غدًا.. آخر موعد لتلقي طلبات الترشح ب "انتخابات الصحفيين"    وزارة الزراعة تشارك في مجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الزراعية في روما بعنوان تحفيز الاستثمار في الميل الأول    سرايا القدس: مصير المحتجزين الإسرائيليين مرتبط بسلوك نتنياهو    عبد الحميد: جروس محظوظ بالزمالك.. وأرفض رحيله حاليا    تعديلات مرتقبة في لجنة الحكام بعد تولي أوسكار رويز رئاسة اللجنة    مصرع شاب أثناء حفر بئر في قرية الجبلاو بقنا    نائب محافظ الأقصر يشهد حفل تكريم العاملين المتميزين بقطاع الكهرباء    برئاسة اللواء خالد شعيب..تفاصيل اللقاء الدوري لخدمة المواطنين بمطروح    قطاع الأعمال: 47.6 مليار جنيه إيرادات نشاط.. و13مليار صافى ربح القابضة المعدنية    أرباح بنك كريدي أجريكول ترتفع 56% خلال 2024 إلى 8 مليارات جنيه    وكيل تعليم كفر الشيخ يتفقد المدارس للتأكد من انتظام الدراسة    ألمانيا تقرر نشر قوات شرطة ضمن بعثة أوروبية في قطاع غزة    مستشفى العريش العام يستقبل مصابى غزة لتلقى العلاج    الرئيس الإماراتي يبحث مع وزير الخارجية الأمريكي التطورات بالمنطقة    محافظ الدقهلية يتفقد مركز طب الأسرة ومدرسة قلابشو ببلقاس    بالصور- رئيس جامعة كفر الشيخ يستقبل مفتي الجمهورية لإلقاء ندوة توعوية    رئيس مجلس الوزراء يوجه بوضع آلية لدعم الأندية الجماهيرية    "حماية المستهلك": ثبات الأسعار وتوفر السلع في الأسواق استعدادا لشهر رمضان    رابط تحميل النماذج الاسترشادية للثانوية 2025 فى الكيمياء والعربى والإنجليزى    بينهم شقيقان.. 3 مصابين في تصادم موتوسيكل وأتوبيس بالشرقية    صوره لابتزازه.. إحالة عامل هتك عرض طالب للجنايات    الشاكي سعى للتريند.. مرافعة دفاع عمرو دياب في قضية "الشاب المصفوع"    تفاصيل ظهور "بلوجر" و" رابر" و"مؤدي أغاني مهرجانات" في مسلسلات رمضان    ألوان عيد الحب لكل برج فلكي وتأثيرها على المشاعر والطاقة    أحمد هنو: الثقافة قاطرة رئيسية للتنمية والتحول الرقمى ضرورة لحماية التراث    تركي آل الشيخ يعلن عن مفاجأة جديدة للموسيقار عمر خيرت في حفل تكريمه غدا    من القرآن والسنة.. ماذا نعرف عن فضل ليلة النصف من شعبان؟    محافظ دمياط يعلن اعتماد وحدة صحة الأسرة بقرية الجبايلة من هيئة الرقابة والاعتماد    "الوثائق القومية» تنظم ندوة بعنوان «صلاح جاهين بين الفن والتاريخ»    خالد محمود يكتب l اليوم تتوج بالدب الذهبى لإنجاز العمر .. الفن والحياة الموت بعيون تيلدا سوينتون    ميدو يكشف موقف مدافع الزمالك من تجديد عقده    رئيس جامعة دمياط يدير ورشة حول الإسعافات الأولية وأنواع الإصابات    سحور رمضان 2025.. طريقة عمل سلطة الدجاج المشوي    1500 مستفيد من قافلة «الشعب الجمهوري» الطبية في الجيزة    حصول برنامجين ب«صيدلة الإسكندرية» على الاعتماد الدولي    ضبط 41600 لتر روائح عطرية مجهولة المصدر داخل مخزن غير مرخص بالشرقية    «التعليم العالي»: ملتقى قادة الاتحادات الطلابية خطوة نحو تمكين الشباب وتعزيز الأنشطة الجامعية    موعد أذان المغرب فى صيام أول أيام البيض من شعبان 2025    السيسي ينيب محافظ القاهرة لحضور احتفال وزارة الأوقاف بليلة