التعليم .. سؤال النهضة

كيف تصنع ديكتاتورا؟
كيف تصنع إرهابيا ومتعصبا؟
كيف تصنع شعبا مطيعا؟
إذا كان هناك كلمة واحدة للإجابة علي الاسئلة الثلاثة.. هي: » التعليم«!
قال أمبراطور روسيا مرة : تعليم الشعب؟ أبدا.. إذا عرف الشعب ما أعرفه فسيعصيني بالدرجة نفسها التي يطيعني بها الآن.
وكان ملوك أوروبا في العصور الوسطي يرسلون الفلاسفة إلي السجون .. نحن لسنا في حاجة إلي فلاسفة بل إلي مواطنيين مطيعين. إذن ثمة علاقة بين الظلام الذي تقبع فيه الشعوب وبين مستوي تعليمها. النور يفضح الطغاة، في الظلام يفعلون ما يحلو لهم.
التعليم إذن هو الخطوة الأولي للمعرفة ..للتمرد علي الواقع .. للثورة. بدونه قد تفشل الثورات. هل لذلك علاقة بما يحدث الآن من تغييب للعقول، الحديث عن مواطنيين صالحين ( بالمفهوم السلطوي طبعا) .. وبين مناهج التعليم وسياساته، وميزانيته (ميزانية الأمن ثلاثة أضعاف التعليم والصحة والبحث العلمي مجتمعة).
بالتأكيد العملية التعليمية تقوم علي أبعاد كثيرة ...
المناهج .. المدرس .. والمدرسة.
وهذه الأبعاد تطرح أسئلة:
هل التدريس أصبح مهنة من لا مهنة له؟ هل المدرس أصبح منتج للمتطرفين؟
هل يتم مراقبة وتفتيش المدارس الخاصة؟
ما المواد التي يدرسها الطلاب فيما بات يعرف بظاهرة المدارس الدينية؟
هل تعرف الدولة ان العديد من المدارس الخاصة ملك لقيادات الإخوان المسلمين؟
لماذا صدر قرار إلغاء أنشطة الفنون؟ هل لتصبح البيئة مناسبة لنمو جهلة ومتعصبين أكثر؟
(شكي أحد أولياء الأمور لوزير التعليم أن ابنه لا يحقق الدرجات النهائية في المواد، والسبب مواد الفنون..فألغي الوزير المواد كلها ( الموسيقي ووالرسم والتمثيل) ..حدث هذا في مصر منذ ثلاثة أعوام).
هل عندما تراجع الوزير عن قرار سابقه بتدريس الفنون ..هل ستكون المواد مجرد سد خانة.. بدلا من أن يدرس التلاميذ الموسيقي والرسم يقضون الوقت المخصص في ردهات المدرسة؟
هل يتوافر أساسا مدرسون قادرون علي تدريس مواد الفن؟
أسئلة كثيرة..
لكن الأهم أن إصلاح التعليم في مصر يبدأ بنسف النظام القائم من جذوره ووضع استراتيجية قومية لبناء الإنسان المصري من الصغر كما فعلت كوبا واليابان وألمانيا( بعد الحرب العالمية). والإيمان اساسا بأن التعليم هو طريق النهضة الوحيد ..
ولسنا في حاجة سوي الي قراءة ما كتبه عميد الأدب العربي طه حسين عن التعليم في كتاباته المختلفة ، طه حسين لا تزال أفكاره صالحة للأسف ، رغم مرور ما يقرب من قرن عليها. أفكار منذ قرن لم تنفذ بينما يناقش الغرب نظريات »ما بعد المدرسة «...
هذا الملف محاولة لاستكشاف بعض أبعاد العملية التعليمية .. نبدأ بالمناهج التي يري البعض أنها لا تنتج سوي متطرفين ... أو مواطنين لا يمتلكون القدرة علي التفكير الإيجابي...وسنواصل في أعدادنا القادمة المناقشة.