة قصورها ومساجدها، ورغم أن طنجة تطل علي البحر والمحيط وعلي ربوة مرتفعة وفي مناخ بديع إلا أن المغاربة يعشقون القاهرة المحصورة بين الجبل والنهر، فالفارق في روح وخفة دم المصريين، لذلك فهم يحبوننا كثيرا وحلم كل مغربي رؤية القاهرة والسهر في الحسين والسيدة.
أجمل ما لمسته هناك - بصفتي صحفيا في قسم الفن - أنهم علي دراية تامة بكل الدراما المصرية و"عادل إمام" هو الكارت الذي "يقش" علي الترابيزة، فلديهم كل تفاصيل حياته وأعماله، وحرصهم علي متابعتها فأول سؤال عندما يلتقط من لهجتك العامية أنك مصري يقول .. "أخبار عادل إمام إيه ؟".
وقفت علي قمة البحر رأيت علي مد الشوف إسبانيا وبخيالي رأيت أيضا طارق بن زياد يصرخ في جنوده: "العدو من أمامكم والبحر من خلفكم"، لأكتشف أن هذه المنطقة هي أضيق منطقة في البحر المتوسط تصل بين القارتين وتسغرق في الوصول إليها عن طريق "العبارة" 25 دقيقة لتصل لمشارف الحدود الإسبانية .
في شوارع طنجة المغربية تعايش الحضارة أخلاقا سامية ويمكن لمس مظاهرها في سلوك المجتمعات. بنظافة المدن ورمي المخلفات في أماكنها والانتظام في طوابير "الكاشير"، وتطبيق قواعد المرور واحترام الآخرين وهي بالتربية جزء من ثقافة المجتمع ولضبطها لابد من فرض العقاب لتنفيذه.
أسطورة سفينة نوح تبحث عن اليابسة فتحط عليها حمامة بساقيها وحل يصيح الركاب "الطين جا، الطين جا"، واقتربت اليابسة، فسميت "طنجة".
هي "عروس الشمال" عاصمة البوغاز، التقاء البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي، وأفريقيا بأوروبا من شاطئها المغربي تري إسبانيا عبر البحر ولدخولها تحصل علي تأشيرة تستغرق 6 أسابيع يستثني منها سياح الجزائر وتونس والتعاون الخليجي.
أسسها الملك الأمازيغي "سوفاكس ابن الأميرة طنجيس" 1320 ق.م، واستوطنها التجار الفينيقيون في القرن الخامس ق.م، وتبوأت مركزا تجاريا علي سواحل البحر المتوسط. ضمتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول ق.م، وأصبحت سنة 42م عاصمة للمقاطعة الرومانية (موريطانيا الطنجية).
تقع علي هضبة مرشان المحاذية للساحلين المتوسط والأطلسي ترتفع 145 م عن سطح البحر وتتواجد أحياء الجبل الكبير ومسنانة والدرادب في مناطق يصل ارتفاعها إلي 170 م.
وحولها مسطحات بحيرة سيدي قاسم محطة الطيور المهاجرة، ويخترقها عدة وديان، وشريط ساحلي علي شاطئ خليج طنجة الكبير فجعلها نقطة اصطياف 47 بالمئة من السياحة الأجنبية وغابات منطقتي غابة رأس سبارطيل (الغابة الدبلوماسية أو غابة الرميلات) وغابة مسنانة، مناخها ممطر ومعتدل البرودة من أكتوبر إلي مايو، وجاف معتدل الحرارة في الصيف، تنخفض الحرارة إلي 8 درجات في يناير وترتفع إلي 28 درجة في أغسطس، ورياح طوال العام لوقوعها علي مضيق جبل طارق، بين الكتل الهوائية الأطلسية والمتوسطية.
زي المغربيات في طنجة القديمة هو القفطان المغربي بينما الموديلات الفرنسية الحديثة هي السائدة في قلب طنجة الجديدة.

سكانها البربر أو الأمازيغ، كما استوطنها بربر ليبيا وتونس الذين وفدوا مع الفاتحين وسرعان ما ذابوا في بوتقة فريدة تدعي جبالة لغتها العربية بعاميتها الجبلية وتميل للإسبانية ويتحدث 12 ٪ من السكان اللغة الأمازيغية خاصة في المنازل، ونصف السكان يتحدث الفرنسية كلغة ثانية، ودينها الإسلام 99.9٪ سنة والباقي شيعة جعفرية يدين بالمسيحية 0.3 ٪ من السكان.

وفي أرجائها تتوقف عند الكثير من المعالم من:
"سور المعكازين" (الكسالي)، في شارع "البوليبار" (الشارع بالإسبانية)، وأسطورته في الشباب يتطلعون إلي ما وراء البحار خاصة إسبانيا، لكنه في الحقيقة مركز راحة للتجار.
قصبة طنجة.. أعلي نقطة في طنجة بإطلالةً رائعة علي إسبانيا وجبل طارق، وبها "متحف القصبة" وتصل إليها من السوق الصغير أو من برج البارود.
متحف القصبة.. دار المخزن، كان قصراً للسلطان، في القرن ال 17، تحول لمتحف لتاريخ المدينة وحضاراتها التي توالت عليها ويتكوّن من ثلاثة أقسام تشكّل هندسته موضوع عرضه الأساسي.
