تنسيق المرحلة الثانية 2025.. 25 ألف طالب يسجلون فى تنسيق المرحلة الثانية    الرئيس السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية المصرية.. ويؤكد: مصر تجاوزت تحديات أمنية جسيمة منذ أكثر من عقد (صور)    رئيس اقتصادية قناة السويس يضع حجر أساس أول مشروعين في وادي التكنولوجيا بالإسماعيلية    الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة تستضيف مؤتمر لتوعية مجتمع الأعمال بآلية تعديل حدود الكربون في الاتحاد الأوروبي    اصطفاف 200 شاحنة مساعدات مصرية أمام معبر رفح استعدادا لدخول غزة    الإيجار القديم.. مدبولي: الدولة ستقف بجوار كل المُستأجرين وتضمن توفير سكن بديل    صحة غزة: 87 شهيدا و570 إصابة من ضحايا المساعدات خلال آخر 24 ساعة    خرق جديد لاتفاق الهدنة.. مسيرة إسرائيلية تلقى قنبلتين صوتيتين على بلدة الخيام جنوبى لبنان    روما يخطط للتعاقد مع لاعب مانشستر سيتي    فيديو سرقة مسن بالقاهرة مفبرك.. ضبط شقيقين افتعلا الواقعة لتحقيق مشاهدات وأرباح    ضبط مسئول عن كيان تعليمي غير مرخص بالقاهرة لقيامه بالنصب والاحتيال على المواطنين    أشرف زكي عن محمد صبحي: حالته مستقرة ويتواجد في غرفة عادية    بعد التصديق عليه.. رئيس الوزراء يوجه بالبدء فى تنفيذ إجراءات قانون الإيجار القديم    زوجات وأمهات رائعة.. أفضل 3 نساء مهتمات في الأبراج    الصحة: قرار رفع أسعار خدمات الصحة النفسية ينطبق على القسم الاقتصادي بالمستشفيات    رئيس جامعة حلوان يؤكد ضرورة الإسراع في استكمال المجمع الطبي الجامعي ويدعو لدعمه    الإيجار القديم.. .. مفاجأة: القانون لا يرحم التحايل والبيع الصورى مرفوض ولا يمنع الطرد    صحة غزة: 138 شهيدا و771 مصابا خلال 24 ساعة بنيران الاحتلال الإسرائيلى    «وداع على غير العادة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم آخر ليالى أبيب    خبير أمن معلومات: حجب «تيك توك» ليس الحل الأمثل.. والدولة قادرة على فرض تراخيص صارمة    مصرع ربة منزل وإصابة زوجها وابنتها في حادث بالفيوم    " مدير تعليم مطروح " تجتمع مع رؤساء لجان امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية    مصرع وإصابة 4 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي    ليفربول يتوصل إلى اتفاق مع الهلال السعودي لبيع داروين نونيز    رئيس جهاز مدينة الشروق يتفقد مشروع التغذية الرئيسي بالمياه بعددٍ من المجاورات بمنطقة الرابية    أبو الحسن: نسعي لحل أزمة نقل مباريات الإسماعيلى واستاد هيئة السويس رفض الاستضافة    روكي الغلابة لدنيا سمير غانم يحصد 18.7 مليون جنيه خلال أول أسبوع بالسينما    محافظ أسيوط والسفير الهندى يفتتحان المهرجان الثقافى الهندى بقصر الثقافة    سعيد العمروسي: فخور بتكريمي في المهرجان القومي.. وتصفيق الجمهور أعظم جوائزي    وكيله: الأزمة المالية للزمالك أثرت على سيف الجزيري    اتحاد الكرة يخطر بيراميدز باستدعاء «كنزي وفرحة» لمعسكر منتخب الناشئات    وزيرا الصحة والتعليم العالي يناقشان التعاون في مجال البحث العلمي لعلاج الأورام السرطانية    «اوعي تتخلصي منه».. طريقة تحضير طاجن أرز بالخضراوات والبشاميل من بقايا الثلاجة (الطريقة والخطوات)    مصدر حكومي ل الشروق: نبحث زيادة سعر الأسمدة المدعمة في حالة إقرار زيادات الغاز    الكليات المتاحة بالمرحلة الثانية 2025 للشعبة العلمي ورابط تسجيل الرغبات