مدبولي: نعمل مع الوزارات المعنية على تسهيل إجراءات التسجيل العقاري للوحدات السكنية    تعاونيات البناء والإسكان تطرح وحدات سكنية ومحلات وجراجات للبيع بالمزاد العلني    برنامج الأغذية العالمي: الوضع الإنساني بقطاع غزة كارثي.. ومخزوننا الغذائي بالقطاع نفد    بيروت ترحب بقرار الإمارات بالسماح لمواطنيها بزيارة لبنان اعتبارا من 7 مايو    رئيس حزب فرنسي: "زيلينسكي مجنون"!    فاركو يسقط بيراميدز ويشعل صراع المنافسة في الدوري المصري    سيل خفيف يضرب منطقة شق الثعبان بمدينة طابا    انضمام محمد نجيب للجهاز الفني في الأهلي    أوديجارد: يجب استغلال مشاعر الإحباط والغضب للفوز على باريس    زيزو يخوض أول تدريباته مع الزمالك منذ شهر    إسرائيل تدرس إقامة مستشفى ميداني في سوريا    التموين: ارتفاع حصيلة توريد القمح المحلي إلى 21164 طن بالقليوبية    الزمالك: نرفض المساومة على ملف خصم نقاط الأهلي    الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقا جنوب تل أبيب بعد العثور على جسم مريب في أحد الشوارع    حرس الحدود بمنطقة جازان يحبط تهريب 53.3 كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    استشاري طب شرعي: التحرش بالأطفال ظاهرة تستدعي تحركاً وطنياً شاملاً    المخرج طارق العريان يبدأ تصوير الجزء الثاني من فيلم السلم والثعبان    البلشي يشكر عبد المحسن سلامة: منحنا منافسة تليق بنقابة الصحفيين والجمعية العمومية    ترامب يطالب رئيس الفيدرالي بخفض الفائدة ويحدد موعد رحيله    الهند وباكستان.. من يحسم المواجهة إذا اندلعت الحرب؟    حادث تصادم دراجه ناريه وسيارة ومصرع مواطن بالمنوفية    التصريح بدفن جثة طالبة سقطت من الدور الرابع بجامعة الزقازيق    ضبط المتهمين بسرقة محتويات فيلا بأكتوبر    تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال    مفتي الجمهورية: نسعى للتعاون مع المجمع الفقهي الإسلامي لمواجهة تيارات التشدد والانغلاق    23 شهيدًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    مديرية العمل تعلن عن توفير 945 فرصة عمل بالقليوبية.. صور    رسميًا.. إلغاء معسكر منتخب مصر خلال شهر يونيو    مورينيو: صلاح كان طفلًا ضائعًا في لندن.. ولم أقرر رحيله عن تشيلسي    فيبي فوزي: تحديث التشريعات ضرورة لتعزيز الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات الرقمية    كلية الآثار بجامعة الفيوم تنظم ندوة بعنوان"مودة - للحفاظ على كيان الأسرة المصرية".. صور    نائب وزير الصحة يُجري جولة مفاجئة على المنشآت الصحية بمدينة الشروق    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    الداخلية تعلن انتهاء تدريب الدفعة التاسعة لطلبة وطالبات معاهد معاونى الأمن (فيديو)    رابط الاستعلام على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025 ونظام الأسئلة    رغم توقيع السيسى عليه ..قانون العمل الجديد :انحياز صارخ لأصحاب الأعمال وتهميش لحقوق العمال    في السوق المحلى .. استقرار سعر الفضة اليوم الأحد والجرام عيار 925 ب 55 جنيها    صادرات الملابس الجاهزة تقفز 24% في الربع الأول من 2025 ل 812 مليون دولار    كندة علوش: دخلت الفن بالصدفة وزوجي داعم جدا ويعطيني ثقة    21 مايو في دور العرض المصرية .. عصام السقا يروج لفيلم المشروع X وينشر البوستر الرسمي    إعلام الوزراء: 3.1 مليون فدان قمح وأصناف جديدة عالية الإنتاجية ودعم غير مسبوق للمزارعين في موسم توريد 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : انت صاحب رسالة?!    تقرير المعمل الجنائي في حريق شقة بالمطرية    بالفيديو.. كندة علوش: عمرو يوسف داعم كبير لي ويمنحني الثقة دائمًا    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    غدا.. الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" للموهوبين بالبحيرة    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون بين البلدين    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق شوشة في حوار عن »أراجوزات الإعلام« ومثقفي »القرافة« وضرورة التغيير:
نعيش »عصر الجوع« الثقافي!
