محافظ قنا يتابع جاهزية مراكز الاقتراع قبل انطلاق انتخابات النواب    "قطر للطاقة" تتوسع في مصر بشراكات في 6 مناطق بحرية للبحث عن الغاز    28 أكتوبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    محافظ القاهرة: بدء أعمال تسكين الباعة بسوق العتبة المطور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة الأقصر    18 مكتبا بريديا تعمل السبت المقبل لصرف المعاشات بالقليوبية (جدول)    «ترامب»: وافقت على تزويد اليابان بمجموعة الصواريخ الأولى لطائرات إف 35    وزير الداخلية التركي: لا خسائر بشرية جراء زلزال باليكسير    إعلان الطوارئ في جامايكا بسبب الإعصار ميليسا    رئيس وزراء فلسطين: قواتنا تتلقى تدريبا في مصر والأردن لأداء واجباتها في غزة    استعدادا لكأس العالم.. منتخب مصر للناشئين يهزم قطر 7-1 وديا    تأكد غياب رباعي الأهلي عن السوبر.. وموقف إمام عاشور (تفاصيل)    حسين لبيب يتقدم باستقالته من رئاسة الزمالك.. تامر عبدالحميد يكشف    ميسي يكشف عن موقفه من المشاركة في كأس العالم 2026    محافظ الجيزة: نسخر كل إمكاناتنا لتوفير بيئة حضارية لزوار المتحف الكبير    أمن الجيزة يكشف تفاصيل محاولة اختطاف فتاة بأكتوبر    بالأرقام.. حصاد الحملات الأمنية لقطاع الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    ضبط مالك فاترينة لبيع السجائر فى القليوبية لتعديه على شخص ووالده    الداخلية تضبط 3 أطنان دقيق مدعم فى حملات تموينية خلال 24 ساعة    عازفين من 79 جنسية، التفاصيل الكاملة لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    «تحب الأضواء والتصفيق».. 4 أبراج تعشق القيادة والمدح المبالغ    العرض المسرحي مسكر كامل العدد بملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي    رابط حجز تذاكر دخول المتحف المصري الكبير    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بعد مرور 75 دقيقة من بدء تعاملات اليوم    نزلات البرد وأصحاب المناعة الضعيفة.. كيف تتعامل مع الفيروسات الموسمية دون مضاعفات؟    جامعة حلوان تطلق حملة للتبرع بالدم    جولة مسائية لمساعدي وزير الصحة بمستشفى بولاق الدكرور لمتابعة أعمال بدء التشغيل التجريبي    وزيرة التخطيط تشارك في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالسعودية    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    آخر فرصة لحج القرعة.. دليلك للتقديم من البيت قبل فوات الأوان    وفاة شاب بصعق كهربائي أثناء سيره بالشارع في الفيوم    تركيب الإنترلوك بمدينة ديروط ضمن الخطة الاستثمارية لرفع كفاءة الشوارع    الزراعة والبيئة والري يناقشون تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي في مصر    وزارة الصحة تكشف خطتها للتأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    طارق قنديل: ميزانية الأهلي تعبر عن قوة المؤسسة.. وسيتم إنشاء فرعين خارج القاهرة    مواعيد مباريات الثلاثاء 28 أكتوبر.. دربي جدة في الكأس والدوري الإيطالي    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 بمحافظة السويس    خطة النواب تناقش مذكرة تفاهم بين مصر والاتحاد الأوروبي    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وكبير مستشاري ترامب لبحث الأوضاع في السودان وليبيا    "بعد رسول العاصفة".. كيف تمهد روسيا لعصر الصواريخ النووية الفضائية؟    استقرار اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 28اكتوبر 2025 فى المنيا    عيادة ثابتة و5 سيارات خدمات متنقلة أبرزها، خطة التأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    موعد بداية شهر رمضان 2026 وأول أيام الصيام فلكيًا    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    عالم الآثار الياباني يوشيمورا يتسلم دعوة حضور افتتاح المتحف المصري الكبير    جاهزون.. متحدث مجلس الوزراء: أنهينا جميع الاستعدادت لافتتاح المتحف الكبير    تحرك طارئ من وزير الشباب والرياضة بعد تصريحات حلمي طولان (تفاصيل)    ترامب يتوقع زيارة الصين العام المقبل ويرجح استقبال «شي» في أمريكا    رئيس محكمة النقض يزور الأكاديمية الوطنية للتدريب    الزناتي يشارك في احتفالية اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    في طريقه إلى «الطب الشرعي».. وصول جثة أسير جديد ل إسرائيل (تفاصيل)    مفاجأة.. الزمالك يفكر في إقالة فيريرا قبل السوبر وتعيين هذا المدرب    «العمل» تُحرر 338 محضرًا ضد منشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    بعد مأساة الطفل عمر.. كيف تكشف لدغة ذبابة الرمل السوداء التي تُخفي موتًا بطيئًا تحت الجلد؟    