عبر موقع التنسيق الإلكتروني    بتكلفة 3.4 مليار جنيه.. محافظ الشرقية يعلن إقامة 21537 مشروعاً للشباب ضمن «مشروعك»    اعترافات الحكم محمد عادل: رشوة مرفوضة وتسريب مدبّر من داخل لجنة الحكام    محافظ أسوان يؤكد دعم الاستعدادات لإقامة احتفال المولد النبوي مطلع سبتمبر    تركي آل الشيخ يعلن عن ليلة موسيقية ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية    بتروجت يستعير رشيد أحمد من زد    تعرف على أسعار الأسماك اليوم الأربعاء 6 أغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    محمد جلال يكتب: محادثات «ChatGPT» فضيحة بيانات أم سوء استخدام؟    وزير النقل يترأس أعمال الجمعية العمومية العادية لشركة القاهرة للعبارات    34 شركة خاصة تفتح باب التوظيف برواتب مجزية.. بيان رسمي لوزارة العمل    «خايف اللي بعدك يطلع بالمايوه».. مصطفى كامل يوجه رسالة ل«راغب علامة»    هيروشيما تُنكس الذاكرة.. 80 عاما على أول جريمة نووية في التاريخ    قافلة "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية لأكثر من 1000 مواطن بقرية الإسماعيلية بمركز المنيا    موعد المولد النبوى الشريف باليوم والتاريخ.. فاضل شهر    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: لا يوجد مبرر لقتل 60 ألف فلسطيني    ما حكم صلاة ركعتين قبل المغرب؟.. الإفتاء توضح    ناس وسط البلد أسرار من قلب مصر    أستون فيلا يخطط للاحتفاظ بأسينسيو    حصر عددي لأصوات مرشحي الشيوخ بالإسماعيلية.. ومجدي زيد يتقدم السباق    دعاء الفجر | اللهم اجعل لنا من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا    والد محمد السيد: أنا لست وكيل أبني والزمالك طالبه بالتجديد والرحيل بعد كأس العالم    "المنبر الثابت".. 60 ندوة علمية بأوقاف سوهاج حول "عناية الإسلام بالمرأة"    حالات يجيز فيها القانون حل الجمعيات الأهلية.. تفاصيل    نشرة التوك شو| إقبال كبير على انتخابات "الشيوخ".. و"الصحة" تنفي فرض رسوم جديدة على أدوية التأمين الص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الالتراس
كيف يتحول التشجيع في المدرجات الي اسلوب حياه
نشر في أخبار الأدب يوم 17 - 09 - 2011

المشجعون يخرقون جدران الاستاد، خارجين نحو الوطن. هذا ليس بيت شعر من قصيدة نثر، إنه مجاز حقيقي لما يحدث.
السؤال الغالب حالياً في كل بيت مصري هو "من أين أتي هؤلاء؟". كيف ظهروا فجأة من بيننا؟ مجموعات تسميها الصحف ب"الألتراس"، يتجاوزون كل الحدود في تشجيع نواديهم، ويشاركون في صنع الثورة، ويتطاولون علي "الكبار"، لفظاً أو فعلاً، وكيف أتتهم القدرات "التدميرية" الرهيبة التي لديهم. لدي من يسألون تساؤلات كتلك تشبيهات جاهزة عن الألتراس، "دعاة شغب الملاعب"، "الغوغاء"، الشباب غير الواعي وغير العاقل"، كل تلك التشبيهات ليست لها صلة بالواقع، علي الأقل، بالواقع كما نشاهده من داخله، لا عندما نشاهده ونحن جالسون في بيوتنا نشاهد نشرات الأخبار ونتناول العشاء.في البداية حادثت صديقاً من الألتراس ينتمي لمجموعة "الوايت نايتس"، أو "الفرسان البيض"، التي تشجع نادي الزمالك.أخبرته برغبتي في لقاء معه ومع بعض من زملائه. لم يرحب. توجس قليلاً. كلامه كان مختصراً: "احنا مابنحبش الميديا". لا يحبون الميديا، ولا يحبون الظهور بأسمائهم الحقيقية في أي مطبوعة. طمأنته قائلاً إنني لن أذكر أسماءهم. وافق بعد تردد، ولم يذهب توجسه.
