نظم أتيليه القاهرة بالتعاون مع هيئة قصور الثقافة أمسية لتأبين الراحل الكبير إبراهيم أصلان، الندوة المخصصة للتأبين لم تخل من مواقف طريفة جمعت الراحل بالمتحدثين، كان إيقاع الضحك مستمراً طوال الأمسية، علّق هشام أصلان علي ذلك:"سيرته لا تستدعي إلا البهجة، ولا أعتقد أن هناك جديدا أقدمه لأن أصدقاء والدي يعرفون عنه كل شيء، لا أعتقد أن هناك ما يدهش عما يعرفونه بالفعل"، لكن الأمسية لم تكن تأبيناً يمتدح الراحل فقط، وإنما ضمت اكتشافات وحكايات كثيرة رواها حضور الأمسية، منها نصوص لم تنشر للراحل، وهو الأمر الذي كشفه الشاعر شعبان يوسف، فقد كتب أصلان قبل عام 1965، لكنه لم يُعد نشر هذه النصوص في كتبه، أراد الراحل أن تكون "بحيرة المساء" هي أول الأعمال (العمل المكتمل، الذي تتوفر فيه نبرة الكاتب ورؤيته وتقشف اللغة..حسب اعتراف كافة حضور الأمسي). تابع شعبان كشوفاته في غير المنشور من أعمال الراحل، حيث قال:"أصلان كان كتب مسرحية من فصل واحد". محمود الورداني أيضاً كشف عن قصة أخري مجهولة لصاحب "وردية ليل"، هي "عصفور علي أسلاك التروللي باص". خلال حديث يوسف عن القصص غير المنشورة لأصلان، قال إن أصلان يستحق ببليوجرافيا، مشدداً علي أن دار الكتب والوثائق لابد أن تصدرها، لكن محمود الورداني قاطعه: معملتش دا ليه في الكتاب؟ (يقصد الكتاب الأخير لشعبان "خلوة الكاتب النبيل"، الصادر علي هامش أمسية التأبين عن قصور الثقافة، فرد شعبان: الببليوجرافيا تتطلب وقتاً، والكتاب أعددته في أسبوعين فقط! أما الناقد د.حسين حمودة فتناول عالم أصلان، حيث يري الناقد أن كتابات الراحل مثل أعمال فولكنر، وماركيز، يمكن أن تقرأ كلها كعمل واحد ممتد، لأن الأسئلة الفنية التي يطرحها بعمل ما ستجد لها إجابات وحلولا فنية في عمل آخر، كذلك أشار حمودة إلي اللغة عند صاحب"خلوة الغلبان" التي تكشف عمقا إنسانياً، وهي لغة بينية لا تقدم صورة يقينية مؤكدة، لأن الراحل كان يرفض كذب العالم، الذي يريد أن يثبت يقينا مزيفاً، بينما كانت لغة أصلان البينية تشكك، وتهدم هذا اليقين المزيف. كما تحدث الورداني عن البداية والنهاية، قاصداً الفرق بين "بحيرة المساء"، و"حجرتان وصالة"، العمل الأول كان محكماً، متجانساً، كتابة محكمة تماماً، بينما العمل الأخير لشكل مختلف تماماً، قمة السخرية، بل هو عمل "مسخرة"، يسخر من كل شيء خصوصا الموت. يري الورداني أن أصلان كان يصل لقناعاته الجديدة عبر الكتابة، وطوال مشروعه للكتابة كان يطوّر القناعات، وتأمل العمل الأول و"حجرتان وصالة" يكشف ذلك "هو بنفسه الذي كسر البناء المحكم، والإحكام الذي ربما يكون مانعاً للتواصل، إلي السخرية ولغة الناس البسيطة في حكايات الأستاذ خليل". تضمنت الأمسية قراءات متقطعة للروائي والقاص محمد عبد النبي، الذي فضل أن يقرأ لأصلان بدلا من أن يتكلم عنه، حيث قرأ عبد النبي من وردية ليل ما يراه درساً للكتابة البصرية. من جانبه روي هشام أصلان حكاية الكرسي الهزاز، كان الراحل يريد شراء (كرسي هزاز)، ولكنه حينما اشتراه لم تكن بالشقة التي يسكنها مساحة تسمح بالحركة، فأصبح كرسيا عادياً، هكذا انتقل القاص الكبير إلي شقة أكبر حتي يتسني للكرسي أن يهتز، لكنه مات علي هذا الكرسي. في أمسية التأبين، أيضاً، شمل حديث الحضور سمة واحدة أن إبراهيم أصلان حياً، المحبة والقيمة الأدبية جعلت الكاتب أكثر حضورا بعد الرحيل، حتي أن الروائي محمود الورداني قال: ربنا يخلي إبراهيم أصلان.