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتاب: كتابة الكتابة.. نصوص في الإبداع اعداد: إيمان حميدان الناشر: الراوي
7 وصفات لكتابة رواية
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 10 - 2011

بدأت نظرتنا في العالم العربي إلي الأدب تتغير، من كونه متصلاً بوحي وإلهام، حيث وادي عبقر وشياطين الشعر، إلي حرفة وأدوات لابد أن يتسلح بها صاحب الموهبة. في هذا الإطار، انطلقت ظاهرة ورش تعليم وممارسة الكتابة الإبداعية بدايةً من السينما والمسرح، ولزمها بعض الوقت لتنتقل أخيراً إلي الأدب. ومن تلك الورش الإبداعية خرجت بعض الأعمال الإبداعية، ظهر في مصر قبل أعوام كتاب لنصوص قصصية عن ورشة الكتابة التي أشرف عليها الشاعر والروائي ياسر عبد اللطيف، ومؤخراً صدر كتاب كتابة الكتابة نصوص في الإبداع عن دار نشر الراوي لبنان في 190 صفحة من القطع المتوسط. وهو هذه المرة ليس نصوصاً إبداعية لخريجي الورشة التي تشرف عليها الروائية اللبنانية إيمان حميدان، بل مساهمات من سبعة كتاب (خمسة روائيين وشاعران) بشهاداتهم حول تقنيات وأساليب الكتابة لديهم، إلي جانب فقرة مختارة، متوسطة الطول من أحد أعمالهم. وفي آخر كل قسم خاص بكل كاتب، أضافت إيمان حميدان بعض التمارين الموجهة للقاريء، وهو هنا الكاتب المستجد أو المتدرب، تشجعه فيها علي التجريب واللعب، انطلاقاً من الرؤية المطروحة من قبل الكاتب أو الكاتبة.
لم يجتمع المساهمون في الكتاب علي وصفة، أو طريقة لتقديم تجربتهم للقاريء المفترض، ولعلهم لم يحددوا معاً أو كلٌ منهم علي حدة - ملامح واضحة لهذا القاريء المستهدف. فتنوعت نبرة كل كاتب، وذهب في تركيزه إلي حيث يشاء، وبقدر ما في هذه الحرية من إيجابية، تتيح له اللعب والاكتشاف والنبش داخل معمله أو مطبخه الخاص، فقد جاءت علي حساب الغرض الأساسي من الكتاب، وهو نقل الخبرات، وتعليم مباديء الكتابة الإبداعية، الروائية علي الخصوص. تحديد هدف كتاب من هذا النوع مسألة لا علاقة لها بالمرة بتحديد سن الأطفال علي أغلفة الكتب الموجهة لهم، ولكن بتركيز العدسة وتكثيف أكبر قدر ممكن من المادة المفيدة للقاريء الكاتب المبتديء. جاءت بعض الدروس أقرب إلي شهادات الكُتاب التي يتلونها في المؤتمرات أو ينشرونها في المطبوعات الثقافية، ذات الرطانة والغموض الساحر، واستدعاء الذكريات الخاصة المرتبطة بهذا العمل أو ذاك.
قلنا إنها خطوة أولي علي هذا الطريق، ومثل جميع الخطوات الأولي من الطبيعي أن تكون مرتبكة قليلاً، وعلي الرغم من هذا، فإن قارئاً مدرباً ولو قليلاً علي قراءة الأدب والنقد، سوف يستفيد للغاية من تجارب هؤلاء الكتاب السبعة، وما طرحوه من أفكار وخبرات غاية في الأهمية علي وجه العموم، ولا شك أنه سيجد واحداً منهم يجيب عن بعض تساؤلاته الخاصة، أو يسّهل عليه مهمة كتابية أرقّته، أو يشير له نحو الاتجاه الصحيح.
ركز الروائي محمد أبي سمرا (من رواياته: بولين وأطيافها، والرجل السابق، وسكان الصور) علي الانتقال من السيرة الشفاهية لشخصيات من الواقع، كان يلتقي بهم ويسجل لهم حكاياتهم وتواريخهم الشخصية، إلي التدوين السردي، الذي ينطلق فيه متحرراً من أسر المادة الوثائقية، وإن انطلق منها، نحو التخييل والاكتشاف. كما أشار إلي ميله الخاص في اوكيف تكون الرواية رواية، إذا كان دأبها رواية الثبات؟ لا يدري إجابة، لكنه يحيل إلي المؤرخ الفرنسي فرنان بروديل الذي جعل دأبه في كتابته التاريخية التأريخ للبني شبه الثابتة في الحضارات الإنسانية. ومن جانبه يسعي في عمله أن يقبض علي البني التحتية للشخصية الروائية، ما لا يتغير بتغير الأزمنة والأمكنة.