منطق الألتراس واضح في معاداة الميديا: "الألتراس يقوم علي التشجيع، أنا مش عاوز اللي يشوف إنجازات الجروب بتاعي يربطها بيا أنا. أنا جزء من المجموع، واللي فينا عنده ذرة وصولية، يا إما الذرة دي بتختفي، يا إما هو بيختفي من المجموعة".
- كيف يختفي؟
- هو بيمشي. بيحس إن الإتراس مش مناسب لطموحاته (يبتسم) اطمن.احنا مابنقتلش حد.
حتي الفن، المرتبط بالفردية، تزول فرديته لدي الألتراس. "انا مايهمنيش إن مذيع يشوف الرسمة اللي أنا عاملها، ويقولي يا فلان دي رسمة حلوة. أنا يهمني إنه يقول "التراس الوايت نايتس" بيرسم رسومات حلوة. احنا ممكن نتعب وماننامش أسبوع كامل علشان المجموعة. ماحدش في المناطق اللي احنا ساكنين فيها يعرف اننا ألتراس. دا تنظيم تحت الأرض".
ولكن هذا أيضاً له سبب أمني. عندما تقبض الداخلية علي أشخاص من الألتراس فهم لا يقبضون علي الجميع بالطبع، وإنما يقبضون علي الأسماء المشهورة. الشهرة في تلك الحال تمثل عائقاً أكثر مما تمثل طموحاً شخصياً.
صراع الألتراس مع الميديا ينبع من هذه النقطة بالتحديد أيضاً. الميديا، طول الوقت، تريد شخصاً يتحدث باسم أي شيء. تابعنا كيف بحثت الميديا بشق الأنفس عن متحدثين باسم الثورة، وهاهي الآن تبحث عن أناس يتحدثون باسم الألتراس، بتعبير صديقي: "الميديا طول الوقت عاوزة تركب علينا، والالتراس صعب الركوب عليه، لأنه غير قابل للظهور أساساً. الألتراس في العالم كله ضد الميديا. فيه ناس بتقولنا انتو بتكرهوا الميديا علشان انتو خايفين تقولوا كلامكو. احنا مابنردش علي الكلام دا".
وسبب آخر: الميديا طوال الوقت تقف بجانب السلطة، حتي المتحدثون باسم نواد معينة يعادون مشجعي تلك النوادي. طول الوقت كان شوبير ومدحت شلبي يهاجمان الألتراس، وكالعادة، فبعد نجاح الثورة مباشرة، تغيرت نبرتيهما قليلاً، ثم عادت للهجوم مرة أخري: "لما دورنا ظهر بقي الاعلام بيحبنا، وف عز ما احنا بنتضرب ماحدش اهتم انه يدور عننا او يسأل علينا، وكانوا بيقولوا علينا دعاة شغب. احنا ماعملناش حاجة جديدة عن اللي كنا بنعمله طول الوقت، بس فجأة اللي احنا بنعمله بقي واضح للناس".
شجّع أولاً، ثم افعل ما تريد
منذ عدة أيام، كتب أشرف الشريف، الباحث في الاقتصاد والعلوم السياسية، والمقرب من الألتراس الأهلاوي أيضاً، مقالاً يحلل فيه طبيعة حركة الألتراس، في مقابل القمع الذي يتعرضون له من الداخلية. ذلك الصراع بالنسبة له هو صراع بين إيقاعي حياة،أحدهما بليد لدرجة غفلته عن هشاشته وجموده والثاني وثاب وصاخب لدرجة غفلته عن الآفاق الثورية الكاملة لمجمل حركته، هذا الصراع في رأيه يقع في قلب المسرح المصري المجتمعي العاصف عقب ثورة يناير. وهكذا، لا يمكننا فهم طبيعة الألتراس من دون فهم طبيعة المجتمع، ومن دون إلقاء نظرة قريبة علي فنونهم وطبيعة أدائهم.
