نعم، كان إبراهيم منصور يعتبر نفسه عراب جيل الستينيات، وضع علي كاهله مسئولية تخص الجميع، لكنه يتحمل وحده العبء الأكبر في تدشين وجودها،كحقيقة علي الأرض، أعني في الفضاء الثقافي المصري، وبما هو عليه من تأثير علي المحيط العربي.حسب مشاهدتي المباشرة والمعلومات التي كانت متداولة وسمعتها تكرارا، علي مقهي ريش العتيدة . المقر الدائم لإبراهيم منصور ولي لاحقا كانت فكرة إنشاء منبر أدبي مستقل، للأدب البديل هي فكرة نسبت بقوة إلي إبراهيم منصور، ونظرا لأن تاريخا معتمدا لم يكتب بعد ليحقق هذا الأمر ضمن أمور أخري مهمة تداولت الأقاويل حول من وضع اسم هذه المطبوعة جاليري 68 والثابت لدي انه كان إبراهيم عبد العاطي، لكن يبقي التأكيد لازما ممن حضروا الاجتماعات الأولي، في مقهي ريش . لوضع خطط وأهداف هذه المطبوعة، العلامة، ولا يزال بعضهم موجودا متعهم الله بالصحة والعافية جميل عطية إبراهيم، إدوار الخراط، أحمد مرسي، سيد حجاب ، والحقيقة أن الأمر يستحق تسجيل هذا التاريخ في مرجع سيكون فريدا ومهما. عام إنشاء هذه المطبوعة 68 19 كان بعض النتاج المعبر عن جيل الستينيات الأدبي قد وجد بالفعل علي صفحات مجلات : المجلة بالذات في فترة رئاسة تحرير يحيي حقي الذي كان موقفه متراوحا بين الحماس لبعض من هذه الكتابات ورفضه لبعضها الآخر حتي لا ننسي موقفه من رواية تلك الرائحة" لصنع الله إبراهيم وهجومه المشين عليها والكاتب والطليعة ثم وبغزارة في الصفحة الأدبية لجريدة المساء في فترة إشراف عبد الفتاح الجمل، ثم فاروق منيب لفترة محدودة والتواريخ هنا متباعدة لكن الأغلب أن كثيرا من هذا الأدب المختلف كان قد رأي النور من بداية الستينيات وهلم جرا. بدا حماس إبراهيم منصور لأبناء جيله مطلقا، وبلا تهاون، إلي درجة استعمال العنف ضد من يري أنهم يلمسون من قريب أو بعيد هذا الأدب المقدس في نظره لدرجة انه اعتدي عليّ بالضرب في منزل الرسام الراحل وليم اسحق الأمر الذي دفع المناضل محجوب عمر لاستعمال قدراته القتالية وطرحه أرضا بعيدا عني وكان في حالة هياج شديد يردد سبعينيات إيه يا أولاد... مفيش غير الستينيات يا كلاب .. وحين جاء وقت الصلح اكتشفت انه كان يتصور أنني وراء موجة الكلام عن جيل السبعينيات باعتباره انجازا يتجاوز الستينيات وأنني زعيم السبعينيين .
وهنا أشير أنني بصدد تأليف كتاب عن هذه الفترة بما فيها من ثراء وحراك ثقافي سيرد كل ذلك فيه بالتفصيل. لكن الشاهد هنا هو أن تقديم إبراهيم منصور، مرة أخري، للناس لا بد أن يتم في سياقه، والسياق هنا هو وضعه المذكور كعراب لجيل الستينيات. أعود لأروي قصة هاتين القصتين موضوع هذا ا لتقديم. أظن أن هذا حدث عام 1990. كانت العلاقة بيني وبينه قد أضحت سمن علي عسل بعد أن تأكد له أنني بريء من العداء لجيل الستينيات، وأنني كنت دائما ضد فكرة أن يأتي كل عشر سنوات جيل جديد من الأدباء، وبقية الدعوي الفارغة،بأن مجيء