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 10 - 2011

فاروق شوشة هو أحد »حراس اللغة« في مصر. عبر عقود كان - ولايزال- لديه الأمل في إيقاف المعاول، التي تهدمها، كما أنه لم يفقد الأمل في أن تصبح عنوانا للتغيير، في مصر، وخصوصا في مرحلة ما بعد «25 يناير».
يتحدث الشاعر الكبير فاروق شوشة- في ذلك الحوار- عن كيفية النهوض باللغة من عثراتها، وعن الدور المخزي للفضائيات في تراجعها، وعن »أراجوزات الإعلام« الذين يقدمون أنفسهم إلي الجماهير باعتبارهم »زعماء الأمة «، وعن »مثقفي القرافة« راكبي الموجات، المستفيدين من كل الظروف، كما يقترح حلولا لمشاكل الإعلام والثقافة، وهما المجالان اللذان وصلا إلي الحضيض في الآونة الأخيرة.
بدأ الحوار مع شوشة من »محاكمة القرن « في تلك المحاكمة قدم الادعاء مرافعة احتوت علي كثير من الأخطاء اللغوية، الأمر الذي دفع العديد من خبراء ومحبي العربية إلي انتقادها، وذكروا أنه كان الأجدر أن تخرج مرافعة ممثل النيابة خالية من تلك الأخطاء، بل يري البعض أنه في مثل ذلك الظرف التاريخي، كان يجب أن المرافعة كقطعة أدبية رفيعة المستوي، خالية من أية أخطاء، وتليق بهذا الموقف، سيما أنها سوف تسجل في التاريخ وما رأيناه وسمعناه عكس ذلك!
يعلق شوشة: جميع من يعملون في منظومة العدل، ندرة منهم هي التي تقيم قواعد اللغة، وتجعلنا نحس بأن هؤلاء هم البقية الباقية من السلف الصالح» ويضيف: عندما كانت حيثيات حكم عبدالرازق السنهوري نصوصا ليست فقط في القانون ولكن - أيضا - في الأدب وعندما كانت مرافعات مكرم عبيد باشا آية من آيات البيان وعظمة التعبير، قارني هذا بما شاهدناه، واستمعنا إليه في الجلسة الأولي التي تتكلمين عنها، فضيحة!! اتركي القانون «علي جنب»، فقد كانت فضيحة لغوية علي مرأي ومسمع من كل العالم، هؤلاء محامو مصر، يتكلمون بلغة ليست لغة علي الاطلاق ولايجيدون نطق جملة واحدة نطقا صحيحا، تلك كارثة، نتيجة التعليم الرديء، والعملية التعليمية الفاشلة، والمدرسة التي لاتعلم، ليس هناك تعليم في الاساس.
دعيني أقول بكل الصدق والأمانة، الموقف الآن بالنسبة للغة العربية في كل البقاع العربية، لم تعد تصلحه المجامع، فالمجامع هيئة تخطيط عليا.
ومن بيدهم صناعة التغيير والاصلاح؟
المعنيون بصناعة التغيير في المناهج، وفي اللغة التي نتعلمها وفي طرق التدريس، وفي حيوية هذه اللغة وتطويرها هم أهل التعليم، وبالتالي بعيدا عن المدرسة، وعن الجامعة لانتوقع أي تطوير أو اضافة أو تجديد في العمل اللغوي.
ويكمل: المجمع قام بجهد هائل مع مجلس الشعب، كي يعدل القانون، وتصبح سلطته تنفيذية، كل عام نرسل إلي وزير التعليم العالي بقرارات المجمع نهاية كل مؤتمر سنوي، وتنشر في الجريدة الرسمية، ونطلب أن يخاطب الوزراء المعنيون كما ينادي القانون، وهم وزراء التعليم والثقافة والاعلام، وهي المؤسسات التي تجعل للغة ميدانا هائلا في المجال التطبيقي، ومع ذلك لايحدث شيء علي الاطلاق. وخلال ثلاث سنوات بعد تعديل القانون، وبعد أن أعلنا للناس بأن لدينا إدارة للمتابعة وللتنسيق والاتصال، نرسل إلي مكاتب الوزراء، فلا يرد علينا بشيء.