النصف من شعبان    «تحويل القبلة دروس وعبر».. موضوع خطبة الجمعة المقبلة    متحدث الزمالك: ما يقال عن رحيل جروس خاطئ.. ومن حق الأهلي طلب حكام أجانب للقمة    «الشباب والرياضة» بشمال سيناء تتابع تنفيذ أنشطة مراكز الشباب والأندية    29 توغلا لآليات إسرائيلية واستشهاد 22 فلسطينيا.. خروقات الاحتلال منذ اتفاق غزة    الصحة: 2.4 مليار جنيه تكلفة قرارات العلاج على نفقة الدولة خلال يناير    تفاصيل التعدي على عاملة داخل محل جزارة بالإسماعيلية    وزير الخارجية يشارك في الجلسة الافتتاحية للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي    "عنده حالة رعب شديدة".. شوبير يوضح إصابة إمام عاشور وموقف بن شرقي من القمة    فضل صيام الأيام البيض فى شعبان.. دار الإفتاء توضح    وزير المالية: إصلاح الهيكل المالي العالمي يضمن مستقبلا عادلا للأجيال القادمة    حازم الجندى: تصريحات ترامب غير مسؤولة وتمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان    مصرع عنصر شديد الخطورة وإصابة ضابط في تبادل إطلاق النار بسوهاج    انطلاق الدورة الخامسة من مهرجان البحرين السينمائي في 30 أكتوبر المقبل    «الصحة»: تنفيذ المرحلة الرابعة من حملة المرور الميداني على المنشآت الطبية بالمحافظات    «البحوث الإسلامية» يعلن الخريطة الدعوية لشهر رمضان المبارك    أسعار البقوليات اليوم الثلاثاء 12-2-2024 في أسواق ومحال محافظة قنا    عمر الشناوي: مثلت وأنا مش جاهز ولا مذاكر والفن محتاج دراسة للنجاح| خاص    ترتيب هدافي دوري أبطال أوروبا قبل انطلاق مواجهات اليوم    البدري: تصريحات ترامب بشأن غزة مؤامرة أمريكية إسرائيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مارسيل بروست وحكايات ألف ليلة و ليلة
نشر في أخبار الأدب يوم 08 - 05 - 2010

تبقي سباعية مارسيل البروست "البحث عن الزمن المفقود" من الأعمال الأدبية الخالدة التي عالجت مسائل هامة ومقلقة كالحب والموت والفن ، بالاضافة إلي أنها قدمت وصفاً دقيقاً و متميزاً عن المجتمع الفرنسي و الأوروبي خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر و الربع الأول من القرن العشرين. ومن يقرأ هذه السباعية يستطيع أن يعيش حياة أفضل و أبذخ و أغني، كما قال رولان بارت، لا سيما وأنها رؤياوية و تفضي إلي الزمن الذي نعيشه الآن و تنفتح علي المستقبل. ويقول أورهان باموك في "الكتاب الأسود" : "إذا كانت بلادنا علي هذه الدرجة من البؤس و الشفقة فلأننا لا نجد أحداً فيها عرف ألبيريتين وقرأ بروست، وعندما سيوجد قرّاء قادرون علي فهم بروست وألبيرتين، عندئذ سيتمكن هؤلاء الأجلاف المُشَورَبون البائسون الذين يملأون شوارعنا من أن يعيشوا حياة أفضل، وعندئذ- وبدلاً من رفع خناجرهم لأدني شعور بالغيرة المهتاجة - سيشرعون يحلمون مستذكرين وجه حبيباتهم، علي غرار ما فعل بروست" ( ). البحث عن الزمن المفقود ، هي سعي إلي تلمس حركات الزمن وتأثيراته علي الإنسان و المجتمع، هي إبحار في "المارسيلية"، كما يقول أيضاً رولان بارت في كتابه "محاولات نقدية". و يتساءل أورهان باموك في هذا الصدد: ما الفائدة من قراءة الروايات؟ ويجيب: لأنها تساعدنا علي العيش و الموت.