مقهي الحافة.. وجهة أبرز مشاهير المغاربة والأجانب منذ1920. مبني علي سلالم، يحتسي فيها الشاي المغربي والمشي علي خطي الروائي المغربي الراحل محمد شكري والبيتلز وآخرين .
شاطئ أشقار، كاب سبارتل..علي بعد عشرين كم من طنجة لمحبي الرياضات المائية.
السوق الكبير..قلب المدينة النابض وروحها، بمقاهيه ومطاعمه الشعبية ومتاجر ملابس تقليدية وحرفيين، يحيط به مساجد وساحات للراحة،
مغارة هرقل..في غرب طنجة، وهي أكبر مغارات أفريقيا بمسافة 30 كم في باطن الأرض وفي كهف عميق مظلم وله فتحة مضيئة تتّخذ شكل القارة الأفريقية، وعليه "كاب سبارتل"، قمة صخرية جبلية علي الساحل، هي المدخل الأساسي لجبل طارق ونقطة التقاء المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.
وفي معركة قوية بين "هرقل" و"أنتي" استطاع هرقل أن يهزمه، وشقت إحدي ضربات سيفه مضيق البوغاز بين أوروبا والمغرب وهذه المغارات وتزوج زوجة "أنتي"، فأنجبت له "سوفوكس" الذي أنشأ مستعمرة طنجيس.
قصبة غيلان..علي الضفة اليمني لوادي الحلق، علي طريق مالاباطا شرق المدينة العتيقة، تم بناؤها في 1664م، ويرتبط اسمها باسم الخضر غيلان قائد حركة الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار الإنجليزي الذي احتل مدينة طنجة ما بين1662م و1684 م. في القلعة جهاز دفاعي محكم، من سورين رباعيي الأضلاع محصنين ببرجين نصف دائريين وبارزين، يتوسطهما باب ضخم.
قصر غيلان.. في شرق القصبة قصر السلطان مولاي إسماعيل من طرف الباشا علي أحمد الريفي، علي أنقاض قلعة إنجليزية يحتوي علي مرافق أساسية: الدار الكبيرة، بيت المال، الجامع، المشور، السجون، دار الماعز والرياض، في سنة 1938م تحولت البناية إلي متحف إثنوغرافي وأركيولوجي لطنجة ومنطقتها.
الجامع الكبير.. قرب سوق الداخل وقد تحول إلي كنيسة في الاستعمار البرتغالي، واسترجع1684م غني بالزخارف وكتابة علي الخشب والجبس، يحتوي علي بيت للصلاة من ثلاثة أروقة متوازية مع حائط القبلة وصحن محاط من كل جانب برواقين، نموذج للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها.
الجامع الجديد.. جامع عيساوة أومسجد النخيل، يقع أمام الزاوية العيساوية علي زنقة الشرفاء.. له منارته بزخارفه الفسيفسائية.
جامع القصبة.. بزنقة بن عبو، بني في القرن 18م من طرف الباشا علي أحمد الريفي، من ملحقات قصر القصبة.
السفارة الأمريكية..هدية من السلطان مولاي سليمان الأول1821م. وبعد استعمالها كسفارة 135 سنة أخليت 1976م وأصبحت متحفا للفن المعاصر
الكنيسة الإسبانية.. من ملكية أسرتين يهوديتين خلال القرن 18م، اشتراها السلطان محمد بن عبد الله 1760م وإهداها للحكومة السويدية لتصبح أول قنصلية لها 1788م ، وفي 1871م استغلها الحاكم الإسباني لإقامة البعثة الكاثوليكية،
كنيسة القديس أندرو.. بُنيت 1894 بتبرع السلطان الحسن الأول بأرضها للجالية الإنجليزية، تحتوي علي عناصر عربية إسلامية في بنائها، فبرج الأجراس بشكل صوامع المساجد المغربية ومدخلها بالخشب المنقوش علي الطريقة المغربية وتزيين جدرانها بآيات من الإنجيل كتبت بالخط الكوفي المغربي، وخلفية المذبح زُينت بشعار بني الأحمر وثوار الأندلس »لا غالب إلا الله»‬.
أهمية المدينة الصناعية.. صاحبة المرتبة الثانية في النشاط الصناعي بأفريقيا؛ وهي موطن صناعات الملابس، والسيارات.
الاقتصاد.. صنفت طنجة 2007 أغني مدن المغرب في الدخل، ومدينة صناعية لمعامل (الصلب، الإسمنت) معفاة من 50 بالمئة من الضرائب فشجع الإسبان والفرنسيين علي الاستثمار بها.
مع ختم المغادرة والخروج من مطار محمد الخامس للعودة إلي مصر جاءتني بسمة موظفة الجمارك سائلة.. راجع لمصر.. مؤكدا لها بابتسامة أخري.. فقالت هحصلك بعد شهرين .. خطيبي من روض الفرج وبيجهز في الشقة والفرح هيكون في مصر.. ثم ضغطت علي زر تشغيل هاتفها المحمول لتنهي لي إجراءات العودة علي صوت الصبوحة.. سلمولي علي مصر سلمولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.