ويشير:ليس في أيدينا بنادق آلية لاعتراض الناس في الطرقات أو السؤال عما يفعلون باللغة، نحن هنا (في المجمع) أكاديمية أي جهاز تخطيطي ينظر في القضايا العلمية، ينظر في المصطلحات يقدم أبحاثا، أفكارا، لكن الواقع يتطلب ثورة في التعليم، هذه الثورة (25 يناير) تضع أسسا بسيطة وعميقة لماذا تتعلم اللغة العربية؟ ما اللغة العربية التي ينبغي أن نتعلمها؟ كيف تكون صورة الكتاب المدرسي؟ كيف يتعلم النشء تلك اللغة كي يكون تعليما وظيفيا يربط بين اللغة والحياة، ولايكون مجرد مفردات أو عناوين مجردة؟ ويتساءل: كيف نحول حصة اللغة العربية في المدرسة إلي حصة محبوبة، وليست منفرة وطاردة في العملية التعليمية. تلك مسئولية وزارة التعليم، ووزارة التعليم في كل عام تعلن عن احداث ثورة تعليمية، ومؤتمرات ويحضرها الرؤساء والوزراء، ثم يتمخض الأمر عن لاشيء.
في رأيك من هم المعنيون بوضع تلك المناهج؟
المسئولون في وزارة التعليم، هناك إدارات كبري في الوزارة خاصة بذلك، وهناك أيضا، مستشارون وخبراء، كما تجري مسابقات كثيرة لذلك.
ويستطرد: أما المجمع فهو لايملك إلا أن يوجه النصيحة، نحن هنا لدينا لجنة - للغة- العربية في التعليم عملت لثلاث سنوات، وكنا نتواصل مع الخبراء في التعليم، وننقل لهم الافكار المطلوبة، وماذا ينبغي أن يكون، وكيف نتعلم لغتنا؟ وكيف نتجنب السلبيات في تعليمها؟ كل هذه الأمور، إما أن يؤخذ بها أو لا. أنت لاتستطيعين أن تفرضي شيئا علي الناس وهذه اللجنة توقف عملها الآن، لأن عمرها الزمني كان ثلاث سنوات وانتهت.
ولماذا توقفت؟
نحن أنشأنا ثلاث لجان، لجنة للغة العربية في الاعلام، وثانية للغة في التعليم، وأخري للغة العربية في مؤسسات المجتمع المدني، ولكل لجنة من هذه اللجان أقيم مؤتمر سنوي، عقدنا ثلاثة مؤتمرات متوالية، الأخير كان عن اللغة العربية ومؤسسات المجتمع المدني الذي قبله عن اللغة والاعلام، والأول كان عن اللغة في التعليم، وهذا ما نملكه.
ويوضح: لكن الأشياء تتغير، إذا أحس المسئولون عنها أنهم مقتنعون بالتغيير، أما إذا كانت مطالبهم هي زيادة المرتبات والحوافز والأجور، والمعلم الذي كنا نتعلم عنه، ونقول: «كاد المعلم أن يكون رسولا» أصبح هو الذي لايدخل الفصل المدرسي، ويجعل المطالبة بالأجور ورفعها في دولة مفلسة ومديونة، هذه المطالبة هي الأصل، وهو المعلم المستنير له حقوق نعم، لكل الناس حقوق، وليس المعلمون وحدهم هم الفئة المظلومة، جميع فئات المجتمع مظلومة، لكن ماذا نفعل لكي نحصل علي حقوقنا؟ نوقف العملية التعليمية، نغلق المدارس، نقطع الطرق، نوقف القطارات، نغلق المصالح، ونقول من أجل الحصول علي حقوقنا.