ذهبت نجوي بركات (صاحبة روايات المحوّل ، حياة وآلام حمد بن سيلانة، باص الأدوام، وأخيراً لغة السر) مذهب كونديرا واستشهدت به بوضوح، وذلك في مسألتين؛ الأولي أن الرواية لا يجب أن تنطلق من اليقين، وأنها أرض الشك والحيرة والأسئلة، دون أي أحكام أخلاقية من قبل كاتبها علي ساكنيها، أو شخصياتها. وحرية الشخصية واستقلالها النسبي عن كاتبها، فهي ليست ابنة للكاتب، بل هي تولد من رائحة أو صورة أو استعارة، حسب كونديرا. وختمت باعترافها أن لعبة الرواية تستمر عصية علي السبر، لأن فيها ما يتجاوز محاولات أسرها في أفكار ونظريات، تبقي علي أهميتها نزيلة الهامش لا المتن. إن جمال النموذج السردي المقتطف من رواية لغة السر، بعد شهادة نجوي بركات، أدل ما يمكن علي رأيها هذا، ومنه قد يتعلم القاريء الذكي أكثر كثيراً من شهادتها الكونديرية.
جاءت شهادة الشاعر والصحافي يوسف بزي (صاحب دواوين المرقط، ورغبات قوية كأسنانا) أقرب إلي التأملات الذاتية، ومع هذا فلن نعدم فيها الأفكار المهمة للكتابة الإبداعية عموماً، وخصوصاً في علاقته المركبة باللغة، وكيف يتصيد الكلام الدارج في الإعلام أو علي ألسنة الناس ليضعه في سياقٍ آخر، يحوله وينحرف به عن دلالاته المبدئية. كما أشار علي أهمية كيف نكتب في مقابل ماذا نكتب، وضرورة البحث دائماً عن حيلٍ جديدة في قول أي شيء، سواء كان قديماً أو مستهلكاً أو مستجداً.
الشاعر الكبير عباس بيضون، (وصاحب رواية وحيدة منشورة هي تحليل دم) حاول أن يرصد الجسور الخفية بين الشعر والنثر، والرحلة التي قطعها علي تلك الجسور ذهاباً وإياباً، حتي استقر في النهاية، وكما أشار في أول كلمة بشهادته: أنا شاعر. علي الجسر الواصل بين الشعر والنثر، استعرض بيضون سريعاً العناصر النثرية، وربما السردية في تجربته الشعرية الخاصة، ثم ركز علي تجربته في روايته تحليل دم.
آثر الروائي حسن داوود ( كاتب بناية ماتيلدا، أيام زائدة، وغناء البطريق وغيرها من الأعمال المتميزة) في شهادته الخاصة أن يبدأ بالحكي وروي واقعة ضياع مخطوطة رواية له ظل يبحث عنها لسنوات عبر أصدقاء له في باريس، إذ فقدها في تاكسي بمدينة النور وظل لسنوات أيضاً يحاول إعادة كتابتها دون جدوي. يظهر في شهادته الوعي المرهف بتقنيات اللعبة السردية، وبخصوصية الطريقة التي يتبعها، الطريقة غير الدراماتيكية والتي تنأي تماماً عن مشهيات الإثارة والتشويق، وتتبع إيقاعاً يكاد يكون رتيباً في نبشها للشخصيات والعوالم التي تتكشفها.
في نهاية الكتاب نقرأ شهادة علوية صبح، (صاحبة الروايات مريم الحكايا ، اسمه الغرام، ودنيا) التي أكدت علي عدم الانطلاق من خطة مسبقة في الكتابة، وإصرارها علي عدم حكي الحكاية بترتيبها الزمني المنطقي، وميلها بالتالي إلي الكتابة، في مقابل الحكي، حيث مع الكتابة تبدأ من حيث تطاوعها الكتابة، علي عكس الحكي. خصت الجزء الأكبر من شهادتها بالحديث حول شخصياتها النسائية، وكيف يتلبسنها أو تتلبسهن، وتحديداً بطلتها مريم، وكيف استطاعت بحكاياتها حتي أن تخرس الروائية وتزيحها لتنفرد بالسرد.
أشارت إيمان حميدان، في شهادتها التي توسطت الكتاب تقريباً، إلي صعوبة الوصول إلي الجملة الأولي التي يكتبها روائي مثل أورهان باموك من 50 إلي 100 مرة. وأشارت أنها تكتب رواياتها نتفاً وقصاصات هنا وهناك، علي الفوط الورقية وقوائم الطعام وظهر فواتير الكهرباء، ثم تقوم بعملية مونتاج لهذه المقاطع المتفرقة، وتعيد طباعتها، وهكذا ثم تضيف إليها فقرات جديدة، في لعبة دائرية تستمر طويلاً خلال رحلة اكتشاف، تكون فيها لحظة الكتابة هي لحظة اليقين الوحيدة للكاتب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.