الفنون في الألتراس، كما قلنا، جماعية. ليس هناك شخص ما مكلف بصنع شيء ما بالتحديد، أو علي الأقل، فالأمر ليس بتلك الصرامة. عندما يأتي مشجع جديد ويسأل ما الذي يمكن عمله لينضم إلي الألتراس، فالإجابة تكون بسيطة وواحدة، كل المطلوب من المشجع أن يشجع. ومثل كل شخص في العالم، فإن إجادة المشجع لفن من الفنون تصبح هاجساً شخصياً. علي المشجع الفلاني تطوير رسمه كي يتم تقديره أكثر في مجموعته وبين زملائه. هناك بالطبع أفراد متميزون، مثل "الكابّو" الذي يقف أعلي المدرجات، وجهه للجماهير وظهره للملعب، ولكنه قادر علي متابعة خط سير الماتش بما يتناسب مع الهتاف الذي يلقيه والذي تردده الجماهير خلفه، ولكن كل شخص من الألتراس مرشح لأن يكون ذلك "الكابّو"، بما يتفق مع مبادئ الألتراس، يقول صديقي.
مبادئ مثل ماذا؟
- مثلاً، الألتراس لا يبدأ بالهجوم، اللفظي أو المادي. دائما يدافع، وإذا هاجمه واحد من الفريق المقابل أو مشجعي الفريق المقابل فهو يهاجم. لا ننسي أن لنا هدفاً واحداً: أن نجعل فريقنا يكسب في المباراة، ليس هدفنا التهجم علي أشخاص. مثلا أيضاً، لا نذكر أشخاصا بالاسم إلا فيما ندر، ولا نذكر أي مؤسسة رأسمالية، لا إعلام ولا شركة راعية ولا غيرها، الألتراس لا يقبض من أحد، (يبتسم) عينه مش مكسورة. وعشان كدا نقدر ننتقد أي حد، بما فيه مجلس إدارة النادي أو اللعيبة، لإن ماحدش بيصرف علينا. الألتراس واهب حياته للنادي، ومستعد ينتقد أي حد هو شايف انه بينزل بالنادي دا. وعشان كدا بنروح كل المباريات، بما فيها كرة اليد والسلة، لان النادي محتاج وجودنا. وماحدش يقدر يسيطر علينا لإن الألتراس مالهوش قائد، زي الثورة بتاعتنا بالظبط.
بعد ذلك، بعد انضمام المشجع الجديد للألتراس، فإنه يبدأ في البحث عن الجانب الإبداعي داخل نفسه، "الألتراس بيخرّج إبداع من كل الناس"، هناك من يستطيع كتابة الأغاني، هناك من يستطيع الرسم، وهناك الماهرون في كتابة موضوعات علي الفيسبوك، وهناك من أخذوا دورات في إدارة المنتديات الإلكترونية لكي يضيفوا إلي مجموعتهم.
تذكر تذكر، يوم ثمانية ديسمبر
التطور الفني لألتراس الزمالك حدث علي مراحل كثيرة. في البدء كان يتم الرسم علي الحائط حروف UWK، وهي اختصار لكلمة "ألتراس وايت نايتس"، بهدف لفت الأنظار، ثم تطورت إلي رسمة كاملة تعبر عن عقلية المجموعة، رسمة شهيرة مثلاً فيها شخص ملثم ومكتوب عليها بالحروف الانجليزية »إيه سي إيه بي« وهي اختصار للعبارة »أول كابس آر باستاردس« أو»إيه إم« اختصارا ل» أنتي ميديا«.