كيف تري دور المجمع في خدمة المجتمع الآن، خاصة أنه متهم بالبعد عنه؟
نحن لانترك وسيلة لخدمة المجتمع فيما يخص اللغة والإعلام، في الدورة المجمعية السابقة أصدرنا معجما صغيرا، فيه جميع الأخطاء التي يقع فيها الإعلاميون والصحفيون، وكل من يتعامل باللغة العربية الآن، وتضمن - أيضا- أبرز الأخطاء التي ترتكب في النطق والتعبير، وما هو الصواب فيها، وسميناه (دليلك إلي الصواب اللغوي)، نقول كذا أم نقول كذا واعتبرنا هذا المعجم مساعدة سريعة، وهو متوافر في المجمع لمن أراد، ونعطيه للناس مجانا، ووزعت منه مئات النسخ لمن يحضرون المؤتمرات، ولمن يترددون علي المجمع، وسيطبع عشرات الطبعات، وليت وزارة التعليم تستخدمه وتعممه علي المدارس. نحن لانقصر في هذا المجال، لكن المجمع بطبيعته يتصدي لمشاكل ليست هي المشاكل اليومية الأساسية، المجمع لايؤلف كتابا مدرسيا، أو يضع منهجا لتدريس الأدب في الجامعة. لا.. المجمع يملك أن يقدم رأيا في كل ما يحيط بقضية اللغة العربية، كيف يتطور علم النحو، ما المناهج الجديدة التي يمكن أن تتصدي لدراسة ظاهرة لغوية معينة، ما المصطلحات الجديدة التي ظهرت في مجال الأدب والنقد الأدبي علي مستوي الوطن العربي نتيجة لترجمة ما، أو لتبادل الثقافات، ونتيجة لإجادة اللغات الأجنبية إلي آخره.
الإعلام يشغل نصيبا كبيرا في نشاط فاروق شوشة، فكيف يري المشهد الإعلامي الآن؟ خاصة أنه يراهم »أراجوزات في برامج تدعي أنها برامج حوار«.
الإعلامي لايستطيع العمل إلا اذا استضاف المثقف، وبالتالي الإعلامي والمثقف وجهان يكمل كل منهما الآخر. بعض الاعلاميين اعتبروا الإعلام ملكية خاصة، يفعل فيها ما يشاء ويتوهم بأنه زعيم جماهيري يوجه الناس، هذا ما وصل إليه بعض الإعلاميين في فترة ما قبل الثورة، توهموا أنهم تحولوا إلي زعماء للوطن، فخرجوا عن قواعد المهنية لأنهم لم يعودوا يميزون بين الإعلامي كالتزام وقواعد وسلوك مهني، وبين احتقار الضعيف والتعالي عليه،
الذي يحدث الآن تشويه لمهمة الاعلام، وتشويه للرسالة الاعلامية، وتشويه للدور الذي ينبغي أن يقوم به الاعلام.
وأكد شوشة: ان الاعلامي يحمل رسالة الجهاز الذي ينتمي إليه، ويوصلها للناس في تواضع ومحبة، ويقيم حواراته مع الآخرين سواء كان يتفق معهم في الرأي، أو لايتفق بكل التقاليد المهنية المهذبة،
وكيف تري كم الفضائيات المفروضة علينا الآن؟.
كلما كثرت الفضائيات، وكثر الكلام قلت الجدوي، وكان هذا ضد مصلحة مصر، لأن الوضع الراهن يؤدي إلي التشتت والبلبلة، ويفتح مجالات واسعة، لأن لدي كما هائلا من البرامج ومساحات هائلة من الساعات ينبغي أن تملأ لاستضافة من يستحق، ومن لايستحق، من يمكن أن يقول شيئا مفيدا، ومن يمكن أن يشعل الحرائق عن جهل، وعن سوء حكمة، وسوء تصرف، وبالتالي كلما قل عدد هذه الفضائيات، وكلما قل الكلام والصراخ، كلما استطاع الناس أن يحسوا بالأمن الاعلامي، وبوصول الحقائق إليهم في هدوء، وفي شفافية ووضوح.
وما رأيك في فضائيات رجال الأعمال، والتي تؤثر برامجها بالفعل في القرار السياسي؟
يقول شوشة: الفضائيات خاضعة لطبيعة قيامها، فضائيات حكومية إذن هذه صوت الدولة، مهما أدعت أنها تفسح المجال للرأي الآخر والرأي الثالث والرابع، هي في جوهرها تابعة للدولة، ولايمكن أن تخرج عن خط الدولة، واذا خرجت يغلق البرنامج، ويعاقب مقدمه علي الفور.
ويكمل: فضائيات خاصة هي لحساب أصحابها في المقام الأول، لكنه كلمة حساب مختلفة، حساب سياسي، حساب بالجاه والسلطان الذي يحمي النفوذ المالي، والسلطاني، حساب ليكون له قطعة في أرض المجتمع، وفي أرض النفوذ والثروة، كأن يكون بالضبط صحيفة، الآن الفضائية تقوم مقام الصحيفة، أنا أريد أن يكون لي نفوذ أقوم بإصدار صحيفة، أو أقيم فضائية تحميني، ترد علي من يهاجمونني، وتجعل لي لسانا في أي وقت، وكثيرا ما نري أصحاب الفضائيات يتقدمون بأنفسهم ليصبحوا نجوم برامجهم، بالضبط، كأني أقيم وليمة للآخرين، لأكون أول الآكلين..
