صيف

لم يأت هواءُ البحرِ وجاءتْ
صحراواتُ الحَرِّ..
ودحرج يوليو لهبا في الساحات
وجَمْراً في الأفْواهِ
فأحرق أجْنحةً الكلماتِ
وبَخّرَ ماءً
هل تَسْمَع مثلي في الأعماقِ
ضَجيجَ الصمتِ
وفي الساحاتِ عُواءَ الفوضي؟
منْ سَيُزَحْزِحُ هذا الصمتَ
ومن سيلَمّ خيوط الماءِ ويُقْصي
حرّاسَ الصحراءِ ومُرْتَدِّينَ أتَوا
بملابِسَ كالأكْفانِ
ومَنْ سيصُدّ عَمًي
ويَجُرُّ نجوماً
ويَشُدّ الثورةَ من ميدانٍ كالفُسْتانِ
التَفَّ عليها؟
الصيفُُ ثقيلَُ
والثورةُ في الميدانِ تنامُ وتَصْحو
والغاوون علي أرْصِفةٍ كملائكةٍ
هاموا..
وأنا لستُ خليلاً للأزرارِ.. ولا مَهْووساً
بكَرامات الماكيناتِ
لكَي أسْتَوردَ من أطراف الأرضِ
هواءً أبرَدَ
أو أسْتَبْدِلَ بالأحْجار غيوماً
مازلتُ أسيرَ أصابعَ وكراريسَ وقَلمٍ
وبياضُ الورقةِ مثل امرأةٍ عارِيةٍ
يُغْريني.. ويُعَرِّيني
هل تَنْحاز إلي النُّوارِ.. ورائحةِ الكافورِ
ونَدّاهاتِ الورقِ
وذيل القطِّ..
وذَقْن الباشا؟
أم صِرْتَ صديقاً للأزْرارِ
تجوب العالم بِزَوارقها
لتُشَتِّت رملاً
وتلّمّ فراشاً؟
لم يأت هواءُ البحر لكي أتسَلّي
بالحَفْرِ هنا
ومُراجَعة الصحف الأولي
لم يأتِ عليلاً.
أو مَغْسولا
لأساهِرَ ورقاً
وأسافر في الموسيقي
وأحُاوِرَ مائيِّينَ وناريِّينَ وموتي
وأعيدَ قراءةِ مايُبْديه الموجُ.. ومايُخْفيهِ
الصيفُ أتي
وابتعدت موسيقي الأمواجِ
وهَمْسُ الشجرِ
ومطرُ ينايرَ وبَساتينُ الحكّائينَ
وسِرْبُ نوارسَ يُغْري سَمَكاً
بالطيرانِ
ويهب التائهَ وجهاً واسماً
وعَناوينَ وظلاً
لم يأت هواءُ البحرَ لكي أحْتَلَّ
رصيفَ المقهي
وأُثَرْثِرَ عن جيفارا
والشعراءَ احتفل النورُ بهم
فانْتَصَبوا مثل مَرايا
تَعْكِس قلقَ البحرِ وايقاعَ الاشياءِ
وتُعْلِن أنَّ الثورةَ أنثي
تلدُ وتَبْني
وتَلُمّ وتَمْحو
وتُراوغ أحيانا وتخُونُ
وتهب المحتالينَ يدَيْها
والثائرَ نارا يلتف بها
لكني بقميص امرأةٍ كان هواءُ البحرِ
يُعَشِّشُ في بَسْمتها
وبشَجَرٍ في الأوراق علا
سأحاوِل صَدَّ غُزاة الصيفِ
وأفْيالَ النِّسْيانِ
وشَّدَّ هواء ينايرَ.. أو فبرايرَ
أو إبْريلَ
الصيف ثقيلَُ...
والحَرَّ يُحَرِّرُ نَمْلاً
ويُبَعْثِرُ في الساحات دُخانَ الفوضي
هل كنت أباً للثورةٍ
أوعَمّاً. أوخالاً
لتفوز بلقبٍ
أوجائزةٍ؟
أم كنت كثوريِ مُحْتَرِفٍ تَتْلو
مَخْطوطات الريحِ وتبحثُ
عن حَجَرٍ أوسُورٍ
لتُريحَ دَما
وتُرَمِّمَ ظِلّاً؟