الملثم ليست مجرد صورة جميلة: رمز للألتراس، انه مش معروف، فيه صور تانية لواحد بيكسر التليفزيون، رمز العداء للميديا، أو صورة لواحد بيشجع ف المنتخب، فيه صورة لإيدين بتكسر الكلابشات، أو صورة لوجه عليه علامات التحدي ومكتوب تحته Fight repression، حارب القمع".
ملاحظة الكتابة علي جدران القاهرة، ومصر كلها، احتاج مجهودا في البداية. بدأت الناس تربط بين البنط المكتوبة به حروف "يو دبليو كيه" ببنط "إيه سي إيه بي"، أو أرقام 1312 (وهي صيغة رقمية لحروف إيه سي إيه بي، بحسب ترتيب الحروف في الأبجدية) وهكذا بدأ الجمهور يبحث ويسأل عن هؤلاء الألتراس الموجودين في كل المكان، كما تشهد جدران المدينة.
من تلك الرسومات البسيطة، والتي أخذت في التطور شيئاً فشيئاً، استطاع مشجعو الألتراس تصميم الدخلة. الدخلة أصبحت عنواناً لنشاط الألتراس: لوحة عملاقة تقام علي مساحة 15 ألف كرسي مثلاً في المدرج، يمسك الجمهور بأوراق وعن طريق تجميع هذه الأوراق تتكون رسمة معبرة. الدخلة تتميز بثلاثة أشياء: أولاً الرسالة التي تريد إيصالها للاعبين، ثم الفكرة أو الأسطورة القائمة عليها تلك الدخلة، ثم شكلها الجمالي. نموذج معبر عن الدخلة مستوحي من فيلم "في فور فينديتا"، الفيلم الذي يتحدث عن بطل مقنع يقرر القيام بثورة وتطهير العالم. علي أحد جانبي الدخلة كانت هناك صورة لفينديتا بقناعه الشهير، وعلي الناحية الأخري صورة حسام حسن. المعني المقصود أن حسام حسن سوف يقوم بتطهير الزمالك كما قام فينديتا بتطهير العالم، وعلي خلاف الشعار الشهير للفيلم "تذكر تذكر يوم خمسة نوفمبر"، فإن الشعار المكتوب علي الدخلة كان "تذكر تذكر يوم ثمانية ديسمبر". الثامن من ديسمبر كان هو تاريخ المباراة التي أقيمت فيها هذه الدخلة.
تطور الأغاني في المدرجات جاء بعد ظهور الألتراس. قبله كان الجمهور لا يقوم بالتشجيع إلا في حالة إحراز فريقه هدفاً، علي العكس من الجماهير التونسية والمغربية التي كانت لا تتوقف عن التشجيع لمدة التسعين دقيقة، وحينما كان يقال شيءفي الحروب تختفي الخلافات. بين الألتراس هناك يساريون وهناك سلفيون وليبراليون وإخوان. الألتراس يضم جميع الطبقات ايضاً، وهذا لا يؤثر علي مستوي الجروب، فتنظيرات كل فصيل سياسي تختفي لدي احتكاكه بأرض الواقع، أي مدرجات الاستاد، ومثلما حدث في الثورة بالضبط، فالحكمة الذهبية التي يقولها لي أحدهم هي: "طول ما انت منخرط، مش هتحس بالفرق. مابتبتديش تحس بالفرق غير لما تبعد عن الجروب".
اختلاف التيارات السياسية هذا يجعل الألتراس بدون توجه سياسي بعينه، وإنما يشعر بما يشعر به المواطنون العاديون: "حتي السلفيين والإخوان واحنا بنهتف، لو فيه شتيمة، هايشتموا معانا، مفيش مشكلة خالص".
أحيانا ما يقوم الأمن بمنع دخول الألتراس للمدرج، وأحيانا لا يسمح بدخول أدواته معه، مثل الدخلة أو البانرات، فيبدأ المشجعون في الحرب من أجل الدخول، هذا كان يحدث طول الوقت. البانر هو قطعة قماش عليها شعار المجموعة، هذا شرف المجموعة، لا يجب أن يأخذه أحد من حامله، هذا كان هاجس الألتراس. الداخلية كانت تقوم أيضاً بتفتيش الناس، داخل الاستاد لم تكن المياه موجودة، لأن الأمن لا يسمح بدخول الزجاجات، خوفاً من ملئها بالرمل وإلقائها في الملعب: "حتي الجزمة كنا بنقلعها لاحسن نكون مخبيين حاجة فيها".