ويتساءل شوشة: كيف تسول لهم أنفسهم أن يقيموا هذه الموائد الكلامية، ثم يكونون أول الملتهمين!!
ويكمل: بعض أصحاب تلك الفضائيات يقدمون أنفسهم للمجتمع باعتبارهم مصلحين وفلاسفة وحكماء، ويعرفون أكثر ما تعرف الدولة والوزارة ويوجهون الناس إلي مشاريع وإلي وإلي، وهذا كله ستار كاذب لإنقاذ أهدافهم الحقيقية.
بهذا المستوي من الاعلام، هل نلتمس العذر للمثقف الذي أحالت تلك الفضائيات بينه وبين مجتمعه؟ وكيف تري دوره الآن؟
المثقف دوره متقاعس من قبل الثورة، المؤسسة الثقافية أجهضت الروح الثورية عند المثقفين، وخلال ثلاثين عاما، المثقفون انقسموا إلي فريقين: فريق يراهن علي الفائدة والكسب السريع، وفريق طوي نفسه علي أن يبتعد عن الساحة ويقنع بما هو فيه، وعندما جاءت الثورة، المؤلم أن بعض الأساتذة والمثقفين انتهزوا الفرصة ويظهرون في الصورة وكأنهم صناع الثورة، وكأنهم موجهوها، وكأنهم هم الذين يبنون الأفكار، وليسوا إلا ركابا للموجة، ومن شدة هرولتهم علي الفضائيات لكي يراهم الناس ويسمعوهم في كل وقت، كنت أتصور أنهم يبيتون علي أبواب الاستديوهات،
المثقف ليس قارئا في «القرافة» يمر علي الجبانة ويقف علي المقابر، ويخرج من قناة ليدخل أخري، هذه ليست صورة المثقف الحقيقي. فالمثقف الحقيقي اذا كان لديه شيء يقوله للناس ثم يتوقف.
كيف تري دوره الآن؟
الناس لديهم من الذكاء مايميز ويبوب، ويقول هذا نَّهاز فرص وهذا مداهن، وهذا يريد أن يجعل لاسمه رنينا ودويا، لكن الناس تعرف، وفي النهاية نحن أمام عشرين علي الأكثر يدورون علي كل الفضائيات ليل نهار، ولايزيدون.
وتساءل هل هؤلاء مثقفو مصر ومفكروها، بالطبع لا لأن المثقف المحترم ابتعد عن هذا الزيف.
وسألته، ربما يكون النظام البائد كان سببا في انزوائه؟
فأجاب: لا.. حالة الجوع التي تعيشها الفضائيات الآن، والتنافس الشديد جعلت شعارهم «خليك معانا الآن أوعي تروح في حتة تانية» كأني أنادي علي بضاعة علي ناصية الطريق.
مع ثورة 25 يناير هل سنجد تشكيلا جديدا من المثقفين؟
الأمل في الأجيال الجديدة، المثقفون الجدد شباب هم شباب العشرينات ومطالع الثلاثينيات، الذين رأوا الصورة علي حقيقتها، اندفعوا إلي فعل الثورة والتغيير ببراءة الشباب، لكن لم يكن لديهم حسابات ما بعد انهيار النظام القديم ولم يكن لديهم الفكر المطلوب لجعل فوره التحرير تتحول إلي ثورة، ولم يكن لديهم القيادة التي تحفظ عليهم نعمة التجمع بدلا من التشتت بدأت الأطماع كل يريد النصيب الأكبر من الكعكة، ولذلك فالشباب الحقيقي الذي قام بالثورة هو الشباب الذي يمر الآن بمخاض حقيقي مع ذاته، إنه يعاود التفكير في كل شيء، ويعيد الحسابات لقد نضجوا في سبعة أو ثمانية أشهر، وكأنها سبع سنوات، لأن كل اسبوع، ومع كل مليونية ومع كل دعوة كان هناك مخاض عنيف، وبالتالي هم ولدوا بعد أن قاموا بالثورة ميلادا جديدا. الآن إذا قارناهم بموقفهم يوم 25 يناير سنجدهم يفكرون بطريقة مختلفة، ويصنفون الناس - بعد التجربة والاحتكاك والمعارك والخلافات، وتبادل الاتهامات والصراع مع الحكومة حينا، ومع المجلس الأعلي حينا آخر، كل هذه المواقف بدأت تجعل منهم شبابا مختلفا، وهذا هو الذي نعول عليه في صناعة المستقبل.