يلعب كتاب " ألف ليلة و ليلة" جانباً من اهتمام بروست، و بخاصة لأن طفولته تشربت به، هو القارئ النهم الذي ترك لنا كتاباً لافتاً عنوانه "حول القراءة" كتبه عندما كان يترجم جون روسكين. وورد ذكر " ألف ليلة و ليلة" عدة مرات في السباعية. ففي الجزء الرابع منها، أي في "سادوم و عمورة"، يذكر بروست أنه أعاد قراءة " ألف ليلة و ليلة " بترجمتها إلي الفرنسية آنذاك : ترجمة أنطوان غالان(1704) _ وسميت بالجميلة الخائنة _ وترجمة الدكتور ماردروس (1899) . ومع العلم ان أمه أهدته النسختين، إلا أنها كانت تفضل ترجمة غالان أسوة بجدة الكاتب التي أدانت ترجمة ماردوس. و لكن الأم كانت مع ابنها علي درجة عالية من الديموقراطية. يقول: "ولعل أمي بعدما ألقت نظرة علي كلتا الترجمتين كانت فضلت أن أكتفي بترجمة غالان فيما تخشي التأثير علي بسبب الاحترام الذي تكنه للحرية الفكرية و الخوف من التدخل في حياة فكري و الشعور أنها لمّا كانت امرأة فإنما ينقصها من جهة، فيما تظن ، الكفاءة الأدبية اللازمة، كما ينبغي لها من جهة أخري أن لا تحكم علي قراءات الشباب انطلاقاً مما يجرح إحساسها. وكان أثار ثائرتها _ بعد أن قرأت بعض الحكايات- الفجور في الموضوع و بذاءة التعبير" (ص156 من ترجمة الياس بديوي إلي العربية، ص 230 من المتن الفرنسي ،طبعة لابلياد) . ويستذكر بروست في هذه المناسبة ، تعوّد جدته علي لفظ أسماء العلم الأجنبية حسب الطريقة الفرنسية الشائعة. " ما كان عساها تقول و هي تري عنوان ألف ليلة وليلة الذي تعهده ،مشوهاً علي الغلاف وإذ لا تلقي فيه من بعد اسمي شهرزاد ودنيازاد الشائعين أبداً، و قد خُطّا بالتمام مثلما تعودتْ علي الدوام لفظهما، وحيث "الخليفة" الظريف والجن الأشداء يكادون، وقد تغيرت أسماؤهم في المعمودية، إن حالفتنا الجرأة في استعمال اللفظة في الحكايات الإسلامية، لا يتعرفون أنفسهم إذ هم يدعون الآن "الكليفة" بالنسبة للأول و "الجنيون" بالنسبة للآخرين" (ص157 بالعربية، 231 بالفرنسية). ويذكر بروست أن أمه أوصته بقراءة الترجمتين عندما يكون متعباً و عندما لا يقوي علي القيام بنزهته المعهودة ، بسبب إصابته بربو شديد.
و تأثر بروست الطفل والبالغ بأجواء ألف ليلة و ليلة و حكايات علاء الدين و علي بابا و السندباد "النائم اليقظ" ، كما قال، و الجميلة زبيدة. ويتمني إعادة كتابة ألف ليلة و عصرنتها. وفي معرض حديثه عن أحداث الحرب العالمية الأولي، يتوقف عند واقعة " كوت الأمارة" في العراق، و فيها استسلمت كتيبة بريطانية للجنود العثمانيين. ويستذكر في هذه المناسبة كتاب ألف ليلة وليلة، يقول: "وللانتقال من نهر دجلة إلي الفرات، وجب علي القيادة الانكليزية أن تستخدم الزوارق الطويلة و الضيقة ، و هي كناية عن غندولات في تلك البلاد، و كان يستخدمها قدامي الكلدانيين .... ولكنني أعترف أنني بفضل القراءات التي قمت بها في بالبيك ، كنت متأثراً بالشرق، في معرض الحديث عن كوت الأمارة ، متأثراً باستعادتي اسم بغداد أثناء تكلمي عن البصرة التي ترد فيها كثيراً حكايات ألف ليلة و ليلة ، بغداد التي كان يؤمها في عصر الخلفاء السندباد البحري و يعود إليها ثم يبحر منها و يعود إليها من جديد، قبل الجنرال تاونشيد و الجنرال غورانج بكثير " ( الزمن المستعاد، ترجمة جمال شحيد ص 241 _ 242 ، المتن الفرنسي ص 560 _ 561 من طبعة لابلياد).
يضاف إلي ذلك أن بروست تأثر أيضاً بالأجواء الشرقية للتوراة . و تعج سباعيته بالصور المستوحاة من التوراة ، علماً بأن بروست غير متديّن وعلماني. فيستذكر "الدينونة العامة" ، و"الفردوس المفقود "و بعض المقولات والعبارات الانجيلية . كما يكرر أسماء بعض الأنبياء كموسي و يعقوب و اسحق و يوسف و داود و المسيح.
و المعروف عن بروست أنه أعجب كثيراً بوصف جون روسكين لمدينة البندقية ، وترجم له كتابين هما " توراة اميان (1904) و " السمسم و الزنابق (1906). وكان الأوربيون في ذلك الوقت يعتبرون " البندقية" مدينة تعج بالأجواء الشرقية و البيزنطية تحديداً . وفي القسم الأخير من" ألبيرتين " نجد وصفاً رائعاً لمعالم هذه المدينة التي سُحِر بها بروست ، لأنه اشتم فيها عبق هذا الشرق الذي كان يهجس به، دون أن يراه ، و لأنه حوّل هذه المدينة الجغرافية إلي مدينة تأملية و جوانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.