قام ألتراس الزمالك أثناء قصف غزة عام 2008 بتصميم دخلة لفلسطين. في هذا اليوم تمت ملاحقة الكثيرين منهم واعتقلوا من بيوتهم، وهناك من باتوا في الشارع خوفا من مداهمة البيوت: "في اليوم دا قالوا مفيش تشجيع، وماحدش يقعد فوق كتف حد عشان يهتف. اسماعيل الشاعر قال اللي هيولع شمروخ انا هشمرخه، طول الوقت هما ضد انك تبقي براحتك، فكرة انك تبقي حر دي بتضايقهم. وانت بتكمل. قالوا عليك ملحد وانت مكمل، عملوا معاك كل حاجة، بالإعلان والضغط النفسي، وانت مكمل".
وفي مباراة نهائي الكأس عام ألفين وثمانية مع إنبي، والتي كانت أول بطولة يفوز بها الزمالك منذ إنشاء جروب الوايت نايتس، تم إغلاق البوابات حتي لا يدخل الألتراس. كسر الألتراس البوابات. ووقف شخص علي السور وهدد الضابط بإلقاء نفسه: "انت عاوز تاخد حريتك بأي شكل، بتقول لأ وبتحشد، وبصوت عالي، دا راعبهم".
"هما طول الوقت بيحاولوا يستفردوا بيك لما يبقي عددك قليل. لو ماتش فيه عدد كبير منك بياخدوك بالسياسة، لو عددك قليل يقولك مش هاتخش وحاجتك مش هاتخش، أو يحاول يبوظ متعتك، انت تدخل مثلا لكن من غير الدخلة بتاعتك. فطول الوقت بنحاول نجمع عدد كبير قبل ما ندخل الاستاد".
حكاية يحكيها واحد بسخرية. خرج الوايت نايتس في مباراة لكرة اليد لفريق الزمالك. خرجوا في مسيرة من الزمالك إلي نادي الجزيرة كي يقوموا بالحشد. الأمن المركزي رأي هذه الأعداد فلم يسمح بالدخول، وحدث اشتباك. في نفس الوقت كان هناك عدة مئات من النشطين يتظاهرون أمام دار القضاء العالي، بعنف شديد، ولكن الإعلام قام بالتركيز علي قصة ضرب الألتراس ليغطي علي الانتهاكات التي حدثت أمام دار القضاء العالي.
معركة أخري يتذكرها الوايت نايتس بفخر، معركة الفيوم: "رحنا الماتش وماشيين بنغني، وجمهور الفيوم جا علينا. حاولنا ندافع عن نفسنا فالحكومة جت علينا. ضربونا بالعصيان وبالغاز المسيل للدموع. وبعد الماتش قعدت الداخلية كل شوية تستفرد بكذا واحد مننا، لإن ماكانش فيه غير مخرج واحد من الاستاد. وبعد ما مشينا وركبنا الأوتوبيسات الحكومة خلت كل الأوتوبيسات تمشي ما عدا آخر واحد. مسكوا كل الناس اللي كانت ف آخر أوتوبيس. واحنا جينا عند الكرتة (بوابة المدينة) ورفضنا نمشي لغاية ما آخر أوتوبيس يرجع. كانت حرب شوارع. وفعلا مامشيناش غير لما الأوتوبيس جا".
"شوف، الحكاية مش أفلاطونية. لكن إنت بطبيعتك كألتراس فائق للحدود (Ultras في اللاتينية تعني: الفائق للحدود"). ماينفعش يضربوك وانت تسكت. لازم تدافع عن نفسك وعن أسلوب حياتك والفكرة اللي انت مؤمن بيها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.