بعد هذا العرض.. في رأيك ما هو الحل للمشكلتين الاعلامية والثقافية؟
نطالب مرة أخري بإلغاء وزارة الاعلام لأن، وجودها معناه سيطرة صوت الدولة من خلال الوزير، مهما كان علي قدر كبير من الوعي والحرية والمسئولية، سيظل يتدخل عندما تريد منه الدولة أن يتدخل، وكنا نطالب بإصلاح هيكل اتحاد الاذاعة والتليفزيون، هذا الإصلاح يتطلب عملية قانونية واقتصادية وادارية، وهذا لم يتم حتي الآن، ولا أظنه سيتم في ضوء الأحداث اليومية، ولذلك رجعت الدولة إلي فكرة وزير الاعلام، وأنا أري أن يكون اتحاد الاذاعة والتليفزيون الذي يمثل مؤسسات المجتمع المدني، ونقباء المهن وحكماء الوطن، والاتجاهات الرئيسية فيه، والمستثمرين والدولة، وإذا كان للإعلاميين نقابة تمثل في هذا الاتحاد، هذا الاتحاد هو البديل الشرعي، الديمقراطي الوحيد لفكرة وزارة الاعلام.
ويري شوشة - أيضا - أنه علي غرار هذه الفكرة لابد أن يحدث هذا نفسه في الثقافة، وهو أن يصبح المجلس الأعلي للثقافة بديلا لما يسمي وزارة الثقافة، ويصبح المجلس الأعلي للثقافة بلجانه المختلفة المختارة الأعضاء صاحب سياسة ثقافية هذه اللجان تلعب فيها دورا تمهيديا، أي لاتكون اللجان مجرد »مكلمات« تجتمع وتتكلم وتأخذ بدل حضور اللجنة، لكن القرار في مكتب الوزير، القرار في النهاية في يد الوزير ووكلاء الوزارة المسئولين والعاملين في المؤسسات المختلفة، بمعني أن لجنة المسرح في المجلس هي التي تدير المسرح في الدولة، ولجنة الشعر، هي المسئولة عن الحركة الشعرية في مصر، وهكذا ولايكون المجلس مجرد مكلمات» واذا ما صنع نشاطا فهو يقيم مؤتمرات واحتفالات، وكأنه قصر ثقافة كبير، بإمكانات كبيرة، نريد من المجلس الأعلي للثقافة أن يكون بديلا لفكرة وزارة الثقافة، لأن أي وزارة ثقافة في أي بلد لاتصنع ثقافة، ولكن مهمتها ايجاد الوسائل لتشجيع المبدعين وتقديم الحوافز والقضاء علي العقبات، وأن تضم هذه اللجان نخب المثقفين والمفكرين والفنانين في مصر.
ويري شوشة أن الصورة الراهنة الآن - أنهم يجتمعون ويفكرون ويقررون ويتصورون، لكن الرؤي هي التي يعلنها السيد الوزير ومكتبه الموقر، ويصبح دورهم أنهم حضروا وتكلموا، نريد مجلسا حقيقيا فاعلا، تنفيذيا بيده كل المشاريع.
ويكمل شوشة: الأمر الثاني أنه آن الأوان أن تكون أكاديمية الفنون تابعة للجامعات، لا لوزارة الثقافة، فالأكاديمية أكاديمية جامعية فيها جهاز جامعي وإداري، فهي إما أن تكون جامعة مستقلة»«جامعة الفنون«، أو تتبع جامعة من الجامعات الكبري في مصر، وألا تكون مسيسة، كما حدث في السابق بما يريده الوزير، بأن تكون وسيلته في فرض ترشيحات الوزير علي المجلس الأعلي للثقافة للحصول علي الجوائز، لأن هذا كان دورها الأكبر علي مدار أكثر من عشرين عاما، الذين كان يراد تكريمهم، ترشحهم الأكاديمية، نريد للأكاديمية أن تكون جامعة كبري مستقلة، عظيمة بمن فيها من الأساتذة ومن المشاريع ومن الأبحاث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.