هذا الجيل يلغي الجيل السابق، هكذا بهذه الطريقة التي لا تستند إلي أي شيء في التاريخ أو في الطبيعة. كان بيتي في السيدة زينب قد أضحي مقرا لما يمكن تسميته بالمنتدي العام الذي كان يشع بالمناقشات والحوار الخلاق في كثير من المواقع والصالونات والمقاهي والمنتديات والنوادي الأدبية، وكان بيتي المتواضع مجرد حلقة من هذه الحلقات، ولم يكن يمر أسبوع إلا ويكون اللقاء معه في هذا البيت بصحبة خيري شلبي وإسماعيل العادلي وصلاح عيسي وأحمد فؤاد نجم ونجيب شهاب الدين وأسامة الغزولي وجلال الجميعي ومجدي احمد علي وسامي وعادل السيوي . ومحمد حلمي هلال ورضوان الكاشف والعشرات حيث كان الشيخ إمام غالبا ما يختم هذه السهرات بقطع من درره المدفونة التي لم يكن ينشدها سوي في هذا البيت، الذي كان يحبه لدرجة انه كان يحتفظ فيه بعود له علي حائطه ليجده جاهزا حين يأتي ليرتاح من الغناء من أجل الآخرين، لكنه في هذا البيت كان يغني لنفسه،علي الرغم من وجودنا، ولا أنسي أنه كان أحيانا ينطلق في وصلة من الليالي مرة استمرت ساعة كاملة حرفيا وما أجمله حين كان يصدح بأغانيه التركية التي لا يعرف إلا القليلون انه كان يغنيها . ذات ليلة من ذلك العام انفض المجلس، فوجدت حقيبة جلدية لا أعرف لمن، فاضطررت لفتحها، فوجدت بها مجموعة متعلقات شخصية وأوراق ما أن فتحتها حتي اكتشفت أنهما قصتان قصيرتان موقعتان باسم إبراهيم منصور، فعرفت أن الحقيبة تخصه، لكن الفضول أخذني خاصة وأنه لم يكن أبدا يجيب علي السؤال المتكرر : قصتك اليوم 24 ساعة جميلة فلم لا تكتب " هذا السؤال المتكرر كان هو يجابهه بالصمت أحيانا وبضحكته الساخرة أحيانا أخري . أقول أخذني الفضول فقرأت القصتين فوجدتهما علي ميزات القصص الثلاث التي قرأناها له في جاليري 68 اليوم 24 ساعة والحزن من الجانب ومن الخلف و ولا أعرف له قصصا أخري نشرت في أماكن أخري وأهمها إنها كتابة لقلم لا يريد أن يكتب، لذا فهو يدهشك وهو يضعك في هذه الحالة الفريدة. هذا هو رأيي فيه، وكان هو يستمع إليه ويضحك ضحكته الساخرة كما يضحك علي كل شيء وكل شخص وفي كل وقت ولا يعنيه إن غضبت أو ضحكت أو سببت لأنه كان يري في نفسه العراب الذي لا يناقش، وتكون النهاية لو أصررت علي المناقشة، والأفضل إذا أردت أن تحتفظ بعلاقته بك ألا تناقشه. عل الرغم من أنه كان غالبا هو الذي يدعوك للنقاش : طيب تعال نتناقش. تناقش مين يابا. انه العراب الذي لا يناقش. المهم، اتصلت به تليفونيا، وأبلغته بأمر الشنطة فقال وهو يضحك : شنطة ؟ شنطة إيه ؟ شنطتك. آه، فعلا، طيب هاتها بكرة لريش. في اليوم التالي وفي موعد اللقاء الدائم بعد الثالثة ظهرا حملت له الحقيبة، فشكرني ووضعها علي الكرسي المجاور له، قلت : انت عارف أنا عرفت أزاي إنها شنططتك ؟ أزاي ؟ فتحتها فوجدت بها قصتين لك. لي أنا ؟ أنا معنديش قصص. سكت أنا لكنه أردف : آه. أيوا، ورأيك إيه ؟. أنا ؟ آه. ليه متنشرهمشي ؟ تجاهل سؤالي، وبدا انه سيغضب فغيرت موضوع الكلام. مرت سنوات حتي جاء العام 1995 حيث كنت أعمل مديرا لتحرير مجلة القاهرة، وأثناء تقليبي في ملفات أحتفظ فيها بالأوراق الهامة التي تقع تحت يدي وجدت صورة ضوئية للقصتين حيث إنني في الحقيقة وجدتها فرصة لا يمكن أن أفلتها ففي طريقي لمقهي ريش لأسلمه الحقيبة أخرجت القصتين وصورتهما واحتفظت بالصورة في هذا الملف . اتصلت به وأبلغته بهذه الحقيقة وطلبت اذنه بنشر القصتين في القاهرة : القاهرة مجلة محترمة. انشرهما في القاهرة. وبالفعل وضعتهما في ملف النشر للعدد القادم. لكنني فوجئت به يحضر لمقر المجلة في ماسبيرو وهو في حالة انفعال شديد : اسمع أنا قررت انك متنشرش القصتين. طيب. وأخرجت القصتين من الملف ومددتهما إليه : أتفضل. إيه ؟ خذ القصتين. ليه ؟. أنت زعلت ؟. لا زعلت ولا حاجة. طيب خليهم معاك. أعدت القصتين للملف، لكنني بعد أن ذهب أحسست بأن نشر القصتين ربما سيتسبب في مشكلة فمن يعرف ماذا ستكون عليه ردة فعله حينئذ ؟ أو في أي وقت ؟ لذا قررت أن أحملهما إلي البيت لأحتفظ بهما في ملف الوثائق. منذ أيام تذكرت إبراهيم منصور وأنا أعيد قراءة الرواية الجميلة التي ترجمها للكاتبة الفرنسية الساحرة مارجريت دورا تلك المسماة ب " الميدان ". تذكرته وشعرت بحزن بالغ لأنه لم ينتظر ليري ثورة الميدان، وتركنا ورحل قبل أن يشهد يوما كان يحلم به طوال عمره بل دفع مهره من عمره سنوات قضاها في سجون الظلم والجهل والطغيان، وعادت لي صورته وهو يتقدم الصفوف في سلسلة المظاهرات التي شارك فيها منذ مظاهرات 68 مرورا بمظاهرات 70، 72، وما تلاها من مظاهرات، وتخايلت به وهو يطلب مني هذه المرة بحسم أن أنشر القصتين . وهأنذا أفعل. وفاء لذكراه كمثقف كبير، عاش حياته مغتربا نعم، لكنه لم يتخل قط عن كونه أحد ثوار مصر الأبرار. اليوم الثاني واليوم الثالث »اقفل فمك وابك لاتبك وفمك مفتوح« أ.م أقسمت أنه منذ اليوم، لن أحييه أبدا. سأمر من جانب مائدته، ولا أنظر إليه. قال لم أكن أتصور أنك بهذه الرقة، فأنت تبدو كالبغل. ولكن هذا كان شيئا آخر. الثاني الذي كان معه، قال إنه لم يفكر في النساء منذ سبعة أشهر وقلت له إن حسن يقول إنه لايستريح إذا لم ينم مع امرأة أربع مرات في اليوم علي الأقل. فقال إنه متضايق، وانه مليء بالهموم فقلت لحسن: ألم تقل هذا؟. فقال له حسن »لا«. ولكن الثاني لم يكن ينظر إليه. وقال هو أنا نجم هذا الموسم. وقذف بالضحكة إلي أسفل بطنه (قالت له: حتي دمعتك، لونها مائع) قلت: سأكتب عنه قصة تجعله يعرف حقيقة مركزه. [علي الجدار كان يبتسم. لم تكن في رأسه شعرة بيضاء واحدة. )قلت: ماذا يفعل هو؟ يمثل؟ (أنور وجدي ينفخ في الكلارنيت ووجهه يمتليء بالحياة) ثم ماذا؟ ثم يموت! هل يمكن يعرض هذا الفيلم مرة أخري؟ لا يمكن. [وضحك الرجل السمين، وقال إن ما أقوله صحيح تماما) سيغضب. وتحمر أذناه. وتلمع عيناه في الضوء. ويقول: لماذا كتبت هذا؟ في ذلك اليوم سرت والبراز بين فخذي لينا دافئا. وحذرتني أمي أن أفعل ذلك مرة اخري. منذ ذلك اليوم لا البراز يزول من بين فخذي، ولا القلق يزول من عيني أمي.) قلت له: »اتبسطت في بيروت؟« قال: »لا« كان يجب أن لا أقول كلمة واحدة بعد ذلك. وأن أجلس صامتا هادئا، كالممثل الآخر الذي يجلس أمامي، وأن أرتدي »بدلة« ذات خطوط فاتحة متباعدة، وأن أشرب بيرة، وأن أطلب من الجرسون أن يحضر لي قليلا من البطاطس، فيحضر لي طبقا مليئا به، فيضحك أحدهم ويعجب لذلك، فأبتسم أنا وأرش ملحا علي البطاطس قلت له: لنجلس معا عرايا كالسمك. جلودنا تلمع بالدهن. ولنقل لعبضنا كل الأكاذيب التي نعرفها. ولنلمح في أعين بعضنا دمعة لاتعني شيئا. وربما كانت تعني كل شيء. وليسقط الطغيان. والوجوه الثلاثة التي كانت تجلس علي المائدة المجاورة لاتزال تنظر إلي. قال الثاني اتستطيع ان تحدد وضعهم الطبقي؟ قلت له: إنهم من الشواشي العليا للبورجوازية الصغيرة.. وضحك. وبعد أن أعطاه الممثل خمس جنيهات، قال لي، ان لديه تحديدا آخر لهم. فقلت له: ان اللحظات التي يفضي فيها بأفكاره إليّ من أهم لحظات حياتي. وضحك. ولكن إن ضحكت أنا يصبح الأمر كارثة! قسما سوف يمر من جانب في الردهة الطويلة ذات المرايا، ولن أحييه، وستسقط دهشته في النور عند قدميه دون ان تحدث صوتا ككل شيء يفعله. الثاني قال في قرف، إنني أتمتع بحس الفكاهة. هي أيضا قالت ذلك ونحن نقف أمام التابوت في متحف الآثار ولنفرض أن جدي الذي مات، كان مصابا بالشذوذ الجنسي. فما ذنبي أنا؟ قلت له ليختلط في كلامنا الماضي والحاضر وليكن في نفسي في نفس اللحظة صديقي السمين الذي كان يقرأ لي القصص في شرفة بيته، وآثار الحرق في أسفل بطني، وهذا الممثل الذي يجلس أمامي. كبصقة هائلة بين عيني. قلت لنفسي: يجب ان يسير الإنسان في هذا المكان بحذر شديد فهو ممتليء بالممثلين، هذا الرجل ذو الحواجب الكثيفة الذي يغطي الشعر الأسود الملتوي ظهر يديه، والذي كان يترك المدرسة بعد الغذاء مباشرة، ممثل. قال: »الحمد لله، الرواية نجحت«. وقال الممثل الأخر: »أحمد، الولاد كانوا كويسين؟« فقال: »الحمد لله، الرواية نجحت«. (وهل المفروض ان احمل صورتي معها في كل مكان؟) في الصباح، قلت له إنني كنت في جنازة، فقطب وجهه وقال: قريب؟ قلت انها كانت شيئا ممتعا (هنري ميلر) فوجم ثم ضحك بشدة وقال انه لم ير ابدا شخصا مثلي، واني لا اهتم بشيء علي الاطلاق. (هل كنت استطيع ان اقول لهم انها قالت لي انها كانت اسعد رحلة في قطار في حياتها. وان عامل البوفيه بالقطار ربت علي كتفي في مودة.) وفي المساء قال لي سعيد إن »عز« ابوه مات. قلت »حسن بيه؟.. (لايهم. سنته الذهبية ستضيء القبر- ابراهيم) ولكن لم ارسل البرقية. خشيت الا يفهم. هل استطيع ان اثق بكم؟. هل استطيع ان احكي لكم ما حكيته لكل انسان لايهمه ان يعرف ما حكيته له. لا. انا اكذب. فهذا لم يحدث بعد. او ربما كان قد حدث. من يعرف؟ فأنا لم اثق بكم بعد. في القصة الأولي لم اقل الحقيقة كاملة. وهذه بصراحة هي مأساتي)، ولكن لم اشعر ابدا بالرغبة في ضربة تمت. -5- 2- واحد من اثنين، اما ان اكون مخطئا او لا أكون. ابراهيم منصور سلسلة المحاولات الفاشلة لفصل شيء من المستحيل وقوعه -1- رفع الولد لي رأسه فرأيت خطين أبيضين يصنعان مثلثا تحت أنفه، فحولت رأسي عنه ولكني لبثت أفكر فيه (منذ ذلك الحين كانت البراءة بالنسبة لي وجها مستديرا شاحبا يعلوه المخاط). ولكن الولد كان يجلس في ميدان وبجانبه كانت أخت له أصغر منه ترتدي بنطالا كاحلا باهتا به ورود زرقاء متربة. وكانت البنت تتعلق بسور حديدي واطي وتنظر إلي الحشائش في شبق ونهم. ولم يخطر ببالها قط أن تنظر إليّ، فحولت رأسي عنها وما لبثت قليلا إلا وقد قلت لنفسي لتكن اللامبالاة في نظرك بعد ذلك شيئا صغيرا شبقا يرتدي بنطالا كاحلا به ورود زرقاء باهتة. ولكن ذلك لم يحدث ولبثت اللامبالاة بالنسبة لي شيئا قاس التحديد يثير فيّ رعبا باردا. والنتيجة أدركت أنه في وسع المرء أن يتعلم الكثير وينسي الكثير أيضا في ميدان. كما أدركت في نفس الوقت أن يأتي لأماكن أيضا بها نفس الصلاحيات التي تتمتع بها الميادين، تتعلم بها الكثير وتنسي بها الكثير أيضا. -2- (أ) حينما عزمت علي أن أزيل معني كل شيء أصبت في البداية بفتور شديد. ولكن بعد ذلك كنت أجلس أو أنام أو أسير ساعات طويلة بلا كلل وأنا أزيل معني كل شيء تقع عليه عيناي ولم يكن الأمر يستدعي مني جهدا خارقا. كنت مثلا أنظر إلي شجرة أو فتاة ذات فم واسع أو مجمع لدواوين الحكومة أو ورقة مطبقة ملقاة بجانب الرصيف وأقول لنفسي هذه ليست شجرة وهذه ليست فتاة ذات فم واسع وليس هذا مجسما لدواوين الحكومة، وهذه ليست ورقة مطبقة ملقاة بجانب الرصيف ثم لا أحاول أن اضيف إلي هذه الأشياء معاني جديدة بدلا من المعاني القديمة وهكذا وفي سهولة لا يمكن تصورها حذف اسمي من العالم تماما. ولكن المشكلة انني بقيت أنا متخذا صفة أخري. مزيل محترف للمعاني. -2- (ب) قلت للفتاة التي أقول لها إني أحبها رغم اني لا أحبها والتي تقول أنها لا تحبني رغم أنها تحبني انني أحبها، وبسبب سذاجتها وقدرتها المذهلة علي عدم الفهم ظنت أن هذا ما هو إلا تكرار لما سبق أن قلته ولكنني في آخر اللقاء انتابني الشك في صحة ما توصلت إليه فقلت لها إني أحبها. ولكنها لم تندهش فتأكدت أن الأشياء بالنسبة لها في مكانها تماما. وقررت أن أخرق القاعدة التي وضعتها وأن اجعلها كشكا لبيع السجائر وأوراق الياناصيب ذلك أن الهدف أمامها كان واضحا والسكين في يدها شيئا معتادا مثل الغصة في الحلق وخيبة الأمل وكل شيء. أما أنا فلم يكن واضحا لي غير اللمعة في السكين وفي العين وفي اليد الثابتة القاتلة في منتصف الصدر وفي أسفل العنق. -3- وراء الزجاج الملون تبدو وجوه الناس شاحبة، وربط كانت كذلك. مارس 1968 إبراهيم منصور