تبدو صفة الدولية ملائمة تماماً لمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب الذي انتهت دورته الأخيرة الأسبوع الماضي، فأينما يستدير الزائر للمعرض سيجد ما يذّكره بدوليته سواءً لجهة التنوع الشديد في جنسيات الكتّاب المشاركين في فعالياته وبينهم مجموعة من أهم نجوم الأدب العالمي، أو لجهة نشاط مركز تبادل الحقوق وعقد الصفقات بين الناشرين بمختلف اللغات، وأيضا وبالأخص بسبب هذا العدد الكبير من الوكلاء الأدبيين والناشرين الدوليين ممن يحرصون علي حضور الندوات بحثاً عن أصوات جديدة يقدمونها في أسواقهم. يزيد من حيوية المعرض الذي أقيم من 1 : 7 مارس الحالي حرص المنظمين له علي أن تُعلن الجوائز الأدبية المهمة أو تقام احتفالات تسلمها علي هامشه وأن يلتقي الفائزون بها بزواره عبر ندوات ولقاءات معهم. هكذا التقي جمهور المعرض مع الفائزين بجائزة الشيخ زايد وعبده خال الفائز بجائزة البوكر العربية والكتاب الخمسة الآخرين في قائمتها القصيرة. وبداية من العام الحالي بدأ معرض أبو ظبي برنامجاً جديدا هو برنامج دولة العام والذي يختار خلاله دولة معينة كل عام كي يسلط الضوء علي صناعة النشر لديها والاتجاهات الأدبية فيها، وتم اختيار الجزائر لتكون دولة 2010 حيث استضاف المعرض د. إدريس بو ديبة الكاتب والأستاذ بكلية الآداب جامعة قسطنطينة ومدير الثقافة لولاية عنّابة الذي تحدث في منبر الحوار عن الثقافة الجزائرية معرفاً الجمهور بها. وعقد المعرض أيضا لقاءً مع الروائي الجزائري بالإيطالية والعربية عمارة لخوص الحائز علي جائزة فلايانو الأدبية الدولية 2006، وجائزة المكتبيين الجزائريين 2008، أدار اللقاء مع لخوص فرانشيسكو ليجو المترجم وأستاذ اللغة العربية والترجمة في جامعة باري. من الجزائر حضرت أيضا الروائية الشهيرة أحلام مستغانمي، والروائي الجزائري والفرنسي أنور بن مالك صاحب رواية "الاختطاف" . وخصص المعرض يوم 6 مارس يوما للثقافة الهندية لتعريف الزوار بها عن قرب عبر لقاءات منفصلة مع الكتاب: فاسوديفان ناير أحد أهم الكتّاب في الأدب المالايالامي الحديث في الهند، والشاعر والكاتب سارجو شاتنور، والروائي أميت شودري الحائز علي جوائز عديدة من بينها جائزة كتاب الكومنولث، وجائزة لوس أنجليس تايمز، والكاتب بانكاج ميشرا، والروائي تارون تيجبال الحائز علي جائزة بريكس ميليبيجز في فرنسا. وفي الإطار نفسه عقد المعرض ندوة عن "ترجمة أعمال الكتّاب الهنود إلي اللغة العربية" بمشاركة تلميذ أحمد سفير الهند في السعودية، د. علي بن تميم مدير مشروع كلمة، زكرور رحمن مدير المركز الثقافي الهندي العربي في الجامعة الوطنية الإسلامية في نيودلهي. وندوة أخري عن ترجمة الشعر الهندي إلي اللغة العربية، وندوة عن "تاريخ الإمارات العربية المتحدة من خلال مذكرات ناريان أساربوتا". ومن القضايا التي تناولتها ندوات المعرض "الجوائز الأدبية وأثرها في حركة الثقافة العربية" بمشاركة بويد تونكن المحرر الأدبي لصحيفة الإندبندنت الذي شارك في لجان تحكيم عدد من الجوائز العالمية، والكاتب عبد الحميد أحمد الأمين العام لجائزة العويس، الروائي طالب الرفاعي رئيس لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية في دورتها الأخيرة، والناقد صلاح فضل نائبا عن راشد العريمي الأمين العام لجائزة الشيخ زايد، وأدار الندوة الناقد عبد الله الغذامي، وفي هذه الندوة ذكر تونكن أن من بين أهداف جائزة الاندبندنت تحفيز المترجمين الموهوبين لترجمة الروايات، واستقطاب مترجمين آخرين يترجمون في مجالات أخري إلي حقل ترجمة الأدب، ولهذا توزع الجائزة مناصفة بين المترجم والروائي. وأكد أن الجوائز توسع دائرة الاهتمام والاحترام للأدب وهو ما فعلته الجوائز العربية أيضا مثل جائزة البوكر العربية وجائزة الشيخ زايد. أيضا ناقش المعرض قضايا: "الوكلاء كيف يعملون وكيف يمكن التعاون معهم"، و"الكتب الأكثر مبيعا: أسرار النجاح"، "الكاريكاتير والقصص المصورة في العالم العربي" بمشاركة مجدي الشافعي وقيس صدقي، وتم تخصيص ندوة عن "الأدب العربي في لغة فان جوخ" مع الكاتبين: عبد القادر بن علي الهولندي من أصل مغربي والحائز علي جائزة جيرتجان لوبيرهوزين. ورمزي نصر الهولندي من أصل فلسطيني الذي اختير شاعرا رسميا لهولندا. وشاركت الروائية اللبنانية علوية صبح، الروائية الكويتية ليلي العثمان في ندوة عن "النساء في الأدب العربي" أدارتها رنا إدريس المدير التنفيذي لدار الآداب، تحدثت الكاتبتان عن عوالمهما الروائية وعلاقة رواياتهم بسيرتهم الشخصية، ورؤيتهم لدور الإبداع في المجتمع. وأعلنت صبح في اللقاء أن روايتها الجديدة سيكون البطل الرئيسي فيها رجل لا امرأة مشيرة أنها كانت قد قطعت شوطاً لا بأس به في كتابتها، لكن مع أحداث حرب تموز، جاءتها فكرة "اسمه الغرام" فركنت الرواية الأولي مؤقتاً ثم عادت إليها بعد انتهائها من "اسمه الغرام". ومن الكتاب العالميين الذين التقوا بجمهور المعرض: آذار نفيسي، يان مارتل، جيلبرت سينويه، آدم هايسليت، قيصرة شاهراز. اهتم المعرض كذلك بالأطفال وأدبهم حيث خصص لهم أربعة مناطق الأولي هي منطقة الفن التي خصصت لممارسة الرسم والتلوين، ومنطقة المسرح وتم فيها قراءة قصص كل يوم بالإنجليزية والعربية، وغرفة ورش العمل لتنمية المواهب الإبداعية للأطفال، و"13+" وهو مكان جديد هذا العام تم تخخصيصه للمراهقين والشباب لتنمية واكتشاف مواهبهم الإبداعية. المختلف في معرض أبو ظبي أن الأنشطة الثقافية تعقد في معظمها في أماكن مخصصة لها بين أجنحة عرض الكتب ولا يتم فصلها بعيداً عن الأجنحة في أماكن معزولة، وهو ما يضفي علي المعرض مزيداً من الحيوية.