تمزج مي خالد في روايتها الجديدة «تانجو وموال»، الصادرة حديثاً عن دار العين، ما بين التراث الشعبي، بمواويله وزاره، وبين التراث الأمريكي اللاتيني بما فيه من رقصات وموسيقي. حاولت، كما تقول في متن روايتها، أن تصل بالكتابة للموسيقي، كطموح أي فن آخر. أسألها عن البطلة التي فقدت صوتها لكنها ظلت تتكلم من خلال أفكار وذكريات ووصف، فتقول:» تعتمد الرواية علي الأصوات، وتستند إلي الموسيقي كعامل أساسي، فالبطلة التي فقدت صوتها إرادياً تتخيل كل ماضيها بشخصياته في شكل آلات موسيقية، فتصير حياتها بذلك محاصرة تماماً بالموسيقي، وليس بالضرورة الموسيقي المبهجة، بل والحزينة أيضاً». والمواويل التي تتقاطع مع السرد؟ تقول:»هي الأشياء التي ترسخت في ذهنها منذ الطفولة، فأمها الأرجنتينية جاءت إلي مصر لتعد بحثاً عن الموال والزار، فشاهدت كل ذلك بصحبتها وتأثرت به» تضيف خالد:» والمواويل من التراث الشعبي الذي تم اختياره بناءً علي الأحداث المرتبطة بكل فصل، وجاءت بالأساس لتسلط الضوء علي الجزء السعيد في حياة البطلة». تقول مي:»لا، بل إعلاء لقيمة السكوت عن الكلام، فالبطلة لا تؤمن بالصمت رغم سكوتها، وتدور في مساحة من الضجيج، معتقدةً أن الصوت الداخلي للإنسان هو ما يعطي انطباعات علي الوجه، وأن كل الأفكار كلمات غير منطوقة، كذلك كل المشاعر. نضع في الاعتبار أيضاً ما عانته البطلة من اضطرابات نفسية نتج عنها تلعثم ومعالجتها عند طبيب تخاطب في طفولتها. الكلام إذن لم يكن وسيلتها للتعبير، رغم أنها عملت كمذيعة بعد ذلك». بمناسبة المرض النفسي، أفسّر قطيعتها للكلام كاعتراض علي أحداث، وهي الصورة التي وصلتني من العمل، في حين يري أطباء النفس أنها مريضة. تجيب خالد: «هناك فرق بين أن تكون مريضاً نفسياً لخلل كيماوي كأن تكون مصاباً بذهان مثلاً، وبين أن تمر باضطرابات حياتية فتضطر بناء علي رغبة الآخرين أن تذهب لعيادة نفسية، في حين أن الآخرين في الحقيقة هم من يحتاجون للعلاج. هذا ما أردت أن أقوله بالرواية». في الفصول الأولي من الرواية كان التركيز أكثر علي البطلة، تعبيراً عن حالتها الغريبة، بعد ذلك تفرعت الرواية تفريعات بعدت عنها، وربما غابت وسط أحداث كثيرة وشخصيات متعددة. تقول الكاتبة:» استخدمت تقنية الفلاش باك، فالبدايات بالتالي كانت شديدة الصلة باللحظة الآنية، بعدها رجعت للأسباب التي أدت للحالة. أعترف لك أنني أكتب ما أود كتابته، وكنت أود أن أتكلم عن الاضطرابات الوجدانية والأمراض النفسية، بعدها وجدتني أسير في حالتها وأيضاً أسباب حدوث ذلك. كل ما هو مذكور في الحكاية له علاقة بوصولها لهذه المرحلة، وكان من الضروري فنياً سرد ما مضي». أبرز ما في الرواية، بالإضافة للخبرة الموسيقية، المشهدية، لكن المشهدية ربما تؤدي للمباشرة. تقول خالد:» أعتقد أن المشهدية كانت مهمة في الرواية، لكن الأمر أيضاً يرتبط بالكاتب نفسه، أنا أقر وأعترف بأنني متأثرة بلغة السينما، ففيلم جيد ممكن أن يدفعني للكتابة، وأغار من فيلم جيد أكثر من رواية جيدة. في المقابل، لا أري أن المشهدية يجب أن تؤدي للمباشرة، أنا أحب أن أعيّش القاريء معي في نفس الحكاية، أن ارسم له المشهد. صراحة: أكتب ما أحب أن أقرأه للآخرين«. الرواية ايضاً تحكي عن مبني ماسبيرو، تفاصيل المبني وانتقادات له، هل هي تنطلق من سيرة ذاتية؟ تقول خالد:» الأمر لا علاقة له بالسيرة الذاتية، هو فقط مرتبط باستغلال خصوصية الكاتب، مثل الطبيب عندما يستغل مهنته في الكتابة، استغللت عملي بالإذاعة ليكون خلفية للرواية، كما استغللتُ حبي للموسيقي والرقصات».